Home»Débats»شطحــات الحكومة و تخبط المعارضة

شطحــات الحكومة و تخبط المعارضة

1
Shares
PinterestGoogle+

قبل البدايــة :
« سمعنا جعجعة ولم نرى طحينا » هذا المثل ينطبق تماما على حكومتنا الموقرة حفظها الله، التي شنّـف رئيسها المحترم أسماعنا بسمفونيتة الصدئة التي لم يَمَـلّ ولا يكَلُّ من ترديدها. في مشهد تراجيدي، تماما كما فعل سلفه المخلوع، حاول السيد رئيس الحكومة تبرير عجزه و التغطية عن خيباته المتناسلة على جميع الأصعدة وفي جميع الميادين، لأنه أصبح على السيد الرئيس في كل مرة ، أن يكابر خيباته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويحاول -عبثا- إقناع نفسه قبل إقناع الناس، بفضل حكومته على المغرب والمغاربة ، ودورها في حالة الاستقرار و التطور اللذان ينعم بهما المغاربة، على خلاف باقي دول الجوار، ملمحا إلى ما يقع في بلدان الجوار. لكنه -كما في كل مرة – ينسي أو يتناسى أن ميزة الاستقرار التي يطبّل لها أينما حلّ و ارتحل، لم تكن أبدا من صنيعة حكومته أوحزبه، بل هي استثناء مغربي خالص، أسّس لـه الشعب المغربي بوعيه، وبنضاله على مدى أربعة عقود، ثم حصّنه ملك البــلاد، بدعوتة الاستباقية إلى التعجيل بتأسيس رؤية تشاركية شعبية تضامنية في الحكم ، تقطع مع ما كان من قبل. ولذلك ، نقول للسيد رئيس الحكومة المحترم : كفى من ركوب الأحصنة ، فلا يحق لك ابتزاز الناس، مقابل استقرار لم يكن لحكومتك أي فضل فيه، بل بالعكس، إن الاستقرار هو الذي جاء بك وبحكومتك ، ولولاه ما كنت لتجد لك ولحزبك موطئا في الخريطة السياسية للمغرب. أي إن حكومتك كانت نتيجة للإستقرار الذي تمتع به المغرب دائما، ولم يكن الإستقرار أبدا نتيجـة لمجيء هذه الحكومة أو غيرها. فكفى تضليلا وتدليسا، ولتمتلك الشجاعة لقول الحقيقة للشعب كما هي ، فإن إيلاء الفضل إلى ذوي الفضل فضل،ذلك أجدى وأكرم.
حـول الحكـومة المظفـرة :
إن حبل الكذب قصير إلا على المغاربة، لأنـنا لا نعتقد أن أبناء وبنات هذا الوطن المنهـك، مستعدون إلى الأبد لمواصلة منح قروض الولاء السياسي التي لا تستثمر و لا تُـرَدّ لأناس يكفرون الجميل و ينكرون فضل الشعب عليهم.. »رفعت الأقلام وجفت الصحف ».
عن أي إنجازات غير مسبوقة تتحدثون سيدي رئيس الحكومة؟ وعن أي تخليق يا سيادة الرئيس تناضلون؟ و بأي نمو تهللون ونحن لا نزال نقبع في أسفل الترتيب عالميا وفق مؤشرات النمو(المرتبة 128 من بين 178 دولة) و مديونية الدولة ما فتأت تتضخم عاما بعد عام؟ . و أي معارضة بمقدورها أن تمنحكم ترياق الحيـاة مهما كان مقدار هذه المعارضة؟ لأن هذه المعارضة نفسها في حاجة لمن يلقمها ترياق الحياة .. ففاقد الشيء لا يعطيه !!
منذ زمن غير قريب ، ظل الكثير من أبناء هذا الوطن الغيورين، ينادون بأعلـى أصواتهم،من خلال الفضاءات الإلكترونية والورقية، ويشدّدون على ضرورة تعاضد كل القوى السياسية الوطنية، من أجل كبـح جماح الذاتية والأنانية والعنجهية السياسية والفوقية وضيق الأفـق والإستعلاء والمكـر و الخبث والدهاء والإقصاء، ويصدحون ليل نهار في آذان الجميع للكف عن المزايدات السياسية الفارغة، التي جعلت مصلحة الوطن تهوي إلى آخر قائمة اهتمامات السادة السّـاسة وذوي النفوذ من السادة رجال السلطة و المال، ومن ثم الإنعطاف صوب مرحلة تاريخية مفصيلة، تؤسس لمنهجية واضحة باتفاق الجميع، غايتها السير نحو الإستيعاب الشامل لماهية المشاكل و المعضلات و نوعية الحلول والرؤى لإنقاذ الوطن..وطن يحتاجه الجميع، يكونُ ملاذا لنا ولأنبائنا. ولكن مع الأسف ـ
فقد أسمعت لو ناديتَ حيّـا *** ولكن لا حيـاة لمـن تنـادي
فحزبكم سيدي الرّئيس ، بشّرنا بمشروع حضاري عملاق ،ارتسم في أذهان الناس كمثل جنة أرخت ظلالها الوارفة على طالبيـها، وهبّـت نسائمها العليلة على من حولها، لكنه مع الأسف، تبين أنه مشروع من الأحلام ، بل من الأوهام الحالمة في عالم غير الذي نرى و نسمع..عالم تفنّن سماسرة الانتخابات وباعة الأوهام في تشكيله، وتزيينه ابتغاء أصوات الناس المساكين من ضعاف الحال والمسحوقين..مشروع تقزم وأُخْتِزلُ ليصبح حالة تشنـج هستيري، للتمترس في « الحي الحكومي » والتمسك بالكرسي الوزاري.
لقد فشل حزبكم فشلا ذريعا في تحمل مسؤولية لم يكن أهلا لها، لأنه جاء مؤمنا بضرورة الإقصاء، عاشت قياداته وقواعده سنوات عجافا، تؤمن بضرورة التّمكين والولاء قبل الكفآءة ، وعاشوا على مدى عقد من الزمان، يصرّون ولا يزالون على أنهم هم وحدهم القادرون على إنقاذ الوطن، ولكن لو كان بمقدورهم أن يفعلوا ذلك لفعلوه منذ زمن ، ولكان الوطن في حِـلّ من كل هذه التفاهات، وهذه المهاترات التي فوتت علينا الكثير من الجهد والوقت، كان من الأجدى أن يُستثمر في ما ينفع البلاد و العباد.
ولكن .. وبعد كل هذه الصولات والجولات الدونكيشوتية، تبين أن السيد الرئيس الذي « يحسن التبوريدة على الشعب »، كان يحارب عفاريت من عالم غير مرئي، عـاثت في الوطن نهبا وسلبا، ولم تنفـع معها، لا ترانيم السّـاسة الرعنــاء، ولا شطحات المتفقهين الجوفاء.. هؤلاء وهؤلاء من الذين أطلّوا علينا فجأة من كوّة النقـابة ومن دهاليز الحزب القديم الجديد!.
لكن سيبقى السؤال الذي لن يبارح هذا الجيل من أبناء الوطن هو: كيف يمكن لسياسي صاحب خلفيات علمية وفكرية و وازع ديني(كما يدّعي)، أن يضع نفسه موضع الوصي على أبناء الوطن دون مجرد إحساس بعواقب ذلك الفعل؟، خصوصا وأن هذا الشعب قد عانى من الوصاية ردحا من الزمن. لكنه لما استأنس فيكم خيرا، و ألقى لكم الأحلام في ميزان الثقة التي تظاهرتكم بها، لم يحصـد من أمالـه تلك سوى الخيبة و المزيد من الفقر و التهميش. ماذا لوأتحتم الفرصة لأبناء هذا الوطن ليخدموا شعبهم في كل أنحاء هذا الوطن؟ أليس من حق أبناء الوطن أن تستريح صدورهم المثقلة بهموم الوطن ؟
فالويل ثم الويل لســاســة يدمرون وطنا يحتاجون أن يعيشوا فيه هم و أولادهم وأحفادهم،كما عاش فيه آبائهم وأجدادهم والذين من قبلهم .
حول المعارضة الموقّـرة :
ماذا عن معارضة قوامها بضع وعشرون حزبا ؟ ما هو دورها وأي رؤية تحمل، وأي حلم ترتجي؟هل كلها تجمعات وطنية كما نزعم أم أن أغلبـهـا « قد » يكون مطية لسماسرة المال والأعمـال، أوعنـوانا لتجار الدين و العقيدة ؟ بل منها مـن لن يتواني في الركوع للاتقاط فتات موائد السلطة، ولن يستحي من خذلان شعبه كما فعل من قبل. أما القوى « الوطنية التقدمية » من وسطية ويسار، فهم كما عهدناهم تاريخيا، يترنحون بين خطاب حالم لم يلامس الواقع المتغير بعد، وفعل شبـه منعدم ظل يقتصرعلى الندوات في الصالونات المغلقة التي لا يكاد يسمع بها أحد .
فويل أيضا لمعارضة ذليلة عاجزة لا تعرف قيمة التضحيات والتنازلات من أجل الوطن، معارضة مشتّـتة متنافرة لا تعرف للتضامن طريقا،عمياء لايتسنى لها رؤية المصير المشترك، ناهيك عن عجزها عن النزول إلى الناس أو تحريكهم .
رفعت الأقلام وجفّت الصحف.. وليس هناك من خيار غير ذهاب وتواري هذه الوجوه الممسوخة الشاحبة لنخب أدمنت الفشل من اليمين إلى اليسار بدون استثماء. ولكي لا يتكرر فشلها، عليها العودة والرجوع إلى قواعدها -إن وُجـدت – و التفرغ لها والعمل على تنويرها وشرح ماهية وخطورة المرحلة الراهنة و المرتقبة. و تقييم حجم الفرصة الوحيدة المتبقية من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وحتماً ستكون الفرصة الممكنة من أواخر الفرص إذا شئنا أن يكون هناك وطن.
رفعت الأقلام وجفت الصحف .. فلا حلول ولا خيارات غير إفساح المجال لنخبة وطنية أكاديمية، ذات كفاءة وخبرة، غيورة و متجرّدة ، مستعدة للتضحية من أجل هذا الوطن ، وهم كثر كما هي كثيرة ثروات وخيرات هذا البلـد ، لكن لا يستفاد منها مع الأسف.
محمد المهدي – 17/05/2019

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. أسعد الفهري
    20/05/2019 at 15:29

    مقال في الصميم ، جمع الكل في سلة واحدة معارضة و أغلبية، لأن الكل مفبرك و مصطنع من أجل تأثيث مشهد سياسي و انتخابي فقط . صحيح إن ضعف المعارضة هو انعكاس لضعف الحكومة ، و العكس صحيح .
    تحية عالية للكاتب المقتدر محمد المهدي في زمن الصحافة الصفراء .

  2. سليم الوجدي
    21/05/2019 at 16:12

    أحسنت التوصيف و أقنعت إلا من كان على عينه غشاوة الشيخ المنافق الذي سحر الناس بكذبه و بهتانه إلى أن نال المراد و قهقه على العباد . لعنة الله عليه و على من تبعه إلى يوم الدين

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *