Home»Régional»أبيسية

أبيسية

5
Shares
PinterestGoogle+
 

محمد شحلال
لازال معظم الأسر المغربية يعتبر كلمة الأب هي الفيصل في القرارات الهامة،وعلى رأسها مسألة تزويج الأبناء.
لقد كان للأباء مقاييسهم الخاصة في هذا المجال وغيره،وهي مقاييس ليس من الضروري أن تستجيب لرغبات الأبناء،اذ كان الأهم بالنسبة للأب هو أن يلمس في الأصهار شيئا مما يتلاءم مع ميوله المستمدة من مرجعية القدماء.
كان الاباء يختارون في المصاهرة، من ينحدر من العائلات المشهود لها بالكرم والعفة والمروءة والشجاعة ،الى جانب كل ما يعزز هذه القائمة من مفاهيم متوارثة.
ولعل أحد المقاييس التي لا تقاوم،هي أن يكون الراغب في المصاهرة من قبيلة أخرى، لما في ذلك من تلاقح قد قد ،،ينتج سلالة،،متميزة في المؤهلات والعطاء.
في ظل سيادة مثل هذه الأعراف ذات زمان،حصلت زيجة لم يسبق لها مثيل في تشخيص سلطة الاب.
أما مسرح ،،الحدث،،المتفرد ،فهو منطقة،،بني وجكل،،العربية والواقعة في نفوذ جماعتنا.
يعيش جيراننا في رقعة جبلية ذات غطاء نباتي هام،وكانوا الى زمن غير بعيد، يتقاسمون مع أهالينا العيش تحت الخيام.
ينتهي امتداد قبيلة ،،بني وجكل،،عند قبائل ،،بني كيل،،الشهيرة،مما جعلهم يتبادلون التأثير في كثير من أوجه ومقومات الحياة.
كانت احدى العائلات،،الوجكلية،،ذات شأن في فترة من الزمن الماضي،وهو ما دفع أشخاص من بني ،،كيل،،الى الرغبة في نسج علاقة مع هذه الأسرة عبر المصاهرة.
كان مقام الأسرة يومئذ يتجاوز مؤهلات العروس،ذلك أن انتماءها للأسرة الفلانية،قمين بالتغطية عما سواه.
حل وفد ،،بني كيل،،ضيفا على أسرة .ب. م.( الوجكلية )
لطلب يد ابنتها زوال أحد الأيام.
استقبل وفد الخطاب بما يليق بمقام ضيوف من،،البراني،،
وأثناء تناول الشاي،كشف أحد الضيوف عن موضوع الزيارة ،وهو الموضوع الذي لقي تجاوبا وترحيبا من الأب،بينما كانت ربة،،الخيمة،،تتابع المفاوضات وهي تعد الطعام.
لم تستطع الأم مقاومة الاعتراض على أحد،،بنود الاتفاقية،،فتجرأت على اسماع رأيها المعارض، وهو ما كان بمثابة وقاحة وسابقة ،،مرغت،،كرامة رب البيت في الوحل.
واعمالا لسلطات،،الأبيسية،،فان الرجل سارع الى حيث تجلس،،المعارضة،،من خلف الستار غير الكاتم للصوت،وألقى عليها سلهامه، ثم اقتادها الى مجلس الضيوف وطلب منها اتمام المفاوضات على أن يقتصر دوره على الانصات !
أصيب الضيوف بذهول،ووراحوا يتوسلون الى الرجل أن يرفع هذا الحرج ،محاولين تبرير سلوك المراة التي تحركت وفق املاءات الأمومة،لكنه سمح بعودتها الى مكانها-على مضض- بشرط مرفق بأغلظ الأيمان،وهو ان تزف العروس مساء ذلك اليوم ذاته دون توفير أبسط المطالب !
حاول الضيوف تهدئة الاب الهائج لضمان مهلة ولو لاحضار بعض الملابس، لكنه رفض رفضا قاطعا وأقسم مرة أخرى أن تتم الأمور كما حددها ولو لبست العروس لباس الرجال !
جهزت البنت بما توفر من،،عفش،،والتحقت ببيتها الجديد كما أراد أبوها،ليتم تدارك بعض من ،،البروتوكول،،يوم العرس.
لم يكن الاب ليتتازل قيد أنملة عن تنفيذ ما تخوله له أبيسيته،وبالرغم من كل الحيثيات التي تمت فيها هذه الزيجة،فانها سمحت بقيام أسرة بالمواصفات التي كان القدماء يسعون الى تحقيقها، كما سمحت كذلك بتوطيد العلاقة بين الأسرتين ،،الوجكلية والكيلية،، !
انها قصة من صميم الواقع الذي ظل سائدا الى زمن قريب،ولعلها قصة قد تثير حنق الكثيرين لما فيها من سلطوية لا حدود لها،بينما يلغى بمقابلها كل دور للاطراف الأخرى،لكن الوقائع تؤكد أن جل المتزوجات باملاءات الاب،،الوجكلي،،قد تمكن من بناء اسر ناجحة ومستقرة،بينما يتضح أن; الاختيارات المتاحة في ايامنا،لا تشكل قاعدة نجاح صلبة،ولعل نسبة الطلاق المتعاظمة والمشاكل الاسرية كفيلة بأن تقدم الجواب،وان كان المنطق الذي يجب أن يسود ،هل الحرص على الحد الادنى من الرضا في قيام الأسرة.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.