Home»Correspondants»أصحاب الدهاء و البلاء

أصحاب الدهاء و البلاء

0
Shares
PinterestGoogle+

كانت الحملة الانتخابية الأمريكية تنتهي بمواجهة على شاشة التلفزة الوطنية و الخاصة  بين مرشحين(2) للرئاسيات،واحد من الجمهوريين و الآخر من الديمقراطيين.و في هذه الجلسة المطولة يكشف المستور في كل شيء من الأمور السياسية و القرارات الفاشلة و الناجحة إلى الأمور الاقتصادية و العسكرية و الاجتماعية و التعليمية و التربوية و الأخلاقية و الدينية ،غالى الأمور العائلية و الخاصة…كل شيء يكون تحت المجهر أمام الشعب لكي يحسن الاختيار.

وخلال المنازلة في كل ولاية و مدينة أمريكية، يستعين كل واحد منهم بخبراء في الأمور الانتخابية،و حتى الاستعانة بخبير سريdétective prive (يكتشف زلات الخصم و غرامياته الفاشلة أو تهربه من الخدمة العسكرية الخ).كل واحد منهم يبحث عن الضربة القاضية للخصم و إنهاء طموحاته السياسية. و قد يعمدون إلى أنصار من الدرجة الثانية يتولون مهمة القذف و السب و الشتم و التحقير للزاخر،و نعته بأقبح النعوت و أوسخها.و القاموس الأمريكي السياسي حافل بهذا المستوى من المواجهات.فحرية التعبير تمنح لأي واحد أن يستعمل  كل مفردات القاموس الاجتماعي و بلا حرج…لأنه شعب لا يعرف الحرج…

و لعل اللحظة التي نعيشها الآن إبان الحملة الانتخابية التي مرت أبانت لنا،مقدار الخروج عن المألوف :الأحزاب المعارضة و الأحزاب في الحكومة ،تبادلتا هذا النوع من القواميس اللغوية المفتوحة .فيشتم الواحد الآخر و ينعته بالغباء، أو الأحمق، و (البلطجي)، و الإرهابي و الداعشي، و اللص، و السارق و الناهب لأموال الشعب، و المرتشي،و المحتال و المنافق و  المتملق ،و مقبل الأيادي و الأرجل…الخ من المفردات القاموسية الأخرى و التي نجد نحن المغاربة، كل الحرج لكتابتها أو التفوه بها(لأنها (زنقاوي) و من الرداءة و الخبث و القذارة

تبادل المفردات اللغوية من القاموس الاجتماعي الرديء هي سمة كنا نسمع بها نحن أبناء الأحياء الشعبية.و كانت بطلاتها نساء أميات و جاهلات،لم يتعلمن الأدب في الكلام لا في بيوت أبائهن و لا في المدارس الحكومية،و لا في بيوت أزواجهن.و هذه السمة الاجتماعية  كن يستعملنها في الحمام ،حين يتبادلن الشتم بسبب المكان أو الماء أو أشياء أخرى لا يعلمها إلا أهلها .

 كان شحذ اللسان بالعبارات من هذا النوع الوسخ،مهارة لا تتقنها إلا التي تمرنت سنين عليها و اكتسبت تجارب تدهش الناظرين .و هي السلاح النافذ لإسكات و إفحام الخصم إلى الأبد. و حسب تلك النساء -اللواتي يرمين بعضهن بعضا بالقذارة و الخسة و ما شابه ذلك-أنهن لم يتعلمن  من المجتمع إلا تلك الآليات الدفاعية عن النفس.. ولهن كل العذر و الأعذار… و لكن أن يتداول ذلك بين زعماء الأمة و قدوتها،و بين مرشحين قد يكونون غدا من الوزراء أو النواب أو رؤساء البلديات و الجهات،أي من أعيان البلد و وجهائه و نبلائه،فذلك هو الوزر الكبير و الطامة الكبرى.خاصة و أن تلك الأخبار قد تنقل عبر الجرائد الورقية و الالكترونية و باقي وسائل الاتصال.كل ذلك يبين بالواضح و ليس بالمرموز أن هؤلاء ليس لديهم ما يقولونه أو يفعلونه للشعب سوى إطالة اللسان و قلة الإحسان.

و ليس غريبا و الأمر كذلك أن يطلق الشعب عليهم،ليس رجال السياسة و الحلول البرجماتية للمشاكل المطروحة،بل رجال الدهاء و الاحتيال و البلاء.. و الجنة التي يعدون بها الشعب أن يأكل منها و يعيش النعيم المقيم لا وجود لها إلا في الخطب و الكلمات أوفي أحلام شهرزاد الروائية.

فويل للشعب إذا لم يعرف قوانين اللعب السياسي في العالم الثالث .فإذا لم يعرف كان الضحية و الأضحية….

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *