Home»International»نوازل المرأة والجنس (4)

نوازل المرأة والجنس (4)

0
Shares
PinterestGoogle+

/إن العائلة بنية اجتماعية لا يمكن فصلها عن المحيط الاجتماعي الذي توجد فيه.ولا سبيل لدراستها دراسة علمية إلا من خلال التطور الذي يخضع له المجتمع عبر الزمن والمكان, سواء كان هذا التطور اقتصاديا أو اجتماعيا أو ثقافيا.لأن ذلك ينعكس على الأسرة ,وعلى العلاقات السائدة فيها .فلكي نعرف مثلا هل المرأة ما زالت تحمل تلك الصورة المصبوغة بالجنس التي تقدمها لنا الذاكرة الشعبية (بعض أقوال عبد الرحمان المجدوب مثلا) ومن ورائها النوازل الفقهية, أم أنها أصبحت حرة تتمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها الرجل ,وتحظى بنفس الاحترام الذي يحظى به الرجل ؟ لا بد من القيام بدراسة مقارنة امرأة ما قبل الاستعمار ,وامرأة ما بعد الاستقلال .ولكن المشكلة الأساسية التي تعترضنا عند القيام بمثل هذه الدراسة هي مشكلة الوثائق. ومن ثم لا مفر لنا من استغلال الفقه استغلالا ذكيا, خاصة وأن الفقه حاضرا في الزواج, والطلاق, وفي تنظيم كل العلاقات الزوجية.ومن ثم فهو يعكس لنا الواقع الاجتماعي بل ويمثله أحسن تمثيل .يقول الدكتور الديالمي عبد الصمد:{…ولكن فيما يتعلق بالعالم الإسلامي فأن حقل الجنس غير مستقل عن الحديث الفقهي…}[محاضرة ألقاها لطلبة السلك الثالث بفاس يوم 13/2/88
يمكن أن نؤكد أن الكتابات الفقهية أو ذات الصبغة الفقهية ظلت حاضرة في المغرب التقليدي ,والسؤال الذي نطرحه هو إلى أي حد رافق التشريع الفقهي التطور الذي خضعت له المرأة والأسرة ؟وهل هذا التطور ,هو تطور فعلي أم مجرد تطور شكلي خاضع لمودة سرعان ما تتلاشى؟إن التشريع المرتبط بمدونة الأسرة الحالية يبدو غير مستصاغ ولا معترف به من طرف شريحة اجتماعية عريضة لأنها ترى فيه إجحافا للرجل من جهة ولأنه من جهة أخرى لا يتمتع بالإلزامية الفقهية ,لأنه لم يرد في صيغة فتاوى فقهية ,أو نوازل فقهية,كما أنه يحمل الطابع السياسي وكل ما هو سياسي ,أو يشتم منه رائحة السياسة ,فهو متهم عند المجتمع المغربي,ولذلك بدأ الناس يتحايلون على نصوصه ويخضعونها لخدمة صالحهم. و الفقهاء أنفسهم ظلوا مختلفين حول بعض قضايا المرأة وقد أعلنوا ذلك صراحة على منابر الجمعة, وحرضوا الناس للخروج في مظاهرات تندد بما يسمى قضية [ إدماج المرأة في التنمية ] وإن كان بعضهم فضل عدم رفع صوته إما لخوف في نفسه, أو لجهل في علمه, أو لحاجة في نفسه.
إن ما يجعلني أشك في جدية الدعوة إلى تحرير المرأة في عالمنا الإسلامي, هو التراجع الملموس لجيل ما بعد الخمسينات والستينات, وحتى عند البعض من جيل السبعينات, عما حققته المرأة بعد مرحلة الاستقلال مباشرة ,ودعوته من جديد لرفض العمل ولاختلاط, وذلك في اعتقادي لرفضه النموذج الغربي الذي لا يضع قيودا ولا شروطا لعمل المرأة واختلاطها .كما أصبحت بعض الأصوات بما فيها أصوات نسائية ترفع لتحث الرجل على تعدد الزوجات كأحد الحلول الناجعة لظاهرة العنوسة تقول هيام دربك المصرية:( زوجة واحدة لا تكفي) (كما خصصت بعض الجمعيات المدنية بالمشرق العربي جوائز مادية مهمة للمرأة الأولى التي تشجع زوجها على الزواج مرة ثانية),وللقضاء على فاحشة الزنا التي أصبحت تهدد المجتمع بالأمراض الفتاكة وخاصة منها السيد,والتخلص من مشاكل الخادمات, وما تسببنه أحيانا من تدمير للأسرة أو اختطاف الزوج من زوجته, وللقضاء على ظاهرة أطفال المفاتيح.. .وقد كتبت إحدى الباحثات تقول:{هناك أصوات كثيرة من النساء بل ومن الرجال أيضا تنادي بالانتفاع بقدر الإمكان من نصف المجتمع الذي يتكون من المرأة ,وعدم تعطيل الإنتاج في الوطن ,وفتح أبواب العمل في مختلف الأعمال أمامهن .فهذه الأصوات مردود عليها ,بأنه حتى لو تعطل بعض إنتاج الدولة نتيجة عدم عمل المرأة فهو في سبيل تربية أجيال متمسكة بدينها ,ووطنها وقيمها ولغتها وتقاليدها العربية الإسلامية}[نقلا عن سعيد إبراهيم :النظام الاجتماعي العربي الجديد بيروت مركز الدراسات الوحدة العربية 1982].
ويذكر الدكتور الديالمي أن المرأة المغربية إلى يومنا هذا عندما تريد أن تكتب عن الجنس فإنها تباشر ذلك باللغة الفرنسية لأن الجنس بالنسبة للمثقفات المغربيات يشكل طابوا خطابيا.زيادة على هذا أرى أن اللغة الفرنسية هي اللغة التي تحمل الفكر الغربي التحرري ,وهي لغة الأقلية من المثقفين الذين يؤمنون بالنموذج الغربي الذي يجب أن يقتدى به ,لأنه رمز الحرية وطريقها .
إذن فما زال المثقف المغربي لم يستطع أن يستوعب أنه بالفعل وقع تطور جدي في العلاقات الزوجية والأسرية ,ولذلك فهو يرفض الكتابة عنها .فإلى أي مدى يستطيع الفقه المعاصر أن يستمر في مهمته التقليدية وأن يساير البنية الفوقية لمجتمع القرن العشرين المغربي, خصوصا في ظل دعوات تهميشية للفقه والفقهاء والمطالبة بالارتباط بعولمة الأسرة في مقابل التخلي عن نظام الأسرة التقليدية ؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *