Home»Régional»/ن أجل شراكة في المواطنة

/ن أجل شراكة في المواطنة

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم

من أجل شراكة في المواطنة

لقد تعددت مظاهر الأزمات التي تلقي بظلالها على الشعوب النامية أو العالم الثالث أو دول الجنوب،
أو بتعبير مهذب : السائرة في طريق النمو. وقد تختلف زوايا النظر في تشخيص دوافع هذه المظاهر باختلاف المكونات الثقافية والمرجعية المعرفية لدى الساعين لتجاوز الوضع الراهن.وإذا كان التمايز في وجهات النظر باعتبار الأسس الثقافية فإن هذا التمايز والتناقض- أحيانا- في مقاربة الواقع العربي والإسلامي لا ينبغي أن يظل عائقا أمام التوجهات الصادقة والنيات الحسنة المتطلعة إلى التغيير والإصلاح: تغيير المفاهيم والأوضاع وإصلاح المنظومات وترشيد آليات الاشتغال. ولعل المتابع لواقع الشعوب العربية والإسلامية لن يجد عناء في الإقرار بمأساوية الوضع باعتباره معطى يعد من إفرازات وتراكمات تداخلت فيها عوامل موضوعية وذاتية ،وذلك مالا يختلف عليه اثنان،وإنما التباين في تحديد درجة التأثير والتداخل بين هذه العوامل الأساسية التي أفرزت هذا الواقع المثقل بأعباء الضعف والتخلف،وكذلك من حيث مدى استجابة الأمة لهذه المؤثرات باختلاف طبيعتها .وإذا كان من الباحثين والمثقفين من لا يجد غضاضة في إبراز العامل الخارجي وأهميته في ما آل إليه واقع الأمة ، فإن قليلا منهم من يقر بوجود عوامل أخرى ويراهن على مراجعة هذه الاقتناعات التي تشكلت بفعل أثر مرحلة النضال والمدافعة السياسية التي ظلت تُحكِم سيطرتها على الذاكرة التاريخية لعدد من المثقفين وتعمل على بناء مفاهيم، وتأسيس معارف انطلاقا من مكتسبات مرحلة سياسية معينة سادت فيها ثقافة الجهاد والنضال بدءا من حقبة الاستعمار القديم وامتدادا إلى مرحلة ما بعد هذا الاستعمار.وإذا كانت كل مرحلة في مدافعة الظلم محكومة بعوامل الزمن والأشخاص وطبيعة الصراع القائم وأهدافه والمرجعيات التي تمثل الخلفية الثقافية والعقدية لإنجازات التحرير والمقاومة قبل الاستعمار ومحاولات الإصلاح بعده ، فإن هذه الأهداف الإنسانية النبيلة – كما كانت في زمن الاستعمار- مطمحا إنسانيا لكل القوى الوطنية- ينبغي أن تظل إطارا صالحا تلتقي حوله كل الفعاليات الواعية بعيدا عن كل الاصطفافات السياسية أو الفكرية أوغيرها التي ظلت في كثيرمن الأحيان – كما توهم البعض- حصونا مستعصية على الاختراق الفكري أو التصوري، وكأن هذه الحصون غدت أهدافا بعينها في الوقت الذي هي أدوات وآليات إنسانية للتواصل والتجاذب والإقناع وليست قواعد للتمركز حول الذات ،ولذلك حين ساد هذا الانغلاق داخل الحصون الفكرية والثقافية الذاتية حُرمت البلاد من خير كثير وفُوتت فرص مواتية لتحقيق المطالب الإنسانية الشعبية وتمتيع القواعد بما تصبو إليه وما تريد،ولذلك فإن استمرار الشعور بامتلاك الصواب دون الغير،والزعم بأحقية الحراك الثقافي والسياسي باعتبار المشروعية التاريخية ،لا أراه – وحده- أداة ناجعة لتغيير الحال نحو الأفضل.ولعل الواقع العربي الحالي يعزز صدقية هذا القول .

إن من أعظم المداخل التي أبدعتها قوى الاستكبار في العالم هو العزف على وتر الانتماءات المذهبية والحزبية والعرقية ،وظل – للأسف- كثير من أبناء هذه الأمة يترنمون بما يصدره هذا الوتر من أصوات تلهب النعرات وتهيج العواطف العصبية،ولعل النموذج الصارخ يتجلى في ما يشهده العراق ،وكيف نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في توظيف معطى المذهبية والطائفية لضمان الهيمنة والسيطرة ، وأظن أن قراءة ما يجري في العراق يعطي دلالات بليغة على خطورة هذا المعطى ويدفع كل الفاعلين إلى استيعاب هذا البعد وخطورته في تمزيق الصف الواحد، ولذلك آن الأوان أن يقرأ الفاعلون في بلادنا هذا الواقع قراءة متأنية فيرتفعوا عن الولاءات لمرجعية بعينها ، ويتجاوزوا نشوة الانتشاء بالانتماء ،إلى متعة البحث عن المساحات الإنسانية المشتركة التي تؤسس لمبدأ الشراكة في المواطنة،ويقينا فإن مساحات كثيرة لازالت تنتظر شركاء الوطن للالتقاء حول قضايا الإنسان المعاصرة . إن مصطلح الشريك يحيل بمفهومه الضمني إلى قابلية الاختلاف والتباين في وجهات النظر،لكنه لا يلغي إمكانية الالتقاء والتواصل ، وإذا كان المبدأ المتمثل في قولهم :" نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا عليه " رائجا في الأدبيات الفقهية الإسلامية بخاصة ، فإن المبدأ نفسه يصلح أن يصبح قاعدة إنسانية تنْظم العلاقة بين الشركاء والفاعلين على أساس مصلحة الوطن وثوابته ،وليس ثمة في الأدبيات الإسلامية أو الإنسانية ما يصادر هذا المسعى أو يمنعه تحت طائل الموانع الشرعية أو القانونية،فالشرائع السماوية تدعو إلى التعارف بجميع أبعاده حتى وإن اختلفت المعتقدات والمعارف الإنسانية ، والقوانين البشرية جميعها تحث في أدبياتها على التواصل، ووقائع التاريخ البشري لم تخلُ من وقائع تشهد على تجسيد هذا الالتقاء الإنساني والاجتماع البشري مع وجود التعدد والاختلاف في ا لدين والعادات والطبائع ، فكيف إذا كان المعنيون بالتواصل هم أبناء الوطن الواحد والدين الواحد ؟ وهل يبقى – بعد ذلك كله- مبرر للتنافر والتباعد الثقافي والفكري بين أبناء الثقافة الواحدة؟

أسئلة من شأنها استفزاز العقول- بالمعنى الإيجابي – وإثارة الأفكار وتحفيز العزائم لبناء أسس جديدة في العلاقة بين مكونات الوطن الواحد .إن قضايا الإنسان العربي، ومن بينها قضايا حقوق الإنسان وقضايا التنمية والتربية وغيرها ،مجالات واسعة يمكن أن تُطرح على مائدة الحوار بين الشركاء والفاعلين ،وهذه القضايا النبيلة تحتاج إلى مقاربات فكرية بعيدا عن المقاربات السياسية التي تجعل من مقاربات الحقوق والقضايا الإنسانية الأخرى مطية لتحقيق مكاسب سياسية ، سرعان ما تتوارى هذه القضايا بانتفاء هذه المكاسب الضيقة . وأظن أن من سلبيات مقاربة قيم حقوق الإنسان تحكُّم البعد الإيديولوجي من جهة ، وإلباس هذه القيم لبوس المصلحة المادية من جهة أخرى ، ولذلك ابتُذلت قيم حقوق الإنسان أحيانا وغدت شعارات جوفاء لدى بعض الناس دون غيرهم من الحقوقيين الشرفاء .
فهل نمتلك الجرأة لمساءلة الذات وتحمل المسؤولية الوطنية ، فنبحث جميعا عن مساحات الالتقاء والاتفاق حول قضايا مصيرية من قضايا المواطنة؟
دعوة إلى كل المهتمين بقضايا الوطن الكبرى لجعل هذه القضايا مشتركا إنسانيا تلتقي حوله جميع الإرادات الخيرة المحبة لهذا الوطن .

فهل من مجيب ؟؟؟؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *