Home»Femme»سلسلة المرأة كما قدمها القرآن الكريم من خلال نماذج لن تشذ عنها بنات حواء إلى قيام الساعة ( الحلقة الثالثة )

سلسلة المرأة كما قدمها القرآن الكريم من خلال نماذج لن تشذ عنها بنات حواء إلى قيام الساعة ( الحلقة الثالثة )

0
Shares
PinterestGoogle+

سلسلة المرأة كما قدمها القرآن الكريم من خلال نماذج لن تشذ عنها بنات حواء إلى قيام الساعة ( الحلقة الثالثة )

محمد شركي

انتهينا في نهاية الحلقة الثانية من هذه السلسلة عند قوله تعالى : (( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون )) ، وعطفا على المثل الذي ضربه الله تعالى للكافرين ، والمتعلق بامرأة نوح وامرأة لوط اللتين لم يغن عنهما أنهما كانت تحت نبيين كريمين ، لأنهما اختارتا سبيل الضلال على سبيل الحق ، ضرب الله عز وجل في نفس السورة ، وبعد هذا المثل مباشرة مثلا للمؤمنين . وإذا كان سياق المثل المضروب للكافرين هو الترهيب ، فإن سياق المثل المضروب للمؤمنين هو الترغيب ، وهو قوله تعالى : (( وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين )) ، ففي هذه الآية حديث عن نموذج المرأة المؤمنة الثابتة على إيمانها  بالرغم مما لاقته من عنت ، وهي تحت زوج كافر من  الفراعنة الطغاة الذين حكموا مصر ، وكان أشدهم طغيانا فرعون موسى، وقد عذبه الله تعالى بالغرق  ، فألقى البحر بجسده على الساحل  ليكون آية للعالمين  إلى قيام الساعة ليرى الناس في بقاء  بدنه عبرة لكل طاغية كافر كان يعذب المؤمنين والمؤمنات . وامرأة فرعون سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم آسية في حديثه الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه والذي قال فيه :  » كمُل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران وآسية امرأة فرعون  » . ولقد اختلف المؤرخون والمفسرون حول من هو زوج آسية  من الفراعنة ، فقال بعضهم إنه « رمسيس الثاني « ، وقال آخرون هو ابنه الأكبر  » مرنبتاح « ، وقيل هو غير هذين، والله  تعالى أعلم، المهم أن آسية كانت زوجة لملك طاغية من الملوك الفراعنة سماه القرآن الكريم فرعون ، وقيل هو اسمه، وليس لقبه لقول الله تعالى : (( ولقد أرسلنا موسى بالبينات وسلطان مبين إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذّاب )) ،  ومن قالوا بذلك  احتجوا بأنه في اللسان العربي لا تعطف الأسماء على الصفات . وهو يعرف بأنه فرعون الخروج أي خروج نبي الله موسى وقومه  فرارا منه .

المهم عندنا في هذه الحلقة من هذه السلسلة هو آسية نموذج المرأة المؤمنة التي كان زوجة لفرعون الطاغية ، ولم تدع إيمانها ، وثبتت عليه ، وهي تعذب بسببه كي تكره على الرجوع عنه  إلى ما كان عليه زوجها وقومه من كفر وضلال، لكنها  رفضت ذلك ، وتحملت شدة العذاب رغبة في جزاء الآخرة ، وقد سألت ربها أن ينجيها من  فرعون ومن عمله ومن قومه الظالمين ، وأن يعوضها عن القصر الذي كانت تعيش فيه مع الطاغية الكافر  بيتا  في الجنة قال عنه بعض المفسرين أنه سيكون عبارة عن دُرّة بديلة عن الأهرام التي وصفها الله تعالى بأوتاد فرعون ، وكانت مقر مدافن الفراعنة وأسرهم .

نموذج آسية سيتكرر عبر التاريخ إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها ، ذلك أن كل زوجة مؤمنة راسخة الإيمان ،وتكون تحت زوج كافر أو مشرك لا إيمان له ، أوفاسق منحرف عن صراط الله المستقيم ، وهو يؤذيها بسبب إيمانها ، وهي صابرة على إيمانها، يكون مصيرها في الآخرة كمصير آسية التي وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بالكاملة هي ومريم ابنة عمران حين ذكر كثرة الكُمّل من الرجال .

ولن يخلو زمان إلى قيام الساعة من نساء يكن كآسية امرأة فرعون ، المرأة المؤمنة النموذج، والقدوة في الصبر على الثبات  في بيئة كافرة طاغية ظالمة ، وإن كانت النساء بعدها لن يبلغن كمالها كما وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم  مهما بلغت شدة العذاب الذي قد يتعرضن له . وتأتي النساء المؤمنات الثابتات على إيمانهن من اللواتي يبتلين بأزواج من الفُسّاق  الذين يضيقون عليهن  لصرفهن عن تقوى الله عز وجل أو يدعوهن لمعصيته بشكل أو بآخر ، فهؤلاء أيضا يكون لهن أجر كأجر الصابرات على أذى الأزواج الكفار والمشركين .

ومن المؤسف أنه في زماننا، هذا أصبحت بعض المؤمنات تساومن في إيمانهن من قبل مشركين من أهل الكتاب ، أو من كفار ملحدين  ، فتقبلن الاقتران بهم من أجل عرض الدنيا الزائل ، والذي يكون إما  طمع في العيش في أوطان غير أوطانهن أو طمع في الحصول على جنسيات تلك الأوطان من أجل الاستفادة من امتيازات تنال بها أو الطمع في  الحصول على وظائف أو أعمال … إلى غير ذلك ، وهن بذلك يقايضن إيمانهم  بعرض زائل  من عرض الدنيا ، علما بأن ما ادخره الله تعالى  لهن لصبرهن على إيمانهن هو خير وأبقى . وقد تخدع بعضهن بوعود أزواج يزعمون أنهم يرغبون في الدخول في دين الإسلام، لكنهم لا يصدقون في ذلك ، ويظلون على ما كانوا عليه من شرك أو إلحاد، فتعيش المؤمنات معهم ، وتنجب منهم البنين والبنات ، والله تعالى يقول : (( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا  تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون ))، وليس بعد هذا الذي قضاه الله تعالى من عذر لمن يرغب من المؤمنين في الاقتران بالمشركات أو لمن ترغب من المؤمنات في الاقتران بالمشركين، ولو كان الأزواج المشركون  أوالزيجات المشركات ممن يثيرون الاعجاب بسبب جاه أو مال أوحسن وجمال… أو غير ذلك مما يكون مثار إعجاب .

والأشد أسفا وحسرة أن يحسب بعض الأزواج على الإيمان ، وقد تربوا في البيئات الإسلامية ، وهم يحسبون على الإسلام ولادة إلا أنهم  في حقيقة أمرهم من المرتدين عنه إما تصريحا بذلك أو تلميحا ، ويكون ذلك بعلم مؤمنات يرغبن في الاقتران بهم وهم على ردتهم المعلنة أو الخفية من  أجل مصالح كلها من عرض الدنيا الزائل ، فلهؤلاء المؤمنات نقول إن الإيمان بالله تعالى هو سلعته الغالية ، وقد جعل ثوابه الجنة التي فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، لهذا  لا يمكن أن تقايضن هذه السلعة الغالية  بعرض الدنيا الزائل . ولتكن المؤمنات ممن ابتلين بهذا النوع من الأزواج كآسية امرأة فرعون التي اختارت سلعة الله الغالية ، والتي سألت ربها أن يبني لها بيتا في الجنة ، وأن ينجيها من حياة زوجية  في قصر كفر وظلم مفضلة ثباتا على إيمانها، وتحملا للعذاب من أجله على قصر الفرعون ، وعلى وعد  بتابوت من ذهب توضع فيه   مع جيف محنطة في الأهرام إن هي ارتدت بعد إيمانها .

وما أكثر الأزواج من العلمانيين اليوم الذين يغرون زيجاتهم بالانصراف عن الإيمان إلى العلمانية الملحدة و الفاسدة المفسدة مقابل عرض الدنيا الزائل . فهل ستتخذ الزيجات اللواتي يبتلين بمثل هؤلاء الأزواج آسية قدوة وإسوة أم أنهن سيركن إلى عرض دنيا فانية ،ويؤثرنها على جنة الخلد في آخرة باقية ؟؟؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *