Home»Correspondants»المغاربة وإيقاع الضغوط المتزامنة‎

المغاربة وإيقاع الضغوط المتزامنة‎

0
Shares
PinterestGoogle+

هناك ثلاث اهتمامات شدت الرأي العام المغربي في الأسابايع القليلة الماضية، الإنتخابات الجماعية والجهوية، كلفة الدخول المدرسي فمتطلبات عيد الأضحى بتكاليفه التي يأخذها البعض ،للأسف، على وجه التكلف. وإذا كان الإهتمامان الأخيران سينزلان بقوة على جيب المواطن المغلوب على أمره، فإن الإهتمام الإخير سينزل بدوره على قفا هذا المواطن البسيط لإن من شأنه أن يرهن مصيره لبضع سنين قابلة للتجديد. ذلك أن فرحة التتويج بعد الإعلان عن النتائج ستزول بعد حين، ويحل محلها منطق العيش كما اتفق. قد يصفني البعض بالعدمي لكن بيننا أيام معدودات، سنكون بعدها على موعد مع صدق ما نتوقعه. هل يستطيع، مثلا،بضع مرشحين فائزين من فيديرالية اليسار أن يفككوا منظومة الفساد المستحكم في جماعة ما ؟ هل سيكون في وسع الذئاب الشائخة والتي أفلتت للتو الأمور من بين يديها بسبب ثقتها المفرطة في ولاء من تشتريه أو تستجديه عند الحاجة، ثم تزدريه، أن يتركوهم يمرون بسلام ويحققوا بعضا مما وعدوا به ناخبيهم؟ لقد تمرن هؤلاء الضالعون في التطبيع مع الفساد على تمريرالصفقات والملفات فيما بينهم، وراكموا تجربة ليس في مهام التدبير الأمثل لشؤون الجماعة التي انتدبوا لها، بل في تبخيس الناس أشياءهم وتقزيم طموحاتهم في التنمية الموعودة.
الإنتخابات في مجتمعنا والمجتمعات التي في حكمنا ،خلقت لأن تجد من يحكمنا أو بالأحرى من يتحكم فينا ويداعب سذاجتنا. فقد تتشابه الوسائل والأساليب التي توحي بالعقلانية وسلامة التدبير،لكنها في العمق تخفي كتلة هائلة من نزوات الهيمنة وحب التملك والظهور،يلفها غطاء من الإمتيازات والوجاهة التي يمنًي النفس بها كل من راهن على أصوات يتوزع معظمها بين الأهواء والطمع.
الإهتمام الثاني موضوعه هو الدخول المدرسي, فهو هذه السنة لم يحد كذلك عن التبشير بإصلاح يخطئ موعده مع التاريخ في كل مرة مع التاريخ مما يستفاد منه أنه « طغى الخرق على الرتق  » فهل نصدق نية الإصلاح فيما واقعه يسير بدون بوصلة ،ويكرر التجارب الفاشلة . لقد وصل الإكتضاض في المدارس العمومية مداه وأصبح من العسير تدبير التعلمات في ظله ، وهذا لوحده كاف لتعطيل بنود الإصلاح المبشر به . أماالقطاع الخصوصي والذي يعمل أساسا على خداع الجماهير بواجهته البراقة ولباقته المصطنعة، ويقتات من حيرة الناس وركام الأزمات التي يتخبط فيها القطاع العام، فإنه ليس أفضل حالا من نظيره العمومي لجهة عدم ملاءمة البرامج وقلة الأطر أو ضعف تكوينها وما لذلك من أثر ذلك على مخرجات التعليم . لهذه الأسباب وغيرها فإن موجة التذمر من الأداء المدرسي هي آخذة في الإمتداد ، يوازيها موجة التذمر من الأداء السياسي الراهن . إن من شأن هذا الواقع أن يؤسس لتوسيع القاعدة الإستقطابية للمدارس الخصوصية ،ولو على سبيل التجريب ،في إنتظاربديل موثوق بنجاعته .وستتحمل الأسر المتواضعة تكاليف إضافية تتحملها من مصدر عيشها غير المضمون في الغالب ، للهروب من واقع الإكتظاظ المشؤوم لمدرسة على شفير الهاوية .
من سيدافع إذن عن المدرسة العمومية ؟ هل ننتظر من القاع المجتمعي والطبقات المعدمة فيه أن تأخذ المشعل لتنافح وتدافع عن جودة التعليم ، وتعانق هموم المدرسة؟ يا للغرابة . إن هذه المطالبة مجانبة للمنطق وفاقدة للروح المحفزة. إن هؤلاء لن يلتفتوا كالعادة للشأن المدرسي الذي لم يعد ضمن أولوياتهم ، فغايتهم هي تأمين لقمة العيش القاسية وضمان لحظة هدوء تستتب كلما غادر أبناؤهم البيوت وانشغلوا بالدراسة.. كيف الخروج إذن من دوامة اليأس هاته، ومن ياترى يكون أنسب للمبادرة من أجل إنعاش جسد تعليمي على حافة الهلاك؟.. نحن من جهتنا لا نرى في سبيل ذلك عن الطبقة الوسطى بديلا. إن من واجبها أخذ زمام المبادرة والتحلي بروح التضحية والشجاعة المعهودين فيها، وتدشن فصلا جديدا من التصالح وإعادة الثقة للمدرسة العمومية، بدل الإذعان للمنطق المركنتيلي والإستجابة لخيار الإنتحار الطبقي. فلا يجوز أن ننسى أن قوام هذه الطبقة هم أناس طلائعيون ومثقفون قادرون على التمييز وتمحيص الأمور ولا تنطلي عليهم المساحيق الزائفة، كما أن طموحاتهم المشروعة من أجل الترقي الإجتماعي لن تمنعهم من الإرتباط بقاعدتهم الشعبية التي طالما كانت حاضنة لأحلامهم.
أما الإهتمام الثالث فله كذلك علاقة بجيب المواطن وبالقناعات والعادات الراسخة التي تكرست بفعل تعطيل روح الدين، والإكتفاء بالترويج لأشكال طقوسية ترافق المناسبة العظيمة وتنتصر للعادة عوض العبادة. ولا حديث خلالها إلا عن ثمن الأضحية وليس عن معنى التضحية . ساحات عمومية بأكملها ومتاجر أنيقة أصبحت حضائر مفتوحة مع مستلزمات المرحلة. عموم الناس يتدبرون أمرهم عادة بطريقة استباقية، لكن فئة الموظفين باغتتهم المناسبة وأربكت حساباتهم وجعلتهم على عتبات أبواب مؤسسات القروض اللئيمة، مما عجل بالوزارة إلى تحديد يومين قبل العيد لصرف حوالاتهم، فلكم أن تتصوروا الضغط الهائل المحدود زمانا في علاقته بالأسعار وباحتمال ضعف العرض.
تلك إذن ثلاث اهتمامات ضاغطة ومتزامنةشغلت بال الناس في الأسابع الماضية. هناك من عني بها فأثرت في حياته ورهنت حاضره ومستقبله. وهناك من أثرت حياته ورفعت قيمة أسهمه في بورصة الحياة، لكن لا أحد اختار بإرادته الإنتماء إلى هذا المعسكر أو ذاك. إنها سنة التدافع التي لها الحسم في جميع الأحوال.
توقيع  /  محمد اقباش

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *