Home»Correspondants»من سلطة رابعة إلى كلاب أليفة

من سلطة رابعة إلى كلاب أليفة

3
Shares
PinterestGoogle+

أحمد الجبلي
لازال العالم الحر، ومنه تحديدا عالم الصحافة الحرة، يحتفل سنويا بذكرى وفاة سيدة الصحافة العالمية هيلين توماس، فمن تكون هذه السيدة يا ترى؟ وما الذي قدمته للصحافة العالمية حتى جعلها تتربع على رأس أشرف الصحفيين العالميين وحتى يخلد اسمها ويحتفى بها في كل عام؟
هيلين توماس صحفية أمريكية هي رئيسة قسم البيت الأبيض في وكالة يونايتد برس انترناشنال، قامت بمهمة التغطيات الصحفية لرؤساء أمريكا بدأ من جون كينيدي إلى جورش بوش، صدرت لها عدة كتب أهمها كتاب يسجل مواقفها الصارمة ضد الانبطاح الذي يعرفه الصحفيون والتماهي مع الخطاب الرسمي الأمريكي عندما يخرج عن جادة الصواب ويقوم بإبادة الإنسانية واعتماد إرهاب الشعوب والاستيلاء على خيراتها. وذلك في كتابها الذي أسمته » كلاب حراسة الديموقراطية » والذي تنتقد فيه بشدة وسائل الإعلام الأمريكية أثناء فترة جورش بوش حيث وصفتها بأنها تحولت من سلطة رابعة إلى كلاب أليفة.
وتعد هيلين توماس أجرأ صحفية قامت بفضح السياسات الأمريكية ومخططاتها في المنطقة العربية، وقد كانت أول من رفض كلمة جوج بوش الشهيرة أثناء حربه على العراق حين عبر عن أنه يحارب في العراق من أجل الله والصليب، بل قالت:  » بل إنها حرب الشيطان وليست حرب الله » وعلى إثر ذلك رفضت أن ترافقه في إحدى رحلاته.
لقد بلغت من العمر عتيا حيث توفيت وهي بنت الخامسة والتسعين، وكانت كما وصفها تلاميذها بأنها أجرأ صحفية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. وقبل وفاتها بعدة أيام فقط كتبت مقالة خطيرة للنشر في كبريات الصحف الأمريكية لكن تم رفضها، مما جعلها تصرخ في محاضرة بنادي الصحافة قائلة:  » اليهود يسيطرون على إعلامنا وصحافتنا ويسيطرون على البيت الأبيض » وأضافت قائلة:  » أنا لن أغير ما أؤمن به ما حييت، الإسرائيليون يحتلون فلسطين، هذه ليست بلادهم، قولوا لهم ارجعلوا لبلادكم واتركوا فلسطين لأهلها »
ومن أخطر تصريحاتها الجريئة نجد صرختها في نفس النادي حيث قالت:  » إنني أرى بوادر حرب عالمية ثالثة طبخت في مطبخ تل أبيب ووكالة الاستخبارات الأمريكية، والشواهد عديدة، أول خطوة ظهور تنظيم داعش  بدعم أمريكي، لا تصدقوا أن واشنطن تحارب الإرهابيين وما يسمون أنفسهم بالجهاديين، لأنهم دمية في أيدي السي اي ايه »
وأضافت: « إنني أرى أن بريطانيا سوف تستحضر روح البريطاني « مارك سايكس » وفرنسا سوف تستحضر روح الفرنسي « فرانسوا بيكو » وواشنطن تمهد بأفكارهما الأرض لتقسيم الدول العربية بين الثلاثة، وتأتي روسيا لتحصل على ما تبقى، صدقوني إنهم يكذبون عليكم ويقولون: « إنهم يحاربون الاٍرهاب نيابة عن العالم وهم صناع هذا الاٍرهاب والإعلام يسوق أكاذيبهم، لأن من يمتلكه هم يهود اسرائيل ». هذه كلمات هيلين توماس  والتي يعاد نشرها في كل ذكرى من ذكريات وفاتها، بالطبع قوبلت بعاصفة هجوم عاتية من اللوبي الصهيوني وطالب نتنياهو بمحاكمتها بتهمة معاداة السامية لكنها رحلت بعد أن قالت الصدق وتلقف كلماتها المخرج العالمي « مايكل مور » ليدخلها التاريخ من باب أحد أفلامه التسجيلية المتميزة.
ومور هو من فضح بوش الابن وعصابته من أصحاب شركات السلاح من اليمين الأمريكي مثل ديك تشيني و  كوندليزا رايس  وحصل فيلمه الشهير فهرنهايت 11/9 على أكثر من جائزة.
ولقد شاءت الأقدار وجاء بعدها من يؤكد كلامها أي يؤكد مشروع تقسيم الدول العربية، حيث أكد جيمس وولسي رئيس الاستخبارات الأمريكية السابق قائلا:  » المنطقة العربية لن تعود كما كانت، وسوف تزول دول وتتغير حدود دول موجودة » وهو، تقريبا، نفس المعنى الذي أشار إليه مارك رجيف  المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية عندما قال: المنطقة على صفيح ساخن، ونحن لن نسكت، وننسق مع أجهزة الاستخبارات في الدول الكبرى للقضاء على الاٍرهاب، وسوف نتدخل معهم لمحاربة الاٍرهاب حتى لو اندلعت الحروب، لنضمن حماية دولتنا « .
إننا نرى بأمهات رؤوسنا، اليوم، الواقع العربي في الشرق الأوسط تتحقق فيه نبوءة  « هيلين توماس » التي مفادها أن تل أبيب وواشنطن خلقتا أسطورة التنظيمات الإرهابية في المنطقة و داعش التي خرجت من معامل تل أبيب وواشنطن لتقوم بضرب الإسلام باسم الدولة الإسلامية والخلافة على منهاج النبوة. ومن غريب الأمور أن السيدة هيلين توماس قد كتبت في أحد مقالاتها:  » الغرب يعيش على غباء العالم الثالث والدول الفقيرة ».
إن العرب، حتى ولو كانوا يقرؤون، فسوف لن ينتبهوا لتنبيهات وتحذيرات من أمثال هيلين توماس وغيرها، لأن الأمر لا علاقة له بهذا الغباء، الغباء الذي تحدثت عنه هيلين، بل له علاقة بغباء آخر وهو أنهم هم أنفسهم  يعملون على محاربة الإسلام الذي يعتبر السلاح الوحيد الذي يحميهم من بطش الغرب ووحشيته وهم لا يعقلون.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *