تهور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون و حكومته، و تجرأ على مس أجور العمال و الموظفين و ضرب القدرة الشرائية لدى الطبقة الفقيرة و المتوسطة، وقام بفرض الضرائب على المحروقات و معاشات التقاعد، ظنا منه أنه يحكم بلدا عربيا كالسعودية أو الجزائر، أو نسي أوتناسى أن فرنسا هي مهد الثورات، بدء بثورة 1789 إلى ثورة 1968.فتريث الشعب الفرنسي في بداية اﻷمر، و منح الرئيس مهلة لمراجعة مواقفه و العدول عن قراراته الجائرة، كونه رئيسا شابا، حديث العهد بالرآسة، قادما من عالم المال و اﻷعمال؛ تنقصه التجربة السياسية و الحنكة الديبلوماسية في تعامله مع الشعب الفرنسي المتمرد.و بينما كان الفرنسيون ينتضرون من رئيسهم تحسين ظروف عيشهم بالزيادة في اﻷجور و الرفع من القدرة الشرائية و القضاء على الفقر و فرض ضرائب إضافية على الثروة و اﻷثرياء لتقليص الهوة بين اﻷغنياء و الفقراء، إلا أنه تمادى في كبريائه و عجرفته، فاندلعت الاحتجاجات في باريز، في شخص أصحاب  » السترات الصفراء « ، قبل أن تنتقل إلى باقي المدن الفرنسية.و عندما تطورت اﻷحداث و أخذت اﻷوضاع أبعادا خطيرة، و شعر الرئيس ماكرون بالخوف من اندلاع حرب أهلية، كتلك التي حذر منها معارضته و منافستة في الانتخابات الرآسية مارين لوبين خلال مقابلة تليفزيونية؛ قد تندلع في أي لحظة بين فقراء فرنسا و أغنيائها، و تخوفه من أن يستولي الثوار على قصر اﻹيليزي و مقر البرلمان، خاصة عندما أدرك فخامته أن اﻹصلاح و حل المشاكل اﻹقتصادية و الاجتماعية لا تتم على حساب المواطن البسيط، و أن المتضاهرين ما هم إلا أبناء صانعي ثورة 1789 التي حررت الشعوب و أرست أسس الجمهوريات الديمقراطية عبر العالم، و أن هم من أوصلوه إلى الحكم، و أن  » لحم الفرنسيين مر « ، و أنه  » يلعب بذيل اﻷسد « ، و أن شعبيته تتقهقر يوما بعد يوم، أمر رئيس حكومته باﻹعلان، أمام مجلس النواب، عن إلغاء الضرائب المقررة، إلا أن هذا اﻹجراء لن يشف غليل المتظاهرين، حيث قام الرئيس شخصيا بإلقاء خطاب، مباشرة عبر القنوات التلفزية، يعد فيه الفرنسيبن بالعمل على تحسين ظروف عيشهم و حماية كرامتهم.و هكذا انتصر الشعب للشعب بالشعب.
يحي طربي