Home»Enseignement»من الهفوات التي لا يُلقى لها بال ما يعصف بمصداقية ملتقيات فكرية

من الهفوات التي لا يُلقى لها بال ما يعصف بمصداقية ملتقيات فكرية

0
Shares
PinterestGoogle+
 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحسن جرودي

من الهفوات التي لا يُلقى لها بال ما يعصف بمصداقية ملتقيات فكرية

يعتبر تنظيم الندوات واللقاءات الفكرية الجادة عبر مختلف جهات المغرب من المؤشرات الدالة على أن الطبقة المثقفة لا زالت لم تستسلم رغم كل المثبطات التي يعج بها الواقع الثقافي بالبلاد، غير أن ما يلفت الانتباه، هو تلك الهفوات التي تصاحب عددا منها والتي قد يعتبرها البعض بسيطة، لكنها في حقيقة الأمر ذات أبعاد وتداعيات قد تؤدي إلى عكس النتائج المتوخاة منها، خاصة وأن مجموعة من الأسماء الوازنة المشاركة فيها يعتبرون قدوات عند أغلب الحضور، ومن ثم فمن المحتمل جدا أن تتعرض سمعتهم للإساءة بسبب هذه الهفوات مما يؤدي إلى إضعاف ثقة المتتبعين لمحاضراتهم وإنتاجهم الفكري في مدى مصداقيتهم فيما يَدْعون إليه من أفكار وممارسات. وسأكتفي في هذا المقال ببعض هذه الهفوات التي عاينتها خلال تظاهرتين احتضنتهما مدينة وجدة، الأولى تتعلق بالندوة التي نظمتها رابطة الأدب الاسلامي العالمية بتعاون مع المجلس العلمي بوجدة حول موضوع (صورة النبي في الآداب العالمية) بتاريخ 09 /10 نونبر 2022 بمركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، والثانية باللقاء الفكري مع المفكر حسن أوريد من تنظيم فريق البحث الهوية والاختلاف، بتنسيق مع مختبر استراتيجيات صناعة الثقافة والبحث السويولوجي بالمغرب وبدعم من كلية الآداب ومن رئاسة جامعة محمد الأول بتاريخ 25 نونبر 2022.

لا أهدف من هذا المقال إلى الحكم على أداء مختلف المتدخلين في اللقاءين ولا مناقشتهم، وإنما أروم كما أشرت إلى ذلك أعلاه، الإدلاء ببعض الملاحظات المتعلقة ببعض الممارسات والهفوات المتعلقة أساسا باللجن التنظيمية.

الملاحظة الأولى تتعلق بمدى الالتزام بالبرنامج المحدد في الإعلان، سواء تعلق الأمر بالزمان أو بالمكان. ففيما يتعلق بالنشاط الأول فقد تم تغيير ترتيب المداخلات دون إخبار بذلك، مما فوت عَلي شخصيا فرصة متابعة إحدى المداخلات التي كنت أترقبها، ذلك أني حضرت إلى اللقاء في حدود العاشرة صباحا على أساس أن المداخلة ستكون في تمام الساعة الحادية عشرة، ثم أَنصرِِفُ لأسباب شخصية، غير أنه عند حلول التوقيت المبرمج  لاحظت أن الحضور انصرفوا لاستراحة شاي ظانا في أول الأمر أن المداخلة ستكون بعد الاستراحة، لكن شيئا من ذلك لم يقع، وعندما استفسرت أحد المنظمين أخبرني بأنه وقع تغيير في البرنامج ولم يتم الإعلان عليه سهوا، وما كان علي إلا أن أنصرف وكُلِّي حسرة وتأسفا على مثل هذه الممارسات التي حتى وإن لم تكن مقصودة، فإنها تعبر إما على تخلف في التنظيم، وإما على قلة الاحترام للحضور  خاصة وأن الأمر أصبح شبه بنيوي في جل التظاهرات التي تُجرى في هذا المركز.

الملاحظة الثانية تتعلق بالنشاط الثاني حيث تم الإعلان عن إجراء اللقاء بكلية الآداب والعلوم الإنسانية على الساعة الثالثة بعد الزوال، ليتم تغيير المكان والزمان دون إخبار مسبق، إلا ما كان من اجتهاد أحد المقربين من اللجنة المنظمة  الذي قام بإخبار أحد الأصدقاء الذي أخبرني بدوره بتغيير المكان إلى كلية الطب والصيدلة دون تحديد التغيير الذي مس جانب التوقيت، وعلى الرغم من ذلك فقد حضر عدد لا يستهان به من المهتمين بالموضوع في الساعة المحددة سلفا، إلا أن السيد المحاضر لم يعتلي المنصة إلا عند دخول صلاة العصر لتصبح الهفوة الواحدة هفوتين، بسبب عدم تخصيص دقيقتين لأداء الصلاة، خاصة وأنه تم إهدار جزء من الوقت في التقديم الذي لم يخل من مجاملات. وقد يبدو أن المنظمين قدروا أن مدة الصلاة طويلة في الوقت الذي تم فيه تضييع ما يقارب 40 دقيقة في الانتظار والترقب.

الملاحظة الثالثة خاصة بمعرض الكتاب، وهي ملاحظة يشترك فيها اللقاءان، وهي في حقيقتها إيجابية لو تم التفكير الجاد في استغلالها، ففيما يتعلق بالنشاط الأول تمت الإشارة في الإعلان عن تنظيم معرض للكتاب، وهو ما تم فعلا، لكن الملاحظ هو الاكتفاء بعرض منتوجات مركز الدراسات التي يتم إعادة عرضها في كل مرة دون جديد يذكر، مع عرض مجموعة من الكتب لمجرد العرض دون إمكانية اقتنائها. بينما لم تتم الإشارة في برنامج اللقاء الثاني إلى معرض لكتب الأستاذ أوريد، ومع ذلك فلا يمكن إلا تثمين مثل هذه المبادرة، غير أن المشترك في المعرضين هو ثمن الكتب المعروضة للبيع الذي لا يتناسب والقدرة الشرائية للطلبة على الخصوص وعددا من الحاضرين ذوي الدخل المحدود.

إن ما يَحُزُّ في النفس هو أن تُرتكب مثل هذه الهفوات في لقاءات يُفترض أن تُتَّخذ كنموذج للالتزام بالبرامج المعلن عنها بصفة عامة وبالوقت بصفة خاصة، لأن ذلك يسيء إلى الطبقة المثقفة التي يُعوَّل عليها في إحداث التغيير المنشود، كما أن غلاء أثمنة الكتب يمكن اعتباره عائقا في التشجيع على القراءة التي نُصنَّف ضمن الصفوف الأخيرة في التعاطي لها، وهذا لا يجدر بمثقف مرموق ولا بمركز يحمل اسم الدراسات الإنسانية والاجتماعية ألا يأخذانه بعين الاعتبار، ويساهمان في جعل الكتاب في متناول أكبر عدد ممكن من القراء وذلك بالتنازل على الاعتبار التجاري المحض الذي هو ديدن التجار المحترفين وليس بأي حال من الأحوال من ممارسات المثقفين ولا المراكز المحسوبة على خدمة الثقافة وتنميتها.

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.