كثيرا ما أسمع أخبارا من أكثر من منبر إعلامي محلي أو أجنبي عن واقعة ما،أو عن موافق من قضايا و ظواهر متعددة ، هذا يشكل شيئا عاديا لأي متلقي يستهويه ما يجري من حوله،لكن ما أثارني هو التعليق عليها ، الذي يكون حاملا لمواقف مسبقة ، ،لذا أود أن أطرح أمثلة لا للحصر على ما أقول من قبيل:

1-إحدى الإذاعات المتمركزة بمدينة طنجة المغربية تقول مثلا  في خطابها الإعلامي : « الإتحاد المغاربي  » كناية عن الفرنسية « Union du Maghreb  » و نحن نعلم أن الإتحاد الذي أسس سنة 1988 هو « اتحاد المغرب العربي » و المفروض ترجمته ب «Union de Maghreb arabe » و المعروف ب « U.M.A » و المتفحص لماذا القول هكذا ، يجعلني أؤكد أن هذه القناة التي تملك منها الدولة الفرنسية 49./. من رأسمالها و بالتالي حديثها عن « Maghreb  » و ليس « Maghreb arabe  » هو يحمل حمولة سياسية.قد نتفق معها أن هذا التكتل من الدول التي تحمل ثقافات متعددة من عربية و أمازيغية و أفريقية و أندلسية و التي تكون تنهل من ثقافات متعددة، و إذا لماذا نسميها ب دول المغرب العربي؟ لكن هذه التسمية يجب أن تقوم بها الدول المعنية، و ليس قناة ذات حمولة فرنكوفونية تقوم بها رغم أنفنا.

2- كثيرا ما نسمع كلمة الإرهاب بشكل فضفاض، و لا نعرف معناها الحقيقي ، فالعنف كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية مرفوض من طرف كل التشريعات السماوية و المدنية و الأعراف الدولية ، لكن يجب سن قانون دولي يعرف بالإرهاب حتى لا نقع في اللبس.فالإرهاب شيء و حق مقاومة الإستعمار شيء آخر.فكلمة « Kamikaze » الموجودة في القاموس و التي كانت تعني تلك الهجمات « الإنتحارية  » التي كان يقوم بها الطيارون اليابانيون في وجه القوات الأمريكية إبان الحرب العالمية الثانية ، و هذه الكلمة غابت الآن في الخطاب الإعلامي العربي الذي يخص مقاومة الفلسطينيين للإحتلال الإسرائيلي،بل صرنا نسمع  » عملية إرهابية » وفي بعض الحالات عندما يراد بعض الاستقلالية نسمع « عملية انتحارية » (Etat suicide) و في مرات قليلة » عملية فدائية ».

3- كثيرا من المنابر الإعلامية العربية المكتوبة و المسموعة و المرئية تقول « الشرق ألأوسط و شمال أفريقيا » و هو مصطلح جيوسياسي أمريكي يروم تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ من قبيل آسيا الصغرى،أوروبا الوسطى….الخ، لكن المتمعن إلى مصطلح « الشرق الأوسط و شمال أفريقيا » يفهم أن المقصود هو الدول العربية زيادة على الكيان الإسرائيلي و بالتالي هو كلام ملغوم يراد به التطبيع الشعبي مع هذا الكيان الهجين،و الإشكالية أنه ليس هناك وعي بهذه اللغم.

4- نسمع كثيرا في النشرات الجوية الأجنبية « الخليج الفارسي » و هو الذي نسميه نحن العرب « خليج العرب » ، ويراد به الانحياز لإيران للعب على الأوتار و تحفيز الصراعات و إشعالها، علما بأن هذا الخليج تابع لأحدى الدول العربية ، و ذلك نظرا للدور الجيوستراتيجي لهذا الخليج.

5- إبان العدوان الأخير على غزة ، كان المتلقي يسمع أن هذا الدمار الإسرائيلي من طرف الآلة الصهيونية كان سببه هو صواريخ « القسام الحمساوية  » و كأن إسرائيل في حالة دفاع عن النفس، وهو ما لا يعكس الحقيقة في ظل كيان احتلال يروم فرض خططه بالقوة في ظل فشله بواسطة المفاوضات.

6- تعتبر القناة الثانية في التلفزيون المغربي قريبة من الرأسمال المغربي ، فقد كانت تابعة لأحد الكونسورسيومات الاقتصادية الكبرى في البلد ، قبل أن يتم ضمها إلى الدولة، وهي ذات توجه فرنكوفوني ،وتنشر قيم الانفتاح الثقافي من خلال بعض الديكورات، و طريقة الرقص ، والنشاط الإيقاعي و الانفتاح على الشباب ،و هي تخاطب الطبقة الوسطى ،وتكرس القيم الإستهلاكية، أما القناة الأولى فهي تخاطب البادية المغربية وتكرس نوعا من الأصالة ،وتهتم بتفاصيل الأنشطة الرسمية.
تلكم أمثلة وددت أن أسوقها عن الخطاب الإعلامي كلمة و صوتا و صورة،و مدي تأثيرها و الأهداف الممررة عبره.و لكم واسع النظر..