Home»Régional»..مرض الكبار

..مرض الكبار

0
Shares
PinterestGoogle+

ليست كل السبل التي يسلكها الإنسان طوال حياته آمنة سالمة..فقدماه غالبا ما تطأ طريقا يؤدي به إلى الإصابة بمرض ما ..فهو معرض للكسر حين الجري أو القفز..معرض للتسمم إبان نهمه من مشتهيات الأكل أو الشرب ..كما انه قد يسقط فريسة فيروس أو ميكروب نقله أثناء احتكاكاته مع أبناء جلدته..ومن هنا وفي مجمل الحالات يكون الحل ممكنا للمعادلة الاعتيادية …زيارة طبيب ..وصف دواء ثم علاج..لكن أحيانا نخال أنفسنا أننا أمام نفس المعادلة إلا أنها تتيه بنا في متاهات حسابية وعمليات معقدة نقتنع أخيرا بأنها بدون نتيجة أو أنها من مستحيلات القدرة البشرية..
وسأحاول لفظ تجربتي خارجا من ذاكرتي علها تكون حلا لمعادلات شتى…

منذ أزيد من عقد من الزمان شاءت أقدار الله تعالى أن تسوقني إلى مدينة احفير.. الصغيرة مساحتها ..الكبيرة همومها..وتابعت مسيري ومسيرتي كالمعتاد وكما اعتاد جميع خلق الله..والتحقت بمكتب صغير بمقر إدارة صغير..وشرعت أتنقل من بيتي على الأقدام قاطعا مسافة مدة زمنها خمسة وعشرون دقيقة.. أربع مرات في اليوم ما يعطي مسافة شهرية كبيرة توصلني إلى ابعد نقطة في وطننا الحبيب..خلالها استنكر كل من يلقاني في طريقه على طول المسافة مقترحا علي استعمال إما دراجة هوائية أو نارية أو سيارة خصوصية أو عمومية..لم اسلم وقتها من كلام..

حتى جاء اليوم وجاءت الساعة والدقيقة ..وفي مكان معين أحسست أن رجلاي أبتا التقدم وصعب عليهما صعود ونزول الرصيف ..حالة ممزوجة بالدوران والخوف وقليل من العجز المؤقت ..لم اعرها حينها أدنى اهتمام ..فعاودت الكرة مرة ومرتين وتجاوزت المرات..فقمت بالرجوع للمعادلة الاعتيادية وزرت طبيبا عاما أكد لي أن الحالة عادية وهي مجرد إرهاق..لكن المعادلة استعصت ..عاودت حلها مرة ثانية ..طبيب عام ثان نفس النتيجة ..لا شفاء بأخذ الدواء…دخلت بعدها في دوامة التخصصات وقصدت المتخصص الذي خصني بمعاملته الخاصة ..وأرسلني بدوره لمتخصص نحو العاصمة المتخصصة.. فأسفرت كل التحاليل والفحوصات عن نتيجة خاصة ..لا شيء عندك خاص.. وكل مرة هناك دواء خاص يفضي بي لدواء آخر خاص من اجل علاج-لاشيء -الخاص..وقد تعرضت لتصرف المتخصص أدخلني في حالة خاصة…
يوما عرضت عليه الدواء الذي لم يجدي معي نفعا وطلبت منه أن يبدله لي بدواء آخر ويشرح لي عدم جدوى الدواء.. ابلغني فورا انه غير مستعد للاستشارات ولا توجيهات طالبا مني إعادة الكرة ثانية.. يعني فحص جديد ووصف جديد وأداء طبعا جديد ولا يهم تأثيرات الدواء ولا تطور حالتي سواء..ألقيت بالدواء ورحت أجوب الجهة طبيبا تلو الطبيب ..واطرق بابا وراء باب ..حتى نفذ الأطباء ..وغلقت كل الأبواب …نهايتها فطنت أنني أمام حالة غريبة وخاصة.. مرض جديد اسمه *مرض الكبار*..

فمرض الكبار هذا ..مرض وهمي من صنع الأطباء المتخصصين في التمريض ..ومن استهلاك مرضى كبار لا حيلة لهم سوى المعاودة تلو الأخرى مدمنين زيارة الطبيب واخذ الدواء ..ولا مخرج لهم من الورطة سوى حلين لا ثالث لهما … الاستسلام  أو الموت..
عافانا الله وإياكم من كل زيارة ومن كل دواء ومن كل إدمان ومن كل هم ومن كل شر..آمين..

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. م.ب
    25/12/2013 at 16:49

    على إثر حكايتك أخي الكريم،خلال السبعينات كان احد سكان دربي يزور طبيبه المعتاد بصفة منتظمة أو احيانا مستعجلة في حالة طارئة وذلك خلال مدة طويلة . فلاحظ أنه لم يتمتع بصحة جيدة أويستفيد ولو بشيء قليل من تلك الفحوصات ومن أشبه ما نقلته لنامن المحاولات و…و… في مقالك الوقائي و الترفيهي
    فبعد ما يئس من تحسين حالته الصحية كان سؤاله للطبيب كالتالي: » واسمو هاد المرض ألي كاع ما بغا يمشي مني ؟ » أجابه الطبيب بصوت مرتفع حيث كان الرجل مسنا شيئا ما وناقص السمع : »هاد المرض ألي فيك الحاج… سميتو كبرون ! فسأل الرجل ثانية: واسمو هو الدوا ديال هاد كبرون ؟ الدوا ديالو هو قبرون!أجابه الطبيب.(والأعمار بيد الله كما يقال).ضف هذه المتعة الطفيفة أيها الأخ الكريم إلى مقال كتبته ونشر على صفحة هذا الموقع تحت عنوان « حكاية وحكمة »بتاريخ 30مارس 2013أتمنى أن يروقك والقراء.م.ب

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *