Home»Correspondants»لا أحد ركل مغاربة السويد

لا أحد ركل مغاربة السويد

0
Shares
PinterestGoogle+

رمضان مصباح الإدريسي

وهل يفهم الثلج في الصحراء؟
دمعت عيناي فرحا، وأنا أستمتع بلوحة من تاريخ البطولات المغربية ،أصر مغاربة السويد على أن تكون بألوان دافئة تذكر بحضن الوطن؛وتبدد صقيع هذه الدول الاسكندينافية التي لا تفهم في الحرارة ،وبالتالي لا يمكن أن تفهم في الصحراء .
وأصروا على أن يعيدوا لنشيد الصحراء عنفوانه ،ويرقصوا نساء ورجالا ،شيبا وشبابا ، في قلب ستوكهولم؛علها تنتبه – قبل البيات الثلجي- إلى أن الضامن للصلة العضوية و الأزلية ،بين الجنوب الصحراوي للمغرب ،شماله،شرقه وغربه؛ليست الدولة فقط ،أو المخزن،بل الشعب المغربي ،أنى سعى وتواجد.
قد تُغلب الدولة على أمرها ،لدواعي شتى ،لكن الجذوة في نفوس الشعب تظل مشتعلة ،ولو تحت الرماد ،إلى أن تتوهج من جديد.
ولنا من التاريخ أمثلة ،وأقربها عقد الحماية ،الذي لم يوقعه المواطنون ،بل الدولة- أو سلطان الوقت – إذ ادْلَهَم َّسماؤها،وتهاوت كواكبها. وكان أن أخذ الشعب الأمر بيده – ولو بعد عشرات السنين-ونظم مقاومته ،حينما انقلب شر الاستعمار على المستعمر ،وأغراه بملك البلاد.
ولنا مثل ،قريب أيضا، في صحرائنا الشرقية  التي لن يعترف المغاربة أبدا بجزائريتها ،ولو أُلقي في وجهه بألف اتفاقية،أو معاهدة ،ووراءها مدد من البحر لإعادة كتابتها.
إن الوطن ضيعة لا ترتوي إلا بالدم لتزهر وتثمر ؛ولعل الوطن الصحراوي اليوم ،وغدا ،كما الأمس، مستعد للبرهنة على أولوية الفلاحة الحمراء على الخضراء.
نعم ، نشتغل اليوم على المغرب الأخضر ،ونتمنى ألا نُضطر إلى الاشتغال على المغرب الأحمر ،لصد سماسرة العقار ،وهم يستعطفون العالم بسكن عشوائي كاذب،في مخيمات كاذبة.
من أين نبدأ؟
طبعا من بناء المجتمع  المدني ؛هذا الذي استطاع، في انتفاضة سويدية واحدة ،أن يرمم ما أتلفته سفارة في سنين.
وقد بَرَّ بوطنه ،لأن الوطنية لا يقتلها جورُ الوطن .ولا تُهضم حتى وان هُضمت الحقوق الانتخابية.
لكن عن أي مجتمع مدني نتحدث؟ أكيد أنه ليس بعض المجتمع المدني المغربي ، الذي فقد أعزاء له في تدافع منى ؛وحينما لم يقنعه  حديث الشهادة و الجنة ،إذ أمطره به علماء السعودية ،وراح يسائل مدونة السير بهذا البلد الصديق ،وأمن ضيوف الرحمن؛لم يَدُر بخُلده أبدا ،أن ركلة شاردة ،بل متهورة، ستُغِير على حزنه الجنائزي. نعم ركلة ،وكأنها قادمة  ببطشها من مِنى  ،لتقيم الحجة على أن من مات مات تدافعا وركلا؛كما تُركل البهائم وتدفع .
أو لم تدس الأقدام على قلوب تخلت عن كل شيء،وأسلمت أمرها للرحمن؟ أو لم يطأ الرجال النساء – القوارير – حتى انبعجت بطونهن؟
أليس من حق هذا المجتمع أن يفكر بصوت مسموع ،ويفشي كل هذا الحزن الذي غمر أسرا كانت تستعد للفرحة. وما الذي يجعل الدولة تستل العنف بدل إغماد الحزن ؟ وضمن أي عنف مشروع تندرج الركلات؟

إننا نتحدث عن المجتمع المدني السويدي ،هذا الذي أظهره لنا مغاربتنا في أبهى حلله.  لم نر في الشريط ولو قدم شرطي واحدة ؛ مطمئنة وحاملة لصاحبها ليس إلا؛وغير وارد طبعا أن تركل شرطة السويد حتى الحيوان..
لقد ردت علينا حكومة السويد بأن القرار ،في كل شيء، ينضجه المجتمع المدني ،من خلال جمعياته الفاعلة – فعلا- في السلطة التشريعية؛ ولا يمكن إلا أن نقتنع بهذا ونحن نرى وقفة المغاربة في استوكهلم ،وقد وفرت لها الدولة كل الضمانات لتصرخ بقضيتها ،ولترقص منتشية بدفء ساعات في خدمة الوطن.
عُومل ضيوف السويد ،كما لم يعامل ضيوف الرحمن،وكما لم يعامل مجرد عشرات من الشباب ،بدا لهم أن يحتجوا على شرطة المرور السعودية،ليواجههم شرطي مغربي ،موجها قذفة « كروية » إلى مرمى الحقوق والحريات.
على لجنة التحقيق ،ويشكر من شكلها، أن تُثبت هل فكر الرجل في الكرة أم في الإنسان؟
إن كان قد فكر في الكرة فهو عابث في أدائه لعمله؛وان كان فكر في الإنسان فهو جدي في اهانة المواطنين.
القوة القادمة:
سواء تعلق الأمر بصحرائنا، التي من فرط الجهل بها قضية وخريطة – على مستوى ديمقراطيات العالم بالخصوص- ستظل تغري بنا كل المجتمعات المدنية ، وليس الاسكندينافية فقط.
مجتمعات مدنية متخمة ،حريات وحقوقا ،وسهلة الانقياد لشباب المرتزقة النشيطين ،والمقتدرين ديماغوجيا باعتبار  تربيتهم الكوبية .
وعليه فإذا كنا نفهم مصدر العداء لقضيتنا، النابع من بعض الأنظمة الإفريقية ،العسكرية غالبا،والقاهرة لشعوبها؛ولا يمكن أن نتهم أية جهة رسمية،عندنا، بالتقصير أو التفريط؛فإننا ،بخصوص الأنظمة الديمقراطية الغربية ، إزاء وضع مختلف تماما؛حيث العداء يتبلور ،أولا، على مستوى المجتمع المدني –جمعيات وأحزابا- ثم يعبر صوب التبني الرسمي من طرف الدول(حالة السويد مثلا).
وعليه فإذا كانت الجهات العليا في الدولة – بحكم الانفراد بالملف-  قد راكمت تجارب تدبيرية للقضية ،في المحافل الدولية الرسمية  ؛فان عضلات المجتمع المدني ،بجمعياته وأحزابه، لم تتقو بعد لتنشط للأمر ضمن نظائرها في الدول الديمقراطية. هذا إذا لم تتهم بعض الجمعيات والأحزاب بأنها مجرد أصوات للمخزن.
إن الخطاب الرسمي لن يحقق الكثير على مستوى المجتمعات المدنية الغربية ، التي تشبعت بثقافة الحرية المنتجة،والفاعلة في اتخاذ القرارات.
إن القوة القادمة التي يجب أن تفكر فيها الدولة ،بنفس الجدية والحزم التي تصون بهما أرض الوطن ،هي قوة المجتمع المدني. هذا المجتمع لا يحتاج إلى عتاد باهض الثمن ،بل إلى دروع من الحقوق والحريات .
ما أشبه قوة المجتمع المدني بالطاقة الشمسية ؛مقارنة بالمصادر الأخرى للطاقة ،الباهظة الثمن،والملوثة في نفس الوقت.
فقط يجب التوفر على مرايا يرى فيها كل مواطن نفسه ،كما هو ؛ثم يُخلى بينه وبين نفسه ليقوم اعوجاجا ته ،وينشط لممارسة حرياته ،وتفعيل حقوقه وواجباته .
إن الهواء طلق ،والنور طلق؛ ولا يفسد الهواء إلا إذا غُم ،ولا يلف الظلام إلا البيوت المغلقة النوافذ.
بقدرما نحرص على تفعيل الدستور ،يجب أن نحرص على تفعيل أنفسنا ضمن المجتمع المدني ؛حتى يستوي ،بنا،قوة حقيقية ،قادرة على إقناع الغير في القضايا كلها ،وليس الصحراء فقط.

لقد ولى زمن القوة الخشنة التي قتلت في المواطنين روح المواطنة، المبادرة والجرأة،وأشرق زمن القوة الناعمة التي تخلق ولا تخنق.إن من يربي أبناءه على الخنوع يرشحهم للاستعباد من طرف الآخرين.
مع استواء هذه القوة الناعمة ،مجتمعا مدنيا كفءا لروعة هذا الوطن ،وجارا متحضرا لهذا الغرب ،أو الشمال،الذي على مرمى حجر ،سنضمن أن يستمع الآخر،المدني والرسمي، لقضايانا ،دون أن يعتبرها قضايا حكام مستبدين نرددها ترديد الببغاوات .
علينا أن ندلي بالمجتمع المدني ،حتى لا نُضطر إلى الإدلاء  بالقوة.
http://sidizekri.blogvie.com

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *