Home»Correspondants»المطر فاضح العيوب

المطر فاضح العيوب

0
Shares
PinterestGoogle+

الحكم في المغرب مرتبط بتساقط المطر , مقولة تنسب للمارشال ليوطي رغم أن هناك من يكذب ذلك كما هو الشأن للمجلة الشهرية زمان باللغة الفرنسية  , ومهما اختلف في القائل والمناسبة ففي الأمر بعض الصحة , كيف ذلك ؟

الفلاحة عنصر أساسي في الاقتصاد المغربي ومن اجل تنميتها وتطويرها برزت  سياسة بناء السدود وسقي مليون هكتار التي دشن بها الملك الراحل الحسن الثاني عهده , وقد حدد لها أهدافا أهمها تحقيق الأمن الغذائي الضامن للاستقرار الاجتماعي بالبوادي والحواضر,  وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني تجاريا وصناعيا وخدماتيا وفي غيرها من القطاعات ,  ولنا في فترات الجفاف وسنواتها العجاف خير دليل على أن المغرب بلد فلاحي رغم أن هناك من يعتبر ذلك نظرية استعمارية تكرس الدونية  , ولكن واقع الحال يفند ذلك , فبفضل مخزون السدود والأراضي المسقية تمكن المغرب من تجاوز تلك الظرفية الصعبة بسلام بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء .

 بخلاف التجربة الجزائرية في عهد الراحل هواري بومدين في مجال الثورة الصناعية المستوحاة من النظام السوفييتي البائد و الاشتراكية المستوردة والتي كان مآلها الفشل المطلق, كما أن نظام السوفخزات والكولخزات في نسخته الجزائرية  لم يوفر للشعب الجزائري الشقيق  قوته اليومي وظل يعتمد على الخارج لتوفير الغذاء, وهو الذي كان يسخر من جاره المغربي وينعته بمنتج الطماطم أو مركزها وكأن ذلك عار , وقد اتسعت لائحة واردات الجار الشرقي مؤخرا لتشمل الخبز المجمد والبصل كما  تداولته  وسائل الإعلام .

والمغرب ماض في سياسته الفلاحية في عهد جلالة الملك محمد السادس وفق إستراتيجية محددة في المخطط الأخضر الذي يشكل رافعة للتنمية الاقتصادية .

ويبقى لتساقط الأمطار دورها الفعال في حياة الأرض والعباد   , لذلك نلجأ عند انحباس المطر إلى إقامة صلاة الاستسقاء متضرعين إلى العلي القدير أن يسقي عباده وبهيمته وان ينشر رحمته ,  عملا بسنة سيدنا محمد (ص .

فسقوط الغيث رحمة ونعمة – نحمد الله عليها – تحمل بشائر الخير والبركات وتملئ  السدود وتغذي المياه الجوفية والآبار والعيون  التي يزداد صبيبها , وتحيي الأرض بعد موتها .

 غير أنها تساهم أحيانا في  كشف المستور وفضح الغش في البنايات والمنشئات الطرقية والتجهيزات التحتية,  فتعري الواقع وتزيل عنه المساحيق التي تخفي وجهه الحقيقي , وكان للتساقطات الأخيرة ببلادنا الفضل في إبراز عيوب شتى ما كان لها أن تظهر في ظروف عادية حتى ولو تجندت مختبرات الدراسات ومكاتبها لانجاز خبرات و تجارب عن متانتها وصلابتها ومدى مطابقتها للمعايير التقنية المعتمدة  , فقد نابت عنها أمطار الخير التي هي بحق خير مهندس وخير مفتحص .

 فباسم الله مجراها ومرساها فقد كانت البداية من الجنوب المغربي بجهتي كلميم السمارة , وسوس ماسة درعه , حيث جرفت السيول كل ما يقف في طريقها من بنايات شيدت في غفلة منها في فترات الجفاف التي طال أمدها أحيانا حتى خيل للبعض أن مجاورة الأنهار والوديان لم يعد يشكل خطرا في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية هشة شجعت أصحابها على خوض المغامرة التي كانت عواقبها وخيمة هذه المرة فانهارت المباني كقصور من رمال وهلك كل من لم ينفعه حدسه بالهروب قبل الكارثة , ولم تسلم حتى بعض القناطر المشيدة حديثا إذ أصبحت كجلمود صخر حطه السيل من عل  , وواصلت المياه الجارفة طريقها لتحصد الأخضر واليابس وتحدث خسائر في الأرواح البشرية التي نترحم عليها بخشوع وإجلال و تجعل المنطقة منكوبة في حاجة إلى الدعم المادي والمعنوي كما تقتضي واجبات التضامن الوطني الذي هو من شيم المغاربة الأحرار.

وقد رمت السيول بحمولتها المتنوعة في مياه المحيط الأطلسي, ليعيد البحر إلقاء بعضها إلى الشاطئ حية أو ميتة , فتلك مشيئة الله في خلقه  .

فضيحة أخرى عرت عنها الأمطار المتساقطة بغزارة نهاية الأسبوع الماضي بالعاصمة الرباط وبالضبط بالمركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله  الذي تحول إلى مسبح – غير مغطى –  أثناء مباراة في كرة القدم في إطار منافسات الموندياليتو المنظم ببلادنا للمرة الثانية على التوالي  , فقد حولت الأمطار أرضية الملعب  إلى برك مائية لا تنقصها إلا الأسماك و الطيور العائمة , ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه لجأ العمال إلى استعمال وسائل بدائية لتجفيف العشب الاصطناعي الذي صرف عليه ما يفوق المليار سنتيم من المال العام  لفائدة مقاولة مختصة لم تراع المعايير التقنية المعمول بها لأسباب غير معروفة  لدينا كمتفرجين غير مختصين , ولكن النقل المباشر للمباراة من طرف قنوات تلفزية عالمية يتابعها جمهور واسع  جعلنا محل سخرية واستهزاء يمس بسمعة البلد الذي سبق له أن قدم ترشيحه لاحتضان المونديال ,  أبمثل هاته المهازل سنعزز ملفنا ونقوي حظوظنا قاريا ودوليا ؟ إنها قمة العبث والاستهتار .

الفيفا قررت نقل ما تبقى من مباريات إلى مراكش لعل كرامات سبعة رجال تجود علينا بأيام مشمسة في عز فصل الشتاء لإنقاذ ماء الوجه .

فالأمطار تفضح المستور وتكشف العيوب, ولا يصح إلا الصحيح.  

 

   

   

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *