Home»Femme»300 ألف دولار لمن يتزوج ابنتي

300 ألف دولار لمن يتزوج ابنتي

3
Shares
PinterestGoogle+

أحمد الجبلي

لازال الكثير من الناس في بلادنا لا يستسيغون أن يعرض الرجل حليلته قصد الزواج، أو أن يختار لها عريسا يليق بها، فالأمر في رأيهم عبارة عن معرة أو نقيصة تصيب الرجل وابنته على السواء، كما لا يؤيدون أن تعرض المرأة نفسَها على إنسان ترى فيه زوجا مناسبا يستحق أن تتقاسم معه حياتها بكل ما فيها، إن هذا الموقف هو الذي أنتج المقولة الشعبية التي تقول: « اللي يعرض بنتو ما تزوج ».
فما صحة هذا الفهم؟ وهل للدين الإسلامي رأي في ذلك؟ وهل يوجد نفس الفهم لدى الأمم الأخرى؟ أي هل يتساوى في هذا الموقف الفرنسي والانجليزي والأمريكي والمغربي والتايلاندي؟
قبل أن نجيب عن هذه الأسئلة سنذكر حدثا مثيرا وقع هذا الأسبوع تناولته الصحافة العالمية بشيء من الاستغراب والدهشة نقلا عن مجلة « ديلي ميل » البريطانية. يتجلى هذا الحدث في عرض المليونير التايلاندي أرنون رودثونغ مبلغاً مالياً قدره 315 ألف دولار أميركي، بالإضافة إلى ميراث كبير، من ضمنه مزرعة الفاكهة الأكبر في المنطقة والتي تنتج 50 طن يوميا، لمن يتزوج بابنته البالغة من العمر 26 سنة.
إن الشرط الوحيد الذي اشترطه السيد أرنون في زوج ابنته هو أن يعتني بها ويكون مجتهدا حيث يستطيع أن يجعل تجارته تستمر. وأما عن الابنة « كارنسيتا » فقد أشارت إلى أنها تريد الزواج من رجل مجتهد ويحب عائلته.
يبدو واضحا أن هذا المليونير وأمثاله، ممن يختارون أزواجا لبناتهم، يجعلون لأنفسهم أيادي في اختيار هذا الزوج وفق معايير مضبوطة حتى يطمئنوا على بناتهم.
فإذا كان هذا المسلك يسلكه أناس يؤمنون فقط بالماديات، وقد لا يؤمنون بالآخرة ولا يعرفون عنها شيئا، فمن باب أولى أن يختار المؤمن لبنته من المؤمنين الصالحين الذي يثق فيهم ويعرف إيمانهم وتمسكهم بالدين والتزامهم به، حتى يضمن لابنته زوجا يعينها على طاعة الله فتربح الدنيا والآخرة. فكثيرا ما وجدنا المشايخ يزوجون بناتهم لأنجب تلامذتهم ممن يعرفون ورعهم وعلمهم وتقواهم ورجاحة عقولهم وتعلقهم بالآخرة. وكذا فعل أمير المومنين في الحديث سعيد بن المسيب مع تلميذه أبي وداعة حيث زوجه ابنته بعدما رفض تزويجها من ولي العهد حينها.
ولكن ما فعله الإمام سعيد هو فقط جزء مما عهدنا عليه بعض الأنبياء مثل شعيب عليه السلام حين عرض ابنته على نبي الله موسى عليه السلام عندما رأى فيه مواصفات ترشحه ليكون زوجا صالحا لابنته، منها الدين والخلق والأمانة، وذلك في قوله تعالى: (قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجاج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين)، وكذا فعل الصحابة، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لما توفي زوج بنته حفصة خنيس بن حذافة السهمي رضي الله عنه، عرضها على عثمان بن عفان، فرفض عثمان بأدب، وعرضها على أبي بكر حيث قال له: « إن شئت زودتك حفصة بنت عمر » فصمت أبو بكر، فغضب منه عمر أكثر من غضبه من عثمان، ثم بعد ليال خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحينها فقط علم عمر بن الخطاب أن صاحبيه لم يأبيا الزواج من حفصة وإنما لكونهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها، فخشيا إفشاء سر ه عليه السلام.

إن الأمثلة على أن الرجل يمكن أن يختار لابنته زوجا يرضاه كثيرة لا تكاد تحصى عددا، وهي دليل فطنة ورجاحة عقل، وليس فيها ما يعيب، خصوصا إذا كان الرجل ذا أصحاب يعرفهم جيدا ويعرف عنهم قوة دينهم ورجاحة عقولهم وصدق حديثهم وأمانتهم، تماما كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لكونه يعرف عثمان ودين عثمان وورع عثمان وأخلاق عثمان الرجل الذي تستحي منه الملائكة، كما يعرف أبا بكر وما أدراك ما أبا بكر ولذلك تقدم دون حرج بعرض ابنته لأنه يحبها ويحب لها أن تكون في كنف رجل مؤمن يكرمها ويعينها على طاعة الله ورسوله.
فهذا عن الرجل يعرض ابنته أو أخته للزواج، فماذا عن المرأة التي تعرض نفسها على رجل رأت فيه الدين والخلق؟
إنه ليس لا حراما ولا عيبا أن تفعل المرأة ذلك أي أن تعرض نفسها على صاحب الخلق والدين، وكل من ينكر ذلك إنما مرجعه العرف الفاسد والتقاليد البالية التي أوغلت في كثير مما يحتاج إلى أن يوزن بميزان الشرع.
عن ثابت البناني قال: « كنت عند أنس، وعنده ابنة له، قال أنس: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرض عليه نفسها، قالت: يا رسول الله ألك بي حاجة؟ فقالت بنت أنس: ما أقل حياءها، واسوأتاه ! واسوأتاه ! قال: هي خير منك، رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم، فعرضت عليه نفسها » رواه البخاري.
وقد بوب البخاري بابا سماه « عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح ». وذهب بعض المفسرين إلى أن بنت شعيب هي من بادرت أباها وعبرت عن رغبتها في الزواج من موسى عليه السلام بقولها (يا أبت استاجره إن خير من استاجرت القوي الأمين) وقد ذكرت ما دعاها إلى ذلك من خصال كالقوة والأمانة.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما خاطب الآباء وقال لهم إن هم امتنعوا عن تزويج بناتهم عندما يكون الزوج مناسبا « إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير » معناه أنه كلما انتشر الزواج قلت الفاحشة وحوصر الفساد، ولذا وجب إحياء هذه السنة سنة اختيار الزوج للحليلة ذي الخلق والدين، عوض ترك المجال للعنوسة كي تتقوى فتتحول إلى غول يأكل شباب بنات المسلمين.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

4 Comments

  1. اضحك
    08/03/2019 at 11:17

    اتصل بي صديق يسألني قائلا: أين ذهبت 15 دولار؟
    فقلت له: عن أي 15 دولار تتحدث؟
    فأجاب: لقد قلت في المقال أن المليونير التايلاندي عرض ابنته مقابل 315 ألف دولار في حين أن في العنوان كتبت 300 ألف دولار فأين ذهبت ال15 ألف دولار؟
    فقلت له وأنا غارق في الضحك: لقد تقاسمتها مع السي قدوري كي نشرنا المقال للسيد الميليونير لعل مغربيا ما يتقدم للزواج من ابنته.

  2. عكاشة أبو حفصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة .
    08/03/2019 at 11:39

    قال تعالى في محكم التنزيل وهو أصدق القائلين بعد أعوذ بالله السميع العليم وسلطانه القديم من شياطين الجن والانس اجمعين :: *

    وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (33) وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (34) ۞ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) * / – / صدق الله العظيم .

    / – / سورة النور

  3. عكاشة أبو حفصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة .
    08/03/2019 at 12:03

    بحث الأب الزوج الصالح لابنته ضارب في التاريخ ، ولنا في أمنا حفصــــــــــــــــــــــــــــــــة بنت عمر المثل الاعلى الذي يجب الاقتداء به .
    بعد ترمل امنا حفصة رضي الله عنها وأرضاها كان سيدنا عمر رضي الله عنه يبحث عن زوج لابنته لأنها كانت صغيرة في السن 20 سنة تقريبابعد ما قضى زوجها خنيس بن حداقة . وللاشارة فقد ولدت أمنا حفصة رضي الله عنها وقريش تبني الكعبة قبل خمسة سنين من بعثة الرسول صل الله عليه وسلم . وقد كان عمر رضي الله عنه عرض حفصة ابنته على أبي بكر فلم يجبه بشيء ، وعرضها على عثمان فلم يجبه بشيء فقال عمر : يا رسول الله قد عرضت حفصة على عثمان فأعرض عني ، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم « إن الله قد زوّج عثمان خيرا من ابنتك وزوَّج ابنتك خيرا من عثمان » ، فتزوج عثمان أم كلثوم وتزوج رسول الله حفصة رضي الله عنها وأرضاها .
    وتزوج رسول الله حفصة سنة 3 بعد عائشة وطلقها تطليقة فبلغ ذلك عمر فحثا التراب على رأسه وقال: ما يعبأ الله بعمر وابنته ثم ارتجعها رسول الله، وتوفيت سنة 41 هـ في زمن معاوية.
    تلك هي قصة سيدنا عمر في البحث عن زوج لابنته . ولنا في السلف الصالح العبرة ….
    أقف هنا والسلام عليكم .

    عكاشة أبو حفصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة .

  4. Aissa
    08/03/2019 at 18:15

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شكرا لك أيها الكاتب الكريم،
    قلمك هذا يطرق بابا مجتمعية موصدة، لا يستحسن الناس الحديث عنها،لأنها من الطابوهات المحرمة، لذلك اختلط عندنا العادات بالدين، تمسك بالعادات مهما كانت نتائجها، وإهمال للدين مهما وفر لنا من حلول، وهذا قلب للأوضاع، نتجت عن ذلك عنوسة مخيفة أعدادها تتجاوز الملايين، والنساء في يوم عالمهن لا يتحدثن عن هذه المواضيع، التي تشير إلى مستقبل عنوسة بناته في ارتفاع مستمر، كان الله في عون كل أخت فاتها قطار الزواج، الأمر أشد عند الآباء والأمهات، لا بد من حل لهذه المعضلة التي تعاني منها النساء في صمت، وإلا فطرق الحرام أمامهن، على كل طريق شيطان يتصيد مثل هذه الفرص، لتصدير وبيع اللحوم البشرية بأبخس الأثمان ، في أسواق النخاسة العالمية، والتي تديرها شبكات عابرة للقارات، فالواقع لا يرتفع. فاللهم الطف بعبادك المسلمين

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *