Home»Correspondants»محمد عزيز لحبابي، وتحرير الإنسان في التصور الإسلامي

محمد عزيز لحبابي، وتحرير الإنسان في التصور الإسلامي

0
Shares
PinterestGoogle+

                                                             رمضان مصباح الإدريسي

تعريف:
محمد عزيز لحبابي فيلسوف وروائي وشاعر مغربي كتب باللغتين العربية والفرنسية. ولد في 25دسمبر عام 1922بمدينة بفاس، وتوفي يوم 23غشت عام 1993 بالرباط.
يعدّ لحبابي مؤسسا لمذهب  الشخصانية الإسلامية. تُرجمت بعض كتبه إلى أكثر من 30 لغة. درس لحبابي في  السوريون ،بباريس،وحصل فيها على الدكتوراه في الفلسفة. ثم أصبح أستاذا للفلسفة في كلية الآداب  بجامعة محمد الخامس في  الرباط فعميدا لها.                           عن ويكيبيديا
***

منذ جمال الدين الأفغاني،محمد عبده،ورشيد رضا،برزت الفكرة القائلة بالإسلام كمنظومة استثناية – وربما لامثيل لها –في المبادئ المتعلقة ،سواء بالحياة الخاصة ،أو بالحياة السياسية ،الاقتصادية والاجتماعية .  في عدد كبير من مؤلفات المسلمين ،يتم التركيز – بالخصوص – على كون الإسلام يتعامل مع المقدس والمدنس ،كما يتعامل مع الروحي والزمني ؛وهو بالتالي يشكل برنامجا فريدا لتكوين مجتمع إسلامي من جميع جوانبه.
منذ السبعينيات (القرن الماضي) بدأت العديد من الصيغ تُبرز الدعم ،العام تقريبا، للتصور القائل بإسلام يهيمن على كل شيء،ويحظى بالقبول عالميا .
إننا مع الرأي القائل بأن وراء هذه الأصولية يوجد وعي ايبستيمولوجي يُمكن رصد مميزاته كآلاتي:
*إن التمييز بين الظواهر الدينية والدنيوية –من منظور اونطولوجي – ليس له ما يسنده. فمن حيث المبدأ كل ما تطبعُه،بمعنى ما ، مُسحة أو خاصية دينية إسلامية ،فانه ينتمي إلى منظومة عالمية ،ومقبولة عالميا ، من المعايير والقيم . إن القرآن يُنظم الأمور الحياتية ،تصورا وممارسة ، وإحساسا ؛بناء على قاعدة التعارض بين المقدس والمدنس :الدين والدنيا ،الإسلام والجاهلية،دار الإسلام ودار الحرب ،الخير والشر ، الصدق والكذب،الأبدي والفاني ،النجاة والعذاب ،الشرف والوضاعة..
إن الشريعة المعمقة على مستوى أصول الفقه ،تقعد السلوك الإنساني ،وِفق خمسة أحكام شرعية أخلاقية:الواجب،المستحب،المندوب ،المكروه والحرام.
ويتضمن التراث الإسلامي حقائق نظرية وعملية في مجالات متعددة ؛مثل الأنطولوجيا،الأنثروبولوجيا،البيولوجيا،القانون،الأخلاق ،السياسة ،التاريخ ،الميثولوجيا ،علم النفس ،الاقتصاد والاجتماع.
*لايشتغل القرآن كمعيار شرعي ،فقط،يتحدد بموجبه السلوك اليومي ،ولكنه يحافظ كذلك على بنية اللغة ،القيم والمعايير ،مع تنوع سوسيو اديولوجي كبير.
إن لغة القرآن تَظهر في الفقه الإسلامي أيضا،كما تظهر في السلوك الذهني ؛خصوصا وأن السلطات والأحزاب السياسية ،تُقدم مبادئها وأهدافها ضمن عالم تغذيه الرموز الإسلامية.
كيف تَأتَّى للحقيقة الإسلامية ،والوعي الاجتماعي الإسلامي ،أن يدخل ضمن نسيج المجتمع العالمي ،ذي البنيات المتباينة ،والقيم الجزئية،؛دون التخلي عن المطالبة بعالمية المثل الإسلامية ؟
إن مطمح العدالة الاجتماعية وضع بعض المسلمين أمام خيار ؛لأن الموروث ،باعتباره إعلانا عن توجهات وآراء أخلاقية ،تحيط بها هالة الأبدية ،بحكم ارتباطها بالماضي ،يتعارض مع متطلبات واقع اقتصادي يصعب التحكم فيه.
إن اكتشاف التاريخية l’HISTORICITE كمحور للوجود الإنساني يتضمن تغييرا جوهريا في التجربة الإنسانية المتعلقة ب »وجود » الإنسان في العالم .
إن عددا من المسلمين لديهم إحساس بأن مطمح المعاصرة يقودهم الى وضعية استلاب(شعورهم باغتراب عن أخلاقهم) لأن ضرورة تحقيق الأصالة الثقافية التي يطمح إليها الإسلام ،يمكن أن تتعارض مع التجربة الفردية في الوجود ضمن العالم. إن وضعية الاستلاب هذه أدت الى اختلال بين الكمال الإنساني ،كما يظهر في الإلهيات الإسلامية ؛من جهة والصورة الوجودية التي يكونها المسلمون عن أنفسهم من جهة أخرى .
شَخصانية محمد عزيز لحبابي:
الجانب الأهم في الشخصانية  الواقعية،عند محمد عزيز لحبابي  ، تسير في الاتجاه المعارض للانطولوجيا ت التي تفرض – في إطار « فلسفة مقبولة عالميا » – كليات
مهيمنة على الكائن ؛ومن هنا فهي لا تسند للإنسان الواقعي سوى دور ومكانة ثانوية . انه يرفض القبول بفكرة عن الذات خارج الشخصية الإنسانية ،وب »نظام مغلق » من الحقائق ،يفرض نفسه على الإنسان كقوة خارجية ،ويستطيع أن يجعل منه متفرجا لامباليا وخاضعا: إن الشخص يخضع الطبيعة ،يعطي للتاريخ شكلا ،ويؤنسن HUMANISE، مع الآخرين، العالم.
بالنسبة لعزيز لحبابي لا وجود ل »ماورائية  » مثالية وأخروية ،كقصدية للعمل الإنساني : إنسانية الإنسان تستند الى مَثل أعلى يجب دوما بلوغه بالعمل ،منظورا إليه كفتح تحريري،يكبح قوى المجتمع المغيبة لإنسانية الإنسان .
يشعر لحبابي بالارتباط المباشر بالفلاسفة الغربيين الذين أثروا أيضا في شخصانية محمد إقبال .يتعلق الأمر ب كانط،هيجل،داروين ،نيتشه ،ديوي وبرغسون.
وتنضاف الى التيارات التي الهمت  إقبال ولحبابي ،أسماء:كونت ، ماركس،هوسرل ،ميرلوبونتي ،سارتر ـ مونيي ولاكروا.
عن هيجل بالخصوص أخذ لحبابي البعد الأَنَسي للدين ،البعد المُنْصب على المجتمع. ويرفض ،كنوع من التجريد المتفائل ، إيمان هيجل بالتطور الثوري لفكرة الحرية المتجاوزة للفرد .ويرفض لحبابي أن يقبل بكون المصير غير العادل ،على المدى القريب، للقاعد العريضة في العالم الثالث ،سيبدو معقولا ومبررا ،على المدى البعيد.
يُقدر لحبابي النقد الذي توجهه الماركسية لهيجل ،الذي تسامى بالطابع المأساوي للحقيقة ،ليحله قصرا من الآراء ،لا علاقة له بالإنسان الواقعي .
انه يعتبر أن الإسلام والماركسية  يتقاربان ،هناك حيث لا ينظر للقرآن على أنه رسالة من شأنها تغريب الإنسان عن ذاته ؛ولكن على أنه دعوة له ليمارس الحياة الأرضية : إن الامتثال للقوانين الإلهية يتضمن كون العمل بمثابة ورشة للإنسية .
إن التصور الشخصاني الإنساني عند لحبابي يتميز،رغم هذا عن الإنسان الاجتماعي عند الماركسية؛في الحدود التي يتأسس فيها الانخراط في واقع الصراع الطبقي ،ليس على الضرورة ،ولكن على حرية الاختيار . فبفضل مقدرته الجوانية والروحية ،فان الإنسان الكامل يمتلك خاصية المحافظة على المسافات بينه وبين العالم؛والوعي بإمكانياته ومسؤولاته الخاصة .إن هذا ما يفسر تقديره لموقع الشاعر والفنان والنبي.
الهروب الوجودي خارج العالم:
إن الفارق الذي يرتبه برغسون بين الزمن العادي الكمي ،والزمن النوعي اللامتجانس ،هو عند لحبابي ،وفي العمق، دعوة الى خوض الصراع التحريري ضد الأمور التي كانت تقبل كمسلمات مطلقة .ورغم هذا فهو يقف موقف المعارض من الهروب الوجودي خارج العالم ،عند برغسون، ومن الديمومة الباطنية للكائن الفرد؛ففي هذه الحالة فان الشخص سيستسلم للخاصية اللامعقولة لتجربة ذاتية خاصة ،بدون أي علاقة مع  نوعية المجتمع.
إن الإنسان عند لحبابي يجب أن يعطي دوما معنى متجددا لحريته؛منظورا إليها كثمرة للعمل الإنساني : »الحرية لا توهب ولكن تنتزع ».
يتقاسم لحبابي مع سارتر  » نفاذ صبر الإنسان » الذي يناضل ضد جبهة مغلقة من الامتثالية الدينية.ويتميز عنه برفضه أن يكون الإنسان حرا بكيفية تامة ومطلقة؛كما لو أن الفرد هو الخالق الوحيد لجوهره الخاص. وتبعا لهذا فان لحبابي ينحاز الى جانب « مونيي » و »دولاكروا »،لأن شخصانيتهما تعترف بالحوار كبنية  إنسانية بالأساس.
في الشخصانية يتعرف لحبابي على القناعة العميقة بكون الواصل بين « الأنا » و »الآخر » لا يتم داخل حقل روحاني /صوفي تطبعه الحرية الثقافية ،الإيديولوجية والدينية ؛ولكن يتم ،فقط، عن طريق الانخراط الاجتماعي ،الذي يهدف الى تحويل عالم مجهول الهوية ،الى مجتمع من الأشخاص ،مفتوح وعالمي(وحدة الإنسانية في العالم).
يُثمن لحبابي حقيقة كون أفق الحرية الإنسانية مترع بالأمل. إن كتاباته الفلسفية ،وأكثر من هذا كتاباته الشعرية ،تكشف عن كون الإسهام في خلاص  مستقبلي ،دائم الحضور في التاريخ ؛ولو أن التعالي لا يتطابق أبدا مع العمل الإنساني كما هو ، ولو أن التاريخ ذاته لن يتحول أبدا الى صيرورة أخروية ESCHATOLOGIQUE. وبمنظور ما فان التصور الإنساني الدياليكتيكي ،هو وحده الذي يمتلك طابعا أخرويا: إن المفارقات والتناقضات التي يكتشفها لحبابي  في الإنسان ،تحيل على حقيقة مُعَضِّدة للإنسان: « الأمل » في الإنسان الكامل كمثل أعلى.
يرفض لحبابي إمكانية تحديد محتوى الإسلام من خلال مجموعة من الخاصيات المنفصلة ،التي تميز المسلم عن غير المسلم .
إن التصور الإنساني  الشخصاني يتضمن الإيمان بالإنسان ،بمدلول وجودي ،غير مثالي ،يميزه الوعي بالوضع البشري condition humaine كصيرورة غير متعثرة من « التحرر الإنساني ». هذا الاعتقاد في الإنسان ليس من الإسلامية في شيء ،فهو وليد رعب وجودي ،ولا يمكن تقاسمه مع آخرين  إلا في إطار الانخراط الاجتماعي . إن الشخصانية تشكل جزءا من أنَسِية متكاملة.
إن وضع وجود اله ،خارج الإنسان،موضع شك ،لا يتضمن أبدا القول بعدم وجود الإله .إن له علاقة بمعارضة لحبابي لأيديولوجيات تحدد الإنسان الواقعي ،انطلاقا من مصير غريب عنه . لاوثوقيته ميالة الى الاعتقاد بكون التعالي يظهر فقط ك »حركة مستمرة » في الفعل الإنساني للإنسان المناضل ،الذي ينخرط ،باستمرار ، في العمل على تحقيق صورة نوعية وسامية للإنسانية.   هذا التوجه الهادف الى تحقيق الأصالة ،يتجاوز حواجز الدين والايدولوجيا ،حواجز التوحيد والماركسية.
التاريخ،وخلاص الإنسانية،لايمكن أن يُحَددا قبليا:
حسب لحبابي فان النظر الى الإسلام كقمة للحقيقة ،لا يقدم تفسيرا لدينامية التاريخ ؛ليس أكثر مما تقدمه أصول الماركسية الكلاسيكية :
إن التاريخ يجب أن يفسر انطلاقا من الإنسان الذي ،وهو يشكل ذاته، يعيش حالة توتر ،ما بين لحظات الذاتية ولحظات التسامي .
من سياق تعاقب الحداثي أو الإصلاحي (التغريب أو الأسلمة،يختار لحبابي أنسية متكاملة ،مؤسسة على مُثُل المساواة ،الحرية والعدالة. انه يعارض الاستراتيجيات التنموية التي تعمل لصالح قومية متكاملة ،أفرزتها إقليمية مؤسسة على المعتقدات أو الثقافة. يتخذ هذا الموقف لأن « الحرية » مكون حقيقي للعدالة ،ولأنه يجب ألا نُضحي  بأي قدر من الحرية . يرى لحبابي أن اتجاه التاريخ ،وخلاص الإنسانية ،لا يمكن أن يُحَددا قبليا؛سواء بأسبقية علمية (أ)،أو بشعور قومي(ب)،أو بمنظور سماوي(ج). إن إنسانية الإنسان تتجه دوما صوب مثل أعلى وجودي،ولا توجد إلا  في « فلتحقق إرادتك » المتعلقة بالأشخاص والجماعات التي نذرت نفسها للعمل الاجتماعي.
أ. في المغرب ، سواء قبل الاستقلال أو بعده، يجد لحبابي نفسه في وضعية ضيق إيديولوجي ،يمكن مقارنتها بوضعية الشخصانيين الأوروبيين ،في صراعهم ضد تشييء ذاتية الإنسان.؛من خلال الإيديولوجيات الكليانية ذات الطابع المثالي أو المادي أو  الوضعي .إن تجربة تشييء الذاتية الإنسانية ،أكثر قسوة أيضا ، بالنسب للحبابي، في المغرب النامي ؛حيث ازدادت حدتها بفعل المعاناة  من الحرمان الاقتصادي والثقافي،الذي تسببت فيه الكولونيالية والامبريالية الغربية .
إن الشخصانية الأوروبية ،حسب لحبابي ، يجب أن تكون مَدعاة للحذر ؛فهي لا يمكن أن تكون فرصة بالنسبة للعالم الثالث.إن مكتسباتها التقنية  تطرح مشاكل خطيرة في العالم الغربي نفسه.
ب.يعارض لحبابي استراتيجيات التحرير التي تستأثر بالثقافة الوطنية لتجعل منها محورا للحضارة :إن الصراع من أجل تحرير الإنسان يستوجب وجود مَثل ثقافي عالمي يجمع كل الناس؛دون تمييز قائم على اللغة ،العرق،الجنس ،والمعتقد السياسي أو الاجتماعي.إن التصور الشخصاني يتضمن الاعتراف بالثقافة الوطنية كإبداع صادر عن الإنسان ؛وأيضا كمهمة ملقاة على عاتقه :مهمة تتمثل في البناء التدريجي لثقافة تؤلف بين الناس  جميعا في إطار من العدالة.
ج.يرفض لحبابي السلفية كحركة إصلاحية يُعوزها التفكير في » محركات  » التطور الاجتماعي . في إطار الشخصانية يشعر لحبابي بتوجه جديد للحياة ،حيث يكتسب الفعل الإنساني مدلولا ، في إطار السعي من أجل الخلاص ؛ويتقمص دور الحكم الذي يتجاوز – ضمن سياق التفكير الإصلاحي- مدلولا من مدلولات « الدنيوي »: الخلق الالهي،وحدة الاسلام واتفاق الأمة.
يصدر لحبابي عن استقلالية خالصة إزاء الشخصانية الأوروبية ،مبرزا ،تبعا لهذا، أصالة شخصانيته الواقعية ،وشخصانيته الإسلامية ثانيا .
هل هي شخصانية إسلامية؟
إننا نعتبر أن أصالة شخصانية لحبابي حقيقية في إطار الاعتبارات الآتية :
أ.في أنثروبولوجيا الشخصانية الأوروبية يكتشف لحبابي أن الهاجس اليومي الساعي الى أنسنة الإنسان ،لا يُمَكن من وضعه موضع تمحيص ،سواء انطلاقا من مثل أعلى ميتافيزيقي(الخلق الإلهي،خلود الروح)أو انطلاقا من عقلانية متمو ضعة خارج الزمان والمكان (المادة،الروح،الأمة).
وفي مقابل هذا فان الشخصانية الواقعية تُعتبر « فلسفة للتحرير » لأن الالتزام بالعمل الصالح للإنسان « كمثل أعلى ،لا يمكن أن يتحقق إلا بالممارسة ،أي أن الإنسان لا يمكن أن يتغلب على ما يعوزه من توازن ،وعلى شعوره بالفراغ  إلا بالانخراط في الصراع – على مستوى العالم،وبمعية الآخرين – ضد الاستغلال.
ب.إن هواجس لحبابي لا تتعلق فقط بتفرد الإسلام ،كحقيقة واضحة،ولكنها تتعلق أيضا بالعدالة،في المجتمع: إن حقيقة التوحيد ترتبط دوما بهدف عملي ؛قوامه حب القريب والإنسانية . ويمكن ،ترتيبا على هذا ،تقاسُمُه كمهمة وكواجب،مع آخرين: اليهود،المسيحيون ،الماركسيون،الأنَسيون .
ومع ذلك فان شخصانية لحبابي شخصانية إسلامية ،لاسيما وأن الاعتقاد في الوجود المطلق للإله ،المضمن في الهدف الأخلاقي لمقولة » الدين والدولة » تضع المسلم ،من هذه الناحية ،أمام مسؤولية استثنائية . يدرك لحبابي هذا من خلال ألفاظ الشهادة :إن الاعتراف بوحدانية الله تترتب عنه ثورة راديكالية ل « الذات » الإنسانية في علاقتها بالآخر ؛لأن كل الآراء الكليانية يتم إرجاعها الى عالم الحوادث contingences.
ج.في التوحيد الذي نادى به القرآن ،يشعر لحبابي أن صفة الوحدانية اللاهية – وعلى هذا أيضا تنِم الصوفية الأصيلة – تحيل ،بمعنى مجازي،على عمل الإنسان ،الذي يمكن أن يُعتبر مصونا وفريدا ولا يمكن النيل منه.
 » إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم » الرعد 12. يعطي لحبابي لهذا النص القرآني الذي يتبناه المنهج الاجتماعي و السياسي لجمال الدين الأفغاني ،والتصور الدينامي للإنسان الذي نجده عند محمد إقبال ،تفسيرا راديكاليا جديدا.
د. من وجهة النظر الموضوعية ،يشعر لحبابي بقرابة مباشرة تجمعه بالفلسفة المعتزلية،وبفلسفة محمد إقبال . انه يُثمن العقلانية المعتزلية ،لأن الدفاع عن وحدانية الله – الذي يتوافق جبروته وعدالته ،بالضرورة ،مع قوانين الطبيعة –يُفضي الى قبول التاريخ كتاريخ إنساني بالأساس : في الدين الفطري يُوجه الأمر باعمار الأرض الى الإنسان الذي وهب الذكاء ليواصل عمل الله الخالق ، بهدف تحقيق الوحدة والأصالة .
ويثمن لحبابي أيضا التصور الدينامي للإنسان ،كما هو الأمر عند إقبال :دحض دوغما تية القدرية الأشعرية ،ومعارضة الجبرية الصوفية ،المنتمية الى الأفلاطونية المحدثة . إن الرؤية التي تعكسها مقولة « عظيم أنا  » في « الوثوب الحيوي »،كقوة تَعْبر بالإنسان التاريخ ،تفضي الى المناداة بحرية الخلق عند الإنسان .
غير أن إقبال يوسع مدلول « الوثوب الحيوي » ليصبح « وثوبا اجتماعيا » لأن التواصل مع الله لا يمكن يتم في مجال الوحدة الصوفية ،أو الحرية الوجودية؛ولكن ،فقط، داخل التاريخ الإنساني ،منظورا إليه كتحرر إنساني .
ترجمة عن Van Den Boom: من   تقرير عن أطروحته،في الموضوع، بجامعة أمستردام.
نشر النص الفرنسي ،المترجم عنه،بمجلة « تكامل المعرفة ».جمعية الفلسفة بالمغرب.ع:  10

http://sidizekri.blogvie.com/

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *