Home»Correspondants»السيد الوزير :تقاعد مريح و أشياء أخرى

السيد الوزير :تقاعد مريح و أشياء أخرى

0
Shares
PinterestGoogle+

السيد الوزير :تقاعد مريح و أشياء أخرى

محمد طروس

يفتح باب الإقامة الفخمة.يهل السيد الوزير.بذلة رمادية.حذاء اسود. قميص ابيض.ربطة عنق حريرية زرقاء.ساعة يدوية مرصعة.حقيبة جلدية سوداء. في يده اليمنى هاتفيه الذكيان المتطوران.تفوح في الأفق رائحة عطر باريسية.ينظر سعادته إلى الأعلى.ينتفخ صدره.يسير واثق الخطى،حاد النظرات،ينحني السائق أمامه خاشعا،يرتمي على المحفظة.يحملها في خفة اللصوص .يفتح الباب الأيمن الخلفي.ينبطح.يركب السيد الوزير.يستوي على مقعده الوثير.يدار المحرك.تنطلق  السيارة الفاخرة…تتهادى في شوارع العاصمة المزدحمة.ينشغل السيد الوزير طوال المسافة بإرسال و تلقي المكالمات …التوسلات و الإغراءات و المعاكسات و الأوامر و الابتزازات و المساومات ،و أشياء…وأشياء…و أشياء.

تقترب السيارة الفخمة من البناية الباردة. يرن الهاتف الذكي. يضغط على زر الاستقبال. يأتيه الصوت صارما: »السيد الوزير .نشكرك على الحضور،على الدور الذي لعبته بإتقان.جاء دورك لتخرج من الخشبة الحكومية.لم تعد وزيرا. » يبتلع السيد الوزير ريقه. يحملق في الفراغ. يجمد في مقعده الوثير. لم يبد أي استجابة محددة. لم يسال أو يتساءل.لم يعتد على التساؤل. ما ينبغي له. تلتقط أذنا السائق المروضتان الصراخ الداخلي  في صدر السيد الوزير. يتسرب الخبر من منافذ الهواء. يشيع في دهاليز البناية الرخامية.

تتوقف السيارة الغريبة أمام البوابة الرخامية. يفتح الباب. ينزل السيد الوزير. يشق طريقه نحو مكتبه في صمت رهيب. خطوات بدون وقع. بدون صدى. جمود بارد يسود الممرات و الدهاليز. كل شيء مغلق. النوافذ. الأبواب. العيون. الأذان.  انسحب المدراء. ذاب المسؤولون. و الموظفون و الجيش الديواني. غابت باقة الورد اليومية. علبة الشوكولاته. السيجار الكوبي. و انتهى كل شيء.

يجلس السيد الوزير على الكرسي الثمين. يركز النظر على محتويات المكتب. القلم الذهبي. صورة زوجته و طفليه. ركام الوثائق و ملفات مهملة مشاريع تقارير مكاتب الدراسات الصورية.  يرفع رأسه نحو الصالون.يتذكر الضيوف المتميزين الصفقات المغرية ينظر إلى الطاولة الخشبية المستديرة يركز على المقعد البارز، مكان جلوس معاليه. يتذكر صولاته و جولاته، تدخلاته الساخرة، أوامره النافذة، ضحكاته الاستهزائية. يتذكر عبارات الاستحسان.  قصائد التملق. « مسيو لومنيستر ». كلمة لا ينساها أبدا. تسمية ساحرة تغذي نرجيسيته، إحساسه بالتميز و التعالي في الاجتماعات الماراطونية. في حفلات التدشين و التأبين. في السهرات المخملية، في فضاءات المال و الأعمال.يطرب حين تخرج همسا م أفواه السيدات الراقيات المفرنسات جدا.مسيو لمنيستر؟  !!.مسيو لمنيستر!!

يستفيق من ذكرياته الجميلة. يجيل النظر للمرة الأخيرة في كل زوايا المكتب.  يجمع لوازمه الشخصية. يغادر المكتب من الباب الخلفي، متسللا،يحمل هداياه، تقاعدا مريحا، لقبا ساحرا، وعودا بغنائم، و امتيازات، و ألقاب جديدة.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *