Home»Régional»الغنف ضد الأصول

الغنف ضد الأصول

2
Shares
PinterestGoogle+
 

العنف ضد الأصول

العنف لغة هو الشدة والقوة ،وكل ما يفيد عدم الرحمة والشفقة والرفق. و ابن منضورفي لسان العرب يربطه بالإهانة والتحقير والشتم، مستشهدا بحديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم [ إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها وليعنفها] أما لاروس فقد عرف العنف بأنه خاصية وميزة، لكل ما هو عدواني ، و ينتج عنه مفعول بالقوة .

و الموسوعة العالمية المعجمية، ترى أن العنف، هو فعل يمارس من طرف فرد على فرد أو أفراد آخرين، عن طريق التعنيف القولي أو الفعلي بواسطة القوة العضلية أو المعنوية الرمزية .

أما منظمة حقوق الإنسان في إعلانها العالمي سنة 1993 فعرفت العنف بأنه : (فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس، ويترتب عليه أذى أو معانات المرأة سواء من الناحية الجسمانية أو النفسية أو الجنسية، بما في ذلك التعذيب بأفعال من هذا القبيل أو الحرمان التعسفي من الحرية سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة .)

وفي المتداول السياسي، يقصد به استخدام القوة من أجل الردع ،والحفاظ على السلطة أو الاستيلاء عليها .
وفي المتداول اليومي،غالبا ما نعني بالعنف، الاستعمال المفرط للقوة ضد من هو ضعيف وعاجز عن الرد بالمثل .
وفي تصوري أن العنف هو كل سلوك أو فعل يصدر من شخص ما ،قصد إلحاق الضرر والأذى بشخص آخر، لإرضاء رغبة ،أو إشباع غريزة بدافع مادي ،أو نفسي، أو سياسي أو اجتماعي. وهو إما عنف جسدي (كالضرب – الجرح – القتل ..) وإما مادي (كالاستيلاء على الإرث والراتب – الملكية – السرقة…) وإما معنوي ( كالإهانة – التحرش – الشتم …).والعنف في تقديري ليس ظاهرة اجتماعية كما يرى البعض، بل هو ظاهرة نفسية وغريزة عدوانية بيولوجية فطرية، تقتضيه الطبيعة البشرية .ولو لم يكن كذلك ،لما رافق القتل وسفك الدماء الإنسان منذ وجوده على الأرض. {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم مالا تعلمون .. }( سورة البقرة آية 30 ). { واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأ قتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين .فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين }(المائدة 27-30) .

إن غريزة العنف ،ذات طبيعة مزدوجة ،خيرة وشريرة في نفس الوقت .ومن ثم يكون إشباعها مطلوب شرعا ، في حالة استغلالها من أجل تحقيق أهداف، خيرة ، مشروعة :كرد العدوان ، والدفاع عن الوطن ، والذود عن المقدسات ،ورفع الظلم والطغيان ،وتحرير الإنسان …أما في حالة ارتباطها بالشر ،و الظلم ، والقهر، والاستغلال، وإلحاق الضرر والأذى بالآخرين، وزرع الفتنة أو إيقاظها ، والاعتداء على ملكية الآخر ، وحريته … يكون إشباعها ، أو السماح، لها بالتعبير عن نفسها ،غير مشروع ،وحرام لا يجوز شرعا.إن قيمة العنف ومشروعيته، إذن مرتبطة بالهدف المراد تحقيقه. إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
إن هناك أنواع من العنف، لا حصر لها، وما يهمني منها، هو ذلك العنف المتعلق بالأصول أو الولدين .لأن المنظمات الحقوقية، سواء منها المحلية، أو الدولية. ركزت كل اهتماماتها، على العنف ضد المرأة، والطفل. في حين أن العنف ضد الأصول، لم ينل أي حض منها.على الرغم من أننا نسمع ونقرأ يوميا ، عن ضرب ابن لأمه العجوز، بسلك كهربائي حتى الموت . أو إلقائها بالشارع ، أو التخلص منها عن طريق دار العجزة ، أو دحرجة أبيه مع الدرج ، والاعتداء عليه بالضرب ، ناهيك عن الشتم، والسب ،والتهديد له بالفضيحة، أمام الأهل والجيران ، والدخول عليه سكرانا آخر الليل، ليفزعه وأبنائه الصغار … كل ذلك من أجل إرث، أو طمع مادي. إن مجتمعنا لم يكن يسمح لنفسه حتى بالإشارة، إلى ما يمكن أن يفهم منه، عدم احترام الوالدين، نظرا للمكانة التي يشغلها الوالدين في نظامنا الاجتماعي والديني.إلا أن الأمر تغير في ظل تربية روسو، ومونتسكيو، ووليام جيمس ، وحقوق الطفل ، وحقوق الإنسان .. .هذه التربية التي شغلتنا عن بر الوالدين، وعن أمر الله المتمثل في قوله تعالى :{ وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا } (الإسراء ) .وأصبحنا اليوم، نسمع عن جريمة العنف ضد الوالدين. واحتلالها المرتبة الثالثة في مدينتنا، بعد جريمة شرب الخمر، والسرقة. مع العلم، أن العديد من الأسر، لا تبلغ ضد أبنائها، لأن ذلك يعتبر معرة في عرفنا الاجتماعي. كما أصبحنا، في ظل ما يسمى بالتربية الحديثة،لا نعرف كيف نربي أبناءنا. ففي البيت يتحدى الطفل أمه وأباه، ويستظهر عليهم، ما علق في ذهنه من مقولات، عن حرية الطفل، وحقوقه.وفي المدرسة يهدد التلميذ ، وأحيانا حتى أسرته، الأستاذ برفع دعوى قضائية ضده .لأن هذا الأستاذ، أو الحارس العام، أو المدير اضطر إلى إخراج التلميذ المشاغب، الذي يحرم أصدقاءه من الاستفادة المعرفية ، و يحدث البلبلة والصخب في فصله، وفي الفصول المجاورة لقسمه ، ومع ذلك يصر على عدم الخروج فإن سحب بالقوة، قيل ، هذا عنف في حق الطفل لا يجوز.والقانون يعاقب عليه . وقد يهان الأستاذ أمام القضاء إن لم يعتذر وهو صاغرا. نعم في ظل هذه التربية التي تعطي السيادة للطفل، وتذل الأستاذ، تجدنا نتباكى عن سوء أحوال تعليمنا،و نتساءل عن أسباب تدهوره.لئن لم نرجع إلى ربنا، ونحترم تربيتنا القرآنية لنرى الأسوأ.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. حسن. ب
    04/03/2008 at 22:54

    أتقدم بالشكر لصاحب المقال, و الذي اورد فيه جانبا مهما ربما لم ينل حظه من الاهتمام, و هو العنف ضد الاصول, عنف ادانه الشرع قبل القانون, و ترفضه الضمائر السليمة.
    الا أنني لا اتفق مع صاحب المقال حين أجده يرجع سبب الشغب و العنف الى التربية الحديثة, اذا كان التلميذ يثير الشغب فالمؤسسة تتوفر على قانون داخلي , يجيز اتخاذ اجراءات تأديبية بشأنه, و القانون يعاقب مرتكب العنف دون مراعاة صفة المتورط كان أستاذا أو حتى أبا وهذا من حق التلميذ و هو أبسط حق من حقوق الانسان *العدالة*.
    ولكنني أريد أن أرجع الى موضوع العنف ضد الاصول, اليس الاصول مسؤولون عن تربية الفروع؟ لو حرص الاصول على تنشئة اطفالهم وفق ما تقتضيه مبادئ الدين فحثوهم على الصلاة و الرحمة و الاخلاق الحميدة, بعيدا عن العنف, بل في رفق و الرسول عليه الصلاة و السلام حث على الرحمة و الرفق. ما كان الرفق في شيء الا زانه و ما نزع من شيء الا شانه.
    و لا اعتقد ان اسلوب الشدة دون الخوف من اي رقيب او حسيب هو ما سيجعل الاطفال طائعين طيعين, حتى و ان لم يكن هناك قضاء او قانون يجرم استعمال العنف ضد الاطفال, فان الامر سيؤول الى ّالسيبةّّّ ّ و الانتقام.
    و قد قال صلى الله عليه و سلم ان الطفل يولد على الفطرة و ان الابوان هما من يهودانه او ينصرانه او يمجسانه.
    و اعيد شكري لصاحب المقال.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.