Home»Correspondants»العمل في الاسلام

العمل في الاسلام

0
Shares
PinterestGoogle+

العمل في الاسلام

        يحي  ابراهيمي

قدس الاسلام العمل وكرم العاملين والمنتجين ، واعتبره شرفا وصورة معبرة عن ذات الانسان واستعداداته ، فبالعمل يؤدي الانسان رسالته الإعمارية في الارض 

( هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها ) سورة هود اية 61.

ومن هذا المنطلق حث الاسلام على العمل ، وحارب الكسل والخمول ، ودعا الى الجد من أجل تحصيل الرزق والانتفاع بطيبات الحياة واعمار الارض واصلاحها ،وقد ضرب الرسول  (ص) وخلفاؤه رضوان الله عليهم أجمعين أروع الأمثلة في الجد وممارسة العمل والنزول الى ميدان الحياة ، فلم يستخفوا بالعمل ولم يحتقروا العاملين ،  بل عدوه نوعا من أنواع العبادة وتحقيقا لإرادة الله وحكمته في الارض ، لانهم كانوا يعلمون أن الرزق اذا كان من عند الله فليس معنى هذا أن يتكاسل الانسان ويترك العمل فقد أمرنا تعالى في غير موضع من كتابه عز وجل أن ننطلق للعمل فقال تعالى في سورة التوبة اية 105 ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون ) .

وبعد العبادة مباشرة أمرنا تعالى أن ننتشر  في الارض للكسب و العمل ، فقال تعالى ( فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله )  سورة الجمعة اية  9 .

أن الاسلام يمقت الكسل ، ويحارب التواكل ، ولا يريد للمؤمن الضعف والاستكانة والعجز ، وانما يحثه على العمل والانتاج و التفوق والريادة ، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام يتعوذ من كل ضروب  الضعف و العجز والكسل فقد أخرج ابو داود في سننه وابن حجر العسقلاني والشوكاني في تحفة الذاكرين أن رسول الله  (ص) أوصى صحابيا أن  يتعوذ فيقول  : (( اللهم اني أعوذ بك من الهم والحزن ، واعوذ بك من العجز والكسل ، وأعوذ بك من الجبن والبخل ، وأعوذبك من غلبة الدين وقهر الرجال )).

بل انه عليه الصلاة والسلام فضل المؤمن العامل على المؤمن القاعد ففي الحديث الذي رواه مسلم يقول عليه الصلاة والسلام (( المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف  وفي كل خير  ))

لذلك كان حقا على المسلم  العاقل القادر أن يبادر الى العمل حتى ينتفع ويستفيد من ثمرة جهده ويحفظ ماء وجهه من ذل الفقر والحاجة .

العمل تهذيب للنفس وتطهير للضمير ، كما أنه رياضة للبدن وسبب للحفاظ على كيان الامة والمجتمع من الضياع والانهيار ، فالأمة التي تنخفض فيها نسبة العاطلين عن العمل تكون متطورة قادرة على اثبات ذاتها ، والدفاع عن مصالحها  لأن العمل حركة ، والحركة دليل الحياة ، والسكون فقدان للحركة وهو دليل الموت، فلا يمكن أن تستقيم حياة  بغير عمل ولا يمكن أن تنجح أمة ، بدون  جد وتعب ، ولذلك تجد أن العمل تكرر في القران الكريم 371 مرة .

كما وردت في القران الكريم وفي السنة النبوية أمثلة تصف الانبياء والرسل عليهم السلام بأنهم كانوا ذوي حرف وصناعات بالرغم من مسؤولياتهم الكبيرة في الدعوة ، فقد قال صلى الله عليه وسلم  (( ما أكل أحد طعاما  قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وان نبي الله داود كان يأكل من عمل يده )) رواه الطبراني في الاوسط .

فاذا كان أقطاب النبوة وأولوا العزم من الرسل قد تشرفوا بامتهان حرفة يعيشون عليها ويستغنون بها عن سؤال الناس فهذا هو خير الطعام .

ان العمل واتخاذ الحرف والصنائع سبيل الانبياء وقد ورد في القرآن في سورة الانبياء (( وعلمناه صنعة لبوس )) أي صناعة الدروع ، قال القرطبي الفقيه المالكي في تفسيره : – هذه الآية أصل في اتخاذ الصنائع والأسباب فالسبب سنة الله في خلقه فمن طعن في ذلك فقد طعن في الكتاب والسنة ..وقد كان آدم فلاحا ، ونوح نجارا ولقمان خياطا وطالوت دباغا وقيل سقاء ..- انتهى كلام المفسر باختصار .

لذا لا تستقيم مسألة التسول التي تنتشر في مدننا وقرانا وهذه النظرة الاسلامية للعمل ولكرامة الانسان ، إن التسول الذي شاع في مجتمعاتنا حتى أصبح حرفة تعلم وكلاما يلقن وعملا منظما وفنا يتخصص فيه البعض لا علاقة له بالإسلام .

لنا في الانبياء والرسل وفي السلف الصالح قدوة ،  فمع أن الرسول كان – ص – كان داعيا الى الله وهاديا للناس وقائدا عسكريا واماما و…فقد مان يقوم أحيانا بالأعمال البسيطة في بيته وفي مجتمعه ومحيطه ، فقد كان يساعد أهله ، ويؤم المسلمين في الصلاة ، ويساعد  أصحابه من المهاجرين والانصار في حفر الخندق والحراسة  …

 

   يحي ابراهيمي

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *