Home»Enseignement»شروط نجاح نظام الجودة بمنظومة التربية و التكوين-بوبكر الزناتي

شروط نجاح نظام الجودة بمنظومة التربية و التكوين-بوبكر الزناتي

0
Shares
PinterestGoogle+

إنجاز :بوبكر الزناتي

يندرج هذا المقال التربوي في صلب اهتمامات التنمية البشرية المستدامة، ويروم التعريف بمزايا نظام الجودة الشامل في تحقيق النضج الفكري والسلوكي لدى صانعي ومنفذي القرارات من القاعدة إلى القمة بمنظومة التربية والتكوين المغربية.كما يدخل ضمن خانة المقالات ذات الطابع الإخباري والتصوراتي. وسنعرض لمضامينه وفق أربعة أجزاء ،حيث سنخصص الجزء الأول لتوطئة و لتقديم تعريف مقتضب لمفهوم الجودة الشاملة بمنظومة التربية والتكوين ،والجزء الثاني سنتناول عبره- من خلال وقفة نراها أساسية لمتابعة جيدة للأجزاء اللاحقة- البرنامج الاستعجالي للتربية والتكوين وتحدي إرساء الجودة ،أما الجزء الثالث سنعرض فيه أبرز ما جاءت به المذكرة الوزارية رقم : 36 الصادرة بتاريخ 21 مارس 2011 (16 ربيع الثاني 1432) في موضوع إرساء نظام الجودة بمنظومة التربية والتكوين، بينما الجزء الرابع والأخير سنقدم فيه شروطا نراها أساسية لبدايات صحيحة  لإرساء نظام ناجح للجودة الشاملة بمنظومة التربوية والتكوين الوطنية.

الجزء الأول :
1

–    توطئة:

أمام مواجهة تحديات العالم المعاصر ،والتي أبرزت أن النجاح في توفير التنمية الشاملة في أي بلد  مرتبط ارتباطا وثيقا بنهجها  لنظامَ إدارةِ الجودة الشاملة في كافة مجالات التنمية،ولاسيما مجالات التنمية البشرية وضمنها التربية والتكوين،إذلم يعد كافيا إعمال التربية للجميع ولكن أصبح تحسين جودة التربية تحت جميع مظاهرها (بالأساس في القراءة والكتابة والحساب وفي الاكتساب الصحيح والتدريجي للكفايات التي تمكن المتعلمين من إيجاد الحلول للتحديات التي تواجه مجتمعهم وعموما التي تواجه الإنسانية )مطلبا أساسيا في عالم متحول متميز بتطور هائل ومستمر للتكنولوجيات الجديدة للمعلومات والاتصال وبتطور فكري كبير؛و مما يبرر حرص الحكومات – أكثر مما مضى- على إيلاء التعليم المكانة التي يستحقها ضمن سياساتها الوطنية هو ضرورة وفائها بالتزاماتها تجاه المعاهدات الدولية المبرمة حول حقوق الطفل وتجاه الدول المانحة للموارد المالية ( الديون والمساعدات )،واستجابة لتحقيق عادل وناجع للأهداف الإنمائية للألفية الثالثة (وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة ب « العمل على أن يتمكن، بحلول عام 2015، جميع الأطفال من الاستفادة من تعليم ابتدائي جيد مجاني وإلزامي. وإكمال هذا التعليم، مع التركيز بوجه خاص على البنات والأطفال الذين يعيشون في ظروف صعبة »‘…؛وذلك عبر تحسين نوعية التعليم في أربعة مجالات رئيسية للسياسات العامة: « تشجيع المدرسين وتطوير قدراتهم المهنية،تعليم إيجابي قائم على الفعالية في اكتساب المهارات الأساسية بمعدل بين 850 و1000 ساعة على مدى السنوات الست الأولى للتعليم ،وتحسين عمليات التقييم ،إنتاج الكتب المدرسية وتوزيع الكتب المدرسية مجانا في المناطق ذات الأولوية،بنية تعليمية صحية ومأمونة » تقرير المنتدى العالمي للتربية في داكار 2000.

و من المعلوم أن فكرة الانتقال إلى نظام الجودة تظل فكرة قائمة لدى كل إنسان واع بحقيقة وجوده ،كما ظلت منذ مايزيد عن عقد من الزمن، ترافق أجندة وزارة التربية الوطنية بقطاعيها المدرسي والجامعي ،حيث أشار نص الميثاق الوطني للتربية والتكوين في مرتكزاته الأساسية وفصل في مجاله الثالث لموضوع الرفع من جودة التربية والتكوين،لكن دون إقدام ملموس على وضع نظام متكامل للجودة خلال عشرية الإصلاح الأخيرة (ولعل قلة الموارد المالية شكلت أحد الأسباب المانعة).
2 – مفهوم الجودة الشاملة في ميدان التربية والتكوين:

يقصد بالجودة باختصار الوفاء بمتطلبات المستفيد (الطرف أو الأطراف المعنية بنتائج الجودة)الحالية والمستقبلية عبر إتقان أي عمل يحقق النجاح المرغوب تبعا لشروط نجاح محددة سلفا وخاضعة لمعايير الجودة المعمول بها عالميا -في ميدان التربية والتكوين-   . ونظام الجودة يعنى بتدبير الجودة وتحسينها المستمر بالاستفادة المثلى من الموارد المتاحة (البشرية والمادية والمالية) بهدف زيادة الإنتاجية وتخفيض التكلفة والتقليل من الأخطاء، و بالتالي إرضاء المستفيد،وحينما نقول نظام الجودة الشاملة أو الكلية بالنسبة لمنظومة التربية والتكوين يعني أن هذا النظام سيلمس كل  مكونات المنهاج التربوي (أهدافا وبرامجا مدرسية واستراتيجية، و المحيط السوسيو اقتصادي والثقافي والسياسي ،والتكنولوجيات التربوية، و البنيات التحتية و المعدات، وتلاميذ وأطر تربوية وإدارية ،وتعليما وتعلما،وخدمات،…) قصد الاستجابة لحاجات الحاضر ومتطلبات المستقبل للمستفيد (بصفة خاصة التلميذ الموضوع في صلب الاهتمامات بمنظومة التربية والتكوين،وعموما كل طرف بشري أو مادي يعمل في خدمة التلميذ) في تناغم تام مع التنمية المستدامة للمنظومة التربوية .
وللإشارة يجعل التباين التنموي بين بلدان العالم مفهوم الجودة مفهوما غير ثابت، فالجودة ومعاييرها تبقى نسبية حسب الزمان والمكان وحسب المستفيدين من نظامها وحسب ظروفهم.
و  يمكن لنظام الجودة الشاملة أن يحقق فوائد كثيرة في تطوير المؤسسات التي تعمل على إدارتها وفق المنهج السليم لتطبيق نظام الجودة الذي يتبنى تخطيطا استراتيجيا يحدد بشكل دقيق معايير الجودة في توافق وتلائم مع خصوصياتها، كما يحدد أيضا التزامات كل المتدخلين ولإجراءات ضمان الوفاء بها.
وفي مجال منظومة التربية والتكوين يمكن أن نذكر على سبيل الإيجاز الفوائد التالية:
1 ـ تحسين مردودية العملية التربوية ومخرجاتها بصورة مستمرة وفق أقل الجهود (تكامل بين تدخلات الفاعلين ) والتكاليف .
2ـ تطوير المهارات القيادية والإدارية لقيادات مؤسسات التربية والتكوين سواء تعلق الأمر  بالمديريات أو الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين أو النيابات الإقليمية أو المؤسسات التعليمية .
3  ـ تنمية كفايات الفاعلين التربويين  (بما فيها الكفايات المستعرضة) .
4 ـ تحقيق رضا المستفيدين وهم ( التلاميذ ، أولياء الأمور ، الأطر التربوية ، المجتمع، سوق الشغل ) .
5ـ توفير أدوات ومعايير لقياس الأداء(مدرسي ،مهني،…) للقدرات الحقيقية للمقوَم.

ولقياس الجودة بالتعليم  تعتمد  عدة معايير نذكر منها:
·    معايير تتعلق بالمدرسين:عددهم ، كفاياتهم المهنية،درجة احترامهم لتلامذتهم، مدى انخراطهم في تنمية المؤسسة التي يعملون بها،…
·    معايير تتعلق بالتمدرس: نسبة عدد التلاميذ إلى المدرسين، متوسط تكلفة التلميذ،الرغبة في التعلم، نوعية الخدمات الموفرة(مكتبة،مرافق صحية،…)، ونشير إل أنه من الخطأ الاعتماد على مؤشرات كمية لوحدها للحكم على جودة خدمة مقدمة،مثلا عدد الساعات التي يقضيها تلميذ بقاعة متعددة الوسائط أو بمكتبة المؤسسة،لأنه في ظل غياب تقييم لأنشطة التلميذ بداخلها والآثار التي أحدثتها(أو ستحدثها لاحقا) في تقدم تحصيله الدراسي أو المعرفي ؛ أو القول بأن تكوينات تربوية حققت نجاحا (كانت جيدة) لأن المشاركين  المستهدفين منها حضروا (لأنه يلزم توفر الحضور الجسدي والحضور العقلي اللذين يرتبطان بمحفزات من بينها: استجابة التكوين لحاجات المستهدفين منه،جودة مضمونه ،اختيار المكان والزمن المناسبين،كفاءة المكون،…)!
·    معايير في علاقة بالمناهج الدراسية :جودة البرامج الدراسية، جودة بناء الإيقاعات الزمنية وفقا للحياة المدرسية الجيدة،جودة الكتب المدرسية شكلا ومضمونا ، درجة ارتباط البرنامج الدراسي بالواقع المعيش،جودة النقل الديداكتيكي للمفاهيم،…
·    معايير في علاقة بإدارة المؤسسة التعليمية: التحلي بالعلاقات الإنسانية النبيلة، الكفاية المهنية، الالتزام بالجودة، التكوين المستمر،الشفافية،…
·    معايير مرتبطة بالموارد المادية: صلاحية البناية المدرسية،توفرها على جميع المرافق الضرورية لحياة مدرسية صحية وآمنة،بما فيها الطاولات التي ينبغي أن تكون على مقاس متوسط طول تلاميذ سلك معين قصد توفير الراحة لهم (وفي هذا الصدد نشير إلى أن الوزارة الوصية على التربية والتكوين تأخذ بعين الاعتبار هذه النقطة وتجتهد في تجديد اللوازم المكتبية ،إلا أننا نرى قصد استدامة هذا العمل والتخفيض من كلفته المالية،العمل في إطار شراكة حكومية على تأسيس شركة تتولى إنتاج اللوازم المكتبية لتدبير حاجات مؤسسات التربية والتكوين على وجه الخصوص بأثمنة مناسبة،وتشغل شبابا،وتبيع منتوجاتها محليا ،ولما لا تجتهد في تصدير منتوجاتها.
·    معايير في علاقة بين المدرسة ومحيطها الاجتماعي: درجة استجابة المدرسة لمتطلبات تنمية محيطها الاجتماعي،مدى نسجها لعلاقات مع محيطها الاقتصادي وعموما الخدماتي،توفرها على جمعيات حقيقية (مفعلة ومنتجة) للتلاميذ/للعاملين القدماء، …
و بغية ملامسة آثار الجودة  من خلال تحقيق واقعي لفوائدها ،ينبغي بالطبع الالتزام بالعمل وفق شروط تحصيل هذه الآثار،حيث التخلي عن بعضها تكون له تداعيات سلبية على مستقبل النتائج المرجوة، بل قد تتعداه لترجع وضعية الانطلاق إلى وضعية أعقد منها .

ولنا عودة لتتمة الموضوع من خلال جزئه الثاني الذي سنخصصه للحديث عن البرنامج الاستعجالي للتربية والتكوين وتحدي إرساء نظام الجودة الشاملة

يتبع

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *