Home»Régional»يا صاحب الجلالة

يا صاحب الجلالة

0
Shares
PinterestGoogle+
 

إنهم يخافون من قهقهة الريح بين الشجر ولا يتورعون في قتل كل أمل

مرة أخرى يحل جلالة الملك بمدينة وجدة في الزيارة رقم 14 للجهة، وتحل معه مواكب الخير والنماء، والواقع أن بشارة زيارة جلالة الملك تحرك الواقفين على شؤوننا، فنبتهج خيرا قبيل الزيارة و خلالها، فتصبح الـأرصفة في ملك المواطن بعدما كانت حكرا على المقاهي والبائعين ومن سار في ركبهم.
كما أن الطرق المتآكلة تعرف ولو شكليا ترقيعات تسمح باستعمالها دون هزات و دون توتر، -ونتمنى ألا يعاود المنتخبون ترقيعها قبل 10سنوات أخرى-، وتصبح مدينة الألف سنة عروسا نظيفة الشوارع، بمساحات خضراء جميلة ترفرف فوقها الأعلام واللافتات…حتى يصبح المواطن العادي يعلق آمالا على زيارة جلالة الملك، فهو يعلم أنه لم يسعفه الحظ مع المسؤولين الذين تعاقبوا على تسيير مدينته باستثناءات نادرة جدا كان آخرها الأنجح، كما أنه يعلم علم اليقين أن منتخبيه لا زالوا قابعين بين استغلال النفوذ و الحصول على الامتيازات تلو الأخرى، وكأن مدينة وجدة بقرة حلوب يمتلكها المنتخبون وبعض المسؤولين ونخبة من أصحاب المال.. وكأن مدينتنا أصبحت كلها مزرعة شخصية لهؤلاء.
مدينة وجدة ظلت مهجورة مهجرة بالنظر لعمرها وكأنها مدينة لم يبق فيها جدول ماء أو شجر حتى أصبح حزننا أسطوري مكرر، ونكهة القهوة في شفاهنا مكررة، فمنذ ولدنا ونحن محبوسون في ثقافة التسويفات المكررة…وضحكاتهم المعبرة.
إن سكان وجدة أدركوا مع توالي الزيارات الملكية أن وحدها هذه الزيارات بدأت ترفع التهميش عن هذه الجهة التي باتت تحلم بتغيير وجهها الكئيب ولا تطمح في لباس الأمير…
و إذا كان جلالة الملك يزور وجدة بمعدل زيارتين على الأقل كل سنة منذ اعتلائه العرش، فإن الزيارة هذه المرة ليست ككل الزيارات، باعتبارها تؤرخ لعهد جديد سمته المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أعطى إشارتها جلالته في خطاب 18 ماي 2005.
و إذا كانت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من منظور شمولي وشامل لبناء مغرب حديث تتمحور حول ثلاثة جوانب هي المسلسل السياسي لتعزيز دولة حديثة والإصلاحات والمشاريع الهيكلية المحدثة للنمو، وأخيرا التنمية البشرية في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من حيث مبادئ التدبير الجيد، فإنها ترتبط بذوي النيات الصادقة لارتباطها أولا وأخيرا بالإنسان.. فالمبادرة الوطنية تروم نهج مقاربة ترابية ترتكز على التخطيط والتناغم، فالتخطيط يكون ببرمجة ترتكز على تشخيص مدقق وتعريف واضح للأهداف المنشودة، أما التناغم فهو الذي يفرض الانسجام بين البرامج القطاعية وعمليات ومنجزات الجماعات المحلية..
ولأن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ترتبط بالإنسان فإنها جاءت لدعم كل الأنشطة المدرة للدخل، ودعم الولوج للتجهيزات والخدمات الاجتماعية الأساسية وعمليات التنشيط الاجتماعي والثقافي والرياضي إضافة وهو الأهم إلى تعزيز الحكامة والقدرات المحلية. وحتما لن نأتي بالجديد إذ قلنا بأن ما ينقصنا في المغرب وفي الجهة الشرقية بالخصوص هو الحكامة الجيدة، فكيف يعقل أن يتجرأ بعض رؤساء المصالح الخارجية على سحب ما تمنحه الدولة لمواطنيها المستضعفين باليمنى باليد اليسرى؟ و كيف يمكن أن نتحدث عن حكامة جيدة وبعض المسؤولين يستحوذون على قطع أرضية مخصصة لسكان الخيام، وآخرين ينهبون المال العام جهارا وسكان جماعاتهم يأكلون حمارا كما حدث في بوعرفة، وكيف لهؤلاء المسؤولين الذين وضعوا مشاريع على الورق واستقبلوها جاهزة على الورق لتدخل ميزانيتها في حساب المقاولين والمسؤولين وأصحاب القرار دون حسيب أو رقيب. أن يطبقوا برامج المبادرة؟
من هذا المنطلق وحتى لا يزيغ من يقف وراء تنفيذ مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية عن جادة الحكامة الجيدة، فإن التدبير التعاقدي يفرض مراقبة بعدية سواء للمشاريع الموكولة للإدارات والقطاع العام أو تلك الموكولة للجمعيات التي أصبحت بدورها تنهج نهج الأحزاب في طريقة تسييرها الأحادي…
فمحاربة الفقر في المجال القروي ومحاربة الإقصاء الاجتماعي في المجال الحضري ومحاربة التهميش تفرض أولا متابعة دقيقة وآنية للجهات التي يوكل إليها أمر تنفيذ برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إن على المدى القريب أو المتوسء من هنا فإن إحداث مرصد للتنمية البشرية للقيام بدراسات وبحوث ميدانية ذات خبرة عالية حول قضايا الفقر والتهميش والإقصاء وحده الكفيل بتتبع وتقييم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بناء على مؤشرات التنمية البشرية وتجميع وتعميم التجارب الناجحة…
ربما يكون هذا المقال تورط في الأمل منذ الولادة، لكن الحقيقة أننا لا نجهل ما قام به المنتخبون والمسؤولون بهذه المدينة وهذه الجهة، فواحد جزأ أرضها ثم باع القطع الأرضية واندثر، وآخر وسع المجال الحضري للجماعة ولم يعتذر، وآخرين تعاقبوا على المسؤولية دون أن يريحوا ولا حتى يستريحوا، وحز في أنفسهم أنهم غادروا المسؤولية دون الترخيص بتجزئة الحديقة الوحيدة بالمدينة…وما خفي وتعلمه أجهزة الدولة أعظم..
المؤكد أني أعلم أن بعض المسؤولين غيروا هذه النظرة وأعادوا للمواطن الثقة في المؤسسات، إلا أنه لا يزال هناك آخرون يخافون على أمنهم وسطوتهم وسلطتهم من هديل الحمام وقهقهة الريح بين الشجر ولا يتورعون في استنفار نفوذهم وقوتهم استعدادا لقتل كل أمل جديد بات يجد طريقه لقلوب المواطنين الذين قتلتهم سياسات التيئيس عبر المجالس والبرلمانات والحكومات المتعاقبة..

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

3 Comments

  1. الباحثة عن الرقي
    12/07/2007 at 17:33

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    و لكن كل ماكتب فهو لا يخفى عن أحد
    و يبقى السؤال ما دورنا نحن كمجتمع مدني؟
    هل نكتفي بالتدمر و ننتظر السماء أن تنزل علينا ذهبا
    أين هي مبادراتنا
    قال الله تعالى ان الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

  2. يوسف كصير
    12/07/2007 at 17:33

    لقد عودتنا يا أخي زهر الدين أن نسمع من شفاهك كلاما لا يخلو من جمال الكلمة و التصوير الدقيق و عودتنا كدلك النبش في مواطن تحرج الاخر المعلوم المستتر لكن يبقى السؤال العريض هو كيف السبيل لتغيير هدة الحالة و استبدالها بثقافة أخرى و هل هدا الواقع السياسي و الإجتماعي و الإقتصادي هو حالة أم طبيعة فإدا كانت طبيعة ف-الغالب الله- أما إدا كانت حالة فكلنا مسؤولون و وجب على كل واحد منا سياسيون و أصحاب أقلام و أراء و سلطات أن نمخر عباب الوطنية و المواطنة الصادقتين لنتقدم و نسير على درب التغيير مرفوعي القامة و نستقيم كالنصر .

  3. oussama paris
    14/07/2007 at 13:40

    bonne continuation de sa majeste on souhaite que ca dure pour cette ville la jumelle de jeddah

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.