Home»Islam»إلى كل من استرعاه الله عز وجل مصلحة من مصالح الأمة فغشها أقول :

إلى كل من استرعاه الله عز وجل مصلحة من مصالح الأمة فغشها أقول :

0
Shares
PinterestGoogle+

الغش هو أن يظهر الإنسان خلاف ما يضمر، ويزين لغيره غير ما يصلح له ويخدعه و يخونه . وهو نقيض النصح ، واللفظة مأخوذة من الغشش ـ بفتح الغين والشين ـ وهو المشرب الكدر لهذا يطلق الغش على كل شيء فيه كدر بما في ذلك الحقد وسواد القلب . ومن المعلوم أن الغش يخرج الإنسان المسلم من حظيرة الإسلام بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :  » من حمل علينا السلاح فليس منا ، ومن غشنا فليس منا  » وقد سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الذي يحمل السلاح على الأمة والذي يغشها ، وقضى وحكم بعدم انتمائه للمسلمين. ولا يقف الأمر بالنسبة لمن يغش الأمة عند هذا الحد بل يعتبر طرده من حظيرة الإسلام عقوبة الدنيا أما عقوبة الآخرة فيقول عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم :  » ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة  » وفي رواية : » فلم يحطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة  » وفي رواية أخرى :  » ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح لهم إلا لم يدخل معهم الجنة  » وهذه أكبر وأقبح وأدهى. وولاية أمور المسلمين هي كل المسؤوليات المتعلقة بالمصلحة العامة للأمة من أدنى مسؤولية إلى أعلاها. وغش الأمة وهو خداعها وخيانتها له مظاهر مختلفة تلتقي كلها في تغليب الغاش لمصالحه الخاصة على المصلحة العامة للأمة أو وضع يده على ما ليس له بحق مهما كان شكل تغليب المصالح الخاصة ماديا أو معنويا .

والغالب على الغش أن الغاش يستغل منصب الأمانة التي استرعاه الله تعالى عليها لينال ما ليس له بحق سواء كان ذلك مالا أو عينا أو امتيازا من الامتيازات. ومعلوم أن تصرف المسؤول فيما استرعاه الله تعالى فيه بغير وجه حق يتعمد السطو على حقوق غيره المادية والمعنوية لفائدته وفائدة قرابته ومعارفه وهو ظلم والظلم كما هو معروف هو وضع الأمور في غير ما وضعت له. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :  » من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم القيامة « والغلول أخذ الشيء خفية ودسه وهو سرقة وخيانة . والله تعالى يقول : (( ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة )) ومعلوم أن المسروقات تتحول يوم القيامة إلى وسائل عذاب حيث تتحول إلى قطع من نار يعذب بها أصحابها قياسا على ما جاء في قوله تعالى : (( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون )) فمانع الزكاة غال قد أخذ مال غيره وهو بموجب ذلك سارق يتحول ما سرقه إلى قطع من نار يعذب بها ، وكذلك من غل شيئا مما ليس له بحق فإن الله تعالى يحول كل المسروقات على اختلاف أنواعها إلى قطع من نار يعذب بها الغال أو السارق .

ولقد شهد الصحابة يوم خيبر لرجل بالشهادة فقال لهم رسول الله صلى اله عليه وسلم :  » كلا إني رأيته في النار في بردة أو عباءة غلها  » فإذا كان من قتل في حرب يعتبر المقتول فيها شهيدا حسب الظاهر قد صار من أصحاب النار باعتبار الباطن أو المضمر لأنه غل بردة أو عباءة فماذا يقال عن الذين يضمرون الغلول في غير هذا الموقف وقد استرعاهم الله تعالى أمور عباده ؟ ماذا يقال عن المسؤولين الذين يستخدمون سيارات الأمة التي جعلت رهن إشارتهم لخدمة الصالح العام فإذا هي تحملهم إلى حيث توجد مصالحهم الخاصة ؟ وماذا يقال عن الوقود الذي يستهلكه هؤلاء لقضاء مصالحهم الخاصة ؟ وماذا يقال عن طعام وشراب يطعمونه ويشربونه من مال الصالح العام ؟ وماذا يقال عن لباس يلبسونه من مال الصالح العام ؟ وماذا يقال عن مساكن يسكنونها بغير وجه حق وهي ملك عام ؟ وماذا يقال عن أجهزة خاصة بالصالح العام من هواتف ومكيفات وتجهيزات وغيرها يستغلونها بغير وجه حق ؟ وماذا يقال عن أسفار يسافرونها من مال المصلحة العامة لأغراضهم الخاصة ؟ وماذا يقال عن امتيازات يستفيدون منها دون وجه حق أو يمررونها لذويهم ومعارفهم ؟ وماذا يقال عن مناصب احتلوها دون وجه حق عن طريق المحسوبية والزبونية ؟ كل ذلك غش وخيانة ، وكل تلك الامتيازات إنما هي قطع من نار يحمى عليها في نار جهنم وتكوى بها الجباه والجنوب والظهور بل تستعمل كما كانت تستعمل في ظروف الغلول فيصير المركب والمشرب والمأكل والملبس وكل المقتنيات المغلولة قطعا من نار تركب وتشرب وتأكل وتلبس ، وتستعمل كما استعملت في الدنيا ولكنها للعذاب لا للذة .

إن الغش كما مر بنا هو إضمار خدمة المصلحة الخاصة والتظاهر بخدمة المصلحة العامة وقد لا يتنبه البعض إلى هذا الإضمار الخطير بل ربما لجهل البعض يتكنى بالضمر والمضمر والضمير دون أن يعلم بأنه ما خفي ، وقد يكون ما خفي غلولا أو خيانة أمانة من قبيل تمكين من لا يستحق من حق غيره فتكون الكنية التي أريد بها الافتخار كما يخيل لصاحبها سبة ولعنة. وأخيرا أذكر الذين يتمنون مناصب ومراتب أهل الغلول أقول ما قاله الله تعالى على لسان الذين تمنوا ما لا يتمنى : (( وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون )) صدق الله العظيم ولن يتعظ بكلامه وكلام رسوله عليه السلام إلا كيس و لبيب .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *