Home»International»الرد العتيد على افتراءات عصيد

الرد العتيد على افتراءات عصيد

0
Shares
PinterestGoogle+

الرد العتيد على افتراءات عصيد

محمد شركي

  نشرت جريدة الصباح المغربية يوم السبت 03/03/2012 في عمود حديث الصباح  على صفحتها الأولى مقالا للمدعو أحمد عصيد تحت عنوان :  » شياطين العلمانيين وملائكة الإسلاميين  » . وبالمناسبة  يعتبر هذا الكاتب منظرا من منظري العلمانية في بلادنا الإسلامية ، ويفسح له المجال في العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية لتسويق بضاعته ، وللطعن في  بضاعة غيره من الإسلاميين . ومعلوم أن الفرص التي تتاح للعلمانيين في وسائل إعلامنا أكثر من الفرص التي تباح لغيرهم . واللعبة مفهومة كما حصل لي مع موقع هسبريس الذي كان يفسح المجال للطروحات العلمانية، فلما انبريت للرد على بعضها  في إطار حرية الرأي والتعبير ـ يا حسرتاه ـ  تم منع مقالاتي جملة وتفصيلا ، لأن  العلمانية لا تسمح بنقدها ، لأنها تعتقد أنها عين الصواب  ،وما سواها ضلال مبين . ومن أجل ذر الرماد في العيون تفسح وسائل الإعلام التي تكتم علمانيتها  المجال لبعض الطروحات المتهافتة المحسوبة على الإسلام من أجل  توفير فرص الانقضاض عليه من خلال هذه الطروحات التافهة والمتهافتة من قبيل فتوى مضاجعة الرجل لزوجته الميتة التي صارت  مغمزا للنيل من الإسلام ، وكأنها  فتوى صحت لدى  مجامع الفتاوى الإسلامية  ، وكأنها الفتوى الوحيدة في الفقه الإسلامي . والكاتب عصيد ، وهو اسم على مسمى ، لأن فعل عصد الشيء في العربية يعني لواه وعقده ، وعصد المرء على الأمر إذا أكرهه ، وفي أحسن الأحوال تدل العصيدة على خليط الدقيق بالسمن وطبخه . فالرجل  يلوي أعناق الحقائق  ، ويكره  غيره عليها ، ويخلط خليط العصيدة .  وعندما نستعرض وجهة نظر  الكاتب عصيد ، نجده في الحقيقة  يمرر نقده للدين الإسلامي عبر اختلاق خلاف مع المحسوبين على الإسلام سواء أحسنوا تنزيله أم زلت بهم آراؤهم  وأنا سأناقشه ، وليس لي انتماء لحزب أو لجماعة محسوبة على الإسلام ، حتى لا يظن أنني أرد عليه باسم جهة من هذه الجهات ، وإنما ردي هو انتصار للإسلام الدين الرسمي  للدولة بموجب دستور لا يقره عصيد وأمثاله من العلمانيين . فهو في طروحاته  لا يرى سلطة فوق سلطة القانون الوضعي الذي هو من وضع البشر ، لأن البشر في اعتقاده العلماني هو الغاية والقيمة العليا التي لا ينبغي أن تسخر كأداة في خدمة أية غاية ، مهما كانت حتى لو كانت  هذه الغاية هي عبادة رب العزة جل جلاله .

فمن خلال هذا الطرح العلماني  يتبين  تأليه  عصيد للبشر ، ونفي الذات الإلهية من خلال تعطيل  الشرع الإلهي  لفائدة شرائع الأهواء. و كما يعتقد عصيد نفسه،  فإن البشر الذي يؤلهه خاضع للتغيير مما يعني أن ما يصدر عنه  اليوم من قوانين  حتما ينقض غدا وفق منطق التغيير، وهو بذلك قانون غير قار لا يستقيم به عدل في الأرض ، بينما شرع الله عز وجل قار وثابت لا يتأثر بالمتغيرات ويستقيم به العدل. وحسب القوانين الوضعية أنها متغيرة  لتكون باطلة .وبطلانها  يتجلى في كون الأهواء البشرية قد  تتفق على الانحراف عن تحقيق المصلحة البشرية في زمن ما  ، وبموجب الطرح العلماني  تكون مقبولة بسبب التوافق الصادر عن الأهواء حينذاك،  لا بسبب صحتها وسلامتها وصلاحها  وموضوعيتها . والكاتب عصيد يرفض استعمال الدين في المجال السياسي بغرض ترسيخ الاستبداد وتقديس الأشخاص على حد تعبيره . ومعلوم أن الدين كما هو حاله في الإسلام  يغطي كل المجالات، ولا يغطيه مجال من المجالات ،لأنه الدين الإسلامي  منهاج حياة  لا يمكن أن يلامس جوانب من الحياة دون أخرى. والكاتب عصيد يرى الحياة السياسية مجالا للتدبير البشري الأرضي بناء على قوانين متغيرة ، والمقابل للتدبير الإلهي السماوي بناء على شرع ثابت . والدين عند الكاتب عصيد شأن شخصي  ، واختيار حر للأفراد،  فمن شاء أن يؤمن ومن شاء أن يكفر ، وما على الدولة إلا حماية  واحترام  مشيئة الناس المختلفين بالضرورة،  لأنهم يقدسون الحرية التي هي أسمى ما في الديمقراطية. واعتبار عصيد الدين شأن شخصي الغرض منه  الوصول إلى أن اللادين هو أيضا شأن شخصي  تضمنه حرية نسبها للديمقراطية ، ونفى نسبتها للإسلام  مع أن شعاره : (( لا إكراه في الدين )) ، وهو مبدأ حرية الاعتقاد.  ولا يلتفت عصيد إلى تناقض صارخ يقع فيه عندما  يجعل  القوانين الوضعية فوق كل شيء ، مع أنه يعتقد بحرية الاعتقاد ، إذ بموجب هذا الاعتقاد لا يوجد شيء فوق كل شيء ، بل الحرية  هي فوق كل شيء ، وعندما يختار الناس شرع الله عز وجل بكل حرية ، فلا بد أن يكون هذا الشرع فوق  كل شيء ، وهو ما لا يقبله عصيد الذي لا يعترف بالحرية إلا إذا اختارت القوانين الوضعية المتغيرة ، ورفضت الشرع الإلهي الثابت ، أما العكس فلا يصح عنده . ويرفض عصيد الوصاية في مجال الدين  مع أن الإسلام هو من يقر هذا المبدأ بقوله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم : (( لست عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر إن إلينا  إيابهم ثم إن علينا حسابهم  ))،  فإذا كان الرسول وهو أعلى سلطة دينية لا سيطرة له على الناس ما داموا سيرجعون إلى خالقهم  لمحاسبتهم ، فليس من حق أحد أن تكون له الوصاية الدينية على أحد . وعصيد لا يرفض وصاية البشر الدينية،  بل يرفض وصاية الدين نفسه.  ويتحدث عصيد عن المساواة الإنسانية بين الذكورة والأنوثة ، مع أن الإسلام لم يقل  بحيوانية الأنوثة البشرية كما ظلت الديانات المنحرفة تقول بذلك إلى عهد قريب .

ويرفض عصيد  ما سماه الوصاية الدينية أو الأخلاقية على المجتمع باعتبار أفراده راشدين ينعمون بحرية الاختيار والتقدير. ولو فكر قليلا لأدرك أن القوانين الوضعية عندما تعلو كل شيء هي الأخرى تفرض وصاية أخلاقية من نوع  خاص أيضا على أفراد المجتمع . أليست النماذج العلمانية الحالية تضيق على المرأة المسلمة حتى في لباسها بدعوى  صيانة القيم الأخلاقية العلمانية ؟  فلماذا ينكر عصيد على الإسلام  صيانة قيمه الأخلاقية ، ويقبل صيانة العلمانية لقيمها الأخلاقية ؟  ويرفض عصيد فرض نمط معين من التدين على جميع الأفراد، لأنه يكرس في نظره الثيوقراطية التي تجاوزتها الإنسانية . وههنا ينسب  عصيد للإسلام ما لم يقل به ، فالإسلام بريء من الثيوقراطية براءة الذئب من دم يوسف . ولا يتحمل الإسلام  مسؤولية من كرس نمطا من الدين لتحقيق الثيوقراطية . ويعتبر عصيد أن العلمانية ترتكز على العلم والعقلانية العلمية  التي هي أساس الحضارة المعاصرة ، ومنطلق القوة والابتكار والاختراع ، وهو  بهذا يضع الإسلام في الاتجاه المعاكس بلا علم ولا عقلانية علمية ، مع أن الإسلام هو دين العلم وشعاره : (( اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم )) ، فلا يوجد في القرآن ولا في السنة ما يدل على مناقضة الإسلام للعلم. ولمناقشة عصيد الحساب في هذه النقطة بالذات، نقول له هل ما تقوم به الحضارة المعاصرة  باعتماد القوة والابتكار والاختراع مقبول أخلاقيا ؟ هل غزو أقوياء هذه الحضارة لضعفائها مقبول عنده ؟  ويرى عصيد في الفن والقيم الجمالية مرآة تعكس خلجات الروح  وماهية الإنسان ،مما يجعلها حرية خالصة غير قابلة لأية وصاية . فههنا لا تقيد الفن قيود عند عصيد، بل للإنسان كامل الحرية  في ممارسة الفن كما يشاء . وبموجب الاختلاف الذي يقره عصيد بين الناس ، لا بد أن يختلفوا في ممارسة الفن  باختلاف  مفاهيمه لديهم ، بحيث ما يكون فنا عند هؤلاء يكون  اعتداء على قيم وأخلاق غيرهم . فكيف  يحل عصيد هذه المشكلة؟ فمنطق عصيد   يقف عاجزا عن حل معضلة الاختلاف البشري الذي تتقاطع مناطق تفاعله ، ولا يمكن أن يتم التعايش  في مناطق التقاطع ، والرؤى مختلفة  ، والمصالح متضاربة . فعلى سبيل المثال  لا الحصر يعتبر الرقص الكاشف عن الجسد قيمة من القيم الفنية عند من يبيح الكشف عن الجسد ، بينما  يعتبر مساسا بالأخلاق  والقيم في تصور آخر . فإذا ما سادت القوانين الوضعية ، فسيفرض هذا الفن على الذين يعتبرونه إخلالا بالقيم .

فأين إذن هي قدسية الحرية الفردية  التي يؤمن بها عصيد ؟  ولماذا ينكر على الإسلام منع سلوكات معينة  إذا كانت العلمانية   لها سلوكات تمنعها  أيضا عندما تسود وتحكم  وتهيمن ؟  ومقابل اعتداد عصيد بالقيم العلمانية إذا صح إطلاق  القيم  على سلوكات فارغة من  مضمون أخلاقي  يقره غيرها ،يعرض بالقيم الإسلامية  من قبيل تطبيق الشريعة الإسلامية كما فهمها السلف والفقهاء القدامى ـ والتعبير ههنا  تشتم منه رائحة القدح والاستهزاء ـ منذ ألف عام  باعتبارها نظاما شاملا . يقول عصيد هذا  ويستسيغه ويقبله ، ولا ينتبه إلى أنه  يرفع من شأن الديمقراطية التي هي  منتوج سلف وفقهاء  أقدم من سلف المسلمين ـ وهنا أستعمل كلمة فقهاء دون  استهزاء  كما فعل عصيد ـ فلماذا ينكر عصيد الشريعة الإسلامية  بدعوى قدمها  ، ويقبل الديمقراطية مع أنها قديمة أيضا ، وصلت إلينا من الأثر الفكري الإغريقي ؟ وينكر عصيد قوانين الشريعة الإسلامية المتعلقة بالحدود ، ويسخر منها بقوله :  » قطع الأيدي والأرجل والرؤوس والرجم بالحجارة والجلد بالسياط  » والسؤال المطروح على عصيد هو : في حال سيطرة القوانين الوضعية العلمانية على مراكز القرار ، هل سيكون فيها قانون جنائي أم لا ؟ فإذا كان الجواب بالإيجاب ، هل سيعاقب المجرمون أم لا ؟ وإذا كان الجواب أيضا بالإيجاب ، فما هو حجم هذه العقوبات ؟  ولنفرض أن عقاب مرتكب جريمة القتل العمد هو الإعدام  في العلمانية ، فما  فالفرق بين  قطع الرؤوس  عند تطبيق الشريعة الإسلامية ، والإعدام في تطبيق الشريعة العلمانية مهما كانت وسيلة الإعدام ؟  فهل سيقول عصيد بعد ذلك إن الشريعة العلمانية لا تقر الإعدام ، وسؤالنا له عندئذ فأين العدل إذن في المجتمع العلماني الذي يزهق فيه البعض أرواح غيرهم ، وتصان أرواحهم؟  ويرفض عصيد أن  تطوق الحياة المجتمعية بالمحرمات أي الممنوعات . والسؤال المفروض على عصيد :  ألا توجد ممنوعات ومحرمات في المجتمعات العلمانية ؟ كيف تنكر محرمات الإسلام ، و تجيز محرمات العلمانية ؟ ألم تفرض العلمانية غرامة على صاحبة النقاب ؟  فلماذا يجوز للعلمانية أن  تحرم النقاب في شريعتها ، ولا يجوز للإسلام تحريم الخمر ،والزنا ، والقمار ، والتبرج المخل بالأخلاق… ؟؟؟  ويحتج  عصيد على منع الإسلام للرقص ، والاختلاط ، ومظاهر المرح والبهجة والسرور، ولكنه  لا يبالي بمنع العلمانية لما  تعتبره مناقضا لقيمها .فالذي ينكر على شريعة ما  المنع ، يجب ألا يقر المنع في شريعته أصلا . ويرفض عصيد أن يكون العقل البشري محدودا أوقاصرا أو بتعبير آخر يرفض نسبية العقل البشري ، مع أنه لا ينتبه إلى القول  بالتغيير كقانون بشري ، علما بأن المتغير محدود وقاصر بالضرورة . ويستخف عصيد بالآخرة  وهو ينتقد نظرة نسبها للإسلام بهتانا وزورا مفادها أن علوم المادة لا تنفع في الآخرة . والحقيقة أن  الإسلام  يربط الآخرة بالأولى ، ذلك أن النجاح في الأولى، والذي يحصل بعلوم المادة هو عبارة عن نجاح في الآخرة .

ويختم عصيد برفض دعوة الإسلام إلى طاعة الأمير و لو كان ظالما ، وهو افتراء على الإسلام أيضا ، و الذي شعاره في السنة  :  » إن الله حرم على نفسه الظلم وجعله محرما بين عباده ، فلا تظالموا «   وشعاره في القرآن : (( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار )) . أما الطاعة المأمور بها في الإسلام فقوامها  شعار :  » لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق  » أما ما دون معصية الخالق فالطاعة واجبة ،لأن الأمير في الإسلام هو موضوع توافق الذين أمروه عليهم باسم شريعة الإسلام ، تماما كما يكون الحاكم في المجتمع العلماني،  وباسم القوانين الوضعية موضوع  توافق العلمانيين،  ولا يسمح  بمخالفته  أو الخروج عليه . ومشكلة عصيد دائما أنه  كما قال الشاعر : ( ينهى عن خلق ويأتي مثله )، ولا يبالي بالعار المترتب عن ذلك . ويبلغ عصيد قمة الاستخفاف بالإسلام  عندما ينعت الإسلام بالإفتاء البدوي اللإنساني  ، ويمثل لذلك ببائقة الذي أفتى بمضاجعة الزوجة الهالكة ، واستحق بذلك رخصة   حافلة  مع الذين قدموا للوطن خدمة  ، واستفادوا من الامتيازات ، وهي الآن  حديث اتهام ومساءلة عند الحكومة المحسوبة على اللإسلام ولم تكن من قبل موضوع مساءلة . ولم يجد ما يمثل به عصيد للإفتاء في الإسلام سوى بائقة  مضاجعة الزوج زوجته الهالكة ، وهي فتوى ردت على صاحبها من طرف أصحاب القدم الراسخة في العلم ، والذين لا يشترون بآيات الله ثمنا  قليلا من قبيل رخصة  نقل بين طنجة وخنيفرة  وهو الذي تعود النبش  فيما لا يفيد  ، بحثا عن خلاف  به يعرف .  ولعصيد نقول لعل صاحب  هذه الفتوى يكون قد  سئل عن إثم  مضاجعة الهالكة في حال كونها زوجة ، لأن مضاجعتها  في حال كونها غير زوجة ، وهو مما عودتنا وسائل الإعلام نقله  باستمرار  ، من جرائم المجرمين الشواذ . وإذا كان هذا المفتي قد أخطأ فالمطلوب أن  يجد عصيد في الشريعة العلمانية  فتوى صحيحة  على الزوج المضاجع لزوجته الهالكة أو العكس . فإن  كان قضاؤه فيه كقضائه في المضاجع لغير زوجته ، فمعنى ذلك أن علاقة الزوجية  بالنسبة للزوج تنقضي لحظة خروج روح زوجته خلاف حكم الزوجة التي  لا بد أن تستبرىء  لرحمها  بعدة معدودة الأيام . وما المانع من أن يثار فقهيا موضوع  كهذا  ، والناس عندنا  ينبشون القبور ، ويضاجعون الأموات دون وجود قرابة بينهم  ؟  وهل فتوى صاحب هذه الفتوى تلزم المسلمين  ،علما بأن  جسد الهالك في الإسلام له حرمة ، فكيف يمكن التوفيق بين الحرمة والمضاجعة ؟  وإذا ما كان قصد صاحب الفتوى  الموت المجازي ، وهو موت الدين  ، فما أكثر الذين يضاجعون الأموات وعلى رأسهم العلمانيين ، وليس من مات واستراح بميت // إنما الميت ميت الأحياء

 وأخيرا نقول لعصيد لقد  عودتنا  في مقالاتك طبخ الغريب من العصائد التي لا تهضم ، لأن  تعصبك للعلمانية أعماك وأصمك . فإن كنت تريد الصراع السياسي مع العدالة والتنمية ،  فعليك بهم ،  ودع عنك  دين الله وشرعه ، واعلم أنك ملاقيه  بكتاب عن يمين أو عن شمال ميزانه مثقال الذرة ، والوازن  سبحانه لا يعزب عنه مثقال ذرة . وأسأل الله تعالى لك الهداية  قبل النهاية  ولأمثالك من العلمانيين .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *