Home»International»بين صلاة الجماعة وصلاة الجنازة

بين صلاة الجماعة وصلاة الجنازة

0
Shares
PinterestGoogle+

بين صلاة الجماعة وصلاة الجنازة
لأمر ما سألت عن صديق لي ، فذكروا لي أنه مسافر لحضور جنازة والدة صديق له .. أنْبِلْ به من شعور حينما تستقل سيارتك مع هذا الغلاء الفاحش ، فتحضر جنازة ، ثم تعود لبيتك ! .. الإسلام أمر بهذا وتلك مسألة لا يتناطح فيها عنزان .. ولكن ، ما تقول في مثل هذا الرجل ـ ومنه الآلاف في بلدنا ـ لا يكلفون أنفسهم عناء حضور صلاة الجماعة ، مع أن المسجد أقرب إليهم من حبل الوريد ، لا يملأون خزانا ، ولا يقطعون فدافد ولا سباسب ، ولا يستقلون إلا نعالهم الخفيفة .. حينما عاد صديقي عاتبته ، وقلت له : ليس من الدين في شيء أن تتجاهل صلاة الجماعة وتحرص على صلاة الجنازة .. كان رده بسيطا ومتوقعا : هو أيضا يحضر أفراحي وأتراحي ، وعلاقتنا تفرض علي ما فعلتُ ..
قلتُ له : يا سبحان الله ! أفلا  تفرض عليك علاقتُك بالله أن تستجيب لدعوته ؟ ومن سيذكر اسمه ويسبحه في بيوته  إن لم أفعل أنا وأنت وسائر عباده المسلمين ؟ ولماذا أذِن برفعها أصلا ؟
قال لي : إن صلاة الجماعة ليست واجبا .. سألته : وهل صلاة الجنازة واجبة ؟ قال لي : لا تجعل من الحبة قبة ، فقد وضحت لك السبب .. وها هنا العجب كل العجب : نحذر أن تتأثر علاقاتنا ببعضنا ولانخشى أن تتأثر علاقتنا بخالقنا ورازقنا  حينما يجعله هذا وأمثاله أهْونَ الناظرين إليهم ْ ..
ومثل جوابه ـ عندي ـ من القولِ المبيّت الذي لا يرضاه ربنا عز وجل ،  » يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيّتون ما لا يرضى من القول  » .. ولو لم تكن صلاة الجماعة إلا سنة حرص عليها رسولنا العظيم حتى لقي ربّه لكان ذلك أكبر باعثٍ على المحافظة عليها ما لم يمنعْنا عذرٌ شرعي مقبول ، فإذا حصل العذر ، فصلّ حيث أدركتك الصلاة فالأرض آنئذ لك مسجد وطهور .. وما بالك وثمة شبكة من الأحاديث الصحيحة تختزن من الحث والتحفيز ، بل ومن تهديد المتخلفين عنها ما حمل عددا من العلماء على اعتبارها واجبا .. خذ ـ مثلا ـ هذا الحديث الصحيح  الذي رواه عن أبي هريْرةَ الشيْخان وجماعة كبيرة غيرهما :
 » والذي نفسي بيدِه ، لقد هممتُ أن آمرَ بحطبٍ يحتطبُ ، ثم آمر بالصلاةِ فيؤذنَ لها ، ثم آمرَ رجلًا فيؤمَّ الناسَ ، ثم أخالفَ إلى رجالٍ فأحرقَ عليهم بيوتَهم ، والذي نفسي بيدِه ، لو يعلمُ أحدُهم أنه يجدُ عَرْقاً سمينًا ، أو مرماتيْن حسنتيْن لشهدَ العِشاءَ  »
كلما قرأتُ هذا الحديث ارتعدتْ فرائصي ، وازددْتُ ارتباطا بالمسجد ، فرارا إلى الله من هذا الوعيد المصدّر والمختوم بقسم عظيم .. وإني لأسْتافُ منه رائحة جهنّم الصغرى تلفح أجسام المتخلفين في الدنيا قبل الآخرة .. فإنْ لم يكن في مثل هذا الحديث دليلٌ على وجوب حضور الجماعة ما لم يمنعْ عذرٌ شرعي ، فبأي حديثٍ بعده يؤمن هؤلاء الذين قلبوا الموازين فحرصوا على النوافل ، وتركوا الفرائض ، واستخفوا بأمر الله ، واتخذوا خطاباته العديدة وراءهم ظهريا ، وهي واضحة المعنى ، جليّة الهدف ؟! قال تعالى :  » يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم …  »
فوالله إنّ حياتنا في الفرائض أولا ، والنوافل ثانيا .. ومن كان كالأعرابيّ فاكتفى بالفرائض اكتفاء المخلصين الصادقين ، المحسنين المتقنين أفلح ودخل الجنة كما وعد رسولنا عليه السلام .. ومن كان مثلنا خطّاءً أكثر من النوافل وسدّد وقارب وتاب .. والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ..
فجيج : محمد بوزيان بنعلي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *