Home»Enseignement»نجوم “الباك”…قدوري مصطفى تلميذ من جبال سيدي لحسن عشق الفلسفة وحصد أعلى معدل في الرياضيات

نجوم “الباك”…قدوري مصطفى تلميذ من جبال سيدي لحسن عشق الفلسفة وحصد أعلى معدل في الرياضيات

0
Shares
PinterestGoogle+

سطع اسم مصطفى قدوري، ابن مدينة أكادير، البالغ من العمر 17 سنة، بعد حصوله على شهادة الباكالوريا شعبة علوم رياضية “أ” بمعدل 18.73 ومعدل 18.90 في الامتحان الوطني.

عاشق الفلسفة والتاريخ، الذي يدرس في ثانوية محمد الدرفوفي بتيكوين، كشف لـ”اليوم24″ سر حبه للعلوم الرياضية، التي اعتبرها حقيقة لفهم العالم، وإشباع الفضول الذي لا نهاية له.

من بين الشعب الكثيرة، كيف وقع اختيارك على العلوم الرياضية؟

أتذكر أنني اخترت شعبة العلوم الرياضية في أواخر الجذع المشترك، لأنها كانت بمثابة فرصة أحصل بها على أعلى النقط، مقارنة بالمواد الأدبية الأخرى. أعترف أن الدافع الأول لم يكن انجذابا للرياضيات بقدر ماهو انتهاز لفرصة ثمينة مقارنة مع الشعب الأخرى المتوفرة، ستمكنني من التميز في الأعوام المقبلة.

لا أنسى الدهشة، التي راودتني خلال الحصص الأولى، لم تكن دهشة عجز بقدر ما كانت دهشة إعجاب جعلتني أدرك أن الرياضيات هي السبيل الأنسب، بالنسبة إلي، لفهم حقيقة هذا العالم، وإشباع الفضول، الذي لا نهاية له.

تارة تجدك تدرس المجموعات، وتارة التطبيقات والدوال، ثم الحسابيات (نظرية الأعداد)، التي أعتبرها من أفضل المفاهيم، التي درستها. صحيح أن رياضيات الثانوية لا تعبر عن الرياضيات كما هي الآن، ولكنها جد مناسبة لإدراك أهمية هذه البنية المتشعبة في عالمنا الآن.

لم أندم يوما على اختيار شعبة العلوم الرياضية، فهي الوسيلة الوحيدة القادرة على أن تمنحك مفاهيم تجعلك منفتحا على الرياضيات المعاصرة، كالبنيات الجبرية، والحسابيات، والاحتمالات، إلخ.. خصوصا إن كان الأستاذ متيمزا، ومدركا لأهمية كل مفهوم.

لكن، هذا لا يكفي، رياضيات داخل الفصل لا تمنح معرفة رياضية كاملة تجعلك تؤسس منهجا منطقيا متماسكا، بل التلميذ بحاجة إلى بذل مجهود خارج الفصل، ليس في الاعتكاف على “حفظ” التمارين، أو إنجاز كمية كبيرة منها، وإنما في البحث عن معاني المفاهيم المدروسة، واستشعار حقيقتها، ومحاولة البرهنة على مختلف الخصائص المدروسة، إذ بالبرهان يغذي التلميذ العقل، ويفهم ما يدرسه.

لا أنكر، كذلك، دور الحدس والخيال في الرياضيات على التلميذ ليتجاوز حدود الواقع، ويسبح في عالم المجرد، فمفهوم النهاية والمالانهاية على سبيل المثال – وهو من أكثر المفاهيم المستعصية في مقرر العلوم الرياضية – بعيد كل البعد عن الواقع.

شعبة العلوم الرياضية ليست متميزة فقط بالرياضيات، وإنما كذلك بالعلوم الفيزيائية، التي ندرس فيها قوانين الحركة، والموجات، والتحولات النووية، والكيمياء، إلخ.. مفاهيم بسيطة، تحتاج إلى بداهة تجريبية، وفهم للقوانين الرياضية، وطرق اكتشافها. لكل هذا اخترت شعبة العلوم الرياضية.

كيف كانت استعداداتك للباكالوريا؟

الاستعدادات تنطلق، منذ بداية السنة، وطبعا تزداد شدتها مع اقتراب الامتحان الوطني، فبعيدا عن النصائح المعتادة، والمتداولة، أؤكد على أن أهم شيء في الدراسة هو الرغبة، هذه الرغبة في أحيان كثيرة لا تأتي صدفة، أو بطريقة لا واعية، وإنما بعد جهد وبحث طويل.

ففي العلوم الطبيعية، يكفي النظر في تطبيقات الفيزياء، وتنبؤاتها في علم الفلك، والمناخ والحياة، النظر بوعي وبفضول، يجعلك متحمسا لمعرفة القوانين الكامنة وراء الظاهرة. أما في الرياضيات، فالأمر يرتبط أحيانا بمفاهيم مجردة وأخرى مرتبطة بالتطبيق، فنجد الاقتصاد القائم على الاحتمالات، البيولوجيا الإحصائية كذلك، المعلوميات القائمة على نظرية الأعداد، واللائحة طويلة.. صحيح أننا لا ندرس التطبيقات في أحيان كثيرة، لكن ربطها بالمفاهيم النظرية يجعلك مدركا لهذه الأخيرة.

وعلى التلميذ أن يفهم أي شيء يدرسه، ولا يهمل أي صغيرة، فالأشياء الأساسية ماهي إلا تجميع لأشياء بسيطة. أؤكد كذلك أهمية السؤال في القسم، ومواجهة العقل بعدم التهرب من الأسئلة المؤرقة أحيانا، الناتجة، سواء عن قصور في الفهم، وصعوبة التجربة، أو حتى في الإجابة عن التمارين.

القدرة على التميز والنجاح تأتي أولا بالمصالحة مع الذات، أن يكون الإنسان واثقا من نفسه ولا يخجل من طرح السؤال للأساتذة، وأن يكون مدركا لقدراته ومؤمنا بقدرته على تحسينها. المعرفة طرقها متعددة، تختلف من شخص إلى آخر، فوسيلتك في تحصيل المعرفة ليست هي وسيلة بقية التلاميذ.

وحتى لا أهمل مواد أخرى كالفلسفة، واللغة الإنجليزية، والعلوم الطبيعية – أو علوم المهندس – أمام الرياضيات والفيزياء، أنبه إلى أن لكل مادة طريقتها في التعامل معها، وقدرها، ووقتها الكافي.

ففي الفلسفة مثلا التميز يعتمد على المهارات الشخصية، كالقراءة، والمنطق، والإقناع، لا الحفظ.

والمواضيع المدرسة في الفلسفة بالباكالوريا مواضيع مشوقة، على الرغم من أنه أحيانا القسم لا يشبع الفضول. بعد هذه السنة الطويلة أدركت أنها وحدها الجهود هي التي تجلب الثمار.

هل تفكر في إتمام دراستك في المغرب؟

أعتقد أن الباكالوريا ليست سوى مفتاحا لأبواب واسعة، كل باب يؤدي إلى طريق التخصص والتميز فيما يميل إليه الإنسان. كنت أستعد لإتمام الدراسة في فرنسا بعد الباكالوريا لكن الخطة تغيرت بعد مصادفة عدة عواقب حالت دون الذهاب إلى هناك. فالمسار الآن الذي أجده مناسبا لي هو مسار الأقسام التحضيرية.

يقال إن الأقسام التحضيرية متعبة، وتحتاج لنفس طويل، لكن مجرد إدراك كمية المعرفة المحصلة في نهاية هذا المسار تجعلك تقدم على الدراسة فيها، إلى جانب إتاحتها لفرصة الدراسة بأرقى المدارس الفرنسية، أو المغربية، سواء في ميداني الهندسة أو البحث.

وماذا بعد الأقسام التحضيرية؟

منذ الطفولة وأنا أميل إلى ميدان المعلوميات، دائما ما كنت أستغرب من طريقة عمل الحاسوب، مجرد آلة، لكنها قادرة على إنجاز عمليات معقدة، وفي ثوان معدودة.

الفضول لا يزال يراودني حتى الآن، خصوصا مع ظهور ميدان الذكاء الاصطناعي، الذي يجمع بين الرياضيات والمعلوميات، في محاولة لتأسيس وعي عند الآلات، أو على الأقل جزء بسيط منه. الميدان لا يزال جديدا، والحال أنه سيكون مثمرا مستقبلا، والجيل الصاعد قادر على تطويره، والرفع من أهميته في حياتنا اليومية، إذ يجب انتهاز الفرصة، ومحاولة تخليد أثر قد يدوم لعقود وأجيال مقبلة، خصوصا مع هذا التطور المتسارع، الذي يشهده عالم اليوم.

نصيحة للمقبلين على الباكالوريا؟

قبل اجتياز الامتحان، كنا قد اعتدنا على سماع مختلف الأقاويل عن الباكالوريا، سواء الإيجابية منها أو السلبية، وكانت كل خطوة نقوم بها بمثابة حمل ثقيل ندرس ما إذا كانت السبيل الأمثل لبلوغ هدفنا. هذا كان إحساس مختلف من اجتازو الباكالوريا، وأعترف أن التخلص منه لا يتأتى إلا بالثقة في النفس، وعدم ترك أي سؤال يؤرق العقل، بتحصيل مختلف المعارف المطلوبة لاجتياز الامتحان.

لا شيء خارق للعادة يحدث، في أغلب الأحيان هي امتحانات كلاسيكية تعاد بالمنهجية نفسها، وأؤكد أن الثقة بمعارفك وقدراتك من أهم المعايير، التي يتم تبنيها في وضع الامتحان. المعرفة الآن أصبحت متوفرة في عدة مواقع إلكترونية، وبلغات متعددة، سواء فيديوهات تشرح الدروس، أو مقالات تطرح الدرس والنقاط المهمة فيه، أو نصائح، إلخ..

على الإنسان فقط أن يعتزم السير في هذا المسار، وهو قادر على التميز. نصيحتي لجميع التلاميذ أن يطرحو السؤال، ويصنعوا الظروف المناسبة للدراسة، ويكونوا صداقات مع التلاميذ والأساتذة كذلك، فالعداوة لا تزيد الطين إلا بلة. أؤكد كذلك أهمية اللغات في فهم الدروس، خصوصا اللغة الإنجليزية، فالفيديوهات الموجودة على النت، التي تشرح ظاهرة علمية، أو مفهوم رياضي قد تدرسه في الباكالوريا – وما أكثرهم – أغلبها باللغة الإنجليزية، والأمثلة في ذلك متعددة.

في الأخير، أوجه الشكر إلى أسرتي، وجميع الأصدقاء، الذين كانوا سنداً لي طوال هذه الفترة، وكذلك جميع الأساتذة، الذين قدموا إلي الدعم في مختلف المواد، سواء المعرفي أو النفسي، إلى جانب المؤسسة التعليمية، محمد الدرفوفي، التي حرصت على توفير مختلف الظروف المناسبة للدراسة، وأتمنى التوفيق لجميع التلاميذ في جميع الشعب.
المصدر : اليوم 24

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *