Home»National»ليس بعد الوازع الديني وازع آخر يمكنه أن يضبط سلوكنا كمغاربة

ليس بعد الوازع الديني وازع آخر يمكنه أن يضبط سلوكنا كمغاربة

0
Shares
PinterestGoogle+

ليس بعد الوازع الديني وازع  آخر يمكنه أن يضبط سلوكنا كمغاربة

محمد شركي

يجمع المغاربة على إدانة السلوك المعيب الشائع في حياتنا اليومية والذي يتجلى في تصرفات مستقبحة نعدد منها ولا نعدّها لكثرتها ، ذلك أنه لا يثار موضوعها في مجمع إلا وانخرط الجميع في التعبير عن أسفهم وتذمرهم مما يشيع فينا من تلك التصرفات المعيبة . وقد يتزامن التعبير عن التذمر منها لحظة حدوثها ومع ذلك لا يقلع عنها أصحابها ، ولا يخجلون من فعلها ، ولا يبدو عليهم أسف أو ندم بل يبدو عليهم الإصرار علي فعلها بل يبدو عليهم الافتخار بها ،وما يدل على أنهم يعتبرون أنفسهم  بإتيانها أهل ذكاء وشطارة .

والغريب أننا ونحن  جميعا ندين التصرفات المستقبحة، لا نفلح في محاربتها أو الحد منها بل هي في تزايد مستمر و قد استفحل أمرها ، وصارت هي الغالبة على حياتنا العامة ،بينما صارت التصرفات المستقيمة موضوع سخرية وتندر ، وأصحابها يعتبرون من السذج ، ويكفي أن نضرب مثلا واحدا على ذلك لشهرته حيث لا يرى من يلقي بما في يده في الشارع بأسا  وهو يفعل ذلك مزهوا  به معتبرا فعله تصرفا عاديا بينما يسخر ممن يلتقطه ليضعه حيث توضع المهملات.

وعلى غرار إلقاء ما باليد على الأرض في الأماكن العامة، وهو تصرف مخجل تتعدد التصرفات التي تشبهه، ولا تقل عنه إساءة إلى سمعتنا من قبيل الفوضى في الدخول والخروج من بوابات أماكن عامة، لأن الغالب على سلوكنا هو التزاحم والتسابق ، ويحدث ذلك حتى في الأماكن المستوجبة للسمت والوقار كالمساجد والأماكن المقدسة كبيت الله الحرام  وما حوله من أماكن العبادة ، والمسجد النبوي وغيره ، أما عند بوابات الأماكن العامة والإدارات، فحدث ولا حرج كما يقال ، ذلك أن الجميع يريد أن يكون أول من يدخل أومن يخرج ، ويحدث ذلك من الجميع في وقت واحد وفي حيز واحد ، فيقع الزحام والتدافع ، وهو ما يفضي إلى الصراع والسباب والشتائم والعراك أيضا . والغريب أن الجميع يشكو من ذلك ويندد به بأعلى صوته وهو طرف فيه .

ومناسبة الحديث عن هذه التصرفات المخجلة التي تمس بسمعة وطننا هو ما نقله كالعادة  بعض حجّاجنا لهذه السنة ، ذلك أنه مع وصفهم لما لبيت الله الحرام من هيبة وقدسية ، وما يحس  به زواره وهم بجواره  من خشوع تعبرعنه دموعهم المنهمرة ،يعبرون عن حسرتهم الشديدة على سوء تصرفنا خلال موسم الحج مقارنة مع غيرنا من الأمم المسلمة ، وبقدر ما يشاد بالأندونيسيين والماليزيين واليابانيين والكوريين وغير هؤلاء ، تذم عاداتنا القبيحة كعادة الزحام في ركوبنا أو نزولنا من الطائرات التي تقلنا ،الشيء اللافت للنظر، ذلك أنه حين يصطف غيرنا بنظام وانتظام أمام طائراتهم تشيع فينا الفوضى ، ولا يخلو ركوب أو نزول من طائراتنا من خصام وسباب وعراك ، والمؤسف حقا أننا كلنا يدين ذلك  بشدة ، وكلنا يشارك فيه في نفس الوقت .

ومن التصرفات المسيئة إلى سمعة وطننا أيضا والتي تحصل في الحج التهافت على المأكولات والمشروبات كما تنقل ذلك مختلف الروايات حيث لا يقنع الواحد منا بما  يقيم صلبه أو حتى بما يشبع بطنه بل يقتني فوق ما يحتاجه أو ما يصلح زادا لأيام معدودات ، وأثناء الوجبة الموالية يزيد اقتناؤه بجشع وكأنه في مباراة وسباق أكل وليس في فترة عبادة تتطلب الانصراف إلى ذكر الله عز وجل . وفضلا عما يوفر للحجيج من وجبات يأبى البعض إلا تحضير الوجبات المغربية التي تستغرق وقتا وجهدا كان من المفروض أن يخصص للعبادة في أيام معدودات لا يجوزأن تهدر في أكل أو شرب .

ومن التصرفات المسيئة لسمعة وطننا أيضا سوء التفاهم بين من تجمعهم الإقامة الواحدة  في الحج ،الشيء الذي يفضي بهم إلى الخصام والصدام في زمان ومكان يحرم فيهما ذلك ، وينقض عبادة الحج . فكم من حكايات تروى عن الزحام والقتال في المصاعد صعودا ونزولا  ، وكم من حكايات تروى عن الخلاف حول تشغيل المكيفات ، وكم من حكايات تروى عن الخلاف حول أوقات الراحة والنوم ، وكم من حكايات تروى عن الأنانية والأثرة في الأكل والشرب داخل الإقامة الواحدة ، وكم من حكايات عن خلافات تافهة بما فيها الخلاف حول ملكية شيء  تافه كنعل أو غيره لا يساوي قرشا.

إن ما يصدر عنا ونحن في أوج عبادتنا عند بيت الله الحرام وما حوله إنما يعكس ما تعودنا عليه من تصرفات مؤسفة في وطننا . ولقد نقلت لنا وسائل التواصل الاجتماعي بعض تلك التصرفات المخجلة ، بينما نقلت تصرفات غيرنا وهي في غاية التحضر من قبيل جمع الحجيج اليابانيين الزبالة مقابل إلقاء غيرهم لها دون مبالاة حيث كان من المفروض الحرص على  نظافة أطهر الأماكن في المعمور . ولقد نقلت لنا وسائل التواصل عبر فيديوهات حجم الزبالة التي حملتها السيول يوم عرفة والذي يليه ، وحجم الزبالة في جبل النور وفي محيط مكان نزول الوحي حيث جلبت تلك الزبالة قطعان القردة التي زادت المكان نجاسة .

سيقول البعض ليس المغاربة وحدهم من يتحملون مسؤولية ذلك ، ونحن نتفق معهم على ذلك ، ولكننا لا نرضى أن يكون منا من تصدر عنه مثل تلك التصرفات ، ولا نرضى أن يسجل علينا ذلك لأن سمعة الوطن مقدسة ، وهي مسؤولية الجميع .

ونختم بالقول ليس بعد الوازع الديني وازع آخر يمكنه أن يضبط سلوكنا كمغاربة سواء في وطننا أو خارجه أو في حجنا ، وإذا لم يحضرنا  ويحكمنا هذا الوازع ونحن في حجنا، فمتى  سيحضرنا وسيحكمنا ؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *