Home»Correspondants»تقرير عن أشغال يوم دراسي في موضوع: قضايا في الفلسفة

تقرير عن أشغال يوم دراسي في موضوع: قضايا في الفلسفة

1
Shares
PinterestGoogle+

تقرير عن أشغال يوم دراسي في موضوع: قضايا في الفلسفة

إعداد: توفيق فائزي    

                   

         نظّم فريق البحث في الفلسفة الإسلامية، التابع لكلّية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الأوّل-وجدة وفي فضاء قاعة نداء السلام بكلّية الآداب، يوما دراسيّا في موضوع: قضايا في الفلسفة: عروض في كتب، يوم 24/05/2012.

وقد تضمّنت الجلسة الصباحيّة التي ترأسها الأستاذ محمد الطلحاوي (كلية الآداب، وجدة) كلمة لفريق البحث في الفلسفة الإسلامية ألقاها الأستاذ محمد بن يعيش(كلية الآداب، وجدة) منطلقا مما قاله ابن خلدون الذي ربط ازدهار الفلسفة بازدهار العمران، من هنا تكتسب الفلسفة مشروعيتها إذ هي عمران ودليل على العمران، ولكن دعا الأستاذ إلى عقلانية متوازنة منضبطة أخلاقيا. وتضمنت الجلسة كذلك عروضا في كتب، وكانت الرعاية في اليوم الدراسي للترتيب الزمني للموضوعات المبحوث فيها. تناولت المداخلة الأولى عرضا لكتابين في موضوع اللوغوس(المنطق) اليوناني تقدم به الأستاذ توفيق فائزي(أكاديمية، وجدة) مقارنا بين قراءتين: الأولى للباحث الفرنسي بريس باران في كتابه  Essai sur le logos platonicien (محاولة في اللوغوس الأفلاطوني) وهي قراءة تنطلق من مبدإ وجود تطور غائي للفكر الأفلاطوني انتهى إلى اعتبار اللوغوس أداة فعالة في الاتصال بالعالم المعقول والتعبير عنه. وقراءة جاك دريدا في مقالته بعنوان La pharmacie de Platon (ترياق أفلاطون) وهو الذي اعتبر أفلاطون محكوما بلعبة نصية فكان يستعير من الكتابة التي حط من منزلتها صورا لتصور ما كان يعتبره أعلى منزلة وهو اللوغوس، وتساءل الباحث في الأخير: هل حقا يتحمل أفلاطون الآثار الجانبية لما كتب؟

         أما المداخلة الثانية فكانت للأستاذ سعيد البوسكلاوي (كلية الآداب، وجدة) ونقلتنا من الفترة اليونانية إلى الفترة المسيحية حيث يرد يحيى النحوي الفيلسوف المسيحي على برقلس الفيلسوف الوثني، وقد كتب برقلس كتابا في ثماني عشرة مقالة في بيان قدم العالم. وقد رد عليه يحيى النحوي في كتاب بعنوان في الرد على برقلس وهو في بيان حدوث العالم John Philoponus, Against Proclus on the Eternity of the World. وقد انطلق فيه من مقدمات خصومه لكن ليستنتج منها نتائج مختلفة، وقد عرف الأستاذ بأهمية الكتاب وتأثيره في من بعده خاصة المفكرين المسلمين كـالغزالي مثلا. فقد استعانوا بالكثير من أدلته على حدوث العالم وقد عرف الأستاذ ببعض هذه الأدلة كدليل القوة المتناهية ودليل استحالة التسلسل إلى ما لانهاية ودليل القوة والفعل وغيرها، كما تم التعريف ببعض الأفكار التي كان سباقا إليها كفكرة وحدة الكون…

         ونقلتنا المداخلة الثالثة إلى الفترة الإسلامية فكان عرض الأستاذ محمد بن يعيش(كلية الآداب، وجدة) لكتاب الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة  وتضمن العرض  كلاما عن حياة ابن رشد الحفيد. ولقد ربط الأستاذ استعداد ابن رشد للإنتاج وللإبداع بالإقليم الذي فيه انطلاقا من تصور ابن خلدون للأقاليم وتمييزه بين المعتدل منها وغير المعتدل. كما تحدث الأستاذ عن الوضع السياسي والاجتماعي بالعدوتين، خاصة المغرب في دولة الموحدين،  وعن نزوع  الفقهاء حينئذ نحو ما يعرف بالعودة إلى الأصول  وتأسيس  سلفية غير منتمية إلى مذهب معين. وهو ما سيؤدي إلى مصادرة مذاهب  ومدارس عدة خاصة الفلسفية منها بدعوى مخالفتها للشريعة. جاء الكشف عن مناهج الأدلة في هذا السياق و يمكن اعتباره دعوة إلى سلوك منهج السلف في التعامل مع النصوص من غير تأويل ولا أدلة زائدة، قد يعني بها ابن رشد رفض منهج المتكلمين وخاصة الأشاعرة، ومعهم المعتزلة، والحشوية، مع استبعاد  الصوفية واعتبار منهجها منهجا غير منطقي. وهذا المسلك عند ابن رشد بدا وكأنه تقليد ورثه من الغزالي ولكن في الوقت نفسه مواجهة لمن ورثه عنه، فهو تقليد من حيث إنه يكاد يتطابق أسلوبا ومنهجا مع كتاب « إلجام العوام عن علم الكلام « ، ومواجهة من حيث إنه نقد أو إلغاء للمنهج الذي وظفه الغزالي في ضرب الفلاسفة من خلال كتاب :تهافت الفلاسفة. إنها تكاد تكون تصفية حساب مذهبي بعدما أسهم الغزالي في إبعاد الفلاسفة عن التداول الجمهوري واعتبر التصوف الطريق الأمثل للحقيقة و طريقا للخواص. سيلغي ابن رشد التصوف والكلام معا، لحضور الغزالي في الحقلين، مع اعتبار الفلسفة مسلك النخبة والمؤهلة للتأويل العقلي. لقد وظف هذا الأسلوب في النقد على مستوى خمس مسائل تحتها فروع كلها تتعلق بقضايا العقيدة التي ناقشها المتكلمون واستدلوا عليه، الأشاعرة منهم خاصة. على رأس هذه المسائل مسألة الوجود الإلهي ثم مسألة التوحيد،وهما مسألتان أبدع فيهما ابن رشد، حيث استخلص المنهج القرآني في البرهان وخصائصه، ويرى ابن رشد  أن من خصائصه إضمار مقدماته، وأبدع ابن رشد في موضوع الأدلة إذ حصرها في دليلين وهما دليل العناية ودليل الاختراع. وبهذا فقد كان الكتاب ورقة رابحة في يد ابن رشد من حيث توظيفها في وجه الجمهور وتخصيص الفلاسفة بالنظر والبرهان، ورابحة في يد الفلاسفة أو المتفلسفين بعده لتكريس استمرار نفسهم الطويل في الدفاع عن قضايا فلسفية، ومحاولة ضرب مشروع الغزالي وهو الذي كان وما يزال يمثل هاجسا فكريا يقض مضاجعهم من حيث التشكيك في قوة البرهان.

         لم تبرح المداخلة الرابعة الفترة الإسلامية ولكن اختارت كتابا من فترة متأخرة ويتعلق الأمر بكتاب درء تعارض العقل والنقل أو موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول لابن تيمية. وقد عرف الأستاذ محمد كنفودي (أكاديمية وجدة) بخصوصية الفكر التيمي الذي جاء متأخّرا زمنا فرصد ما هو حيّ في التراث قبله، ويفرق الباحث بين قراءتين لفكر ابن تيمية قراءة السلفية التي اعتبرها خارجية إسقاطية والقراءة الموضوعية(مثل لهذه القراءة بكل من قراءة أبي يعرب المرزوقي وقراءة طه عبد الرحمان) وهي قراءة داخلية. وانتقل الباحث للحديث عن مشكلة عنوان الكتاب الأصلي، فللكتاب عناوين كثيرة. وأبرز المسألة التي سعى ابن تيمية إلى الجواب عنها وهي: هل يمكن أن يتعارض العقل مع النقل؟ وقد بين ابن تيمية أن الوهم بوجود تعارض حاصل، وأن التعارض غير قائم في الحقيقة. وقد رد على من توهم هذا التعارض فرد على: منهج الوهم والتخييل(منهج الفلاسفة) ومنهج أهل التحريف والتأويل(بعض الفرق الكلامية)ومنهج الصوفية. وعرف الأستاذ  بالأصول التي بنى عليها ابن تيمية موقفه الخاص، وبأسس قانون الموافقة الذي تبناه.

         وأمّا المداخلة الخامسة فانتقلت بنا إلى الفترة الحديثة وكانت من إنجاز الأستاذ محمد بن الشيخ (جامعة منتريال، كندا) عن مقالة لكانط شارحة لفصل من فصول كتابه نقد العقل الخالص، وهذا الفصل هو علم تحليل المبادئ Analytique des principes الذي بين هيدجر أهميته الكبرى. ومقالة كانط بعنوان:Les premiers principes métaphysiques de la science de la nature المبادئ الميتافزيقية الأولى لعلم الطبيعة. وقد عرف الأستاذ بمكونات المقالة، إذ تتكون من تقديم ومن فصول خمسة، أما في التقديم فقد وجه كانط نقده لعلم النفسولعلم الكيمياء،محاولا بالمقابل تأسيس ميتافزيقا علوم الطبيعة. عرّف الأستاذ بما تضمنته الفصول الفصل الأول الحديث عن الجسم باعتباره كما خالصا وسمى كانط هذا العلم Phoronomie وفي الفصل الثاني كلام عن الجسم باعتباره متصفا بكيفية ما فيصير مزودا بقوة ما  فيكون موضوعا لعلم الديناميكا Dynamique وفي الفصل الثالث كلام عن الجسم مزودا بقوة في علاقته بجسم آخرفيكون موضوعا للميكانيكا Mécanique وفي الفصل الرابع كلام عن الجسم سواء أكان ساكنا أم متحركا ظاهرا للحواس فيكون موضوعا لعلم الظاهر Phénoménologie، ذلك أن كانط يميز في هذه المقالة الشارحة بين نوعين من الأمكنة: مكان نسبي، ومكان مطلق.

وتلت مناقشةُ لبعض ما ورد في عروض الأساتذة.

         أما الفترة المسائية التي ترأسها الأستاذ جمال الدين السراج (كلية الآداب، وجدة) فكانت عروضا لكتب ينتمي أصحابها للفترة المعاصرة. المداخلة الأولى من إنجاز الأستاذ فريد المريني(كلية الآداب، وجدة) وكانت عرضا لكتاب عالم الاجتماع الفرنسي آلان تورينAlain Touraine  ما الديمقراطية؟ Qu’est ce que la démocratie ?وابتدأ العرض معرفا بالكتاب الذي هو عبارة عن استجابة لطلب السكرتير العام لليونسكو وبآلان تورين الذي كانت له مسؤوليات أكاديمية ومر بمراحل في اشتغاله العلمي: مرحلة اهتم فيها بسوسيولوجيا الشغل ومرحلة فيها بدراسة الحركات الاجتماعية ومرحلة اشتغل فيها بتحليل مفهوم الذات، وعرف الأستاذ بأطروحة الكتاب وهي أن الديمقراطية ليست مفهوما سياسيا، بل مفهوم ثقافي فالكتاب دفاع عن التفاعل بين الثقافة والديمقراطية، ودفاع عن الذات التي اعتبرها نتاجا لصيرورة سوسيوـتارخية. دفاع عن الذات المتفردة بهذا المعنى ولكن دفاع أيضا عما هو عالمي. يتميز تصور آلان تورين أيضا بتأكيده جانب الفعل في المجتمع، فليس المجتمع هو ما هو بل هو ما يصنعه بنفسه.

         أما المداخلة الثانية فكانت للأستاذ عبد الله حموتي (كلية الآداب، وجدة) فكان عرضٌ لما تضمنه كتابٌ للفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر دفاعا عن المثقفين Plaidoyer pour les intellectuelsوقد تتبع الأستاذ حياة الفيلسوف من خلال كتبه وكانت الغاية وضع الكتاب في سياق كتبه. والكتاب في ثلاث فصول. الفصل الأول بعنوان: ما المثقف؟ الفصل الثاني: الكاتب/المثقف والجماهير، والفصل الثالث: الكاتب الذي يصير مثقفا. والمثقف في نظر سارتر هو الذي يضع رؤية الطبقة المهيمنة للعالم موضع تساؤل، ووظيفته إيقاظ الوعي بالاستيلاب.

         مداخلة الأستاذ محسن أفطيط (أكاديمية وجدة) كانت عن كتاب آخر لعالم الاجتماع الفرنسي آلان تورين Alain Touraine بعنوان براديغم جديد لفهم عالم اليوم Un nouveau paradigme pour le monde d’aujourd’hui، وهي المداخلة الثالثة. وقد عرف بما تضمنه الكتاب من اقتراح براديغم جديد للتحليل الاجتماعي مبينا الانتقال الذي حصل من براديغم ينبغي تجاوزه يستخدم مقولات ساسية اقتصادية للتحليل، إلى بديل نظري يستخدم المقولات الثقافية وهو الذي ينبغي الأخذ به لفهم العالم حاضرا.

         المداخلة الرابعة فكانت من إنجاز الأستاذ يوسف أشلحي (كلية الآداب- ظهر المهراز، فاس) وقد عرف بما تضمنه كتاب الفيلسوف الألماني كارل لوفيث Karl Löwith تاريخ العالم وحدوث الخلاص:الخلفيات الثيولوجية لفلسفة التاريخWeltgeschichte und Heilsgeschehen : Die Theologischen Voraussetzungen der Geschichtsphilosophie، وقد تضمنت المداخلة الحديث عن رؤية كارل لوفيث التي تؤكد ضرورة تأويل التاريخ تأويلا ثيولوجيا أي ربطه بالصور والمقولات الثيولوجية، على غرار مفكرين آخرين نذكر كارل شميث من بينهم، وتقف هذه الرؤية مقابلة لرؤية أخرى تستبعد التأويل الثيولوجي، كرؤية هابرماس في مقاله Le discours philosophique de la modernité الخطاب الفلسفي للحداثة، ورؤية هانس بلومنبيرغ  Hans Blumenbergفي كتابه Die Legitimität der Neuzeit « مشروعية الأزمنة الحديثة ».

         أما المساهمةالخامسة والأخيرة فللأستاذ محمد أطبل(أكاديمية وجدة) فكانت بعرض في كتاب للفيلسوف الفرنسي إدغار موران Edgar Morin، وهو كتاب مدخل إلى  الفكر المركبIntroduction à la pensée complexe، وقد عرف فيه بالفيلسوف وبالكتاب الذي يعرض فيه الفيسلوف لمعالم الفكر المركب وهو الذي يحاول من خلاله الاستجابة لتحدي التركيب أو التعقيدComplexité  منتقدا تاريخا طويلا من التبسيط هيمن على الفكر الغربي، ونذكر  بما قاله باسكال Pascal معبرا عن فكرة التعقيد، وهو ممن يستلهم منه إدغار موران عادة:

« Donc, toutes choses étant causées et causantes, aidées et aidantes, médiates et immédiates, et toutes s’entretenant par un lien naturel et insensible qui lie les  plus éloignées et les plus différentes, je tiens impossible de connaître les parties sans connaître le tout, non plus que de connaître le tout sans connaître particulièrement les parties » Pascal, Pensées,

         وتلت العروض مناقشة بعض الحاضرين لبعض ما تمّ عرضه من أفكار، وكانت كلمة الختام من إلقاء الأستاذ سعيد البوسكلاوي منسق فريق البحث في الفلسفة الإسلامية، شاكرا الأساتذة المشاركين خاصّة من تكبد عناء السفر(الأستاذين يوسف أشلحي ومحمد بن الشيخ)، وشاكرا الأساتذة أعضاء الفريق: محمد الطلحاوي ومحمد بنيعيش ومحمد لشقر وتوفيق فائزي وشاكرا الحضور وداعيا إياه إلى المشاركة بالحضور والمحاضرة في الأنشطة العلميّة القادمة التي ينظمّها الفريق.   

         

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *