Home»Débats»بلدية العروي : تدبير النفايات بطريقة بدائية، وأقدم تجزئة بالمدينة تتحول إلى مطرح كبيرونقطة سوداء

بلدية العروي : تدبير النفايات بطريقة بدائية، وأقدم تجزئة بالمدينة تتحول إلى مطرح كبيرونقطة سوداء

0
Shares
PinterestGoogle+

المختار أعويدي
مشهد كاريكاتوري مضحك/مبكي ذاك الذي شاهدته صبيحة أحد أيام هذا الأسبوع (الإثنين 5 يوليوز) من نافذة منزلي، لطريقة جمع وتدبير النفايات المنزلية بمدينة العروي. والذي يكشف عن جانب من إفلاس مستوى الرؤية التدبيرية للأمور في الجماعة.
جرار يجر عربة ممتلئة عن آخرها باكوام أكياس النفايات، يتبعه خمسة من عمال النظافة راجلين وإثنان يمتطيان دراجة نارية، جميعهم يلبسون سترات صفراء، يتمازحون وهم يركضون في كل اتجاه خلف الجرار، لجمع أكياس النفايات، التي يقومون تارة بشحنها فوق الأكوام التي تفيض بها العربة المجرورة، ما يجعل بعضها يتساقط على الأرض أحيانا، ليتم التقاطها وإلقاؤها مجددا فوق الأكوام المتراكمة في أعلى العربة، في مشهد سيزيفي درامي. وتارة بتجاهل جمعها. وتارة أخرى بالتخلص منها برميها (إخفائها) تحت الأعشاب الشوكية البرية والحفر المنتشرة على جنبات الطريق، في التجزئة العقارية المهملة، المعروفة باسم تجزئة « ميمون الشيطان ».
التجزئة التي مرت قرابة أربعة عقود على تجهيزها، من دون أن يُبنى فيها حائط واحد، ولا أحد يعرف السبب. هذا في الوقت الذي أصبحت فيه محاطة ببنايات وأحياء من كل الجوانب، مما حولها إلى نقطة سوداء، وبؤرة مشوَّهة ومشوِهة لوجه المدينة الشرقي، ومطرحاً كبيرا مفتوحا، تتراكم فيها النفايات والمهملات من كل لون ونوع وصنف (نفايات أوراش البناء. نفايات منزلية. نفايات مختلف الحرف. جثث حيوانات…). هذا إلى جانب اتخاذ جانب منها بمثابة مستودع كبير، لكل أصناف الآلات والعربات والشاحنات الثقيلة المعطوبة، وكل أنواع خردة الحديد، من طرف أحد المقاولين.
ناهيك عن تحولها إلى تجمع كبير للكلاب الضالة، وبعض الحيوانات المتخلى عنها. إضافة إلى اتخاذها كمرعى من طرف بعض الرعاة، الذين يساهمون في تشويه المكان، نتيجة قيامهم بجمع أكياس القمامة المنزلية وإفراغها، حتى تقتات منها خرافهم.
ولا حاجة إلى التذكير بأن التجزئة تتحول خلال المواسم المطيرة إلى مرج فسيح، تغطيه جميع أنواع الأعشاب والأشواك البرية الكثيفة (السدرة..)، ما يجعلها مصدرا لكل أصناف الحشرات والكائنات السامة. وإذا علمنا أن هذا المكان يمثل ملعبا كبيرا يتردد عليه أطفال الأحياء المحيطة، أدركنا ما تمثله هذه التجزئة على محيطها الحضري من مخاطر.
ولا يخفى أن التجزئة تعتبر خلال الليل مكانا مثاليا لمحتسي الخمور، وللمتشردين والمتسكعين الذين تقطعت بهم السبل. مع ما يشكله ذلك من مُحفز لانتشار السرقات الليلية. هذا في الوقت الذي تعرضت فيه عدد من المنازل غير المأهولة لعمليات سرقة، خاصة تلك التي في ملك عمالنا المغتربين.
كل هذا، من دون أن تحرك المجالس الجماعية المتعاقبة بالمدينة، السابقة منها واللاحقة، ساكنا بشأن مصير هذه التجزئة/الكارثة، التي طال أمد إقامتها، حتى تحولت إلى كابوس للساكنة المحيطة بها، ولمجموع ساكنة المدينة. من دون أن تتحول إلى ورش عقاري يساهم في تنمية المدينة ورونقها وجماليتها. علما انه لو تم تيسير المساطر الإدارية في وجه أصحابها من زمان. أو حتى لو تم إخضاعها فقط لمسطرة استخلاص ضريبة الأراضي الحضرية العارية، بما يكفي من الحزم طول كل هذه المدة، البالغة حوالي أربعين سنة تقريبا، لكانت قد عرفت مصيرا آخر، أفضل بكثير مما هي عليه اليوم من بؤس لتجهيزاتها وتردي لبنياتها التحتية. ولكان وجه المدينة الشرقي مُشرقا جذابا، وهو الذي يتوفر على معالم غاية في الأهمية، محيطة بالتجزئة المذكورة. من أهمها مسجد محمد السادس، الأكبر من نوعه في الإقليم، وربما في الجهة الشرقة. الذي دشن انطلاقة بنائه ملك البلاد قبل سنوات. إضافة إلى فضاء حديقة العروي الذي يعتبر المتنفس الوحيد لساكنة المدينة، الممتد على طول الطريق قبالة التجزئة المذكورة.
عودة إلى المشهد الكاريكاتوري الكئيب المذكور الذي لم ينتهي بعد. والذي ظللت أتابعه لمدة طويلة من نافذة منزلي، بالنظر لوجود التجزئة المشؤومة قبالة هذا الأخير، وبالتالي عدم وجود حواجز تمنعني من متابعة الشريط حتى نهايته.
ظل الجرار يطوي الطريق متابعا سيره على طول الشارع، والعمال يتراكضون خلفه بنفس الوتيرة المذكورة في صورة بهلوانية مقززة. إلى أن انعطف في اتجاه اليسار على الطريق الفرعية، في اتجاه خارج المدينة من الناحية الشرقية. حيث انطلق هذه المرة مسرعا، بعدما امتطى عاملان ظهره إلى جانب السائق، بينما انصرف عنه باقي العمال.
ظل الجرار يسير مسرعا من دون توقف، في اتجاه واد ياو الذي يحد المدينة شرقا. أيقنت لحظتها أنه بعد بروفا طريقة جمع النفايات الكئيبة، هو ذاهب في هذا الإتجاه ربما لأجل استكمال الحلقة المشؤومة، بإفراغ حمولته بمحيط المدينة. ربما في مطرح عشوائي، لست أدري ولكنني خمنت أنه ربما قد يكون قعر واد ياو، أو « غابة شوحو » الواقعة شرق المدينة.. كنت سأهُم بامتطاء سيارتي واللحاق بالجرار والعربة المشؤومة، عساني أشاهد الحلقة الأخيرة من هذه الكوميديا المبكية، لكن التزاما مرتبطا بالوقت منعني من ذلك.
عموما، بعد استكمال مشاهدتي لما تيسر من تفاصيل هذه المشاهد التراجيدية، تزاحمت في ذهني أسئلة عديدة، بشأن هذا المستوى الذي تدهورت إليه الأمور، فيما يتعلق بتدبير النفايات ببلدية العروي. سواء ما تعلق منها باعتماد هذه الطريقة البدائية المذكورة، في جمع والتخلص من النفايات المنزلية. أو ما تعلق بطريقة تدبير الموارد البشرية الموجهة لهذا المجال. إذ كيف يعقل لجماعة شهدت انفجارا عمرانيا وديموغرافيا كبيرا، وتتوفر على مداخيل لا يستهان بها، أن تعتمد هذا الأسلوب البهلواني في جمع النفايات. مع تنويهنا أن للبلدية إلى جانب حكاية الجرار والعربة المشؤومة، أسطول شاحنات معدودة، مخصص لجمع النفايات، لكن بالطريقة ذاتها على شكل أكوام مكشوفة عديمة الجودة. بينما كان جديرا بها أن تحرص على الإرتقاء المستمر بجودة خدماتها لهذا القطاع، عن طريق التدبير المفوض لشركات مواطنة. تدبير يؤطره دفتر تحملات مدروس وواضح البنود والشروط، وصارم التنفيذ والتطبيق على الأرض. تفاديا لتلاعب الشركة المفوض لها، وضمانا لجودة الخدمات الموجهة للساكنة. وكيف يعقل أن يتم توجيه فيلق من عمال النظافة يتكون من ست أو سبع أفراد، كي يركضوا خلف عربة مقطورة لجرار، تكون إنتاجيتهم بمعايير الجودة والمردودية المتعارف عليها، أقل من ضعيفة. مما يمثل هدرا واستنزافا للموارد المالية للجماعة..
أيها السادة إن جاذبية أي مدينة وجمالها وصلاحيتها للعيش والإستقرار، لا تستقيم سوى عبر ارتقاء مستوى خدمات نظافتها وكيفية تدبيرها لنفاياتها. أقول قولي هذا، وأذكِر بأن عيد الأضحى على الأبواب، مع ما يرافق حلوله من تسيب على مستوى تدبير النفايات، تسيب لا تستثنى منه الساكنة أيضا.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. Yahya
    16/07/2022 at 18:33

    تجزئة  » ميمون الشيطان »، إسم على مسمى إذن؛ عوض تجزئة  » الورود  » أو تجزئة  » الياسمين  » او  » الأمل « أو « الفرح « أو  » النهضة  » مثلا، يشيطنونها بهذا الإسم. فكيف لها أن تكتمل و ترى النور و تزيد من جمالية المدينة و تكون قيمة مضافة لها؟ المهم أن المواطن غير مسؤول عن تدهور مدننا و قرانا و مآسي ساكنتها و إنما المسؤولون الذين يسمحون بترشيح و انتخاب بعض الحثالة كالأميين و المهربين و لصوص المال العام و المرتشين و خاصة  » الرعاين  » الذين لا يمتون إلى تدبير الشأن العام و المحلي العقلاني و المعقلن بصلة. فكيف لنا أن ننهض؟ و كيف للنموذج التنموي أن ينجح؟

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *