Home»International»رؤساء أمريكا من خلال مسلسل 24 كرونو

رؤساء أمريكا من خلال مسلسل 24 كرونو

0
Shares
PinterestGoogle+

أحمد الجبلي
يعد فيلم 24 كرونو فيلما متميزا لكونه تناول بالتحليل الدقيق ظاهرة الإرهاب، ويوضح الفيلم بوضوح بأن الإرهاب لا جنسية له، فهو أحيانا يكون شرق أوسطيا وأحيانا يكون روسيا وأخرى يكون صينيا وفي أخطر أنواعه يكون أمريكيا محضا.
والذي نود الحديث عنه في هذا المقال هو ما أراد المسلسل تبيانه لنا عن رؤساء أمريكا، حيث يبدأ الأمر انطلاقا من عنوان المسلسل الذي هو 24 كرونو أي أن الأحداث تدور على مدار الساعة مما يجعل الرئيس الأمريكي لا ينام، فهو في مكتبه مع مستشاريه في الساعة الثامنة صباحا كما في الواحدة أو الرابعة صباحا.
إن رؤساء أمريكا حسب مسلسل 24 شخصيات مختلفة، منهم الرئيس العبقري والموضوعي المحب للسلام، ومنهم الرئيس الغبي الذي يقع في شراك الإرهابيين، ومنهم من هو نفسه يقود مؤامرات إرهابية تفتك بأمريكا والأمريكيين وتهدد السلم العالمي. وأروع هؤلاء وأعقلهم وأذكاهم وأشجعهم، حسب المسلسل، كان أمريكيا أسودا وهو الرئيس « بالمر » وقد ظل ذكره حاضرا بقوة طيلة المواسم الأخيرة منها على الخصوص الخامس والسادس والسابع والثامن، وذلك رغم اغتياله من طرف الإرهاب الأمريكي الداخلي بمشاركة من الرئيس الأمريكي الذي تلاه  » تشارلز ». وهذا الأخير يمثل أقبح صنف من رؤساء أمريكا، وأغباهم، وشخصيته أقرب إلى شخصية جورج بوش الابن، في الواقع، الذي اعتبرته العديد من الجرائد العالمية أغبى رئيس أمريكي عرفته الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن حينها لن يكن أي أحد يعرف بأن رئيسا آخر اسمه ترامب سيأتي بعد بضع سنين. وإلا فإن الأمر كان سيخدم جورج بوش لينتقل إلى مرتبة متردية حسب الغباء.
وقد أبى المسلسل إلا أن يقدم المرأة كرئيسة لأمريكا، بمواصفات قل تواجدها في أي رئيس أمريكي ذكر، حيث قدمت شخصية الرئيسة  » أليسون تايلر » بذكاء وفطنة وشجاعة قل نضيرها، كما أنها تتصرف بموضوعية ونزاهة كبيرين، ومن المبالغات التي قدمها الفيلم لإبراز شخصية الرئيسة الأمريكية ذاك المشهد المثير الذي يبين كيف أن الرئيسة استطاعت أن تضحي بجميع أفراد أسرتها مقابل الدفاع عن أمريكا وحماية الأمريكيين، وفي حالة عصيبة عندما قامت بسجن ابنتها المستشارة العزيزة والوحيدة، لخيانتها، أظهرت الكاميرا السيدة الرئيسة في قمة الحزن حيث لم تستطع أن تقف على قدميها، ولكن بمجرد أن جاءها مستشارها يدعوها لاجتماع مهم، انطلقت معه وكأن شيئا لم يقع. وكأن مشاعر الحزن على ابنتها لا تساوي شيئا عندما يتعلق الأمر بالمسؤولية وحماية الأمريكيين من الإرهاب.
كما أبرز المسلسل رجاحة عقل هذه المرأة الرئيسة، وذلك عندما يشتد النقاش بين مستشاريها ووزرائها، وحتى إذا كاد الحوار يفضي إلى قرار خطير تدخلت لتقلب الكفة في اتجاه آخر، وكل أفكارها، تقريبا، تكون دفاعا عن العالم واحترام المعاهدات وعدم الدخول في شؤون الغير. وهو الأمر الذي يتناقض تناقضا صارخا مع الحقيقة والواقع حيث رؤساء أمريكا يعتبرون أنفسهم هم شرطيي العالم حيث يتدخلون في الصغيرة والكبيرة فيما يخص شؤون دول العالم، منها على الخصوص دول العالم الثالث، كما أنهم يعتبرون من أكبر الراعين للإرهاب في العالم وما صناعة داعش عنا ببعيدة.
ومن المثير أن تكون استقالة هذه الرئيسة من منصبها جراء خطإ وقعت فيه من خلال سوء تقدير واجتهاد وإن كانت النية فيه رعاية السلام العالمي. كما يرجع السبب غير المباشر لهذه الاستقالة إلى ما فعلته دولة روسيا لكونها اغتالت أحد أهم الرؤساء الآسيويين الذين تطوعوا حبا في السلام لحل برنامج دولته النووي.
فهل فعلا يستقيل رؤساء أمريكا عندما يفشلون أو يخطؤون؟ وهل يستقيلون عندما يتورطون في حروب يكون ضحيتها النساء والأطفال؟ فلماذا لم يستقل بوش الذي كذب على العالم فيما يخص أسلحة الدمار الشامل؟
لقد اعتبرت قضيت ووترغيت أكبر فضيحة في تاريخ أمريكا والتي كانت سنة 1968، والتي على إثرها سيضطر الرئيس نكسون إلى الاستقالة، ولكن في نفس السنة سيصدر الرئيس الأمريكي جيرالد فورد عفوا في حق سلفه نيكسون رغم أن فضيحة التجسس التي وقع فيها تعد في أمريكا من أخطر الجرائم التي لا ينفع معها عفو رئاسي ولا شعبي.
كما أن التاريخ الأمريكي قد شهد اغتيالات العديد من رؤساء أمريكا كأبرهام لينكولن، وجون كينيدي، وجيمس جارفيلد، وويليام ماكينلي، وبعضهم قد تعرض لمحاولات اغتيال نجا منها بأعجوبة مثل الرئيس فرانكلين روزفلت ورنالد ريغان.
وهذا يدل على أن السياسات التي كان ينهجها أغلب رؤساء أمريكا لم تكن تحضى بالإجماع، كما أنها كانت تجلب لهم نوعا من الكراهية ومحاولات الاغتيال.
وأما عن الرئيس ترامب، فالحديث عنه يبدأ انطلاقا من الانتخابات الرئاسية التي عرفت تزويرا صارخا لصالحه، أدى هذا التزوير إلى ارتجاج الشارع الأمريكي وتحوله إلى ما يشبه الربيع العربي عندنا. مما جعل العالم يوقن بأن هناك أناسا نافذين رأوا في ترامب الرجل الأنسب لتصريف قراراتهم الخطيرة والجريئة، وهي قرارات لا يمكن أن يقبل بها إلا أحمق مثل الرئيس ترامب.
إن قرار ترامب القاضي بتحويل السفارة الأمريكية إلى القدس، يعد أحد أهم هذه القرارات الخطيرة التي لم يجرؤ على اتخاذها أو قبولها أي رئيس أمريكي من قبل. وبالتالي، وفي هذا السياق، على العالم ألا يسمح بتنفيذ هذا القرار المشؤوم ليس حبا في فلسطين، على الأقل، وإنما تنفيذه سيفتح المجال لإنزال قرارات أخرى لا أحد يستطيع التكهن حول الخسائر والدمار الذي قد تحدثه في كل بقاع العالم.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *