Home»International»تجديد الرؤية والفكر: ماذا خسر الغرب عندما تخلف العرب والمسلمون ؟

تجديد الرؤية والفكر: ماذا خسر الغرب عندما تخلف العرب والمسلمون ؟

0
Shares
PinterestGoogle+

تجديد الرؤية والفكر:

ماذا خسر الغرب عندما تخلف العرب والمسلمون ؟

تسيد الغرب في بداية القرن 19 ،ووسع من مستعمراته في الوطن العربي والإسلامي، ونهب ثرواته وفرض لغته ونموذجه الحضاري، وكرس التبعية الثقافية والاقتصادية بعد رحيله؛ لكنه خلف رواسب تجسدت في المربع القاتل :التخلف والفقر، والجهل والمرض، فاخترق صف الالتحام حول الهويات، والمسألة اللغوية ،ومشروع التنمية، وتبخرت مشاريع التحديث ونشر الحضارة، التي بشر بها المبشرون، وفعلت آليات الإلحاق بالركب الحضاري فعل السحر عقودا من الزمن، فتوسعت الفجوة بين الغرب ومستعمراته ،وتكسرت أحلام نقل التكنولوجيا الغربية إلى مناطق النفوذ على صخرة المحال، ولم يتيقظ وعي المستعمرات إلا متأخرا ،على فقاعة تدبير الموارد البشرية المبطنة لنواياه النفعية، التي تروم كما يزعم تأهيل الإنسان بتكنولوجيا الغرب وبلغته، الحاملة لقيمه الحضارية والإنسانية ، المنبهرة بنموذجه الحضاري والحقوقي والديمقراطي ،فتوحد الغرب وتكتل على مصالحه المستخلصة من مستعمراته العربية والاسلامية قرنا من الزمن، ثم ظهرت اليوم بوادر تفرق ،عندما تعارضت مصالحه وزادت خلافاته على تقسيم الكعكعة، فبدا خطل نظرية فوكوياما نهاية التاريخ والإنسان الأخير،بعد انكسار جدار برلين ،وظهرت إرهاصات نظام دولي جديد،يقدم المصالح على المبادئ، وينتفي فيه التحالف،وتسوده صفة الدركي الذي يبتز ويقايض في العروض والمواقف، مقابل حمايته للأمن الدولي والاستقرار العالمي ،ولا يثنيه هذا التوجه عن تبني سياسات حمالة أوجه بين الصريح والمضمر والمتضمن، قد تدفع الخصم أو الصديق إلى حافة الهاوية ،وقد تحتويه للدفع به نحو الاعتدال…

سياسة أقل مايقال عنها إنها « حربائية « ، ترتكز على دال التحول بدل الثابت في صناعة القرارات، وتصنع سياسات على مقاس مصالحه ،المضللة للحق ،و لجوهر الموقف ،تحمل ظاهرا يتطلب قراءة ، وباطنا يقتضي تأويلا مفتوحا على كل الاحتمالات، فتغيرت في هذه الدوامة، المواقع والوظائف بين القوى العظمى، وانحسر النظام الليبرالي الديقراطي عراب قيم التسا مح وقبول الآخر، واستعاض جزء من العالم بمقولة الكرامة الإنسانية والمصلحة الوطنية ،عن منظومة حقوق الإنسان الكونية ،التي تدعم نفوذ الليبرالية الديمقراطية أمام سلطة الحكومات، وتنامي القومية الشعبية، وما يستدعيه من اعتراف بالهويات، وتقويض للصحوة الإسلامية واختزال الدولة الاسلامية المنشودة في نموذج مشوه صنعه باسم « الداعشية » ، فاستعر الصراع بين اليمين المتطرف المدافع عن قيم الليبرالية، واليسار المحتضن للأقليات واللاجئين والمهاجرين والنساء وغيرهم من المبعدين والمهمشين ، وانتقل مركزإشعاع التصنيع من أوربا وأمريكا إلى شرق آسيا، بعد ارتجاج بناء الاتحاد الأوربي بانسحاب انجلترا ،وهكذا أصبح باديا للعيان انقسام الغرب إلى قطبين:

قطب يدعو إلى نظام عولمة برأس واحدة وهي الولايات المتحدة، تلغي الحدود والرسوم والهويات ، وتؤسس لتنافس شرس يخلق الفارق، حيث يتعسكر فيها حلفاء القطب ويخلصون لولاءاتهم لقائده ولمصالحه الحيوية ،إذ يعتبرون جزءا لا يتجزأ من أمنه الطاقي والاقتصادي والعسكري، فلا يرعوي عن استبدال لغة الحوار والإقناع بمنطق الربح والخسارة، والقوة والابتزاز، وتحويل أنظار العالم من اعتبار »إسرائيل » عدوة الإنسانية ،وخارقة القوانين الدولية ،إلى » إيران » عدوة الأمن العالمي والخليجي، والإسلام السني مصدرتفريخ خلايا الإرهاب؛ لتصفية الحق في الوجود التاريخي والقضاء على مطالب إنسانية عربية وإنسانية مشروعة ، في الصحوة والنهضة والوحدة؛ لبناء قوة رابعة ،بعد الولايات المتحدة، والصين ،والاتحاد الأوربي.

وقطب آخرمنشق و متضرر من الأول، يسعى إلى خلق نطام عالمي تعاوني أكثر إنصافا، وتوزيعا للثروة والمصالح والحقوق، يسعى إلى الاستقطاب من خلال تلميع صورته الإنسانية، وملء بياضات وثقوب وفجوات القطب الأول دون عبور حدود الدول ،مما ساهم في تأجيج الصراع الديني من جديد ، بعد سقوط حائط برلين، وبعد انتهاء عهد التوظيف الإديولوجي للدين ، خاصة بين اليهودية والمسيحية من جهة ،وبينهما وبين الإسلام من جهة ثانية ،وزادت هيمنة القطبين معا على العالم، بإشعال نار الفتنة بين المذاهب الاسلامية :السنة والشيعة ،والاسلام السياسي والاسلام اللاسياسي، ففقد الغرب ولاء مستعمراته، وزادت خلافاته فانقلب على قيمه ،وألقى بجسده الثعلبي على مناطق النفوذ؛ لإحداث الاختراق الداخلي بالمال والمساعدات وبتكوين العنصر البشري العربي والاسلامي ؛لخلق بؤر التوتربغية التدمير وبيع السلاح ،ثم فتح أوراش الإعمار وإعادة البناء، فنقل معارك الحرب والبناء –كما هو باد للعيان- إلى البلدان العربية والإسلامية، تحت غطاء محاربة الإرهاب تارة ،وتوطيد منظومة حقوق الإنسان، ومناصرة الأقليات والحسم في الخلافات المذهبية والطائفية تارة أخرى، فتخلف العرب واجتثت معاقل الحضارة في العراق وسوريا واليمن، وتحول مركز الحضارة من مصر إلى دول الخليج ، ومن إيران والباكستان وأفغانستان إلى ماليزيا وأندونيسيا وسانغافورة على الطريقة الغربية؛ ليدشن فصول مأساوية من ديبلوماسية المال والأعمال ،المغطيةعلى التدخل في الشأن المحلي، وتغيير أنظمة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية واستبدالها بأخرى غريبة، بدون سند ديمقراطي أو شعبي ؛للإخلال بميزان القوى في العالم وخلق قيادات أحادية أو ثنائية أو ثلاثية،وضرب وحدة دول العالم الإسلامي والعربي ، مما يؤذن بتحالفات شرق أوسطية غربية جديدة ،في مواجهة تحالفات اضطرارية كتحالف تركيا إيران وروسيا… مما يمهد لترتيب جديد لمناطق النفوذ في العالم ، وتوزيع جديد لصفقات القرن، يتنصل فيها عن المبادئ الأممية والشرعية الدولية ، والاتفاقات الخادمة للمصالح المشتركة، ويتهافت على التحكم في الأسواق التجارية والمالية، وعلى مصادرالطاقة وباقي الموارد الطبيعة والمؤهلات البشرية ، وعلى الطرق والمعابر والمضايق ، في ظل رقمة متطورة صانعة للرأي العام و للناخبين ولمتخذي القرار، توجه رغبات صناديق الاقتراع ،و متطلبات أنماط العيش ، وتؤذن بثورة صناعية رابعة ،مدجنة للعلم والتكنولوجيا، وللفكر الإنساني والإبداع البشري الحقيقي ،يطبع فيها الإنسان والموقف والقرار كما يطبع الكتاب، في ظل تنامي تصنت الأقمار الاصطناعية ،وتلصصها على الهواتف وعلى الشابكات الاجتماعية، من قبل خبراء في التقنيات الحديثة وآليات التواصل،مسنودين بعلما ء النفس والاجتماع، في محاولة للنفخ في الشخصية الإنسانية الحديثة ،على طريق توهيم اختياراتها، وتضليل سيادة قراراتها ، وفي أفق إنتاج رأي عام عالمي جديد يستسيغ أي شيء.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *