Home»International»صيحة لإنقاذ ما تبقى من ذاكرة جرادة

صيحة لإنقاذ ما تبقى من ذاكرة جرادة

1
Shares
PinterestGoogle+

صيحة لإنقاذ ما تبقى من ذاكرة جرادة

انهض يا أبي  ……

جرادة

ما معنى أن تعلن الساعة الصفر لبدء النهب والسلب ،بل وعلى مرأى ومسمع من الجميع؟؟؟

انهضوا أيها العمال الأفاضل من مدافنكم من مراقدكم  فأنتم من علمتمونا معنى الحياة،أنتم من علمتمونا الوفاء للقيم والمباديء ،أنتم من أطعمتمونا بعرق جبينكم،وربيتمونا  وعلمتمونا معنى المروءة والنضال ،أنتم الأبطال في زمن الأندال ،أنتم الشرفاء الذين ما سرقوا وما استهانوا وما استكانوا ،ما جدوى أن أدبج تاريخكم بالكلمات ،فأنتم فوق الكلمات ،وفوق العبارات ،وفوق الشعارات ،كان همكم الوحيد والأوحد لقمة نظيفة لأبنائكم وإن كان الثمن حياتكم وأجسادكم التي نخرتها الأمراض وعلى رأسها السيليكوز، همكم كان حبكم لهذا الوطن الذي كنتم تلبون نداءه كلما دعاكم ،أذكر هنا بطولاتكم وأمجادكم وأنتم تقاومون المستعمر الفرنسي حينما كنتم تقفون جسدا واحدا معلنين التوقف عن العمل والإضراب داخل المنجم ولو كلفكم ذلك حياتكم وأبناءكم ،أذكر نضالاتكم ضد الظلم، والقهر ،والاستغلال، والظيم، ونحن مازلنا أطفالا صغارا لم نعرف بعد معنى الحياة ،أنتم القادرون مرة أخرى أن تقنعوا من يريدون محو الذاكرة  بأنهم يدوسون عليكم،على تاريخكم ،على كبريائكم وهم يعيثون فسادا وتخريبا لما تبقى من الذاكرة ،نقولها ونحن نخجل من أنفسنا أننا لم نستطع أن نحافظ على هذا الإرث العظيم ،لم نستطع أن نصونه ونجعله ينبض بالحياة يؤمه من أراد أن يعرف وأن يعيش عن قرب كيف كان المنجم في زمن من الأزمان ،،

    انهضوا إن كنتم تستطيعون النهوض من حيث أنتم الآن تلتصقون بالقرب من مدافئكم علها تمنحكم القليل من الدفء في هذا الصقيع الذي يجتاح مدينتكم ،فأنتم الذين تعرفون ما قيمة التاريخ وما قيمة الذاكرة وما قيمة ما نهب وينهب ،فالسارق لا يعلم قيمة ما سرق ،والذي أعطى الأمر بالسرقة عن بعد، أو تغاضى عنها يريد أن يخفي معالم التاريخ ويمحو الذاكرة،بل ويخفي أيضا أثر الجرائم التي ارتكبت في حق المدينة منذ الإغلاق وإلى الآن

ويعمل على إخراج سيناريو رديء ،المكان فيه غير ذاك الذي نعرف وتعرفون، أيها العمال الأفاضل فلو قدر لكم النهوض مرة أخرى فسترون أن كل معالم مدينتكم قد امحت 

        انهض يا أبي كي ترى حبيبتك وهي تصفى نهائيا من الذاكرة بعدما تمت تصفيتها اقتصاديا بالكامل وبطريقة بشعة أتت على الأخضر واليابس ،وعلى كل ما هو جميل في هذه المدينة التي يريدون لها أن تبقى بدون روح وبدون قلب وبدون ذاكرة ،بالأمس القريب كنت شاهد عيان على تصفيتها اقتصاديا فلم تجد سوى أن أسلمت روحك ،واليوم ها هي تقتل وتصفى بطرق أخرى أكثر بشاعة وتشويها ،تلك الغابة الغناء يا أبتي رئة المدينة قد أحرقت بعدما قطعوا أوصالها، وأغصانها غصنا، فغصنا حتى أصبحت جرداء كأن لم تكن تحفها الأشجار ،وأنت تعرف أن المدينة بلا غابة ولا أشجار كجسد معطوب دون رئة ،لم يكفهم هذا فصاروا يعيثون فسادا ونهبا لما تبقى من الذاكرة دون مراعاة لقيمتها وتاريخها ،كل ذلك يتم في صمت مريب وفي غياب أية حماية لمثل هذه المآثر التاريخية والتراثية التي تنطق بعبق التاريخ وبحب الحياة رغم كل المآسي والأرقام التي لا حصر لها من الأموات والمعطوبين والمرضى واليتامى والأرامل ،،،،،

فمن يسمع يا ترى صيحتك يا أبتي.. صيحتنا ……

السهلي عويشي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *