Home»Débats»و هَـل يصلح العطّار ما أفسد الدهر..بنكيران و بلا حدود وأشياء أخرى

و هَـل يصلح العطّار ما أفسد الدهر..بنكيران و بلا حدود وأشياء أخرى

0
Shares
PinterestGoogle+

   ما برح السيد رئيس حكومتنا الموقرة يخرج علينا وعلى الناس – من حين الى حين – بطرفة أو بقصفة من شطحة تحرك حقلنا السياسي الآسن، وتخلق مادة دسمة للّوك والتسويغ لإعلامنا العاطل أو المعطل منذ أمد ..في هذا السياق، تأتي خرجة السيد رئيس الحكومة الأخيرة من خلال قناة الجزيرة القطرية، حيث تخلى السيد بنكيران عن ديماغوجيته المعهودة وألقى بكل وقاحة و »تسنطيحــة » معهودة فيه، بمسؤولية كل ما جرى و يجري من سياسات حكومية في مرمى المؤسسة الملكية – التي على رأسها جلالة الملك – واصفا أنها – أي المؤسسة الملكية- هي الكل في الكل .. ضاربا و متناسيا بذلك كل المجهودات والتضحيات التي قدمها المغاربة من أجل ترسيخ دولة الحق والقانون ، ومُشوشا في الوقت نفسه على الصورة « الزاهية » التي يحاول القائمون على الشأن المغربي – ومن ضمنهم المؤسسة الملكية ذاتها – تسويقها للمغرب باعتباره دولة للمؤسسات والقوانين والفصل بين السلط،  وباعتباره  أيضا الدولة الوحيدة التي شكلت الاستثناء العربي خلال موجة الانتفاضات العربية التي اجتاحت البلدان العربية، بل باعتباره كذلك، الدولة التي قطعت مع التسيير الفردي و مع التسلط والشّمولية التي طبعت نظام الحكم لدينا طيلة العقود الأربعة لما بعد الاستقلال..

   إن هذا يدفعنا دفعا الى طرح مجموعة من التساؤلات والاستفهامات التي تستمد مشروعيتها من السياقات العامة لهذه التصريحات، ثم من تتابع وتلاحق الأحداث التي ساقت السيد بنكيران ومن معه سوقا، الى الإسراع في إجراء التعديل الحكومي الأخير.. محاولا إصلاح ما أفسدته « أمطار الخير  و الكرة و الشكولاطة و قصص العشق والحب الحكومي و أشياء أخرى » ..لكن هيهات هيهات.. و هل يصلح العطار ما أفسد الدهر ؟؟ ..

   فإذا كان الملك – والعُهدة على السيد بنكيران – هو كل شيء في المغرب .. و هو الآمر الناهي الذي لا رادّ لقوله، وهو الحاكم بأمره والسائد بفعل موقعه ..فما موقع السيد بنكيران من الإعراب إذن ؟

و هل هو مجرد موظف فعلا لدى جلالته على حد تعبيـره ؟

و هل هو مجرد منفذ لأوامر  ونواهي الملك، أو لنقل توجيهات جلالتــه؟

و هل كل ما كان من وعود وأحلام بنكيران في الاصلاح ومحاربة الفساد هو مجرد تهريج ومزايدات سياسوية، تهدف تحقيق مكاسب انتخابية محضة ليس إلا ؟

و هل يريد السيد بنكيران بتصريحاته تلك، التملص من مسؤولياته الدستورية، وخاصة الفصل 88 منه ، والقاضي بمحاسبة ومساءلة الحكومة في شخص رئيسها أمام البرلمان؟

و هل يريد السيد بنكيران الاختباء خلف شخص الملك، ويُخلي ذمته من كل ما فعل، وينسب بالتالي كل اخفاقاته إلى المؤسسة الملكية باعتبارها هي الآمرة الناهية،وأنه هو لم يكن سوى منفذ للأوامر  و النواهي الموجهة إليه ؟؟

و هل يعتقد بنكيران بتصريحاته تلك أنه يُمجد المؤسسة الملكية، أو أنه بشطحاته تلك يُعلي ويرفع من شأنها كما يدعي؟

ألا يدرك السيد بنكيران أنه بتصرفه ذاك أنه يُضرّ بالمؤسسة الملكية برُمّتها وبصدقيتها، عندما يُقدّمها الى الناس والى العالم، بأنها فوق المؤسسات وفوق القانون الذي يُقرّ بكل صراحة بالفصل بين السلط، و الذي يحدد لأي طرف من الأطراف – كائنا من كان – حدودَ صلاحياته و حجمَ مسؤولياته اتجاه الشعب و اتجاه الوطن.. الوطن الذي يتقاسمه كل المغاربة في تساو تام أمام القانون . أما المؤسسة الملكية فمن باب تحصيل الحاصل أن نقول عنها إنها مؤسسة كل المغاربة، لا تنحاز الى طرف ضد طرف، واجبُها الحفاظُ على السيادة والمصالح العليا للأمة.. وبالتالي، فعلى السيد رئيس الحكومة أن يكفّ عن التستر خلف شخص الملك، لإعطاء الانطباع بأن جلالته هو الفاعل والمدبر لكل شيء في المغرب، لأن السيد بنكيران فعلا هو رئيس الحكومة الفعلي حسب الدستور، وهو المسؤول عن كل ما تُنفذه حكومته من سياسات. و للشعب أن يحاسبه على كل ما قطعه أمامه من وعود.. إعمالا لمبدأ المحاسبة والمساءلة، الذي لوح به السيد بنكيران أكثر من مرة خلال حملته الانتخابية، وقبل أن يصيبه الخرس والصـمم، وينكفئ على عقبيه مُوجها نيران مدافعه صوب جُيوب الفقراء وبسطاء هذا الوطن.  

   ألا يسيء السيد بنكيران إلى مؤسســة رئاسة الحكومة ويُبخسهـا حقها حينما يعلن أمام الملأ أنه  هو الذي أراد أن يتنازل عن صلاحياته للملك طواعية، وهي المؤسسة – رئاسة الحكومة- التي منحها الدستور الجديد من الصلاحيات ما لم يكن يحلم  به أي رئيس حكومة من قبل..؟

    ثم لماذا لا يصرح السيد بنكيران بكل جرأة وبكل صراحة، أنه فعلا لم يُحسن استعمال صلاحياته الممنوحة له من قبل الدستور الجديد، بل هو الذي اختار التنازل عن تلك الصلاحيات الواحدة تلوى الأخرى لصالح أطراف أخرى نافذة في الدولة، مما أفقده الكثير من فعاليته ومبادرته؟؟

  ألا يدل هذا التخلي عن الصلاحيات الدستورية، على نوع من الضعف والوهـن الذي ألــمّ به منذ الوهلة الأولى ،أمام أطراف وقوى متنفذة في هرم السلطة المغربي، و هو الذي كان يلوح قبل وصوله إلى الحكم، بملاحقة المفسدين ولصوص المال العام -على حد تعبيره –  الذين تحوّلوا بقدرة قادر إلى تماسيح وعفاريت لا قبل له بهـم، ولا قدرة له على درء مفاسدهم ..؟؟

  ثم أخيرا وليس آخرا.. لماذا انتظر السيد بنكيران أربع سنوات عجاف قبل أن يصرح بما صرح به، أم أنه أحسّ باقتراب ساعة الحقيقة، فقرّر أن يناور كعادته، ويلعب لعبته التي يُتقن غيرها ، وهي لعبة التهريج والديماغوجية الانتخابوية السمجة وخلط الجـدّ بالهــزل، بغية التمويه على اخفاقاته المتتالية في كل برامج الاصلاح والتأهيل، التي وعد بها ناخبيه من الفقراء و المحرومين والحالمين، الذين اتخذ منهم وقودا لحملته الانتخابية السابقة، و التي ألقت به إلى سُدّة الحكم.. ثم للتغطية على الفضائح الحكومية التي ظلت تلاحق وزراءه منذ الوهلة الأولى، ولا مجال هنا للتذكير بها، ولعل آخرها وليس أخيرها، مهزلة توزيع بنكيران للمناصب العليا على المقربين من جناحه الدعوي خلال المجلس الحكومي الأخير، خالقا بوادر أزمة حقيقية داخل الحكومة في طبعتها الثالثة، والتي ظهر  جليا للقاصي و الدّاني أن المناصب داخلها تُوزع وفق منطق الكعكة و الكوطا و  » حَقّي و حَقّك و عطيني نعطيك »، وليس وفق مبدأ الكفاءة والجدارة و الأهلية والوطنية..  

محمد المهدي

بتاوريرت  30/05/2015

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *