Home»Enseignement»ثانوية المهدي بن بركة: المؤسسة المباركة

ثانوية المهدي بن بركة: المؤسسة المباركة

0
Shares
PinterestGoogle+
 

لقد جرت العادة أن أتبني القضايا العادلة،وأمارس الفعل الصحفي للدفاع عن قضايا و مشاكل الناس وهمومهم ومناهضة الحگرة والشطط في استعمال السلطة والتغول على الناس، لكن هذه المرة التمس من القراء الكرام أن يسمحوا لي بالحديث عن نفسي، ذلك أن خلال الموسم الدراسي 2010- 2011 ، وبعد قضاء عشرين عاما من التدريس في ثانوية عمر بن عبد العزيز بوجدة ، شملتني عملية الانتشار وإعادة الانتشار، وتم تكليفي بمهمة التدريس بثانوية المهدي بن بركة،وتفاجأ الكثير من الرفاق والزملاء  بخبر » التكليف » ، لأن البعض كان يظن أن على رأس  هذا العبد الضعيف ريشة ، وبأن علاقتي بالمسئولين التربويين محليا وجهويا ووطنيا صمام أمان يحميني من قراراتهم الشرعية وغير الشرعية،ناسين أن المخزن كيفما كان نوعه لا يؤمن جانبه، وسيكون واهما من يتصاحب مع المخزن، ويظن أن شهر عسله سوف يدوم، لقد راهن الكثير على أنني لن أنفذ قرار التكليف، وهناك من حرضني على رفضه ، وعدم الامتثال إليه، واحتج التلاميذ وبعض الأولياء، واتصلت جهات مختلفة  لعرض خدماتها، صحيح هناك من كانت نيته حسنة، وهناك من كانت له مصلحة  ومآرب أخرى في عدم مغادرتي للمؤسسة ، وهناك من كان يريد استعمالي كذخيرة في حربه مع أطراف معلومة وأخري مجهولة ..

.تسلمت التكليف مساء، والتحقت بمؤسستي الجديدة صباح الغد، قطعا لكل تأويل أو مزايدة،لأن الذي كرس حياته للدفاع عن المدرسة العمومية ومصالح التلاميذ ، ويدعو إلى دولة الحق والقانون وتكافؤ الفرص والمساواة، ليس من حقه أن يتناقض مع المبادئ التي يناضل من أجلها، لم يكن ممكنا أن أترك أبناء الشعب بدون دراسة والتخييم في مقر النيابة، كما يفعل البعض ،بتحريض ودعم من طرف السيدة الموقرة » النقابة » ،حتى ترضخ الإدارة صاغرة وتغير موقفها وتتراجع عن التكليف، وتبحث عن ضحية لا نقابة ولا جاه ولا سلطة ولا مال لها، لتهددها بالاقتطاع وتخيفها بالترسانة القانونية، أو يتم الاستنجاد بشبح من الأشباح الهائمة لحفظ ماء الوجه، حتى مرور العاصفة…هذه ممارسات نتمنى أن تزول مع العهد الجديد…استقبلني الأستاذ الفاضل « المختار شحلال » مدير المؤسسة استقبالا دافئا ، فسلمته أوراق اعتمادي ، وسلمني عدة الشغل،وانطلقت القافلة باسم الله مجراها ومرساها، كنت أعرف أن المغرضين وذوي النفوس الضعيفة والطابور الخامس ، رسموا ويرسمون لي صور مشوهة، وكنت أعلم أن السيد المدير ربما يحتفظ بنسخة من هذه الصور والأكليشيهات السوداوية،وكان لزاما علي أن أفند هذه الصورة من خلال الممارسة الميدانية ، لقد قضيت أكثر من 37 سنة في الممارسة الصفية، منها حوالي 30 سنة في التعليم الثانوي التأهيلي،لعل أجملها وأحلاها تلك التي قضيتها في ثانوية المهدي بن بركة، الثانوية الهادئة ذات الطاقمين الإداري  والتربوي المتمرسين والمنسجمين كالبنيان المرصوص ، فالمؤسسة تسير كالساعة السويسرية بهدوء وتروي ،تضاهي في دقتها ساعة « بيغ بنغ » اللندنية، لا تكاد تفرق بين الرئيس والمرؤوس، فالجميع مدراء والجميع أعوان في خدمة التلاميذ، الذين تكفيهم نظرة أو بسمة أو التفاتة  أو إشارة من » السي المختار » ليدركون المقصود،لقد تعود التلاميذ على نعت أساتذتهم وإدارييهم بأسماء ونعوت، تتفاوت حدتها وقسوتها حسب تصرفات ومواقف المعني بالأمر، والكثير من السادة المدراء والأساتذة  يعرفون ألقابهم،لقد كنت قريبا من تلاميذ المؤسسة،وتعرفت على اللقب الذي اسند لي من طرف التلاميذ، ولم أسمع يوما نقدا أو سبا أو اسما مستعارا أطلق على السيد « شحلال »، مما يدلل على العلاقة الطيبة التي ربطها مع تلامذته، لم أراه يوما يستفز تلميذا أو يسبه أو يعنفه،رأيته دائما يعاملهم بلطف وحنان ويستمع لمشاكلهم ويساعدهم على حلها، وحتى الذين أحيلوا على مجلس الانضباط،وهم قلة، كانت عقوباتهم تربوية أكثر منها زجرية مكنت المؤسسة من ربحهم ، لقد استطاع بحنكته وتواضعه وإنسانيته ومهنيته أن يحول المؤسسة إلى واحة للأخوة والتضامن والمحبة، لا عراك ولا صراخ ولا صراع، الكل يقوم بعمله بمهنية عالية ولا ينتظر أمر من أحد، لقد اختار الله عز وجل « المختار » لقيادة سفينة الثانوية التقنية لبر الأمان واحتلال الصف الأول في الجهة في  امتحانات شهادة الباكلوريا ، لقد فاجأت هذه النتيجة الكثير من المتتبعين ، إلا أنني لم أفاجأ بهذه النتيجة السارة التي لم تكن صدفة أو سقطت من السماء ،وإنما نتاج جهود جبارة ومضنية بذلتها الأطر التربوية والإدارية التي تشتغل في ظروف صعبة وإمكانيات قليلة خاصة بالنسبة لأساتذة الاختصاصات، الذين ترهقهم الوزارة بكثرة المواد المدرسة وجداول الحصص العشرينية، إنني سعيد لكوني ساهمت ولو بجزء بسيط في هذه النتيجة المباركة…

لقد تمنيت أن أقضي ما تبقى من حياتي المهنية في هذه الثانوية الجميلة، إلا أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، لقد انتهى التكليف وعدت إلى مؤسستي الأصلية، وليس عدلا ولا إنصافا، أن لا أقول كلمة في حق السيد مدير المؤسسة ومن وراءه كل المدراء الذين هم على شاكلته،لقد ولى زمن الإدارة « الگلاوية » أو المدراء المخزنيين، مدراء سنوات الرصاص، الذين كانوا يقضون أوقاتهم في تحرير التقارير الكيدية ضد زملائهم رجال التعليم،ويتعاملون مع الجهات الأمنية أكثر مما يخاطبون  سلطتهم التربوية، منهم من قضى نحبه ومنهم من هو هائم في شوارع  المدينة وأزقتها، معزولا منبوذا، لا أحد يكلمهم، ولا أحد يرد سلامهم،ومنهم من طغى وتجبر،فتم إعفاءه وإدخاله « الگراج »، ألا يتعظون ؟ لبئس ما كانوا يفعلون، نحن اليوم أمام جيل جديد من المدراء، ذوي الأصول الشعبية، خريجي المدرسة العمومية العتيدة،حصلوا على الإدارة بفضل كفاءتهم وجهودهم الذاتية، ولعبوا دورا كبيرا في إنقاذ العديد من المؤسسات التربوية من الدمار التربوي والأخلاقي،كالسيد مدير ثانوية المغرب العربي التقنية، وعمر بن عبد العزيز، وإعدادية القدس …واللائحة طويلة، ولا يسع المجال لذكر كل السادة المدراء الأفاضل الذين اخرجوا مؤسسات شهيرة وتاريخية من وضعها المزري إلى وضع أرقى، بنية ونتائج وجودة ونظام، هذا الدمار الذي سببه الإصلاح التربوي وربيبه  الشقي المخطط الاستعجالي عجل الله بقبرهما، ومغادرة أصحابه باب الرواح ومقر لالة عائشة في الأسابيع القليلة القادمة، والحالة هذه لا يسعني إلا أن أقول لهم  » شكر الله سعيكم »، ونتمنى أن تكون أحزابنا المتنافسة في الانتخابات التشريعية، وهي تعد برامجها الانتخابية،قد استحضرت « القضية الوطنية الأولى » بعد الصحراء المغربية ،وأدركت أن استنساخ تجارب الغرب، واللجوء إلى عملية نقل ولصق النظريات البيداغوجية الأجنبية مآله الفشل، وتأكدت أن تبضيع وتسليع العملية التربوية يؤدي إلى الباب المسدود، واقتنعت أخيرا بأن » المعلم » هو الشخص الوحيد القادر على قيادة سفينة التعليم وحل مشاكله، أما وزراء الغفلة القادمين من قطاعات أخرى، لن يساهموا إلا في إغراق السفينة وهدر المال العام، تم الهجرة إلى قطاعات أخرى،وهكذا دواليك، اللهم إني بلغت،اللهم اشهد …وأنا أغادر ثانوية المهدي بن بركة، أود أن أقول كلمة حق وشهادة لله وللتاريخ في حق أناس تعاملت معهم خلال مدة خدمتي في الثانوية وعلى رأسهم الأستاذ  » البلسم » فارس العصور الوسطى الحارس العام  » السي اسماعلي »، الإنسان الفاضل والكريم، الأب الحنون والمتفهم،الذي كان يذكرني بموطن والدتي، وقدماء مدينة عين بني مطهر وفحولها،

ولن أنسى أبدا  » قصة الطائرة المروحية »، كما كان يسقيني ماء ثلاجته البارد كلما ظمئت،والشكر والتقدير موصول للأستاذة الفاضلة كاتبة السيد المدير التي كانت تكلف نفسها عناء التنقل إلى القاعة 7 الخاصة بمادة الاجتماعيات،لإيصال المذكرات  والمراسلات، جزاها الله خيرا، دون أن أنسى السيد الناظر الجديد الذي لم أتمكن من التعرف على سيرته الذاتية الباهية إلا وأنا في العطلة خارج الوطن، بواسطة أساتذة ثانوية إسلي الذين لازالوا يذكرونه بالخير، وشكرا خاص للأستاذ المبجل « السيد الغول » ،سليل العائلة الوطنية الغني عن التعريف،وأستاذ مادة الفلسفة ورئيس جمعية الآباء الذي تطوع مع الكثير من زملائه على إعطاء دروس الدعم مجانا ولجميع تلاميذ المؤسسات التعليمية دون استثناء،(في الوقت التي استغلت فيه  » الشبيحة التربوية  » المناسبة للاغتناء على حساب الآباء والأمهات) لقد ساهم أولئك وبوطنية عالية  في إنقاذ السنة الدراسية التي أراد السي أحمد « تبيضها »، وعمل النشامى من رجال التعليم ونساءه على جعلها « خضراء » من خلال النتائج المحصلة،  حفظ الله الأستاذ « شحلال  » وأطره الإدارية والتربوية، ومزيدا من التألق والنجاح ،وشكرنا ودعواتنا الخالصة لكل الذين يعملون من بعيد أو قريب على نصرة والدفاع عن المدرسة العمومية، في أي خندق  من خنادقنا المنتشرة في ربوع الوطن، الصامدون والمرابطون  في وجه الهجمات الكثيفة ضد قطاعنا العام، ونغتنم هده المناسبة لنقول  » لأبي عثمان » الأستاذ محمد أبو ضمير وللسيد النائب الإقليمي  بن الشادلي شهيد أن ما يقع في إعدادية » عثمان جوريو » غير مقبول وعلى السلطة التربوية اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفادي تكرار مسلسل السنة الماضية، وخير ما نختتم به هدا المقال، عفوا هذه الإرتسامات الشخصية قوله تعالى:( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من، تشاء وتنزع، الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ) صدق الله العظيم .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. المختار شحلال
    17/09/2011 at 07:58

    تحية احترام وتقدير وعرفان للزميل محمد حومين على شعوره النبيل اتجاه ثانوية المهدي بن بركة التقنية و أطرها التربوية والإدارية.وشهادته ،نعتبرها وسام فخر واعتزاز للمؤسسة لا يمكن لأي جائزة استحقاق رسمية أن تضاهيه لكونها –الشهادة موضوع مقال الأستاذ الفاضل –مفعمة بإحساس إنساني صادق صادر عن رجل ميدان متمرس عايش جزءا كبيرا من مسار المدرسة العمومية وتفاعل ، بوعي تربوي وسياسي متقد،مع مخاضها الطويل العسير رافعا صوته ضد كل انحراف أو مساس بالمصلحة العامة غير مكترث بنعيق دعاة الإجماع الزائف وبضجيج المهللين للبدائل الفاشلة.
    محمد حومين نموذج الرجال والنساء الذين يشكلون الهيكل الفولاذي للمدرسة العمومية والتي بفضلهم تقف شامخة صامدة عتيدة تحتضن بنات وأبناء الشعب بحب وتمنحهم الثقة في المستقبل والأمل في حياة كريمة.
    شكرا أستاذنا الكريم.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.