Home»Correspondants»بنكيران والطغيان الآثم في الميزان !

بنكيران والطغيان الآثم في الميزان !

0
Shares
PinterestGoogle+

إن كل مغربي حر وشريف، يؤمن بمبادئ العدل والمساواة، ويقر بأن حقوق الإنسان ضرورة ملحة وخيار استراتيجي، لكل الشعوب التواقة إلى العيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية، وليست ترفا فكريا أو اجتماعيا، لا يسعه إلا تثمين الحلول المنصفة، والتصفيق بحرارة لتوافق الحكومة مع التنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين، بوساطة ممثلي نقابات تعليمية والمبادرة المدنية، وتوقيع محضر اتفاق مع وزارات: التربية الوطنية، المالية والاقتصاد والوظيفة العمومية، ويأمل أن تواكبه إجراءات عملية لتبديد المخاوف من تكرار مأساة « محضر 20 يوليوز »، التي تتطلب بدورها إنهاء عادلا.
وتستمد هذه المخاوف مشروعيتها، من كون محضر التسوية يظل فاقدا لحجيته، ما لم يعزز بقرار وزاري ويحصن بضمانات واسعة، مادام هاجس انعدام الثقة في رئيس الحكومة حاضرا بقوة، منذ إخلاله بوعوده الانتخابية والتنصل من عديد الالتزامات بما فيها « محضر 20 يوليوز ». فبالعودة إلى دواعي اندلاع أزمة الأساتذة المتدربين، نجدها قامت إثر صدور مرسومين وزاريين، يقضيان بفصل التكوين عن التوظيف، وخفض المنحة الشهرية إلى النصف، فضلا عن مصادقة الحكومة في 23 يوليوز 2015، على مشروع مرسوم يتم بموجبه جعل المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، مجرد « معاهد » لتسليم شهادة التأهيل، على أن يخضع الخريجون لمباراة توظيف، تنظم من قبل وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، حسب المرصود لها من مناصب مالية في أسلاك التعليم الثلاثة بمختلف جهات المملكة، وهو ما يسمح بتوظيف 7 آلاف أستاذ فقط من بين 10 آلاف بالفوج الأول للموسم: 2015/2016، وأن يتجه « الراسبون » إلى التعليم الخصوصي، الذي غادره بعضهم لغياب الشروط الموضوعية. وهو ما أثار قلق المتدربين على مستقبلهم، وأدى بهم إلى مقاطعة الدراسة والمطالبة بإسقاط المرسومين « المشؤومين »، باعتبارهما يشكلان إجهازا على المكتسبات ونسفا للمدرسة العمومية. بينما أصر بنكيران كعادته على التمادي في تعنته، وزاد أن أقسم بأغلظ الأيمان على عدم التراجع، حتى لو سقطت حكومته.
ولسنا هنا بحاجة إلى التذكير بما رافق احتجاجات أساتذة الغد من ترهيب ومناورات ومجازر، إذ يكفيهم شرفا ما أبانوا عنه من وعي وتماسك، وما قدموه من تضحيات، توجت بجر رئيس الحكومة مرغما إلى طاولة الحوار. وهو الذي ظل يردد على مسامعنا أينما حل وتجول، بأن حزبه هبة من الله، جاء لإقامة العدل بين الناس وتحسين أوضاعهم. وقد بلغ به العبث مداه، عندما أراد تبرير غطرسته وطغيانه، وادعى بأن الاقتطاع من أجور المضربين وارد في القرآن الكريم، مستدلا بقوله تعالى: « والسماء رفعها ووضع الميزان » (الآية 7 من سورة الرحمان)، وأضاف قائلا: « الميزان له كفتان، إذا وضعت العمل في كفة، وضعت الأجرة في الثانية، وإذا أنت أوقفت العمل،  أوقفت أنا الأجرة ». ناسيا أنه بإقحام اسم الله في تدبير شؤون دنيوية، وفي واقع تحكمه مصالح وإكراهات ومعارك سياسوية، إنما يعمل على الإساءة إليه بمثل هذه التخاريف. أفلا يستحي من اللوذ بالانتقائية في أحكام دون أخرى؟ ثم لم التوقف عند الآية السابعة، والتغاضي عن ذكر الآيتين الثامنة والتاسعة من نفس السورة:  » ألا تطغوا في الميزان، وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان »؟
فالعدل يستمد قوته من تعاليمنا الدينية، يقوم على المساواة بين الناس وتحقيق التكافؤ في العطاء، بتمكين الضعفاء من حقوقهم كاملة وحماية مصالحهم، لأنه أساس الملك في مناصرة المظلومين وإقامة الوزن بالقسط، دون محاباة أو مغالاة، ولا إفراط أو تفريط، ولا طغيان أو خسران… مما يستدعي الاستقامة ومعاملة المواطنين على قدم المساواة في القول والفعل، بعيدا عن الجور والاستكبار. فلم قام بنكيران بفرض كلفة « الإصلاح » الثقيلة على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، عبر إلهاب أسعار المواد الأساسية، تحرير أثمان المحروقات، الحد من فرص الشغل وملف التقاعد… تاركا « الكبار » يستنزفون خيرات البلاد ويرتعون في حقول الريع الشاسعة، وممتعا المفسدين والمهربين بالعفو الشامل؟
والمثير للاستغراب، ألا أحد استطاع تفسير إصراره على عدم إنصاف معطلي محضر 20 يوليوز، علما أن قضيتهم تعود إلى اتفاق مبرم مع الحكومة السابقة، في شخص الوزارة الأولى (عباس الفاسي) ووزارة تحديث القطاعات العامة ووزارة الداخلية مع تنسيقيات المعطلين الأربع، على أساس إدماجهم مباشرة في الوظيفة العمومية، وفق ما ورد في المرسوم الوزاري رقم:100-11-2  القاضي بتوظيف كافة المعطلين ذوي الشهادات العليا، بصفة استثنائية دون مباراة، بل منح حق الاستفادة لكل من تقدم بطلب الشغل، في الفترة الممتدة ما بين فاتح يناير 2011 إلى غاية 31 دجنبر 2011. ألا يقتضي الواجب الوطني والضمير الإنساني الحر، الالتزام بالقانون والتقيد بما تعهدت به الحكومة السابقة؟ أم أن ذلك لا ينطبق إلا على ما هو أقوى من الحكومة ورئيسها كالدين الخارجي مثلا؟ وأين نحن من استمرارية المرفق العمومي؟ هل تسير أمور بلادنا وفق مزاجية الأشخاص بدل القوانين والمؤسسات؟ كثيرة هي الأسئلة الموجعة، التي لم نجد لها حلولا شافية في هذه الحكومة الفاشلة.
فعلى رئيس الحكومة التوبة إلى الله، التكفير عن سيئاته في الشهور الستة المتبقية من عمر ولايته، وأن يبادر على الأقل إلى تدارك الخطأ التاريخي الجسيم، الذي ارتكبه في حق معطلين أبرياء، ويبعث الأمل في نفوسهم المنكسرة. وليطمئن قلبه، بأنهم لن يطالبوه بجبر الضرر ورواتب خمس سنوات…
اسماعيل الحلوتي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *