Home»National»الماء الصالح للشرب ،ماء غير شروب بقلم عمر حيمري

الماء الصالح للشرب ،ماء غير شروب بقلم عمر حيمري

1
Shares
PinterestGoogle+
 

الماء الصالح للشرب ، ماء غير شروب : بقلم عمر حيمري

الماء شأن عام ، وتعميم توفيره  مع ترشيده وحسن استغلاله  والمحافظة  عليه مسؤولية الجميع ، فلا يجوز لأحد أن يختص به دون غيره ، فهو مشاع بين الناس لضرورته للحياة ، ليس على الأرض وحدها ، بل على أي كوكب ، فهو أصل الحياة ، كما  جاء في القرآن الكريم . { وجعلنا من الماء كل شيء حي } (سورة الأنبياء آية 30 ) وبتعبير أرسطو، فهو أصل الوجود، ومنعه عن المحتاج إليه ظلم وتعدي على حق الحياة، ولذلك نهى الإسلام عن بيع فضل الماء. بدليل ما أخبر به  جابر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه [ نهى عن بيع فضل الماء ]( رواه مسلم).وقد اختلف الفقهاء في بيع العين والبئر، لكون التحريم ينصب على فضل الماء ، وليس على العين والبئر، ولكنهم يتفقون على عدم جواز بيع الفضل من الماء .

إن الماء من ضروريات  الحياة ، ومن ثم فهو مشاع بين جمع الناس ومباح لهم إباحة مطلقة ، وليس لأحد الحق في احتكاره ، أو الاختصاص به ،أو منعه مثله مثل الكلأ والنار، وقيل الملح  لقوله صلى الله عليه وسلم [ الناس شركاء في ثلاثة : في الكلأ والماء والنار ] ( رواه أحمد وأبو داود. باب إحياء الموات ) . الماء لله هوا لذي ينزله من السماء ، وهو الذي يخزنه ويخرجه في شكل عيون وأنهار وآبار  ..بدليل قوله تعالى  { أفرأيتم الماء الذي تشربون آنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون } (سورة الواقعة  آية 68-69 ) وقوله سبحانه وتعالى { وأرسلنا الرياح لواقح  فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين } ( سورة الحجر آية 22) وقوله تعالى { وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون  } (سورة المؤمنون آية 18) إلى غير ذالك من الآيات الكريمة والكثيرة المتعلقة بالماء    .انطلاقا من الحديث الشريف والآيات الكريمة التي ذكرناها ، نستنتج أن الماء من المرافق العامة التي يجب بذلها لكل من احتاج إليها ، ويحرم منعها دينيا وخلقيا . فهي مشاعة بين خلق الله . والعامة تقول : « أعط الماء ولو كنت على الماء  » . والمجتمع الغربي يؤمن بمبدأ مشاعة الماء لضروراته ، ولا زلت أذكر الحنفيات المنتشرة في العديد من النقط الهائلة بالسكان ، في مدينة وجدة ، والتي كانت تسمى آن ذلك بالسبالات نسبة إلى ابن السبيل ، أوإلى  الوقف في سبيل الله ، والتي كان الماء منها يتدفق ليل نهار دون انقطاع ، و منها على سبيل المثال لا الحصر : [ ثلاثة أسقاقي بالقرب من المسجد الأعظم ، وثانية محاذية لمدرسة سيدي زيان ، وثالثة بدرب أمباصو ، ورابعة بدر برحمون ، وخامسة بدرب عواجة بالقرب من مسجد عبد البر حاليا ، وسادسة بالروت المازوزي ، وسابعة بجامع حدادة ، وثامنة بسيدي عبد الوهاب ، وتاسعة برحبة الزرع ، وعاشرة بوادي الناشف عند المستوصف ، وأخرى ببيرو عراب ، وغيرها  في فلاج ولد الشريف درب 5 ، وفي فلاج سي لحضر بالقرب من مؤسسة ابن بطوطة ، وفي فيلاج المر علي ، والحي الجديد… ] والقائمة تطول ، كان يشرب منها العطشان ، ويسقي منها الفقير وذوي الحاجة …   وبعضها لم يتوقف ، إلا بعد أن استولت الوكالة الحضرية المستقلة  لتوزيع الماء والكهرباء (عفوا لقطع الماء والكهرباء).

صحيح أن إيصال المياه وتوفيرها للناس ، يتطلب بنية تحتية ، كالقنوات ،والأنابيب ،والآبار والصهاريج  ، ومواد التطهير الكيماوية ،  والأجهزة ،  كآلات الضخ ، والعمال ،  والموظفون … والمواطنون لا يشاركوا في هذه التكاليف فقط ، بل يستغلون استغلالا بشعا ، فالمقاول الذي يجهز العقار ويجزئه يؤدي ثمنا خياليا من أجل الترخيص له بالربط بشيكه الماء الصالح للشرب وشبكة التطهير ، والمواطن الذي يريد أن يبني له مسكنا فوق هذا العقار ،لا بدله  أيضا أن يؤدي 4400 درهما ، كثمن  لربط المنزل المشروع بشبكة الماء الصالح للشرب ، زيادة على تكلفة الربط بشبكة التطهير ، وهذا يعني أن القطعة الأرضية الواحدة يؤدى عنها مرة المقاول ، وأخرى صاحب القطعة الأرضية  ، بالإضافة إلى هذا ، فإن الشركة هي التي تختار نوع  العداد، وتفرض الثمن الذي تريده دون استشارة صاحب القطعة  ، لأنها تعلم  ، أنها وحدها  تحتكر السوق، وأن المنافس لها في هذا المجال غائب، ولا وجود له ، وأكثر من هذا ، فبعد أن تبيع الشركة  للمواطن العداد ويصبح في ملكه ، فهي تكتريه له بحاوي 10دراهم شهريا مادام الربط بالشبكة قائما على غرار شركة توزيع الكهرباء .( وكذالك الظالمون يتفاعل بعضهم مع بعض، ويعلم بعضهم بعضا سبل الاستغلال والاختلاس والظلم ).

إن  مياه السدود ، والأنهار،والعيون ، والأمطار، ملكية عامة ، لا تدخل في ملكية الأفراد ، والشركات ، ولا في ملكية المكتب الوطني للماء الصالح للشرب … ومع ذلك فهي تستغل وتباع لمحتاجيها من المواطنين بثمن جد مرتفع ، فمثلا في الثمانينات ، كان المواطن ذوا لاستهلاك العادي ، لا يؤدي أكثر من   30 درهما لكل 3 أشهر. أما اليوم فهو يؤدي ما بين 150 درهما و200 درهما كل شهر، مع العلم أن الوكالة المستقلة لتوزيع الماء ، ورثت العديد من التجهيزات والآبار من الوكالة الحضرية السابقة ،و إن كان بعضها يحتاج إلى إصلاح أو تجديد ، زيادة على الاستفادة من مياه سد الغراس ومحمد الخامس  بتاوريرت  وبيعها للمواطنين . بينما الدولة هي التي تكفلت بإنشائهما  ، وتمويلهما  من المال العام ….وكان على الشركة ، أن تساهم ماديا مع  الدولة لتخفف عنها الحمل ، في مثل هذه المشاريع المائية التي تعود عليها بالدرجة الأولى بالربح الوفير ، أو على الأقل ، تخصص للمواطن حدا أدني من الأمطار المكعبة من الماء بالمجان، لو أنها كانت تحس بآلامه  . وما زاد عن ذلك فلا بأس أن  يؤدى عنه.

كل هذه الإتاوات والضرائب والعقوبات المادية ، التي تفرض عن كل تأخير، أو تماطل عن أداء الفاتورة الشهرية ، وعلى أقساط الماء المستهلكة الزائدة عن الأمتار المحددة بحجة ترشيد الماء لشحه ، والتي يؤديها المواطن ، لا تحميه من الخوف من العطش،  ومن انقطاع الماء المتكرر، وخاصة في فصل الصيف . ( مع العلم أن بعض المختصين يرون أن المغرب لا يستغل إلا 10 في المائة من المياه التي تتساقط سنويا ، والتي تغرق البلاد والعباد وتذهب إلى  البحر.)

هذا على مستوى البيع والشراء  والخدمات والاستغلال البشع  …. أما على مستوى الجودة وما يشربه الناس، فتلك هي الطامة الكبرى …فالماء الذي نشربه مشبع  بنسبة عالية من الكالكير وتضع فيه الشركة كمية غير معقولة من مادة الكلور، أو الفلور. إلى درجة أن الماء أحيانا يخرج من الحنفية  أبيض كالحليب ، ومن المعلوم أن نسبة الكلور التي تتجاوز 0,2 ملجر قد تؤدي إلى تغير في طبيعة تركيبة الإنسان الفيزيوكميائية ، كما يرى العلماء  …إن مادة الكلور إذا زادت عن حدها تصبح مادة ملوثة للماء : يقول الدكتور محمد رضا كمون رئيس أمراض الجلد بمستشفى شارل نيكول بشارع 9 أبريل بتونس [ إن الماء الملوث ولاسيما الذي يحتوي على نسبة عالية من الكالكير ، من شأنه أن يسبب التهابات تتفاوت حدتها حسب درجة التعرض للمياه ومدتها .] والنسبة العالية من الكلور المضافة إلى الماء تلوثه ، لأنها تؤدي إلى تفاعل المركبات العضوية  الموجودة في الماء مع الكلور ، وخاصة المشبع منه بالكالكير والصدأ الناتج عن القنوات الفولاذية الرمادية القديمة  ، وقد يؤدي إلى تكون مركبات كيماوية غريبة لعدم التجانس بين الكلور والكالكير،  والصدأ ، والشوائب الأخرى … التي نراها من حين للآخر تخرج من الحنفية   الشيء الذي يزيد من احتمال الإصابة بالسرطان. ومن يدري فقد تكون نسبة السرطان المرتفعة ، في مدينة وجدة ، مردها إلى الماء الملوث الذي نشربه  . وشبيه بالكلور ، الفلور الذي يستخدم هو الآخر في تنقية مياه الشرب ،على أساس أن لا تتعدى النسبة 1 ملجم في ألتر الواحد ، وكل ما زاد عن ذلك ، تكون عاقبته تفتيت الأسنان وظهور البقع والأصباغ عليها .

لهذه الأسباب كلها يكون الماء الذي يقال عنه صالح للشرب ، ماء مر لظلم الشركة و لغلائه ، ماء مضر وغير شروب لتلوثه . فهل من مراقب ؟  بقلم عمر حيمري

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. abdo
    10/06/2011 at 09:04

    واكثر ضررا بجهة وادالناشف

  2. نورالدين
    16/12/2012 at 15:02

    جزاك الله خيرا نحن بامس الحاجة الى امثالك في هضا الزمان من اجل تبيان الحقيقة للشعب المقهور الذي يدفع الثمن على شيء هو في الاصل ملكه
    ولا عجب في ذلك فكل شيء فى وطننا الغالى مطموس ومقلوب بصبب اصحاب النفوذ والمصالح
    اللهم دبر لنا فاننا لا نحسن التدبير

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.