Home»Débats»من أجل ملاءمة أدوار الجامعة المغربية، وضمان مساهمتها في تدبير الاحتياجات السوسيو اقتصادية

من أجل ملاءمة أدوار الجامعة المغربية، وضمان مساهمتها في تدبير الاحتياجات السوسيو اقتصادية

0
Shares
PinterestGoogle+
 

بقلم: بلقاسم الجطاري – كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة محمد الأول وجدة

لقد شهدت الجامعة المغربية، منذ عقد ونيف، انطلاق مشروع إصلاحي كبير استوجبته الشروط الموضوعية التي برزت بداية الألفية الجارية؛ بحيث تم تنزيل رُزْنَامة من التدابير البيداغوجية والتشريعية، واكبتها قرارات سياسية عَرضَانية مست قطاعات اجتماعية ومؤسسية أخرى، وخصوصا في القطاعات ذات الصلة، من قبيل: التعليم المدرسي، والصناعة، والتجارة، والفلاحة، والسياحة، وغيرها من الميادين الحيوية التي عرفت، بدورها، انطلاق أوراش تنموية كبرى (المغرب الأخضر، المخطط الأزرق…).
ومن واجبنا اليومَ أن نسائل ذواتنا، كفاعلين مؤسسيين، في سياق تقييم المنجزات، عن حصيلة الإصلاح، وأن نسلط الضوء عمّا ينبغي فعله لاستدراك الهفوات، وتحسين الأداء، وتجويد أشكال التدخل السوسيو مهني؛ وذلك في أفق اقتراح مشروع وطني كبير، متعدد الشركاء والمتدخلين، يلبّي انتظارات المغاربة، أفرادا ومؤسسات، ويستجيب لاحتياجات البلد الاجتماعية والاقتصادية والروحية والثقافية…
إن وضعنا التنموي لا يسير بالسرعة المطلوبة، والمؤشرات التي تدل على ذلك كثيرة، نذكر، من بينها، بطء معدلات النمو السنوية، واستقرار نسب البطالة في معدلات مرتفعة، وعدم امتلاك المقاولة المغربية التنافسيةَ المطلوبة، وغيرها من المؤشرات التي تدعونا إلى تسريع الخطى، وتكثيف المجهودات، حتى يتسنى لنا وضع قاطرة التنمية على سكتها الصحيحة.
إن حديثنا عن هذه المؤشرات يدفعنا إلى مساءلة أدوار الجامعة المغربية، و مناقشة مسؤولياتها، كما يحثنا على التفكير، بِرَوٍيّةٍ، في السبل الكفيلة بتعزيز مساهمتها في تدبير الاحتياجات السوسيو اقتصادية لجهات الوطن وأقاليمه. فهل تساهم الجامعة فعلا في هذا الإطار؟ وما هو مقدار مساهمتها بالنظر إلى ما يتوفر لها من بنيات وعتاد وميزانيات وطواقم؟…
ليس مُتَيَسّرا تقديم الجواب النهائي الدقيق عن هذا السؤال في هذا المقال المقتضب، ولكن يُمكن أن نقول إن التجارب الإنسانية قد علّمتنا ألاّ نهضة ولا تنمية بغير جامعة قوية مُبادِرة وذات جاذبية. ولهذا السبب، لا نرى فائدة في مناقشة سؤال الحاجة! بل نستعيض عنه، من باب أوْلى، بمناقشة سؤال السبل والطرائق، وتركيز الجهد على صياغة سياسات بحثية وجامعية، ذات نَفَسٍ تنموي، ومحتوى استشرافي، يضعان المشاريع الجامعية في قلب انشغالات المواطنين وهمومهم، ويقدّمان الحلول العملية الناجعة لمشاكل التشغيل، والأمن المادي والروحي، والتعليم، والصحة، وغيرها.
نعتقد أنه من أهمّ المسؤوليات الملقاة على عاتق الجامعة المغربية، اليومَ، أساتذة وأطرا إدارية وهيئات في التدبير الإداري والبيداغوجي، وضع خارطة طريق طموحة، وصياغة خطة عمل واقعية، تضع نُصْب عينيْها ملاءمة مُخْرَجاتها مع احتياجات المحيط السوسيو مهني، مع إعطاء الأولوية لتعزيز خيار المَهْنَنَة، وجعْل المختبرات العلمية، وبنياتها البحثية، محاضنَ لبلورة المشاريع التنموية المُدِرّة للدخل، والصديقة للبِيئة.
ومن أولويات الجامعة الآنَ أنْ تعْمِد، في هذا الإطار، أيضاً، إلى تطوير مخرجاتها، وأبحاثها العلمية، في المجالات ذات الصلة بمختلِف أنواع الثروات والمؤهلات، التي تزخر بها كل جهة توجد بها المؤسسة الجامعية؛ كالغطاء النباتي، ومخلفات الفحم الحجري، والطاقات المتجددة، والصيد البحري، والفلاحة، وتربية المواشي… وهي مخرجات وموارد بحثية وُضعت رهن إشارة المؤسسات الراغبة في تحريك عجلة الاستثمار والاقتصاد بالجهة التي تنتمي إليها. كما تمّ تشجيع عقد الملتقيات العلمية والأيام التواصلية، والانفتاح على مختلف المؤسسات والمقاولات والمؤسسات الاقتصادية ذات الصلة ؛ وذلك بهدف تحفيزها على أخذ المبادرة، مع إعطائها ضمانات؛ بتمكينها من الدعم البحثي واللوجستيكي حالَ تعثر المشاريع، أو اصطدامها بصعوبات وعراقيل طارئة بفعل المناخ الاستثماري المتقلب.
وفي السياق نفسِه، على المؤسسة الجامعية أن تنفتح على التكنولوجيات الحديثة؛ من خلال تأسيس مرافق ومراكز تكوينية بحثية، توفر تكوينات تأهيلية من أصناف متعددة: التكوين المستمر، والتكوين بالتناوب، والتكوين من أجل الخبرة… هذه الأنشطة التكوينية تعد، بحقّ، مكسبا مهمّا، وانتصارا حقيقيا للرؤية السوسيو اقتصادية المنخرطة في أسئلة التنمية وقضاياها الشائكة، وفتحا كبيرا يكرس ثقافة المبادرة والالتزام والمسؤولية والحكامة، ولأنها، أيضاً، تضع مشكلة بطالة الخريجين في صدارة أولوياته.
. إنّ هذه المرافق التكوينية تهدف، كذلك إلى تطوير البحث العلمي بناء على قواعد معطيات غير كلاسيكية؛ لأنه سيَروم خلق منتَج علمي قابل للتسويق (دراسات، خبرات، أبحاث…)؛ ومن ثم، المساهمة في الرفع من نتائج أرباح المقاولات من جهة، وتوفير مداخيل للمؤسسة الجامعية تقفز بها إلى مصافّ المؤسسات المساهمة في إنتاج حدّ معتَبَر من الموارد، بل وتضع نصْبَ عينيها أيضاً احتضان المقاولات بشكل صريح؛ وذلك بدعم المقاولين الشباب، وتشجيع الخريجين على إحداث مقاولات صغرى ومتوسطة من جهة ثانية.
إنّ الغاية من هذا المقال تتمثل في التفكير في كيفية جعْل الجامعة المغربية تنجح في تحقيق رهاناتها الأساسية ، و تصبوا إلى ترسيخ ثقافة الإبداعية، وتقديم إضافة نوعية على مستويات التشخيص والتوجيه والتحليل واقتراح صيغ التنسيق والتعاون؛ لاستكمال البناء، ومتابعة التحصيل، واستدراك الهفوات، واستشراف الآفاق .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.