Home»National»عدالة قضية وحدتنا الترابية وظلم الجيرة أشقاء وأجانب

عدالة قضية وحدتنا الترابية وظلم الجيرة أشقاء وأجانب

0
Shares
PinterestGoogle+

لما أعلن المغرب قراره بخصوص موقف شافيز من قضية وحدتنا الترابية ـ وهو موقف يخصه وحده دون الشعب الفنزويلي الصديق ـ كتبت مقالا بعنوان : « العدالة لها وجه واحد يا شافيز  » وأنا أقصد أن الذي يناصر الشعب الفلسطيني في غزة لا يمكن أن يدوس على كرامة الشعب المغربي الذي حياه في مظاهراته ورفع صوره وأعلام بلده اعترافا بموقفه الشجاع من إسرائيل. وقد أشكل على البعض تزامن موقف شافيز الصائب من إسرائيل مع موقفه غير الصائب من وحدتنا الترابية، ووجه الإشكال عند هؤلاء أن موقف المغرب من شافيز جاء في ظرف غير مناسب ربما جر علينا تهمة نحن في غنى عنها، ولكن هؤلاء لم يفكروا بأن تمرير موقف شافيز من وحدتنا الترابية في هذا الظرف يجر علينا تهمة أخطر مما توقعوا إذ يسوي شافيز بين قضيتنا العادلة ، وعدوان إسرائيل على غزة عندما يساند عصابة الانفصاليين في تندوف باعتبارهم ضحايا وأصحاب حق كما هو شأن الغزيين ..
ولقد اطلع المواطن المغربي الغيور الفاضل الأستاذ عبد القادر الفيلالي المقيم بكندا في أمريكا الشمالية على مقالي ، واتصل بي عبر موقع وجدة سيتي يخبرني بصراعه المرير عبر بعض المواقع في كندا دفاعا عن وحدتنا الترابية ضد خصومنا ، كما طلب مني المساهمة في الدفاع عن قضيتنا . فأنا شاكر له سعيه من أجله وطنه الغالي ، وأنحني لغيرته الوطنية ، وحب الوطن من الإيمان ، ونزولا عند رغبته أذكر ببعض محطات قضيتنا العادلة التي يعرفها المغاربة عن ظهر قلب وينكرها خصومنا الذين لم يعد الحوار معهم ذا جدوى لأنهم جعلوا منه جدلا بيزنطيا لأكثر من ثلاثة عقود.

بداية لا بد من التذكير بأن العدالة التي نصف بها قضية وحدتنا الترابية تعني وضع الأمور في مواضعها كما هي أصلا، لأن العدل ضد الظلم، والظلم هو وضع الأمور في غير مواضعها الأصلية. فلو تصفحنا التاريخ ولكن دون أن نفعل فعلة أهل الكتاب الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض بحيث نؤمن بفصول من هذا التاريخ ثم نكفر بفصول أخرى لوجدنا أن الصحراء كانت عبر فترات تاريخية طويلة أرضا مغربية بغض الطرف عن تعاقب الأسر الحاكمة. فإذا ثبت تاريخيا أن المغرب امتدت حدوده إلى نهر السنغال فتحصيل الحاصل أن الصحراء أرضا مغربية ، وأن كل شبر دخل تحت سلطته الفعلية ولمدد تاريخية طويلة هو جزء منه بما في ذلك المناطق الغربية من الجزائر ابتداء من مدينة تلمسان شمالا وانتهاء بالساورة والصحراء الشرقية بالنسبة للمغرب جنوبا حيث مدينة تندوف و مدينة بشار. فوضع الأمور في مواضعها وهي العدالة أن يعترف للمغرب بحدوده الجغرافية الثابتة تاريخيا، ووضع الأمور في غير مواضعها وهو الظلم والجور أن يتنكر لحدود المغرب الجغرافية الثابتة تاريخيا. والذين يرفضون التاريخ شاهدا وفيصلا في القضية يعترضون على وحدتنا الترابية بقضية سيادة المغرب على الأندلس وهي سيادة جغرافية أثبتها التاريخ أيضا. والحقيقة أن سيادة المغرب على صحرائه سابقة على سيادته على الأندلس مما يجعل المقارنة مردودة على أصحابها لوجود الفارق كما يقال. كما أن عدم استرداد المغرب لسيادته على الأندلس لظروف قاهرة لا يبرر مساومته في السيادة على أراضيه. ولا شك أن إسبانيا تعرف جيدا التاريخ المغربي ، وهي تتحسب أن يطالب المغرب في يوم ما بسيادته على شبه جزيرة خضعت له لقرون لهذا فهي تحتفظ بسبة ومليلية والجزر الجعفرية قصد المساومة عملا بقاعدة  » اضربه على رأسه ينسى رجله  » .

وقد حذا حكام الجزائر حذو إسبانيا من خلال تبني قضية الانفصاليين في الصحراء المغربية من أجل التمويه على مطالب المغرب الحدودية من تلمسان إلى تندوف وبشار. وقد يعتقد البعض أن قضية الصحراء المغربية هي من نتائج الحرب الباردة، والحقيقة أن طرفي الحرب البادرة حاولوا ركوبها كل حسب مصالحه.

ولقد أوقع المرحوم الحسن الثاني حكام الجزائر خاصة الرئيس هواري بومدين في ورطة وكان على علم برغبته الجامحة في البحث عن منفذ بحري عبر المحيط الأطلسي حيث اضطر الرئيس الجزائري إلى التصريح بأنه لا يمانع إذا ما فضل سكان الصحراء البقاء تحت سيادة المغرب أو سيادة موريطانيا ـ والحالة أنه كان على يقين تام بأن موريطانيا نفسها تراب مغربي وهي امتداد له جغرافيا وبشرياـ أو اختاروا الانفصال عنهما. بمعنى أنه ألزم نفسه بأحد الحلول فلما فضل سكان الصحراء البقاء تحت السيادة المغربية عن طريق تجديد البيعة التي أقرت بتاريخيتها محكمة العدل الدولية أسقط الرئيس الجزائري أحد الخيارات الثلاثة التي التزم بها في البداية ، فضيق عليه المرحوم الحسن الثاني الخناق حيث أعاد ترسيم الحدود مع موريطانيا مما يعني أن الخيار الثاني وهو تفضيل بعض سكان الصحراء السيادة الموريطانية أصبح واقعا إلا أن الرئيس الجزائري تنكر له فأسقط ثاني الخيارات ليبقى الخيار الوحيد هو خيار الانفصال الذي يخدم أطروحة المساومة في قضية الحدود التي لا زالت دون فصل.
وقضية وحدتنا الترابية لا تختلف عن قضايا الوحدات الترابية في كل دول العالم التي يوجد بها انفصاليون من قبيل الكورس والباسك والأكراد وجنوبيي السودان ودارفور …والعالم يكيل بمكيالين بخصوص قضية الانفصاليين حيث تلزم دول ومنها المغرب والسودان بتطبيق قانون تقرير المصير استرضاء للانفصاليين ، بينما لا تلزم دول أخرى بذلك مثل إسبانيا مع الباسك وروسيا مع الشيشان.
والمسوقون لمقولة الانفصاليين ـ وهم طابور خامس لهم علاقة بدول خارجية لها مصالح ـ يريدون القياس على دول قسمها الاستعمار كما هو حال اليمن وحال الباكستان ، وحتى حال ألمانيا. ومشكلة هؤلاء أن المقيس عليه فقد مصداقيته من خلال وحدة الألمانيتين ووحدة اليمن مما يعني أن حتمية التاريخ أن يتوحد البلد الذي فرقه الاستعمار. لقد توزع الاستعمار الغربي على المغرب بشكل مبيت من أجل تفكيك وحدته الترابية حيث تقاسم الإسبان مع الفرنسيين شماله وجنوبه بالتساوي : أعلى الشمال وأعلى الجنوب ( الصحراء ) للإسبان ، وأسفل الشمال وأسفل الجنوب ( موريطانيا ) للفرنسيين. ولما كان الاستعمار الفرنسي يحلم بتوسيع رقعة الجمهورية الفرنسية جنوب البحر الأبيض المتوسط من أجل عمق استراتيجي في القارة الإفريقية فإنه عمد إلى اقتطاع المناطق من الوحدة الترابية للمغرب فضم إلى جمهوريته الإفريقية المناطق الشرقية للمغرب من تلمسان إلى تندوف وبشار. واغتنم ظروف المغرب ليفرض عليه استقلال موريطانيا التي لم يعترف بها المغرب إلا في ظروف إحراق المسجد الأقصى سنة 1969 حيث نزلت طائرة الرئيس الموريطاني لأول مرة على أرض المغرب لحضور مؤتمر الأقصى فكان ذلك بمثابة اعتراف ضمني بانفصال موريطانيا عن الوطن الأم.

وكما اقتبست الجزائر من إسبانيا مساومة المغرب عن طريق سبتة ومليلية من أجل طمس معالم المطالبة بالحق في الأندلس من خلال اختلاق ما يسمى بقضية الصحراء الغربية اقتبست من الفرنسيين فكرة فرض الأمر الواقع على المغرب بالنسبة لانفصال موريطانيا حيث ظنت أن المغرب سيسلم بالأمر الواقع كما سلم به في انفصال موريطانيا عن سيادته بضغط المحتل الفرنسي .
إن عدالة قضية وحدتنا الترابية لا غبار عليها ، وظلم الجيرة كذلك لاغبار عليه ، فإذا كان ظلم الإسبان والفرنسيين مسلما به باعتبارهما قوتين استعماريتين ، فظلم الأشقاء لا مبرر له ، وإنما هو متاجرة بقضية وحدتنا الترابية لأغراض اقتصادية واستراتيجية ، ولأغراض داخلية بسبب سوء السياسة التي ينهجها العسكر في الجزائر. وإن الذين ارتزقوا بالمقاومة ضد المستعمر حتى صار للمحسوبين على الجهاد أبناء وأحفاد وأبناء أحفاد يستفيدون من امتيارزات لا تتأتي لغيرهم فإنهم لن يتورعوا عن الارتزاق بقضية وحدتنا الترابية من خلال تبني عصابة الانفصاليين التي تحتجز رعايانا في تندوف وتستخدمهم كدروع بشرية .والجزائر لم تعرف قدرها ولم تجلس دونه حيث نصبت نفسها من تلقاء نفسها وصية على الانفصاليين وهي تستغلهم كمرتزقة لتحقيق مشاريعها التوسعية بطرق ملتوية.
لقد تأكد للعالم أن المغرب متمسك بوحدته الترابية ، وأنه عندما يسمح باقتراح المنظمة الدولية الحكم الذاتي في أقاليمه الصحراوية فهو يؤكد من جهة احترامه للمنظمة الدولية ، ومن جهة ثانية يؤكد خيار تدبير شؤون أقاليمه لا مركزيا دون أن يسبب ذلك مساسا بالوحدة الترابية ، لأن الحكم الذاتي لا يعني البتة الانفصال.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *