Home»Enseignement»المفتش- فوبيا (الفصل الآخر وليس الأخير)؛؛؛؛؛؛

المفتش- فوبيا (الفصل الآخر وليس الأخير)؛؛؛؛؛؛

0
Shares
PinterestGoogle+
 

المفتش-فوبيا (الفصل الآخر وليس الأخير)

بقلم: نهاري امبارك، مفتش التوجيه التربوي، مكناس. في 02 أبريل 2012

لم يكن اختيار عنوان هذه الفصول عشوائيا ولا اعتباطيا، بل فرض نفسه كواقع معيش من حيث مختلف جوانبه الإدارية والتربوية عموما، وانطلاقا من تراكمات وأحداث تكررت على مدى سنوات عديدة. ويبدو أنه مركب من مفردتين، تؤديان نفس الغاية في كثير من الأحيان لدى أغلب الأشخاص في مجال الحياة العملية المأجورة الخاضعة للتراتبية الإدارية والاشتغال في مختلف القطاعات والمجالات، ومن بينها منظومة التربية والتكوين، عموما، ومجال التوجيه التربوي على الخصوص.

وقد عايشنا أشخاصا كثرا موظفين يبدون أسوياء التركيبة النفسية، لكن سحنتهم تتغير بسرعة وتتخذ عدة أشكال وألوان بمجرد الحديث عن المفتش، أو يتمارضون حين يبلغ إلى علمهم أن المفتش قادم لزيارتهم، مختلقين مبررات وأسبابا واهية تترجم حالة خوف شديد، وضجر وقلق واضطراب نفسي يعبر عن مرض الرهاب الذي قد تتضاعف حدته وتظهر أعراضه بادية للعيان من احمرار الوجه، والتعرق والارتعاش والغثيان والإسهال وكثرة التبول، فيشعر الفرد بخفقان سريع للقلب جراء ارتفاع عدد دقاته عن المعتاد. ومن شدة تكرار الحدث يصبح لدى أولائك الأشخاص المفتش والفوبيا سيان، إلى حد التطابق، وتتشكل لديهم مواقف خاصة ويصدرون أحكاما اعتباطية تعبر عن مقاومة دفاعية  لاشعوريا عن وضع شخصي معين وحالة نفسية تترجم خلفيات مضمرة قد تتخذ عدة أوجه.

فالموضوع، إذن، فرض نفسه معبرا عن هذا الواقع حيث تم التأكد بجلاء لدى البعض، أن المفتش يطابق مرض الرهاب نظرا للأعراض التي تظهر عليهم وتبدو مضاعفاتها وما يترتب عنها من ردود فعل وانفعالات وأحكام استباقية ومتسرعة تعارض وتجانب كل الصواب والغايات النبيلة.

والموضوع طرح للمناقشة والتمحيص لتحقيق عدة أهداف ورفع كل الالتباسات، حيث بدا جليا للأغلبية العظمى، ومن أول فصل، مجموعة من المقاصد النبيلة الرامية إلى الترفع عن ممارسات زمان لم يعد لها شأن يذكر، قطعت كل الصلات مع دواعي فوبيا التفتيش وأسبابها وانعكاساتها المادية والمعنوية ومضاعفتها النفسية، وتخيل للبعض القليل جدا، لعدة أسباب شخصية، مواقف وذكريات  ماض لا تزال عالقة بالسلالم والدرجات والنقط والمشاحنات.

فالموضوع، أيضا، لم تكن له أي علاقة بالمفتش كشخص وكممارسة، ولا بمرض الرهاب المتوهم واللامنطقي، بل عرض على طبقة عالية الثقافة وواعية بالوضع وما يتطلبه من مبادرات إيجابية لردم الحفر التي تبتلع مجهودات مضنية لا يفتأ أن يبذلها كل ذي حس مرهف، لتقديم مقترحات ناجعة وتبادل آراء نافعة والسعي نحو توافقات ووضع صيغ عمل مثمرة، تشرف الإطار ضمن المنظومة. وقد فطن إلى هذه الأهداف عدة متتبعين، وعبروا عنها صراحة في تدخلات متعددة، وتجاهلها البعض القليل متشبثين بأوهام الفوبيا ومخلفاتها، إلى حين مراجعة الذات وتلمس الواقع. والموضوع عرض، من أجل التفكير في مناهج وطرائق عمل تتلاءم وقيمة إطار التوجيه التربوي  وتكوينه المتعدد الجوانب والأبعاد من أجل الارتقاء بجودة مختلف الخدمات والعمليات وإبراز دوره المحوري ضمن منظومة التربية والتكوين من خلال تمكنه من عدة تخصصات في مجالات مختلفة.

والموضوع يبدو أنه حقق أهدافا كثيرة، حيث أثار نقاشا متعدد التوجهات والأبعاد، وأدى إلى طرح إشكالات وتقديم اقتراحات من خلال بحوث، والقيام بمقارنة اشتغال منظومتنا التربوية مع ما يتم في بعض المنظومات على الصعيد العالمي. كما أعاد إثارة إشكالية استقلالية التفتيش الجديدة القديمة من حيث صيغها ومواقعها إداريا وتربويا. ووضع الموضوع على الواجهة مواقع المفتش بالدبلوم والمفتش بالأقدمية والمفتش بالمرسوم، وإشكالية مزاولة المفتش مهام الاستشارة والتوجيه بالقطاعات المدرسية التي أسالت كثيرا من الحبر، حيث بدت مجموعة سيناريوهات ومواقف وأراء انطلاقا من أداء الواجب وتحقيق أهداف السياسة التعليمية الرامية، أساسا، إلى وضع التلميذ ومصلحته في قلب العملية التربوية والتكوينية: فأي جواب منطقي يشكل ردا على السؤال التالي: حيث تصل نسبة مفتشي التوجيه التربوي في بعض النيابات حوالي  90  %   من مجموع أطر التوجيه العاملين بالقطاعات المدرسية، فمن يخدم مصلحة التلميذ في مجال الإعلام والمساعدة على التوجيه؟. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، ما هي مهام التفتيش التي سوف تناط بهذا العدد الهائل من مفتشي التوجيه في بعض النيابات الإقليمية ضمن مجال تخصصهم؟

إن الوضع يحتم، والظروف تفرض، أكثر من أي وقت مضى، طرح إشكالية المراقبة الإدارية والتربوية لجميع الأطر من أجل تتبع مختلف العمليات خدمة للتلميذ وللصالح العام وعلى جميع المستويات والأصعدة، وذلك بسن نصوص تترجم هذا الواقع وتعكس مختلف الوضعيات وتضع كل إطار في المكان الذي يخوله له موقعه ومهامه، مع التركيز تحديدا وبكل وضوح على الفوارق الإدارية والتربوية بين المهمة والإطار للفصل نهائيا في اختلافات مفتعلة وخلفيات ذاتية، وذلك بالجمع إجمالا بين التوجهات والمواقف والآراء والتخصصات لكل من المفتش المكون والمفتش بالأقدمية في صيغتها القديمة والجديدة والمستشار في التوجيه التربوي الممارس حاليا والمتخرج مستقبلا، أخذا بعين الاعتبار غايات وأبعاد السياسة التعليمية، من أجل إرساء حكامة تدبير راقية تتستجيب لتطلعات مختلف الفاعلين التربويين والمجتمع ككل.

نهاري امبارك، مفتش في التوجيه التربوي، مكناس.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.