Home»Correspondants»الثراء بين العرب و الغرب

الثراء بين العرب و الغرب

0
Shares
PinterestGoogle+

لاشك أن كل التلاميذ القدامى في نهاية الستينات و السبعينات من القرن الماضي يتذكرون النصوص القرائية في المرحلة الإعدادية من كتاب المطالعة الجديدة. ومن بين النصوص القرائية  نص بعنوان أثرياؤنا وأثرياؤهم.

و في هذا النص يقارن الكاتب بين أثرياء العرب و أثرياء الغرب في مجال الإنفاق و العمل الخيري.

و يلاحظ ذالك الفارق الكبير في التصور بين الثري العربي الذي يراه مكنزا للثروة و يطلب المزيد و إذا كان هناك من إنفاق فيكون على ملذاته الخاصة،بخلاف الثري في العالم الغربي فهو ميال إلى فعل الخير في بني قومه من خلال بناء مستشفيات أو مدارس أو دور لإيواء العجزة، أو تجهيز لمستشفى بالآلات و الأجهزة التي لا يقدر الفقراء الوصول إلى تأدية ثمن الفحص بها،أو بناء دور للأيتام أو الفقراء…الخ. المهم أن يجعل ثروته في خدمة البؤساء و المحتجين و العجزة. أو يجعل ثروته بعد مماته في سبيل تطوير البحث العلمي لمرض فتاك بالبشرية،أو منح ثروته من اجل إنقاذ حيوانات في طريقها إلى الانقراض بسبب تدخل الإنسان و همجيته اتجاه الكائنات الحية الكبيرة و الصغيرة،واتجاه الطبيعة التي يحيا فيها و منها…و غير ذلك من القصص و الحكايات الحقيقية عن مشاهيرهم و أعمالهم الخيرية. بل من القصص المثيرة أن تتخلى امرأة عجوز عن ما تملك لخادمتها الأجنبية المهاجرة التي اعتنت بها في مرضها الميئوس الشفاء منه .

و لأن الكثير من أغنيائهم  و مشاهيرهم يحولون جزءا أو كثيرا  أو كلا من ثرواتهم لأجل الأعمال الخيرية لفائدة الإنسان أو الحيوان أو الكائنات الحية. من هؤلاء الفريد نوبل الذي خصص جائزة  ذات قيمة مالية و ذات قيمة إنسانية لأشهر الأعمال الأدبية و  الرياضية و الفيزيائية و الكيميائية والاقتصادية و الطبية  التي تكون لصالح الإنسانية أو التخفيف من آلامها تكفيرا عن الذنب الذي ارتكبه في حق الإنسانية باكتشافه للديناميت الذي يستعمل لأغراض حربية  تدميرية  و خلق مآسي بشرية ،وكذلك لأغراض سلمية في نفس الوقت. كما يسعى كثير من اللاعبين المحترفين المشهورين أو المغنين الأغنياء بتوجيه جزء من ثرواتهم لأعمال الخير و إدخال السعادة على قلوب منكوبة.بل منهم من يوصي بكل ثروته لفائدة الأعمال الخيرية التي يرى  أن الحكومة مقصرة فيها أو أنها تعجز عن الاهتمام بكل الجوانب الاجتماعية.

أما أغنياؤنا فلا مجال للمقارنة بينهم و بين الأغنياء الغربيين،لضيق الأفق عندهم. و يرون أن الثروة تسخر من اجل أن تخدم نزواتهم في القمار و الخمور و الكحول و البغاء و الشذوذ الجنسي، و شراء العطور الباهظة الثمن وشراء قطع من برج إيفل الفرنسي، أو شراء سفينة فرنسية شاركت في الحرب العالمية الثانية لتحويلها إلى مقصف خاص، أو بناء جامعة أو مستشفى في بلاد الغرب، أو شراء نادي رياضي انجليزي مقبل على الإفلاس، أو شراء جزر يونانية(أمير قطر مثلا)لتوزيعها على ابنائه لإقامة حفلات ألف ليلة و ليلة عليها…بل من الغرابة بمكان أن نسمع عن شخص يصنف من الأوائل في ترتيب أغنياء المغرب ، لا يتنازل عن أجرته البرلمانية ،و عندما يفرض رئيس النواب حاليا  إلزامية حضور نواب الأمة ،يكلف ابنه أن يحل محله طمعا في بقاء الأجرة البرلمانية بدل أن ينسحب تاركا مكانه لمن يستحق ذلك المنصب.

كما  لا نشك أن بطاقات (الرميد) الخاصة بالعلاج لفائدة الفقراء قد نجد من الأغنياء من يتوفر عليها، وقد أشار إلى هذه المأساة وزير الصحة العمومية.و من أبناء الأثرياء من يتوفر على منحة الدراسة الجامعية و السكن في الحي الجامعي، بل حتى منحة الدراسة خارج الوطن… أغنياؤنا لا يبحثون إلا عن فرص التنصل من أداء واجباتهم الضريبية،و البحث عن فرص للثراء السريع بأقل كلفة أو أقل جهد، وبأكبر استغلال لا إنساني لليد العاملة، و بأكبر تحرش لا أخلاقي على العاملات و الكاتبات و الترامي على أملاك الغير (مافيا العقار) و أكل أموال الناس دون وجه حق…

لقد أشار   وفضح  القران الكريم أعمال المترفين و الأثرياء في الفسق و أكل أموال الناس بالباطل و الجور و الظلم، وحب المال حبا جما وكنزه، و الغرور و التكبر و التسلط ومعاملة الناس معاملة السادة للعبيد.  القرآن الكريم ربط بين الثروة و الطغيان(هامان مثلا) ربطا عضويا، و لهذا توعد المفسدين منهم بأقسى العقاب في الدنيا قبل الآخرة.

انتاج : نورالدين صايم

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *