Home»Enseignement»ضعف التحصيل الدراسي بسبب تعطيل مهارة الحفظ والاسترجاع التي تروج عنها بعض الجهات إشاعات مفادها أنها تؤثرعلى نمو وتطور الذكاء

ضعف التحصيل الدراسي بسبب تعطيل مهارة الحفظ والاسترجاع التي تروج عنها بعض الجهات إشاعات مفادها أنها تؤثرعلى نمو وتطور الذكاء

0
Shares
PinterestGoogle+
 

ضعف التحصيل الدراسي بسبب تعطيل مهارة الحفظ والاسترجاع التي تروج عنها بعض الجهات  إشاعات مفادها أنها تؤثرعلى نمو وتطور الذكاء

محمد شركي

مقولة متهافتة كانت بعض الجهات ولا زالت تروجها عن مهارة الحفظ والاسترجاع متهمة إياها بالتأثير السلبي على نمو وتطورالذكاء عند المتعلمين . ومصدر هذه المقولة دخل بلادنا وبلادا عربية وإسلامية أخرى مع دخول الاحتلال الغربي إليها والذي كان يستهدف بالدرجة الأولى الدين الإسلامي من خلال استهداف كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم اللذين كانا يحفظان عن ظهر قلب عند المسلمين .

ويكفي أن  نذكّر بأن المحتل الفرنسي لبلادنا كان يسمي جامعة القرويين، وهي أول جامعة في العالم » البيت المظلم » تنقيصا من شأنها ، ومن شأن دورها في نشر المعارف والعلوم في العالم لقرون . وسبب تسميتها بالبيت المظلم هو أنها كانت محضن تلقين القرآن الكريم حفظا، وتدبرا، و تشربا ،وتخلقا إلى جانب الحديث الشريف وعلومهما ، وكل ما يمت إليهما بصلة من مختلف العلوم والمعارف، فضلا عن مختلف المعارف والعلوم التي تقتضيها الحياة .

ولقد جاء المحتل الفرنسي إلى بلادنا مستهدفا هويتها الإسلامية ، ففرض تعليمه ، وثقافته بالقوة مدعيا أنه يريد إخراج المغاربة من ظلمات البيت المظلم إلى أنوار البيت الفرنسي . ولقد أخذ استهدافه لهويتنا الإسلامية أساليب وأشكال مختلفة كلها تفضي إلى نفس الغاية والقصد .، ومنها على سبيل التمثيل لا الحصر استهداف تعليمنا العتيق والأصيل . وأهم ما ركز عليه المحتل لنسف هذا التعليم من أساسه هو التشكيك في طرقه وأساليبه ومناهجه  خصوصا تركيزه على مهارة الحفظ والاسترجاع ، وهي مهارة لا مندوحة عنها قبل الاشتغال بمختلف المهارات الأخرى من فهم ، واستيعاب ، وتحليل ، وتركيب ، ونقد … إلى غير ذلك من المهارات.

ومعلوم أن الذي فرض هذه المهارة في تعليمنا العتيق هو الاهتمام بكتاب الله عز وجل ، وبالحديث النبوي الشريف ، وكل ما له علاقة بهما من علوم ومعارف لأن ذلك من مقتضيات صيانة الهوية الإسلامية . ولما كانت هذه الهوية مستهدفة من طرف المحتل الفرنسي، فإنه ركز على استهداف مهارة الحفظ والاسترجاع لتجهيل أبناء الإسلام بكتاب ربهم ، وبسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ، وبكل ما له صلة بهما بما في ذلك تجهليهم بلسانهم العربي ، واستبداله بلسانه الفرنسي لتكريس احتلاله الفكري فيهم . ولقد حاول تحقيق هدف صرفهم عن لغتهم بتشجيع اللهجات العامية والبربرية ، وأنشأ لذلك مدارس سماها المدارس البربرية إلى جانب مدارسه الفرنسية ، وذلك لتضييق الخناق على ما كان يسميه البيت المظلم ، وما كان تابعا له من معاهد ودور لتحفيظ كتاب الله تعالى ، ودراسته .

ولقد نجح المحتل الفرنسي في استدراج فئات من المواطنين المغاربة إلى ثقافته وفكره ، ولغته خلال فترة احتلاله وبعدها مع شديد الأسف إذ ظل الكثير منهم ولا زالوا يرددون مقولته عما كان يسميه بيتا مظلما بلسان مقالهم، وبلسان حالهم وقد أوكل إليهم أمر التعليم ، فجعلوه استمرارا لتعليم المحتل ، وضيقوا الخناق على تعليمنا  العتيق الموروث ، وطعنوا في مصداقيته وجدواه ، وفي مناهجه وطرق وأساليب تدريسه ، وعنهم راجت فكرة الاستنقاص من شأن وقيمة مهارة الاسترجاع التي لا زالت تخدع الكثير من ناشئتنا المتعلمة إلى يومنا هذا ، وهي ناشئة  صارت تأنف من هذه المهارة  وتستثقلها ، بل تعاديها ، وقد ألقي في أذهانها أنها تحد من الذكاء وتعطله .

وواقع الحال أن هذه المهارة لا مندوحة عنها  لمتعلم في كل أنواع التعليم ببلاد المعمور المعمور لأن كل الناشئات المتعلمة في كل أقطاره تخضع لهذه المهارة ، وهي تمتحن فيها حين تطالب باسترجاع ما تم تلقينه لها من مختلف المعارف والعلوم . أوليس طلب علم الطب على سبيل المثال يتوقف أساسا على معرفة جسم الإنسان بكل ما فيه من أعضاء كبيرها ودقيقها استرجاعا واستظهارا ، ومعرفة ما يعتريه من علل ، وما يلزم من أدواء لعلاجها … فهل يستطيع طلاب علم الطب أن يصبحوا أطباء دون قدرتهم على استرجاع كل ما له علاقة بجسم الإنسان ؟ أوليس استرجاع ذلك استرجاعا واستظهارا يلزمهم  بالضرورة لاجتياز امتحاناتهم خلال مراحل دراستهم الطبية ؟ وما قيل عن علم الطب يقال عن باقي العلوم  والمعارف ، فلماذا تعاب مهارة الحفظ والاسترجاع حين يتعلق الأمر بكتاب الله تعالى ، وبما يتصل به من علوم ، أو يتعلق الأمر بالحديث الشريف وما يتعلق به من علوم  ولا تغاب عندما يتعلق الأمر بغيرهما من المعارف والعلوم ؟

ومن المغالطات التي تصدر عن بعض  المستلبين فكرا وثقافة أنه يوجد فرق بين مهارتي الفهم والاسترجاع ، والحقيقة أنهما متلازمتان لا تنفك إحداهما عن الأخرى ، ذلك أنه لا فهم دون استظهار واسترجاع والعكس صحيح ، ومن زعم غير ذلك ، فعليه الإتيان  بحجة ودليل ، وهو أمر مستحيل بشهادة الواقع الذي لا سبيل لرد شهادته .

وإنه لمن المؤسف أن تردد ناشئتنا المتعلمة مقولة من يستهدفون حسن تحصيلها  وتطويره من خلال  صرفها عن التمرس بمهارة الاسترجاع والاستظهار، وهي التي يتوقف اجتياز جميع اختباراتها وامتحاناتها على التمكن منها أولا قبل كل المهارات، ونحن نتحدى من يقول عكس ذلك ، ويقدم لنا اختبارا أو امتحانا في مختلف المواد الدراسية ، ومختلف العلوم والمعارف  تكون خالية من هذه المهارة.

ولقد ثبت أن أكثر المتعلمين تحصيلا للعلوم والمعارف هم من يمرنون ذاكراتهم على مهارة الاستظهار والاسترجاع ، وكفى بها دليلا على قوة الذكاء خلاف ما يدعيه البعض ممن يسعون إلى تكريس ضعف التحصيل الدراسي لدى الناشئة المتعلمة ، وهو ما كثر عنه الحديث اليوم .

وبقي أن نقول أخيرا وليس آخرا إن مهارة الحفظ والاسترجاع هي مربط الفرس أو بيت القصيد كما يقال لمن أراد أن يبلغ الشأو المنشود في التحصيل الدراسي الجيد . ولن تستعيد ناشئتنا المتعلمة عافية ذاكرتها  التي يشترط أن تكون لاقطة و تستعيد عافية ذكائها  إلا باعتماد هذه المهارة التي لا مندوحة لها عنها ، وقد صدق من قال:  » من  يحفظ حجة على من لا يحفظ  » ، ولقد كان أسلافنا يصفون العالم النحرير بأنه حافظ ، وما أكثر ما  كان هذا الوصف يدون على عناوين كتب مشاهير العلماء ، وهو ما يعني رسوخ أقدامهم في العلم والمعرفة . ولقد كان الحفاظ عندنا في كل زمان محل إعجاب وتقدير الجميع حيث يذهل حفظهم العقول ، وهم بذلك مواهب نادرة، وعبقريات فذة ، وعملة صعبة، وكفى  شرفا للحفظ أن سيد الخلق عليه الصلاة والسلام هو أول وسيد الحافظين في العالمين .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.