Home»Débats»السيد محمد البور النائب الذي جزته الوزارة جزاء سنمار يغادر اليوم الخدمة

السيد محمد البور النائب الذي جزته الوزارة جزاء سنمار يغادر اليوم الخدمة

0
Shares
PinterestGoogle+
 

السيد محمد البور النائب الذي جزته الوزارة جزاء سنمار يغادر اليوم الخدمة

محمد شركي

مما جاء في أمثال العرب السائرة قولهم : « جزاه جزاء سنمار « ،  وحكاية هذا المثل تتعلق  بمهندس  بناء رومي يدعى سنمار بنى قصرا اسمه الخورنق ، وهو قصر لا مثيل له للملك اللخمي النعمان ملك الحيرة في النجف بظاهر الكوفة، ولما فرغ من بنائه ألقاه النعمان من أعلاه ، فسقط ميتا لئلا يبني مثله لغيره خصوصا خصومه الغساسنة أو آل جفنة في الشام  . ويضرب المثل للمحسن يكافأ بالإساءة . ولن تفوتني المناسبة دون أن أذكر بأن المناذرة أو  اللخميين  قبيلة عربية من أصل يمني ، وهي شقيقة قبيلة جذام ، أسسوا دولتهم العربية بالحيرة في العراق وتنصروا ، وكان آخر ملوكهم النعمان  المشهور بأبي قابوس صاحب يومي النحس والسعد ،حيث كان يكرم من يفد عليه يوم السعد ، ويضرب عنق من يصادف يوم النحس عنده . ومع أنه خدم الفرس فقد غدر به كسرى الثاني  وسجنه في المدائن حتى قضى بها  . أما الغساسنة أو آل جفنة، فهم أيضا قبيلة عربية من اليمن هاجرت إلى الشام بعد انفجار سد مأرب المذكور في القرآن الكريم  واستوطنت حوران وبلاد الشام،  وكانت تحالف الروم، ومن أشهر ملوكها الحارث بن جبلة الذي انتصر على النعمان أبي قابوس في يوم حليمة المشهور، والذي يضرب به المثل في قولهم :  » ما يوم حليمة بسر  » . وكما غدر الفرس بالنعمان اللخمي ، غدر الروم أيضا  بالحارث الغساني، ونفوه إلى صقلية . والذي حملني على الاسترسال في حكاية المثل الذي انطلقت منه ، هو أن مقابلة  الإحسان بالإساءة  عادة قديمة في البشر،حيث  جازى كسرى النعمان اللخمي بالسجن ، ولم يراع خدمته له ، كما جازى قيصر الحارث الغساني بالنفي  ولم يراع خدمته له  . وليس من قبيل الصدفة أن  يلقى  النعمان اللخمي من حليفه كسرى الثاني الذي كان في خدمته  نفس الجزاء الذي جازى به النعمان المهندس سنمار الذيبنى له قصر الخورنق العجيب .

وأعود إلى موضوع الأستاذ السيد محمد البور الذي قدم خدمة للوزارة حيث كلف  بتدبير أمور أكاديمية الأقاليم الصحراوية بمدينة العيون  وشغل منصب  نائب بنفس الجهة  بنيابة طاطا، ثم قطع البلاد من جنوبها إلى شرقها ، فشغل منصب نيابة بركان ، وكان من المفروض أن يجازى على  ما قدمه للوزارة من خدمة  في الجنوب ،وهي التي وضعت فيه من قبل  الثقة لتسيير أكاديمية العيون، ولم يخيب ظنها بإسناد مهمة إدارة أكاديمية الجهة الشرقية أو على الأقل  بتدبير شأن نيابة وجدة أنكاد ،إلا أن الوزارة جازته جزاء سنمار  فأبعدته  عن منصب الأكاديمية و عن منصب نيابة  وجدة أنكاد في طبخة مكشوفة غير خافية على الرأي العام التربوي بالجهة الشرقية ، وطوحت به  في نيابة الناظور، وهو  كاره لذلك ، ولم  ينقل  إلى نيابة وجدة أنكاد إلا  بعد أن أشرف على التقاعد  ، وكانت هذه النيابة  ، بل وأكاديمية الجهة الشرقية في أمس الحاجة إليه  قبل أن  يوشك على التقاعد . ولا أعتقد أن نائبا من نواب الوزارة لحقه من الظلم ما لحق هذا الرجل  الذي كان دائما يفوض أمره لله عز وجل . وأفضل أن أسميه النائب سنمار ،لأن  شأن الوزارة معه كشأن النعمان مع سنمار المهندس المعماري حيث  كان الدافع وراء قتل النعمان لسنمار هو الخوف من أن  تتنقل  هندسته  المعمارية الفريدة إلى غيره ، وكذلك الوزارة النعمانية  كانت تنقل  السيد محمد البور كلما  أحسن إلى  الجهة الأسوأ ، ولم تفكر في تلبية شيء من رغبته حتى أوشك على التقاعد . ولقد حضرت اليوم  حفل تكريمه بمناسبة  إنهاء مشواره المهني  النظيف  بقاعة المحاضرات أو الحفلات  بدار الطالبة ،وكان الحضور الكثيف للفعاليات التربوية  بمثابة انتصار لهذا النائب الذي جزته الوزارة النعمانية جزاء سنمار . ولقد قيلت في حقه كلمات لم  تشر إلى ما فعلته الوزارة النعمانية  بالنائب سنمار الذي لم  يستفد حتى من مجرد السكن  الوظيفي  المخصص لمن يشغل منصب نائب  بنيابة  وجدة أنكاد ،لأن  مدير الأكاديمية الأسبق المصاب بداء الطمع الطاعون استحوذ على السكن الوظيفي الخاص بمن يشغل منصب  إدارة الأكاديمية ، فاضطر مدير الأكاديمية الحالي إلى شغل  السكن المخصص  للنيابة  ، ولم يجد السيد محمد البور بدا من  اللجوء إلى مسكن  خاص  بإدارة المركز الجهوي التربوي .و يحدث كل هذا والوزارة النعمانية  لا تنصف النائب سنمار  حتى على  مجرد مستوى الاستفادة من السكن الوظيفي  الذي هو من حقه ، لأنها  لم تستطع أن تضع حدا لداء الطمع الطاعون عند مدير الأكاديمية السابق ، واكتفت بنشر اسمه ضمن لائحة  قليلي الحياء الذين غادروا  الخدمة  وحولوا المساكن الوظيفية إلى تركة  ورثوها عن الوزارة النعمانية ،وهي حية ترزق ولما تمت بعد.

ولقد استأثر البعض بالحديث في مناسبة تكريم الأستاذ البور  ، ولم  يفكروا في إفساح المجال  لغيرهم ممن يعرف عنه  أكثر مما يعرفون  للحديث عنه، ولو أنهم فعلوا لوفوه حقه  الذي لم  يوفه  في ربع ساعة . وأعتقد أنني  وفيته حقه من  التنويه والإشادة يوم ظلم ، ويسجل هذا الموقع  وغيره من المواقع شهادتي فيه ، وهي  تنوب عن تنويهي به اليومعتقد أ وقد غادر الخدمة . ولقد ذكرت خصاله  يوم كانت الجهة في أمس الحاجة إليه ويوم ظلمته الوزارة النعمانية ، أما وقد غادر متقاعدا ، فأعتقد أن  من بكاه  اليوم  شأنه  شأن من يبكي الميت بعد موته  ، والبكاء بعد الميت خسارة كما  يقول المثل العامي . ولقد بكيت النائب سنمار يوم  ناله الظلم من الوزارة النعمانية لأنه كان سيء الحظ  معها ،حيث كان يصادف  يوم نقله من مهمة إلى أخرى يوم نحسها لا يوم سعدها . ولولا أن الأمثال العربية  لها قيمتها  التاريخية لقلت عوض قولهم :  » جزاه جزاء سنمار  »  » جزاه جزاء البور  » . وأخيرا أسأل العلي القدير أن يمد في عمره مطيعا لربه ، ويبارك في دينه وفي أهله وفي بناته وولده  ، وأن  يمتعه بالصحة والعافية . وخير ما أواسيه به  على ما لحقه من  ظلم الوزارة النعمانية  قولي لقد أثبت  كفاءتك في تسيير أفضل أكاديمية  بأعز ربوع الوطن في الجنوب وكنت المؤسس ، كما أثبت كفاءتك في  أسوأ ظروف عمل بمختلف  النيابات التي دبرت شأنها بحكمة كبيرة  ربما عابها عليك الجاهلون بحكمتك ، وكنت  الرجل الفاضل  الذي فرض على الجميع  احترامه  ، وغادرت لا يستطيع أن يلومك أحد  بفعل مشين ، وكل عيبك  أنك  رجل سمح إذا ما عدت خصلة السماحة عيبا حتى  كانت سماحتك تغري بك السفهاء من الناس ، وكنت تغض الطرف ، وتلتمس العذر لهم  ، ولسان حالك :  » رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون « . ها قد غادرت أيها الرجل الفاضل  ولسان حالك في اعتقادي قول الشاعر:

سيذكرني قومي إذا جد جدهم //// وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

أو قول الآخر :

 أضاعوني وأي فتى أضاعوا //// ليوم كريهة وسداد ثغر  

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

3 Comments

  1. يعقوبي
    06/02/2013 at 23:28

    عندما يجتمع الصالح و الطالح على كلمة خير في رجل واحد فقد كسب ما هو اثمن من متاع الدنيا تمنياتي للسيد محمد البور ببداية مشوار جديد موفق انشاء الله مع تقاعد مريح

  2. محمد بيجمن
    07/02/2013 at 00:14

    نعم، لقد كان حفل التكريم في حجم و قيمة السيد محمد البور العزيز على القلوب . و لا غرابةفي هذا لأن خصال السيد محمد لا تعدو لا تحصى ، و لعل تاجها تواضعه الشديد الذي جعله قريبا جدا ممن كانوايعملون معه عن قرب أو بعد ، وتواضعه هذا هو الذي جعله محبوبا و مقدرا عندالجميع إيمانا منه بأنه من تواضع لله رفعه . نعم ، لم يكن السيد محمد البور يعتبر مرئوسيه مجرد أرقام تأجير ، بل كان يشعرهم فعلا بأنهم أناس لهم كرامة و مشاعر و أحاسيس مما جعل التواصل بينه و بينهم تواصلا لينا ، سلسا ، و سهلا ، و بالتالي كانت هذه هي نقطة قوته في التدبير الإداري أينما حل و ارتحل . و لا يسعني في الأخير إلا التضرع للعلي القدير بأن يحفض السيد محمد في صحته و أولاده و كافة أفراد أسرته الكريمة ، و أن يمد في عمره ، إنه سميع مجيب .

  3. ouehbi
    08/02/2013 at 00:16

    {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا

    تَبْدِيلاً }الأحزاب23
    و السيد الفاظل محمد البور من هؤلاء و لا نزكي على الله أحداإنه عملة ناذرة في هذا الزمن الرهيب

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.