Home»Correspondants»المستبد والمستبد به شريكان في ظاهرة الاستبداد

المستبد والمستبد به شريكان في ظاهرة الاستبداد

0
Shares
PinterestGoogle+

الاستبداد هو نقيض الشورى,والشورى في معاجم السياسة اليوم هي الديمقراطية بلغة الغرب.

والاستبداد قد نسميه قهرا’لانه يتم بفعل فاعل من جانب واحد,وبفعل الغلبة والاستعلاء التي يستمدها الفاعل من قوة المنصب والحصانة,ضد مفعول به لا يمتلك القوة الرادعة لرأي او فعل أو سلوك قد يلحق به قهرا وهوانا وتهميشا.

ولعل الدافع الاساسي للمستبد في استبداده هو الغرور المطلق برأيه,والأنفة عن قبول النصيحة والمشاورة,والأنانية العمياء التي تتملكه,وتصغير العباد في منظوره,وهي صفات تفيد انه يعاني من امراض نفسية قد نوجزها في الكبر والأنا والترفع,وهي الأمور نفسها التي دفعت بمن حدثنا عنهم القران الكريم حين ادعوا الألوهية والاستعلاء,فكانت ظاهرة شاذة اشترك في ظهورها المسبد بقوته وغلبته والمستبد به بضعفه وخنوعه.

واعتقد جازما انه لو قوبلت القوة والغلبة بالرفض وعدم تزكيتها والسماح بها لما كان في الأرض نمرود ولا فرعون,ولما عرف مصطلح الاستبداد على وجه البسيطة.

قال تعالى في فرعون مصر:(فاستخف قومه فاطاعوه)ومعنى الاية الكريمة واضح وجلي يفيد ان القوم حين اطاعوا فرعون اسخفهم وتمادى في الاستخفاف بهم الى أن امرهم بعبادته وتمجيده.

وقد بلغ الاستبداد ذروته في عهد نمرود بن كنعان حين ادعى انه قادر على فعل فعل مختص بالذات الالهية,وهو الحياة والموت,ورغم الحجة الدامغة التي اوضحها نبي الله ابراهيم اما م القوم,الا انهم يسذاجتهم وخنوعهم اطاعوا نمرود فزادوا من استبداده وغطرسته وساقوه الى الهلاك واياهم الى سوء المصير.

قال تعالى:( ألم تر الى الذي حاج ابراهيم في ربه أن اتاه الله الملك,اذ قال ابراهيم ربي الذي يحيي ويميت/قال أنا احيي واميت,قال ابراهيم فان الله ياتي بالشمس من المشرق فات بها من المغرب,فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين) صدق الله العظيم

اننا نستشف من الايتين الكريمتين اشتراك المستبد والمستبد به في صفة الاستبداد وكلاهما مسؤول عن هذه الظاهرة على نقائضها,رغم أن المستبد يداوي نفسه المريضة,بينما المستبد به يعيش عيشة الذل والهوان والاستصغار.

وقد يكون المستبد به سببا في اعادة المستبد الى جادة الصواب,فينقلب كبره تواضعا,وقسوته رحمة,وأنانيته ايثارا,

يحكى أن المهلب بن ابي صفرة,قائد الجيش العباسي,تملكه الكبر والاستبداد والأنانية,فدخل عليه اعرابي وهو في مجلسه مع مساعديه من قادة الجيش,فسلم عليهم جميعا بالتحية المعهودة ,هذه التحية التي لم تعجب المهلب من فرط كبره واستعلائه,لأنها قارنته حسب رأيه بمجالسيه,فصاح غاضبا في وجه الاعرابي قائلا:ألا تعرفني.قال الأعرابي:بلى اعرفك.قال من أنا؟قال الأعرابي:أعرف أن أولك نطفة مذرة,واخرك جيفة قذرة,وأنت فيما بينهما تحمل العذرة,ومعنى ذلك أن الله خلقك من نطفة ذات رائحة كريهة اثناء خلقك,وحين تموت ستصير جيفة تنبعث منها رائحة لا تطاق,وأنت منذ خلقك من النطفة الى حيم موتك ظللت تحمل في بطنك العذرة وهي الغائط الكريه الرائحة ايضا.

فكانت هذه الأقوال سببا في توبة المهلب ,وأصبح من الصالحين المصلحين.وحكيما من الحكماء.

فالى كل من مكنه الله منصبا الا يغتر به,فيعامل العباد بالاستعلاء,بل عليه ان يرحمهم حتى يرحمه من في السماء.

قال أحد الشعراء:

الكبر تبغضه الكرام وكل من//يبدي تواضعه يحب ويحمد

خير الدقيق من المناخل نازل//وأخسه وهي النخالة تصعد

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. كتابي محمد تازة
    30/05/2016 at 16:00

    الله افتح عليك ابا حيمري كم انت رائع يارجل تختار مواضيعك بدقة متناهية وتكتبها باسلوب فلسفي رائع ملئ بالعبر والحكم والنوادر الادبية والتعابير الفلسفية والجمالية برافو عليك ؟؟؟؟؟

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *