Home»National»حكايا استاذ متقاعد : نبش في رحلة وراء البحار ـ الجزء 5 ـ

حكايا استاذ متقاعد : نبش في رحلة وراء البحار ـ الجزء 5 ـ

0
Shares
PinterestGoogle+
 

غادرت مدريد على متن قطار مختلف هذه المرة، انه(الطالكو)مفخرة الاسبان يؤمئذ ، والذي كان يقابل tgv في الجارة فرنسا.
كان قطارا يوفر سفرا مريحا ، ويربط العاصمة الاسبانية بالحدود الفرنسية. كانت طبيعة المسافرين اختصارا لسكان الكرة الارضية مما يتيح للأذن أن تسمع كشكولا من اللغات.
تعرضت خلال الرحلة لأولى التهم بسبب بشرتي التي جعلت معظم السياح يسألونني ان كان معي،، حشيش،،!
رددت على أول السائلين بنبرة يطبعها الغضب، لكن، ومع تجدد السؤال من حين لاخر، أيقنت بأن هؤلاء قد تعلموا من اين تؤكل الكتف!
لقد تحول الانسان المغربي والعربي عموما، ومنذ وقت مبكر الى مخلوق مشبوه يتجر في كل أنواع الشرور ومن حق الغربيين أن يلصقوا به كل الموبقات الى أن اصبح الرجل الشرقي كالبعير الأجرب الذي يتعين تفاديه!
شعرت بان كبريائي قد تعرض لخدش مجاني، لكن رأيي سيتغير عندما اقتربت من واقع الأشياء في فرنسا.
كان زوج من الزنوج يقاسمني المقصورة، وفجأة، فاتحتني الزوجة في الحديث بأدب جم.
لقد شجعها لون بشرتي على تجاوز الحواجز، ثم قدمت لي زوجها الاستاذ الجامعي بالكيبيك( كندا)، قبل ان تضيف بأنها ممرضة.
كان النقاش بالفرنسية، وحين علمت بأنني أعرف بعض الجمل بالانجليزية، شرعت المرأة في سكب دموع غزيرة أمام أنظار زوجها الذي ظل صامتا، بينما أصبت بالذهول ، لأنني لم أفهم شيئا!
عندما هدأ روعها، اعتذرت السيدة عما حصل منها ثم أوضحت:
– أتدري لم بكيت؟
– لا، والله!
– عندما تواصلنا بلغتين غير لغتنا الاصلية، أيقنت بأننا لا نقل عقلا ومؤهلات عن الانسان الابيض الذي يحتقرنا!
ولكي أفهم معاناة محدثتي أكثر، فقد كشفت لي بان عملها الانساني ومنصب زوجها المرموق، كل ذلك لم يشفع لهما لدى احدى دور الحضانة التي رفضت استقبال ابنهما خلال سفر الوالدين بسبب بشرته السوداء!
تأثرت تأثرا شديدا وأنا أطلع على مثل الحقائق، وقلت في نفسي، انه أمر طبيعي، اذ كيف يسوغ أن نطلب من الاخرين ما لا نستطيعه في بلدنا الام؟
تشعب النقاش بيننا خاصة حين تخلى الزوج عن الكتاب الذي كان بين يديه ، وراقه أن يكون لي رصيد محترم من المعلومات حول موطنه.
عندما لاحظ الرجل بأنني اواكب أحداث العالم، فاجأني بالاستسفار عما ان كان( البوليساريو) حركة تحررية؟
وأضاف بأنه يدرس العلوم السياسية، ويقوم بهذه الجولة لاعداد أطروحة دكتوراه ثانية حول حركات التحرر بالعالم الثالث!
قدمت للسائل لمحة عن قضيتنا الوطنية، وحولت الجواب المطلوب الى سؤال: هل سمعت عن دولة بين المغرب وموريطانيا؟
ان الحديث عن حركة تحرر ما ، تقتضي وجود دولة وشعب يخضعان لاحتلال أجنبي، كما كان الحال في انغولا والموزمبيف كأحدث مثال، أما البوليساريو فقد كان انتاجا خالصا للحرب الباردة بين المعسكرين ، وكان مختبر التجارب دولا أخرى!
سجل الرجل ملاحظاتي باهتمام ووعد بأن يزور المغرب لمعرفة الحقائق على الارض.
كان نقاشا مثمرا جنبني أسئلة الفضوليين عن سلعتهم المفضلة، ولم نبال بظروف الرحلة حتى توقف القطار عند الحدود الفرنسية.
خلال القيام باجراءات عبور الحدود، تلقيت صدمة جديدة.
كان السائح الأشقر يمضي نحو قطار الضفة الاخرى بدون ادنى مساءلة، بينما كان على ،، كحل الراس،، أن يتعرض لتعسف يشي بعدم رغبة هؤلاء المسؤولين في اقتحامنا لمطبخهم!
وهكذا ، كان على الأفارقة أن يدلوا بما لديهم من النقود على المكشوف، حيث رأيت بام عيني مواطنين يحملون النقود في ايديهم وهم يرتعدون خوفا من العودة.
والى جانب كشف المبلغ المالي، فان الشرطي كان يرد بسخرية على من يعلل سفره بالسياحة وهو لا يعرف لغة البلد!
لم أسلم من هذه المعاملة، وان كانت معرفتي بالفرنسية قد جنبتني السخرية على الاقل.
عندما اوضحت للشرطي بأنني أحمل مبلغ كذا من النقود، صرح بأنه غير كاف للسياحة، فقلت له: ياسيدي ، أنا أحمل تذكرة سفر ذهابا وايابا، وبمجرد أن ازور أصدقاء واقارب، سأعود الى وطني لانني مرتبط بعمل!
تفحص الرجل تذكرة سفري، ثم غالب نفسه ليتمنى لي سفرا سعيدا.تقدمت نحو القطار، بينما كان الشرطي ينهر مجموعة من المواطنين الذين منعوا من دخول فرنسا، وعوملوا بقسوة.
يتبع.

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.