Home»Jeunes talents»عندما يموت الضمير ـ اقصوصة .

عندما يموت الضمير ـ اقصوصة .

0
Shares
PinterestGoogle+
*** – عندما يموت الضمير / مهداة الى حفصة الغالية .

كانت النافدة مفتوحة طوال اليوم، وساعة البلدية واقفة شامخة تشيردائما إلى نفس الوقت . سألت نفسها مرارا وتكرارا، لماذا لا تتحرك عقارب الساعة رغم تعاقب الليل والنهار؟. إن كل شئ بالمدينة يوحي بالحركة . إلا هذه الساعة . ماذا تنتظر لتتحرك من جديد ؟ . ما أجمل عقاربها وهي متوقفة طول الزمن . أحبها هكذا، واقفة طول الوقت. دائما العاشرة وعشرة دقائق، هكذا ساعات الجرائد والمجلات… فتحت من جديد التلفاز لعلها تظفر ببرنامج ينسيها ألم سهرها وتعدادها لنجوم الليلة الفارطة. سمعت صوتا قادما من الجهاز يقول : ’’ نعيب زمننا والعيب فينا — وما  لزماننا عيب سوانا.’’ – …
غيرت المحطة فاستقرت على أغنية : ’’ ساعة سعيدة ما تتباع بأموال ’’ -… وضعت يدها الجريحة بدم ينزف دون توقف على أدنيها ، وقالت : آه الساعة ، الزمن ، الساعة الزمن . دخل عليها الأب بعدما أوحى إليه من الجيران بأن هناك أصوات تكسير لأدوات المنزل وصراخ كبير بالطبق الثاني . ابنتي ، قرة عيني ، ما بك ؟ . ما لهذا الدم ينزف وبغزارة ؟ . لقد تحولت الغرفة إلى بركة من الدماء . اللهم ألطف بهذه المسكينة . الحمد لله على كل حال . فردت عليه مبتسمة كعادتها، ألم أقل لك بأني أكره الزمن ؟ . ألم أقل لك مرارا وتكرارا أن التجاعيد تؤلمني ؟. لماذا اختارتني الشيخوخة دون أقراني ؟ . لماذا لا تقول له بأن ينتظرني لأركب معه ؟ . لماذا يختار دائما الحصان الأبيض ؟ . لماذا ولماذا ؟ . خرج بها مسرعا وذهب بها إلى أقرب مستوصف من أجل إيقاف النزيف . وبعد تقديم الإسعافات الأولية . أشار إليه الممرض بالإسراع بعرضها على طبيب نفسي بمستشفى الأمراض العقلية . إلى متى ستبقى المسكينة تعاني من الزمن ، الساعة الحائطية ، الساعة اليدوية ، وتلك الجاثمة على سطح البلدية التي ترى من بعيد . وبينما ينتظر دوره من أجل عرض ابنته المريضة على الطبيب الذي وعده بتغيير الدواء في حالة ما إذا لم يظهرهناك تحسن في الحالة . اقترب من النافذة وسمع أما قادمة بطفلتها من أجل الحصول على شهادة طبية تثبت تعرض طفلتها ’’ للعنف الأسري ’’ من طرف الأب . وقالت له : أرجوك سيدي، ساعدني في الحصول على هذه الشهادة ، إنها الضربة القاضية لمطلقي لكي أبعده بصفة نهائية من معانقته لا بنتي و حذف يوم الزيارة . فأجابها اتقي الله يا … ، فالطفلة غير مريضة ، ولا يسمح لي ضميري وقسمي بأن ارتكب مثل هذه الحماقات. كيف لي بجرة قلم أن أساعدك في منع أب من معانقة فلذة كبده ؟. هيا اخرجي وإلا اتخذت معك الإجراءات اللازمة . خرجت ذليلة ، لكنها انفردت بممرضة ملتمسة منها المساعدة . وقالت أستطيع الدفع ، همي الشهادة لا غير … وقال في نفسه ، لماذا تسعى هذه المراءة للحصول على هذه الشهادة ؟. والظاهرأن الطفلة لا تعاني من أي مرض . سبحان الله , كيد ما فوقه كيد . أما هي فرددت وهي متأهبة للمغادرة ، مستعدة للدفع ، مستعدة … تغرغرت عيناه وتألم لوضعية ابنته المريضة التي تعاني من الزمن . أما الطفلة الصغيرة التي كانت غير عابئة بما يدور حولها مستغرقة في اللعب , في الوقت الذي كان فيه المرضى داخل قاعة الانتظار يعانون ، ومنهم من زاده يوم الزيارة المزيد من الخوف… قال أحد المرفقين لمريضه : اسكت ، لا تتكلم كثيرا انظر إنه قادم ببذلته البيضاء و أشارالى الممرض . سكت المريض ولم يقل شيء . أما – لطيفة – فكانت ألطف هذا اليوم لم تتكلم خوفا من الحقنة وتشير إلى يدها اليسرى ، الساعة ، لماذا طال الزمن ؟ . أريد العودة إلى الغرفة إنه ينتظرني على صهوة الجواد، لقد غير لونه . الآن يمكنني الركوب معه… لنذهب يا أبتي أنا لست مريضة . أنا في كامل صحتي و قوتي العقلية . لماذا البقاء بدار ’’ لا كاسا ’’ ؟ . فجأة نادت عليها الممرضة بالاسم وأمرتها بالدخول .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. متتبع .
    04/05/2020 at 15:49

    أعجبت كثرا بهذه القصة الجميلة التي أخدنا فيها الكاتب من طفلته المريضة ومعاناتها مع الزمن . الى باقي المرضى الذين إلتقى بهم البطل بالمستشفى كل حسب معاناته . كما تطرق كذلك الى التحايل في الحصول على الشواهد الطبية من طرف ما لا ضمير له وبهذا يكون العنوان مناسبا للقصة واختير بدقة .
    امتاز القاص بسرد جميل عندما نقل صورة البنت والدم الذي ينزف قبل أن يأخدنا الى أسبابه المتمثلة في تكسير أدوات المطبخ من طرف ابنته التي تعاني نفسيا . وكيف بلع الجيران عن ذلك قبل وقوع الكارثة .
    أشكره وأتمنى له المزيد من العطاء في المستقبل القريب .

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *