Home»Correspondants»هل يصلح النموذج الأمريكي و الأوروبي لعقلية الانسان المغربي؟

هل يصلح النموذج الأمريكي و الأوروبي لعقلية الانسان المغربي؟

0
Shares
PinterestGoogle+

ذلك سؤال نطرحه،و الحقيقية أن الأسئلة التي ليست لها أجوبة تتحول إلى تساؤلات تبقى معلقة إلى حين…نقدم هذه المداخلة كمحاولة للإجابة على بعض الأسئلة التي تشغلنا كمدرسين…

ينشغل المجتمع بأطره العليا بمشكلة تطوير الأداء المدرسي و التعليمي .و كل مرة يصدر من هذه الجهة أو تلك بلاغ أو قرار أو إخبار،إن المجلس الأعلى لإصلاح التعليم و القنوات التابعة له، يقر بمأساة المدرسة العمومية و الوضع الكارثي الذي توجد عليه،وذلك من خلال التصنيف العالمي الذي توجد فيه.

و ليس التعليم وحده من يوبؤنا هذه المراتب الدنيا ،بل حتى اتساع دائرة الفقر،و الفساد الإداري و تطبيق القانون بعدالة و مساواة و وضعية المرأة و الأطفال المشردين و المتخلى عنهم، و موت النساء الحوامل في الولادة بالمستشفيات… إذن هي مظاهر المجتمعات المتخلفة و التي لا تبذل مجهودات للخروج من هذه الدائرة المغلقة.إذن ليس قطاع التعليم هو من يشكو الضياع لوحده،بل إن الأمور الخبيثة وصلت إلى قبة البرلمان و المجالس الجهوية و الحضرية و البلدية، و يمكن أن تصل إلى المجلس الحكومي…

و القول أن المدرسة العمومية وحدها تتخبط في المشاكل قول غير صحيح بل حتى المدارس الخصوصية الخاضعة لوصاية الوزارة مع فارق في طبيعة التلميذ الذي يؤدي أقساط تعلمه  و يحاسب على إحضار أدواته…فلا فرق بينها و بين المدارس العمومية مادام أن المدرس هو نفسه من يدرس هناك، مع فارق (مدرس الخصوصي ليس له تكوين تربوي – بيداغوجي،فهو يرتكب الأخطاء المنهجية و المعرفية و التربوية الشيء الكثير،و نفسيته غير مستقرة للأجر المتدني الذي يؤدى له،و غياب كل حقوقه في الترسيم، و استغلاله من طرف مالك المدرسة ،و خوفه وهاجسه من خطر الطرد في أية لحظة…)أما المدارس الخصوصية التي لها ارتباط بالسفارات و بالبعثات الثقافية الفرنسية آو الأمريكية أو الاسبانية ،فهي لا تخضع لوصاية و لا لتوجيهات و لا لمراقبة وزارة التربية الوطنية…لا من قريب ولا من بعيد ،رغم أن المتعلم من جنسية مغربية…

و نسجل أن بيداغوجيا التعليم بالأهداف الأمريكية (أو سياسة خطوة – خطوة أي الأهم فيها الأهداف الإجرائية)و التي تم الاستغناء عنها ، حققت أغراضها الاقتصادية و لم تحقق أهدافها التعليمية و التربوية.و السبب أنها لم يتم اللجوء إليها لحل مشكلة المدرسة تربويا كما يروج:

1)فهي فرضت انتقال المتعلمين من قسم الى اخر بدون فيتو المدرس الا في الحدود الدنيا،تفاديا لتكدس التلاميذ في قسم معين،بل يتم تطبيق المبدا الاقتصادي في التربية: (دعه يمر دعه ينجح).

2) فرضت على المدرسين 4 ساعات تضامنية في الاعدادي و 3 ساعات في التعليم الثانوي.

3) بعد أن كان القسم لا يتعدى 30 تلميذا أصبح الآن يفوق 50 تلميذا(ة) في كثير من الأقسام ،نظرا للخصاص المهول في رجال و نساء التعليم.

4) فرض إنزال القسم السادس من التعليم الإعدادي إلى التعليم الابتدائي(عوض أن يكون عدد المدرسين لهذا القسم بعدد المواد ،اقتصد الأمر في مدرسين فقط لغة عربية ولغة فرنسية).

القارئ لهذه المعلومات يستخلص أن الآمر كان اقتصاديا صرفا و لم يكن يحمل معه  أية رائحة تربوية. نستخلص أيضا،أن بيداغوجيا التعليم بالأهداف التربوية الأمريكية حققت نجاحات اقتصادية في بلادنا، إذ ساهمت في التقشف و الاقتصاد في النفقات على المدرسة. و فشلت تربويا لأن كان من مخرجاتها  تلاميذ بدون مستوى تعليمي في القراءة و الكتابة والتعبير الشفوي و في الرياضيات و العلوم و سائر المواد… 

و الأمر ينسحب على بيداغوجيا الكفايات الأوروبية،فأساسها و مرتكزاتها  النفسية و فلسفتها الأساسية أن المتعلم يجب أن يتكيف مع جميع الأوضاع كالكائنات الحية(لا ننسى أن العالم التربوي ، جان بياجيه هو عالم بيولوجي بالدرجة الأولى،  درس ظاهرة تكيف الكائنات الحية مع محيطها الطبيعي، وسجل في كتاباته ملاحظاته العلمية: كيف تدرك المحيط و تستوعبه و تتأقلم معه، و تتكيف لتحافظ على بقائها). طبق بياجيه مبادئه على التربية.

 و قد  سجل الباحث المغربي عابد الجابري، في سلسلة كتبه (مواقف) استغرابه و اندهاشه من الحكومة المغربية التي تصرف الملايير لتقول للمتعلم (لست مسؤولة عن إيجاد عمل لك)،كان يمكن قول ذلك بدون اللجوء إلى الميثاق و الدورات التكوينية و جلب مؤطرين من الخارجXavier على سبيل المثال،أو من داخل الوطن (محمد الدريج )على سبيل المثال ودون صرف هذه الأموال بهذه الكمية والتي يمكن أن تصلح لشيء آخر.

كما أن الكتب المدرسية على علاتها و نقائصها و أخطائها المنهجية و المعرفية(خاصة في  مستويات الثانوي)،رغم ذلك فان إقرار 4 كتب في المادة الواحدة أو 3 كتب ،و فرض واحد منها على المدارس التابعة لمقاطعة معينة،مجانب للصواب و للديمقراطية و حرية الاختيار المبدأ الأساسي في العالم الديمقراطي،بل يصنف من الأعمال الديكتاتورية الذي تمارسه الإدارة بامتياز. و الأفيد و الأحق أن تترك للمدرس الحرية الكاملة في اختيار الكتاب المدرسي ما يراه الأحسن في الكتب الموجودة.فهل الداعي إلى ذلك هو خوف المسؤولين الذين انتفعوا من هذه العملية ماديا من خسارة شركائهم ماليا؟ ، خاصة:إذا لم يتم الإقبال على كتبهم؟..وهم كانوا يشكلون مظلة وقوة ضغط لقبول مؤلفاتهم رغم نقائصها.

ملاحظة:الكتب المدرسية  التي ألفت في جميع المواد و جميع المستويات و المراحل التعليمية و التي أشرفت عليها الوزارة  و كانت تعطي الترخيص لأصحابها (بناء على كناش التحملات) ليشرعوا في الطبع ، خضعت للمساومات واستغلال النفوذ و المنصب و للرشاوى و المحسوبية:و يمكن رؤية ذلك من خلال العدد الذي ألف الكتاب و الشخص المشرف و علاقته بأطر معينة في الوزارة.و نعرف أن كتبا مدرسية  نزلت إلى السوق و قبلت و فرضت على المدرسة و المدرسين، تختفي فيها معايير الجودة، و ألفها أناس يبتعدون عن مجال الاختصاص(مثلا مدرسون جامعيون يؤلفون للثانوي أو الإعدادي،ومفتشون ممتازون و أساتذة الثانوي ملحقون بمراكز التكوين و يدرسون مواد لا وجود لها في الثانوي و قس على ذلك)،

و الأهم من ذلك أن التجارب الأمريكية و الأوروبية المطبقة في مدارسنا، لم يصاحبها تغيير جوهري في عدد المواد التعليمية و لا في عناوين الدروس،و لا في العطل و تنظيم السنة الدراسية،و لا في العلاقات بين الأسرة و المدرسة أو بين رجال التعليم و الإدارة(المؤسسة التعليمية و النيابة و الأكاديمية و الوزارة) و لا تغيير في الامتحانات و شكلها و جوهرها…و الحجرات الدراسية هل غيرت جغرافيتها؟ وهل أعيد النظر في وضعية الجلوس لدى المتعلم(الوضعية التقليدية أن التلاميذ يجلسون في صفوف ينظرون كلهم إلى السبورة،هذه الوضعية مناسبة للتعليم التقليدي التلقيني،و كان المفروض أن يعاد النظر في كيفية جلوس التلميذ (مثلا المكان المتحرك حسب نوعية و طبيعة العمل و طبيعة المادة))…كما أن الامتحانات كانت و ما زالت  على الشكل التقليدي :فهل كانت تقيس الذاكرة(المعلومات) أم الذكاءات أم المهارات؟

 

الخلاصة الملخصة:إن أي بيداغوجيا غربية ناجحة لها مقومات النجاح و شروطه: فكر فيها و أنتجها عقل غربي،تكون في مدرسة غربية على يد مدرسين من ذلك الوطن وفي ظل حكومة غربية،و جربت في مدرسة غربية و قام بالإشراف عليها مدرسون و مفتشون و مؤطرون و مدراء من و جمعيات الآباء غربيون، و طبقت على تلميذ نابع من مجتمع غربي في ظل عقلية غربية سائدة. والاهم أنهم يتابعون و يقومون التجربة évaluer قبل إنزالها و أثناء و بعد إنزالها، و يتم تصويب الخطأ في حينه. إنهم لا يريدون أن يضيعوا وقتا أو فرصا  وان يخسروا جيلا بكامله في مشروع يشوبه النقص،بل يتم تعديل النقائص في حينها . فهل نعمل نحن مثلهم؟؟؟

و لهذا هم متقدمون و نحن متخلفون،هم حريصون على النجاح و نحن حريصين على الفشل.فلا يهم أن ننجح،و لكن يهمنا أن نفشل للتفكير في مصيبة أخرى وتضيع أجيال أخرى؟؟.

إن كل بيداغوجيا جديدة هي منهجية جديدة لصنع مواطن و صنع عقلية تنتج التقدم و التطور في كل الميادين، حتى يبقى المجتمع في الريادة و الرئاسة للمجتمعات الأدنى، ومساهما في صنع القرارات الدولية.أما حظنا نحن أن تصنع المدرسة الأتباع وتطبق بيداغوجيا عقلية  قطيع الغنم:esprit de troupeau de moutons..

 

 في سيكولوجية الجماعات نجد القائد   le guide و أتباعه.والمدارس الغربية تكون القادة في جميع الميادين و الإنسان صانع مصيره و الحر في تصرفاته. والمدرسة التقليدية تكون من يقلد و يتبع و يكرر ما فعله الآخرون و يردد ما قاله الآخرون،و يفكر بعقلية الآخرين،ويبرر فشله  وينسبه إلى معيقات الآخرين…أليست هذه تطبيقات واقعية وحقيقية لنظرية السيد الذي يأمر و العبد الذي يطيع؟؟؟ فمن هو السيد؟ ومن هو العبد؟ ومن هو المجتمع الذي يخلق الأسياد ومن هو المجتمع الذي يخلق العبيد؟

انجاز:صايم نورالدين

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *