Home»National»ما العيب في عبارة  » الإسلام هو الحل  » ؟ أليس العيب فيمن يقول العكس؟

ما العيب في عبارة  » الإسلام هو الحل  » ؟ أليس العيب فيمن يقول العكس؟

0
Shares
PinterestGoogle+

ما العيب في عبارة  » الإسلام هو الحل  » ؟ أليس العيب فيمن يقول العكس؟

محمد شركي

من المعلوم أن الذين دبروا مؤامرة الإجهاز على ثورات الربيع العربي  بشتى الأساليب التي تراوحت ما بين تغيير مسارها لتنقلب إلى صراعات طائفية دامية ، أو الانقلاب العسكري ، أو العبث الانتخابي ، لم يدخروا جهدا في تبرير مؤامرتهم لإيهام الشعوب العربية المنتفضة ضد الفساد السياسي الذي جثم على صدرها لعقود ،وعنه تفرعت كل أشكال الفساد الأخرى أن هناك خطرا يتهددها ،وهو ما يسمى الإسلام السياسي ، وأنهم لعبوا دور المخلصين لها من ذلك الخطرالمحدق بها عن طريق تلك الأساليب . ولقد استعمل هؤلاء كل الوسائل المتاحة لإقناع الشعوب العربية بأنها كانت بالفعل مهددة ، وأن ثورات ربيعها قد سرقت منها ، وأنهم قد استردوها عن طريق ثورات مضادة ، ومن تلك الوسائل تجنيد الإعلام بشكل غير مسبوق ، ونشر عشرات المقالات يوميا على صفحات الجرائد الورقية والرقمية ، ونشر العديد من المؤلفات كلها تحذر من الإسلام السياسي . ومما يركز عليه  المتآمرون على ثورات الربيع العربي خارج وداخل الوطن العربي تجريم عبارة  » الإسلام هو الحل  » بعدما راهنت العديد من شعوب هذا الوطن على أحزاب سياسية ذات توجه إسلامي كما هو الشأن بالنسبة لحزب الحرية والعدالة في مصر ، وحزب النهضة في تونس ، وحزب العدالة والتنمية في المغرب ، وأحزاب أخرى في باقي الأقطار العربية التي لم تصل إلى مرحلة  انتخابات ما بعد ثورات الربيع ، والتي تم تحويل ثوراتها إلى صراعات طائفية دامية لا زالت نيرانها مشتعلة وقد أتت على الأخضر واليابس . ولا شك أن رهان الشعوب العربية على تلك الأحزاب ذات التوجه الإسلامي بغض الطرف عن حجم أو شكل هذا التوجه له دلالة تختزلها عبارة  » الإسلام هو الحل  » التي صارت محرمة بالنسبة للمجهزين على ثورات الربيع العربي ، وصار من يرفعها كشعار متهما ومطلوبا  لديهم ، علما بأن الشعوب العربية لم تول وجهها شطر الإسلام إلا بعد ما فقدت الثقة في غيره من الإيديولوجيات التي تعاقبت على الوطن العربي، وكرست فيه الفساد السياسي الذي خيب آمال الشعوب العربية في الخروج من فترة ما بعد النكبة والنكسات المتتالية ، و التخلص من تغول المحتل الصهيوني الذي أحكم احتلاله لأرض فلسطين ، وشرع في التخطيط لمشروع وطنه الكبير ما بين الفرات والنيل عن طريق استدارج الأنظمة العربية نحو بيت الطاعة  من خلال  مؤامرة ما سمي  بصفقة القرن التي تروم إنهاء القضية الفلسطينية لصالحه ، والتي بدأت بإعلان الإدارة الأمريكية مدينة القدس عاصمة أبدية له .

وتركز الكتابات حول ما يسمى الإسلام السياسي على عبارة  » الإسلام هو الحل  » لخلق قطيعة بينها وبين الشعوب العربية لإقناعها بأن الحل في غير الإسلام . وحتى بلاد الحرمين الشريفين  منطلق الإسلام الأول  بدأت تتحول عنه إلى بديل بعد مؤتمر الرياض ، ويكفي أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر رصد مبلغ طائل من المال  المستخلص من ثروات البترول ، ومن أموال الحجيج للترفيه بعد الزج بالدعاة الذين كانوا يعارضونه في السجون والمعتقلات . و معلوم أن التحول عن مظاهر الإسلام  إلى بدائل عنها جارية على قدم وساق في طول الوطن العربي وعرضه  منذ مدة  طويلة دون أن يتنبه إليها كما حصل في أرض الحرمين الشريفين حيث جاءت  تلك البدائل دفعة واحدة ودون تدرج ،الشيء الذي جعلها تثير الانتباه .

ومن أجل إقناع الشعوب العربية بخطورة عبارة « الإسلام هو الحل  » فإنها تربط بعبارة  » الخلافة الإسلامية  » التي تعتبر تهديدا للوطن العربي من خلال تهديد أنظمته . ولقد عمدت الجهات  الخارجية المستهدفة للإسلام إلى تخويف الشعوب العربية من خلال  تجنيد عصابات إجرامية تمارس الإجرام والعنف الأعمى باسم الإسلام ، وترفع شعار » الدولة ا لإسلامية  » أو  » الخلافة الإسلامية  » . ولقد سقط القناع عن هذه المؤامرة ، وتبخرت تلك العصابات الإجرامية بين عشية وضحاها بعدما كان القول السائد أن الحرب معها ستدوم لسنوات قبل القضاء عليها، لكنها سرعان من اختفت عن الأنظار  بعد أن أدت دورها في تشويه الإسلام ، وتشويه كل من يرفع شعار  » الإسلام هو الحل  » ،وقد سهل تلفيق تهمة هذه العصابات الإجرامية لكل ذي توجه إسلامي  كما حصل في مصر على سبيل المثال حيث وقع الانقلاب العسكري على الشرعية والديمقراطية لأن  حزب الحرية والعدالة الفائز في الانتخابات الديمقراطية رفع أصحابه  شعار  » الإسلام هو الحل  » فنسب لهم بسبب  ذلك الإجرام والإرهاب الذي مارسته  عصابات  » داعش  » الإجرامية  بل اعتبروا المنظرين لتلك العصابات .

ونعود إلى عبارة  » الإسلام هو الحل  » بعيدا عن المزايدات والمناكفات السياسية والحزبية لفترة ما بعد ثورات الربيع العربي  التي باتت مكشوفة وسقط قناعها  للوقوف على حقيقتها ، ولطرح السؤال التالي : ما العيب في هذه العبارة ؟ ألم يختم الله عز وجل الرسالات السماوية برسالة الإسلام الخاتمة الموجهة للعالمين ؟ ألم تكن البشرية قبل هذه الرسالة تعاني أشكالا من الظلم وصفها الله عز وجل بالظلمات ؟ ألم يخرج الإسلام الناس من تلك الظلمات إلى النور ، فكان بذلك حلا  بالفعل ؟ ألم تصرح الرسالة الخاتمة بأن الناس خلقوا من ذكر وأنثى وجعلوا شعوبا وقبائل ليتبادلوا المعروف فيما بينهم دون أن يؤمروا بأن يكونوا شعبا أو قبيلا واحدا ، وأن يكون لهم نظام واحد هو نظام الخلافة ؟ ولقد أراد الله عز وجل للناس وهم شعوب وقبائل أن يكون أمة واحدة في تدينهم لا في أنماط  أو أشكال أنظمتهم  وحكمهم . وهل يعقل أن يفرض الإسلام على شعوب الأرض قاطبة خلافة  أو إمارة واحدة، وهو الذي  يقول :  » إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم « ؟  ولهذا لا معنى ولا مبرر لتخويف العرب من بعبع الخلافة الإسلامية  وهم شعوب وقبائل ، وأقطارهم مترامية الأطراف، وقد رسمت بينها حدود ، وليس المطلوب منهم أن تدين بالولاء لخليفة واحد  بل لكل شعب أميره وحاكمه الذي يرتضيه  ، وحتى يوم كانت الخلافة كان في أقطارها  المختلفة أمراء وحكام لا تزيد علاقتهم بالخلفاء  في أحسن الأحوال عن الدعاء الصالح لهم فوق منابر الجمعة . ولم تكن العلاقة بين تلك الأقطار المسلمة تختلف عما يسمى اليوم منظمة المؤتمر الإسلامي أو جامعة الدول العربية أو مجلس التعاون الخليجي أو دول المغرب العربي أو المغاربية  قياسا على تجمعات الدول الغربية التي لا يثار حولها جدال، وقد زالت بينها الحدود التي ما زالت  مع الأسف الشديد شائكة بين الأقطار العربية والإسلامية بل ومغلقة  مع علاقات مقطوعة  بين أغلبها .

وأخيرا نقول ليس في عبارة :  » الإسلام هو الحل  » ما يثير المخاوف والقلق بل العكس هو الذي يثيرها لأن الإسلام هو شرع الله عز وجل المنزه عن شرائع الأهواء  التي لا يؤمن ظلمها وجورها . وإذا لم يوجد الحل فيه ، فهل سيوجد في غيره ؟  ولقد ثبت بالملموس أنه بالفعل هو الحل  حيث وجد فيه  معتنقوه ضالتهم حتى وهم يعيشون في أقطار لا تدين به دون أن يوجد صدام بينهم وبين من لا يدينون به من مواطنيهم في أمور معاشهم . فلماذا يتوجس  أبناء جلدتنا عندنا من إخوانهم الذين يرفعون شعار :  » الإسلام هو الحل « ؟ وما العيب في ذلك ؟ أليس العيب في من يعيب ذلك ويقول العكس ؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *