Home»Enseignement»هل التقاعد جائز شرعا؟

هل التقاعد جائز شرعا؟

0
Shares
PinterestGoogle+

رمضان مصباح الإدريسي

من المحبرة إلى المقبرة:
قاعدة جرت مجرى الهواء والماء لدى علمائنا ؛فلم يكن واردا لديهم أن تنتهي رسالتهم العلمية  بغير الوفاة.لم تكن لديهم أرقام تأجير ,ولا حياة مهنية تقرر فيها الإدارة.
أما ونحن ملزمون بمقتضيات الحداثة ,ومنها التدبير الإداري المحكم ,الذي أقر الوظيفة وقتل الرسالة ؛فهانحن ندفع دفعا إلى وضعية غير منطقية- رساليا- وان كانت سليمة إداريا: القبول بتقاعد العلم وشقيقته التربية ؛ وقل مثل هذا في القضاء والطب ,والكثير من « الوظائف » التي تشكل أكسجين الشعوب في مراقي التقدم ؛فيستسلم المتقاعدون لحكم رسوم الولادة ؛إلى أن تحرر لهم رسوم الوفاة.
قد نقبل أن تتقاعد هذه الفئات في دول التقدم والرفاه؛أما دول المكابدة من أجل التنمية فلا حق لها في هذا الترف؛وان كانت الحقوق المالية للمتقاعد واجبة الصيانة.
هل التقاعد جائز شرعا؟
هذا المصطلح الادراي(فقط) غير شرعي ؛عند الدكتور مصطفى بنحمزة؛ كما ورد في تأطيره العلمي لليوم ألتكريمي الذي نظمته أخيرا نقابة مفتشي التعليم ,بالجهة الشرقية, لفائدة متقاعديها الجدد ؛مستضيفة كل متقاعديها على مدى سنين .
لعل هذا السؤال لم يطرح من قبل ؛وقد لا يطرح أبدا ؛ربما لاعتباره غير ذي موضوع شرعي ؛لكن فطنة
السيد بنحمزة؛حتى لا أقول فتواه – والزمن زمان فتاوى عجيبة- ارتأت أن تقارب هذه الوضعية الإشكالية ,من جانبها الشرعي؛وهو يدفع في اتجاه ضرورة استمرار رسالة العلم حتى بعد تقاعد الوظيفة.
وحينما نستحضر الأطر الشرعية التي اعتمدها السلف من العلماء في الإصرار على العطاء  ,حتى آخر رمق من الحياة ؛ وعلى رأسها ما ترويه السيرة النبوية الطاهرة من استمرار الرسول صلى الله عليه والسلم في أداء رسالته إلى آخر يوم في حياته؛إذ خطب في الناس وهو مسنود و في  حالة مرض شديد؛ولم يصبر على الخروج إلى المصلين وهم يصلون- قبل أن يسلم الروح الطاهرة بقليل- مكتفيا بالنظر إليهم والابتسام ؛ريما فرحا بما انتهى إليه الناس من أمر دينهم؛واطمئنانا على أن الدين صنع رجاله.
إذا استحضرنا مع هذا كل الأحاديث النبوية الشريفة التي تدفع في نفس الاتجاه ؛وقبلها كل الآيات الكريمة؛ لا يسعنا إلا نقول مع رئيس المجلس العلمي لوجدة:نعم إن التقاعد غير شرعي.

آفاق الدفع بعدم شرعية التقاعد:
انه غير شرعي ,بالمعنى الذي يجعل رجل التربية والتعليم مثلا؛وقد تخرجت على يديه أجيال ,يستيقظ ذات صباح –وهو في كامل قواه البدنية والعقلية؛رغم أنف الحالة المدنية ووثيقة الطلاق المهني- ليقول:ها قد انتهى كل شيء؛ ها أنذا أتحول إلى متاع متلاش في صندوق  مغربي للتقاعد.  لم تبق من كل مهامي سوى واحدة: أن أحرص في متم كل سنة على اثبات وجودي,ليصرف لي معاشي.(أخيرا حل الصندوق هذه المسطرة المتخلفة بالاقتصار على عينة عشوائية تطالب بإثبات حياتها)
وهل بقيت لي حياة؟   ألم تعد تستقيم ,معي,غير مقولة: أنا أعتاش إذن أنا موجود.
ألم يعد ممكنا لي أن أثبت وجودي بالتفكير ؟
لم لا حياة في التقاعد ,وهو على وزن « تفاعل »؟

لا يجوز تقاعد رجال التعليم في بلد لا يزال يستحيي من نسبة الأمية فيه؛وفي وجود فضاءات دينية و تربوية مغلقة ليلا.
لا يجوز هذا في بلد يوظف الدكاترة مباشرة ؛دون أدنى تكوين ؛وفي مختلف الوزارات ؛في وجود مفتشين وقضاة وأطباء …متقاعدين ,من الممكن أن يقدموا خدمات تكوينية مهمة خارج المساطر الإدارية.
أزمة صناديق أم أزمة ثقافة؟
لا يتم الحديث إلا عن أزمات مالية تهدد صناديق التقاعد؛أما ثقافة التقاعد فلا أحد يلتفت إليها؛لأننا لم نرق بعد إلى التفكير في ضرورة بنائها وتطويرها ؛كما يحدث مع متقاعدي الدول المتقدمة؛هؤلاء القادمون الى شمسنا وجبالنا وبحارنا ,في أتم عنفوانهم.
كيف نغير من تمثلات الموظفين للتقاعد في المغرب؟
كيف نفتح فرص البداية للمتقاعد ؛بدل النهاية؟
كبف يتم الدفع في اتجاه إعداد مشاريع ترفيهية خاصة لمرحلة التقاعد؟
كيف نمتع المتقاعد بقيمة معنوية مضافة للتقاعد؛ تخفف عنه انهيار شبكة علاقاته المهنية؟
كلها أسئلة لم يحن أوانها بعد في بلادنا ؛وكأن كل هم المتقاعدين أن يضمنوا صرف معاشاتهم في متم الشهر.

الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة:
خطوة واحدة لكنها كبيرة, ثابتة وواعدة. قد لا تتصورون ما يشعر به المتقاعد –منذ سنين- من سعادة وهو يرى نفسه محط عناية وتكريم من طرف الهيئة النشيطة التي كان ينتمي إليها.
يستيقظ صباحا ,ويستعيد نفس طقوس السنين الخوالي, التي كان يحضر بها خروجه من مسكنه في اتجاه  وظيفته.
يصل ويحيط به الزملاء ؛ينظر يمينا وشمالا فلا يرى غير « ذي نسب في المتقاعدين عريق »؛كلهم أقبلوا ,بنفس الهمة والنشاط ؛وكأنهم قطع أثرية خارجة من متحف؛هاربة من الظل إلى نور الله.
لحظات إنسانية عميقة؛طورا تدمع لها العين فرحا ,و طورا ينفطر القلب حزنا, حينما يقبل متقاعد أثقله المرض وأناخه الزمان ؛وكأنه لم يسرح ولم يمرح في هذه المرابع الفيحاء.
سوى التقاعد – رغم أنه لا يجوز شرعا- بين المفتشين والنواب ومديري الأكاديمية ؛في ضيافة الهيئة النشيطة,بكل مستوياتها .
طوى الجميع النسيان ,وفرقتهم الصروف شذر مذر. لم يدر بخلد أحد أن الأيام الخالية قد تستبد بالحاضر وتداهمه برجالها الأقدمين ؛لتقول له: إنهم رجالي ,وإنهم هنا ,ولا يزالون قادرين على العطاء.
تحية لكل من ساهم في صنع هذا الحدث الذي يبشر بأن إرهاصات ميلاد ثقافة التقاعد,في المغرب, لا حت شرقية.
Ramdane3@gmail.com
Ramdane3.ahlablog.com

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. عبداللاوي
    04/05/2012 at 08:17

    حفل التكريم هذا عمل رائع و تكريم مستحق للمحتفى بهم ،لكنه غير كاف لرجال أفنوا اعمارهم خدمة للرسالة التربوية النبيلة التي أنيطت بهم.وقد كان من الأجدر أن يكرم سائر أطياف رجال التعليم و بدون استثناء.ألم يكن المفتش أستاذا في يوم من الأيام؟و يبدو أن مؤسسة محمد السادس قصرت كثيرا في حق المنتمين إليها من رجال التعليم،فماذا قدمت لهم وهم يقتحمون عالم التقاعد؟ألا يحتاج هؤلاء خدمات كالترفيه عنهم أو على الأقل معملتهم كمتقاعدي فرنسا من المغاربة عندما سمح لهم باقتناء سياراتهم من الخارج بتعشير منخفض

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *