Home»National»الكتاب الثالث الجهوية المتقدمة في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ـ الجزء 2 ـ

الكتاب الثالث الجهوية المتقدمة في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ـ الجزء 2 ـ

0
Shares
PinterestGoogle+
 

السكنى والتعمير

يتجلى عمل السلطات العمومية في هذا الميدان على الخصوص في الاستثمارات التي تقوم بها مجموعة
التهيئة العمران ووكالة المساكن والتجهيزات العسكرية والوكالات الحضرية:
• مجموعة التهيئة العمران: بلغت استثمارات المجموعة برسم سنة 2008 في مجال توفير
السكن الاجتماعي ومحاربة السكن غير اللائق، والذي يتضمن بناء ما مجموعه 169.533
سكن، ما قدره 7,219 مليار درهم. وفي سنتي 2009 و 2010 ، تتوقع المجموعة أن يصل
الغلاف الاستثماري على التوالي إلى 8,564 مليار درهم (لعدد إجمالي من المساكن يبلغ
179.254 وحدة) و 9,064 مليار درهم.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 91

• وكالة المساكن والتجهيزات العسكرية: بالنظر لانخراطها في برنامج بناء 80.000 سكن
اجتماعي لفائدة الموظفين المدنيين والعسكريين لإدارة الدفاع الوطني، بلغت استثمارات هذه

الوكالة 3,482 مليار درهم برسم سنة 2008 . ومن المنتظر أن تصل هذه الاستثمارات
خلال سنتي 2009 و 2010 على التوالي إلى 4,162 مليار درهم و 3,240 مليار درهم.
، • الوكالات الحضرية: بلغت استثمارات هذه الوكالات 0,748 مليار درهم في سنة 2008
في حين تشير التوقعات بالنسبة لسنتي 2009 و 2010 إلى استثمارات تصل على التوالي إلى
0,721 مليار درهم و 1,771 مليار درهم.
2.2 البرامج الوطنية ذات البعد الترابي
تلعب هذه البرامج دورا محوريا في مجال التنمية الجهوية. ويشارك فيها العديد من الفاعلين
(المؤسسات العمومية والوزارات المعنية والجماعات المحلية). ويشار إلى أن هذه البرامج لا يتم
إعدادها أو تمويلها بشكل رئيسي من طرف الجماعات المحلية، رغم كونها غالبا ما تكون مشتركة فيها
% وفقا لكيفيات متغيرة، إذ تساهم الجماعات المحلية في تمويل هذه البرامج بنسب تتراوح ما بين 15
و 25 %. أما أكبر المساهمات في هذه البرامج، فتأتي من الميزانية العامة للدولة والصناديق
الخصوصية والمؤسسات العمومية والساكنة المستفيدة وأيضا من التعاون الدولي.

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 92
وينطبق هذا، مثلا، على برنامج الكهربة القروية الشاملة، الذي يمول بنسبة 55 % من طرف المكتب
الوطني للكهرباء و 20 % من طرف الجماعات المحلية المعنية، والتي تتوصل بجزء كبير من مواردها
من الدولة، وبنسبة 25 % من طرف المستفيدين.
وتستهدف أبرز البرامج الأفقية إما الوسط القروي أو الوسط الحضري، وتهدف بالأساس إلى تطوير
البنيات التحتية الأساسية. وبالنسبة للوسط القروي، يتعلق الأمر ببرنامج الكهربة القروية الشاملة
وبرنامج تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب والشطر الثاني من البرنامج الوطني للطرق
القروية وكذا برنامج تعميم الولوج إلى خدمات الاتصالات. وبالنسبة للوسط الحضري، يتعلق الأمر
ببرنامج مدن بدون صفيح والبرنامج الوطني للتطهير السائل.
وبلغ حجم الاستثمارات والتكاليف المتراكمة لمجموع هذه البرامج حوالي 10,2 مليار درهم سنة
2008 . وبالنسبة لسنة 2009 ، يتوقع أن يصل حجم الاستثمارات، المحتسب على أساس المتوسط
السنوي، حين لا تتوفر التفاصيل الخاصة ببعض البرامج، إلى حوالي 12,06 مليار درهم.
وخلال سنتي 2008 و 2009 ، كانت المبالغ المتراكمة لمجموع هذه البرامج تتحملها المؤسسات
العمومية بنسبة 39 % والميزانية العامة للدولة أو الحسابات الخصوصية للخزينة بنسبة 27 % والساكنة
.% المستفيدة بنسبة 22 % والجماعات المحلية بنسبة 12

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 93

برنامج الكهربة القروية الشاملة

يساهم في التمويل الإجمالي لبرنامج الكهربة القروية الشاملة كل من المكتب الوطني للكهرباء بنسبة
%55 والجماعات المحلية المعنية بنسبة 20 % والساكنة المستهدفة بنسبة 25 %. وقد مكن البرنامج من
إيصال الكهرباء لنحو 4.266 قرية في سنة 2007 و 2.780 قرية في سنة 2008 . وفي المجموع،
استفادت 268.115 أسرة منه. وفي سنة 2009 ، يتوقع أن يشمل الربط الكهربائي 3.030 قرية
إضافية وأن يغطي عددا إجماليا يصل إلى 119.900 أسرة إضافية. وفي مجال الاستثمارات، بلغت
الإنجازات برسم سنتي 2007 و 2008 على التوالي 2,212 مليار درهم و 1,943 مليار درهم.
وبالنسبة لسنة 2009 ، سنة انتهاء الصفقات المرتبطة بالبرنامج، يتوقع أن يبلغ الغلاف الاستثماري
2,1 مليار درهم.
برنامج تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب
يمول برنامج تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب بنسبة 80 % بواسطة الميزانية العامة للدولة،
و 15 % من طرف الجماعات المحلية المعنية و 5% من طرف المستفيدين. وقد مكن خلال سنتي 2007
و 2008 من تزويد ساكنة إضافية بالماء الشروب تصل على التوالي إلى 1.095.900 و 271.600
شخص. وبلغت الاستثمارات الخاصة بهذا المشروع 1,09 مليار درهم في سنة 2007 و 1,46 مليار
درهم في سنة 2008 . وبالنسبة لسنتي 2009 و 2010 ، يصل حجم الاستثمارات المتوقعة إلى 1,362
و 1,274 مليار درهم، مما سيرفع نسبة تزود الساكنة القروية بالماء الشروب إلى 91 % على الصعيد
الوطني.
البرنامج الوطني الثاني للطرق القروية
يمول هذا البرنامج في حدود 31 % من طرف الصندوق الطرقي الخاص والميزانية العامة للدولة،
وبنسبة 54 % عن طريق اقتراضات قام بها صندوق التمويل الطرقي و 15 % من طرف الجماعات
المحلية. ويهدف البرنامج إلى رفع وتيرة الإنجاز من 1.500 إلى 2.000 كلم في السنة، من أجل
بلوغ شبكة طرقية إجمالية تصل إلى 15.500 كلم تماثل نسبة استفادة تصل إلى 80 % في سنة
2012 ، عوض سنة 2015 التي كانت محددة في البداية. وبنهاية سنة 2008 ، مكنت العمليات
المتراكمة منذ بداية البرنامج في سنة 2005 من إعطاء الانطلاقة لتشييد أو تهيئة خط طرقي بطول
5.547 كلم. وبالنسبة للشق الاستثماري، وصل حجم الإنجازات في سنة 2008 إلى 1,78 مليار
درهم. وبالنسبة للفترة الممتدة من 2009 إلى 2012 ، من المنتظر أن يصل المتوسط السنوي
للاستثمارات إلى 1,935 مليار درهم.

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 94

برنامج تعميم الولوج إلى خدمات الاتصالات

تصل التكلفة الإجمالية لبرنامج تعميم الولوج إلى خدمات الاتصالات إلى 1,443 مليار درهم. ويهدف
هذا البرنامج إلى تعميم استفادة جميع المناطق القروية بالمغرب من خدمات الاتصالات خلال الفترة
الممتدة من 2008 إلى 2011 ، ويستهدف 9.263 جماعة قروية تضم حوالي مليوني نسمة. وتصل
الاستثمارات التقديرية في إطار هذا البرنامج خلال الفترة الممتدة من سنة 2008 إلى 2010 إلى
0,36 مليار درهم كمتوسط سنوي.
برنامج مدن بدون صفيح
تبلغ التكلفة الإجمالية للبرنامج 25 مليار درهم، 10 ملايير منها تتحملها الدولة من خلال صندوق
التضامن للسكن. وسيتم إنجاز هذا المشروع خلال الفترة الممتدة من سنة 2004 إلى 2012 ويشمل
، 1.000 حي صفيحي في 83 مدينة ويأوي ما مجموعه 298.000 أسرة. ومع نهاية سنة 2010
يتوقع أن يتم الإعلان عن 63 مدينة بدون صفيح.
البرنامج الوطني للتطهير السائل
– من المتوقع أن تصل التكلفة الإجمالية لهذا البرنامج إلى حوالي 43 مليار درهم خلال الفترة 2006
2020 ، بمشاريع تستهدف 260 مدينة ومركز حضري. ويهدف هذا البرنامج إلى الحد من التلوث
الناجم عن المياه العادمة بنسبة 60 % وبلوغ نسبة ربط تصل إلى 80 % في الوسط الحضري. وسيمول
بنسبة 30 % من طرف الدولة والجماعات المحلية، وبنسبة 70 % من طرف الفاعلين (المكتب الوطني
للماء الصالح للشرب ووكالات التوزيع). وفي ما يتعلق بالاستثمارات، بلغت الإنجازات 1,850 مليار
درهم في سنة 2008 ، ومن المتوقع أن تتزايد لتصل في المتوسط إلى 3,5 مليار درهم ما بين سنتي
. 2009 و 2012

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 95
3.2

وكالات التنمية الجهوية

إن بناء حكامة جيدة على الصعيد الجهوي رهين بإيجاد نوع من التنسيق التام بين مختلف الفاعلين
العموميين والخواص في الجهة. وتقتضي هذه الحكامة تحقيق انسجام في التدخلات من خلال مشاريع
جهوية يشترك فيها جميع الفاعلين في المنطقة. ولهذه الغاية، فإن إضفاء الطابع المؤسساتي على عملية
التنسيق من خلال إحداث بنيات مختصة، متمثلة في وكالات التنمية، يعد من بين الحلول التي يتم غالبا
اتباعها.
وتمكن هذه البنيات من التفويض الجزئي أو الكامل لمهمة إنعاش وتنمية الجهة اقتصاديا. وتتمثل
مزاياها على الخصوص في إضفاء طابع الاستدامة على السياسات الجهوية المنفذة.
أ – الأدوار والأهداف
إدراكا منه لأهمية التنمية الداخلية لكل جهة، شرع المغرب منذ التسعينيات في إحداث وكالات للتنمية
الجهوية. ويتوفر المغرب حاليا على ثلاث وكالات للتنمية الاقتصادية مكلفة بثلاث مناطق كبرى من
المملكة وهي وكالة الجهة الشرقية ووكالة تنمية أقاليم الجنوب ووكالة تنمية أقاليم الشمال.
ويعتبر النطاق الجغرافي لمجال عمل هذه الوكالات جد شاسع ويغطي مناطق تجمع بين عدة جهات من
المغرب: على سبيل المثال، تضم وكالة تنمية أقاليم الجنوب حوالي 58 % من التراب الوطني.

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 96
وبصفتها مؤسسات عمومية خاضعة لوصاية الوزير الأول، تتولى هذه الوكالات مهمة تحويل مناطقها
إلى مجالات ترابية متطورة وقادرة على المنافسة وتحظى بجاذبية على الصعيدين الوطني والدولي.
وتعتبر وكالة تنمية أقاليم الشمال أقدم هذه الوكالات حيث أحدثت سنة 1996 ، وتتولى مسؤولية جهتين
هما: طنجة-تطوان وتازة-الحسيمة-تاونات. وتتمثل مهمتها الأساسية في ضمان تنمية وتأهيل أقاليم
شمال المغرب، كما أنها تعلب دور التنسيق والتنشيط المؤسساتي.
وأحدثت وكالة تنمية أقاليم الجنوب، التي يغطي نشاطها كافة جهات الجنوب (كلميم-السمارة، والعيون-
بوجدور-الساقية الحمراء، ووادي الذهب-الكويرة)، سنة 2002 على إثر خطاب صاحب الجلالة الملك
محمد السادس. وتتمثل مهامها في دراسة واقتراح استراتيجيات تنموية وكذا تنسيق جهود مختلف
الوزارات وأيضا البحث عن التمويلات الضرورية.
وتتمثل المهمة الرئيسية لوكالة الجهة الشرقية، التي أنشأت سنة 2006 ، في تقديم الدعم والمساعدة
للفاعلين الوطنيين والمحليين من أجل تنفيذ البرامج التنموية للجهة.
وتكتسي موارد الوكالات صبغة متعددة وتشمل الهبات والاقتراضات الوطنية والدولية والتسبيقات لدى
السلطات العمومية وإعانات الدولة والعائدات عن أنشطتها الخاصة. ويشكل عمل هذه الوكالات إحدى
الركائز الأساسية للسياسات العمومية على المستوى الترابي. وتستهدف الاستثمارات التي تنجزها
الوكالات مناط َ ق محددة وتتوخى على الخصوص تطوير إمكانياتها من حيث البنيات التحتية والمؤهلات
القطاعية أو حتى العوامل البشرية.
ب – البرامج الاستثمارية لوكالات التنمية
2008 ) برنامجا يقدر غلافه المالي بقيمة – تضمنت خطة عمل وكالة تنمية أقاليم الجنوب ( 2004
7,20 مليار درهم. واستأثرت قطاعات السكن والتهيئة العمرانية وقرى الصيد بنسبة 61 % من هذا
المبلغ، فيما خصص الباقي لتهيئة الطرق وتشجيع السياحة وحماية البيئة والمحافظة على الماء. وقد
(% مولت هذه المشاريع أساسا من طرف وكالة تنمية أقاليم الجنوب ( 16 %) والوزارات ( 35
والمؤسسات العمومية ( 30 %) والجماعات المحلية ( 4%). وبالنسبة لسنتي 2009 و 2010 ، فإن
التقديرات الاستثمارية تصل على التوالي إلى 650 مليون درهم و 1,2 مليار درهم.

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 97
2006 ، بلغت التكلفة الإجمالية لاستثمارات وكالة تنمية – وفي إطار برنامج عملها متوسط الأمد 2003
أقاليم الشمال 6,7 مليار درهم، تصل فيها مساهمة الوكالة إلى 24 %، فيما يتحمل الباقي كل من
الشركاء الوطنيين والأجانب بنسبة 55 % و 21 % على التوالي. وتستهدف هذه الاستثمارات بالأساس
قطاعي البنيات التحتية والتهيئة العمرانية بغلاف يصل إلى 61 % من إجمالي التكلفة، فيما يتوزع
% الباقي على القطاعات الإنتاجية والأنشطة الاجتماعية والدراسات والبحوث الإحصائية بنسبة 26
2009 ، يصل الغلاف المالي الإجمالي إلى – و 11 % و 1% على التوالي. وبالنسبة لخطة العمل 2006
3,15 مليار درهم تقدر مساهمة الوكالة فيه بحوالي 952 مليون درهم، ومساهمة الشركاء الوطنيين
1,29 مليار درهم، فيما يتأتى المبلغ المتبقي من التعاون الدولي. وتعتبر الوكالة شريكا أساسيا في
العديد من المشاريع الكبرى، من بينها الطريق المداري المتوسطي ( 160 مليون درهم من أصل مبلغ
إجمالي يصل إلى 5,2 مليار درهم) والحصة الخاصة بأقاليم الشمال في برنامج الكهربة القروية
الشاملة ( 70 مليون درهم من أصل 816 مليون درهم). كما أنها قدمت الدعم لإنجاز دراسات أولية
للعديد من المشاريع المهيكلة ومنها مشروع ميناء طنجة-المتوسط. ويصل الغلاف المالي الإجمالي
2013 إلى 6,8 مليار درهم، تمثل مساهمة الوكالة فيها 1,1 مليار درهم، – لخطة العمل 2010
ومساهمة الشركاء الوطنيين 5,05 مليار درهم فيما يساهم التعاون الدولي بمبلغ 650 مليون درهم.
– وقد وصل الغلاف المالي الإجمالي المخصص لخطة عمل وكالة الجهة الشرقية بالنسبة للفترة 2005
.% 2007 إلى 5,4 مليار درهم، ساهم فيها الشركاء على الصعيدين الوطني والدولي بحوالي 80
وتغطي المشاريع الاستثمارية للوكالة قطاع البنيات التحتية ودعم الأنشطة المتعلقة بالمبادرة الوطنية
2010 ، فرصد لها غلاف مالي يصل إلى 8,6 مليار – للتنمية البشرية. أما خطة العمل الثانية 2008
تساهم فيه الوكالة بنسبة 16 %. وتخصص هذه المشاريع على الخصوص لتهيئة الطرق، والتطوير
والتدبير المندمج للموارد المائية، والنهوض بمؤسسات القروض الصغرى.
وإجمالا، يلاحظ أن استثمارات هذه الوكالات الثلاث قد ارتفعت بأزيد من الضعف ما بين سنتي 2005
112 +%). وأنجزت وكالة تنمية أقاليم الجنوب، ذات التغطية الترابية الأوسع، 53 % من هذه ) و 2010
النفقات، مقابل 30 % بالنسبة لوكالة أقاليم الشمال و 17 % بالنسبة لوكالة الجهة الشرقية. ومع ذلك، فقد
حققت وكالة أقاليم الشمال نسبة النمو الأكبر خلال هذه الفترة حيث تضاعفت استثماراتها 5,8 مرات
.( (رسم بياني 5.2.3

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 98
ويلاحظ أن مستوى استثمارات هذه الوكالات جد مهم مقارنة باستثمارات الجهات والجماعات المحلية
مجتمعة (رسم بياني 6.2.3 ). فهي تفوق بكثير استثمارات الجهات المعنية وتفوق أيضا، بالنسبة
لوكالة تنمية أقاليم الجنوب، استثمارات الجماعات المحلية. وتمثل 45 % من الاستثمارات المنجزة في
جهات الشمال و 56 % من الاستثمارات المنجزة في الجهة الشرقية.

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 99
3

. المبادرة الوطنية للتنمية البشرية: مشروع وطني رائد

رغم الجهود المبذولة في المجال الاجتماعي والتقدم المحرز خلال السنوات الأخيرة، تظل مؤشرات
التنمية الاجتماعية في المغرب دون مستوى التطلعات. ومن أجل تقويم الاختلالات المسجلة، أعطى
صاحب الجلالة الملك محمد السادس انطلاقة مبادرة وطنية للتنمية البشرية في سنة 2005 . وتهدف
المبادرة إلى إحداث دينامية لفائدة التنمية البشرية بناء على مقاربة لاممركزة تحترم مبادئ المشاركة
والتشارك وتنسيق التدخلات والتخطيط الاستراتيجي.
1.3 المبادئ المؤسسة والأهداف
تهدف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أحدثت دعما لعمل الدولة والجماعات المحلية، إلى تقليص
الفقر والهشاشة والفقر والإقصاء الاجتماعي من خلال توفير وسائل تمويل لفائدة الأنشطة المدرة
للدخل، ودعم فرص الاستفادة من التجهيزات والخدمات الاجتماعية الأساسية، وعمليات التنشيط
الاجتماعي والثقافي والرياضي.

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 100
إن المكانة التي يتبوؤها المواطن والبعد الترابي والمقاربة التشاركية وتعبئة التمويلات وشروط
استخدامها وإضفاء الصبغة التعاقدية على المشاريع إلى جانب إجراءات التتبع-التقييم (التي تمكن من
تدبير أكثر دقة للمشاريع) كلها مؤهلات يمكن الارتكاز عليها في تنفيذ السياسات العمومية. ومن أجل
تعبئة كافة الطاقات والموارد المتوفرة وتجاوز العقبات التقليدية، تعتمد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية
بشكل كبير على مقاربة تشاركية تجمع بين اختصاصات الإدارة والمنتخبين وممثلي النسيج الجمعوي.
وتنقسم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى مستويات أربع (محلي وإقليمي وجهوي وأخيرا مركزي)،
وفقا لنموذج حكامة لاممركزة.
فعلى مستوى الجماعات القروية والدوائر، تتولى لجنة محلية إعداد المبادرة المحلية للتنمية البشرية
وتطبيق المشاريع المصادق عليها على مستوى الجماعة. كما تقوم أيضا بالتتبع والتنفيذ الميداني
للمشاريع. وتتألف من ممثلي المنتخبين ورئيس اللجنة المكلفة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
وممثلي النسيج الجمعوي والمصالح التقنية اللاممركزة للدولة.
وعلى مستوى الأقاليم، يرأس العامل اللجنة الإقليمية التي تتألف من 15 عضوا وتتولى إقرار
المبادرات المحلية للتنمية البشرية وإعداد اتفاقيات التمويل وصرف الأموال الخاصة بالمشاريع
المصادق عليها. وتتألف من المنتخبين وموظفي الإدارات اللاممركزة وممثلي المجتمع المدني. كما
تناط بهذه اللجنة مهمة رفع مؤشرات تتبع الإنجازات إلى المستوى المركزي.
وعلى مستوى الجهة، تتكون اللجنة الجهوية التي يرأسها الوالي من عمال الأقاليم ورئيس المجلس
الجهوي ورؤساء مجالس العمالات والأقاليم وموظفي المصالح اللاممركزة للدولة وممثلي المجتمع
المدني. وتتمثل مهمتها الرئيسية في ضمان التناسق بين المبادرات الإقليمية وخلق التجانس بين برامج
الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية وعمليات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
أخيرا وعلى المستوى المركزي، تسهر لجنة مشتركة بين الوزارات ولجنة للإدارة على تحديد إطار
الميزانية وتخصيص الموارد وتشجيع الدعم الدولي.

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 101
2.3

تمويل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

يشمل برنامج تمويل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مرحلتين: خصصت المرحلة الأولى لتمويل
البرنامج ذي الأولوية لسنة 2005 ، فيما تخصص المرحلة الثانية لتمويل البرنامج التوجيهي للفترة
.2010-2006
ونظرا لأولوية هذا البرنامج، فقد تميز بتحديد المشاريع ذات التأثير الكبير فيما يتعلق بمحاربة الهدر
المدرسي، ودعم قطاع الصحة وتحسين إطار عيش الساكنة. ولتنفيذ هذه المشاريع، تم رصد غلاف
مالي بقيمة 250 مليون درهم بناء على مساهمة تصل إلى 50 مليون درهم من الميزانية العامة، و 100
مليون درهم من الجماعات المحلية و 100 مليون درهم من صندوق الحسن الثاني. وفي إطار هذا
البرنامج، حصل كل إقليم على 1,5 مليون درهم. وحصل كل مركز للجهة على مخصصات إضافية
بقيمة 2 مليون درهم إضافة إلى 3 مليون درهم التي رصدت للمدن الست الكبرى.
% 2010 ، تم رصد غلاف مالي بقيمة 10 ملايير درهم، ممول بنسبة 60 – وفي ما يتعلق بالفترة 2006
من ميزانية الدولة، و 20 % من طرف الجماعات المحلية، عبر تخصيص حصة من عائداتها الضريبة
على القيمة المضافة، و 20 % عن طريق مساهمات مالية خارجية على شكل هبات. ويظهر الرسم
البياني 1.3.3 تطور الموارد التمويلية خلال هذه الفترة.

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 102
وتبين المعطيات الصادرة عن مديرية الميزانية ( 2009 ) توزيع هذا الغلاف المالي حسب نوع البرنامج
:( (رسم بياني 2.3.3
• البرنامج القروي: 2,015 مليار درهم، يتوزع على 403 جماعة بساكنة تصل إلى 3,75
مليون نسمة، من أجل محاربة الفقر في الوسط القروي.
• البرنامج الحضري: 2,112 مليار درهم، يتوزع على 264 حي حضري بساكنة تصل إلى
2,5 مليون نسمة لمحاربة الإقصاء في الوسط الحضري.
• برنامج الهشاشة: 1,803 مليار درهم، يتوزع على الجهات الست عشرة من أجل إعادة
إدماج الأشخاص المهمشين والأكثر فقرا.
• البرنامج الأفقي: 2,515 مليار درهم، يتوزع ما بين 70 عمالة وإقليم لأجل استدامة أنشطة
المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وتجدر الإشارة إلى تخصيص مبلغ يصل إلى 135 مليون درهم أيضا لفائدة مشاريع دعم المبادرة
الوطنية للتنمية البشرية، في حين رصد مبلغ 1,42 مليار درهم ( 14,2 %) كاعتمادات غير مبرمجة.
وفي غياب نتائج تستند إلى تقييم تفصيلي لتأثيرات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على مستوى معيشة
الأشخاص المستهدفين، فإنه لا يمكن في الوقت الراهن إلا القيام بدراسة بعدية « للتنفيذ المالي » و »إنجاز
المشاريع ».

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 103
2008 ، ونفس الأمر – بالنسبة للتنفيذ المالي، يلاحظ أن نسب الأداء ما فتئت تتحسن خلال الفترة 2006
بالنسبة لحصة القروض المفوضة. وتشير هذه الوضعية إلى تحسن ملموس في إجراءات التسوية، وكذا
تملك تدريجي لتنفيذ مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من طرف المتدخلين المحليين. وبالنسبة
.( لسنة 2009 ، فإن نسبة الالتزام بلغت 52 %، ونسبة الأداء 16 % (يوليوز 2009
ويتأكد تملك الجماعات لمشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من خلال نتائج الافتحاص الذي
أنجزته وزارة المالية، والذي كشف عن تزايد مستمر في عمليات المصادقة على الحسابات مع عبارة
. « دون تحفظات »، حيث انتقلت من 54 سنة 2005 إلى 66 سنة 2008
جدول 1.3.3 : وضعية التنفيذ المالي
2008 2007 2006
القروض المفوضة (بملايين
الدراهم)
1.932 1.479 1.257
التكاليف الملتزم بها (بملايين
الدراهم)
2.169 2.318 1.067
التكاليف المؤداة (بملايين
الدراهم)
0.945 1.192 0.349
88 89 نسبة الالتزام (بالنسبة المئوية) 73
52 46 نسبة الأداء (بالنسبة المئوية) 24
المصدر: وزارة الاقتصاد والمالية، 2008
لقد حققت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إنجازات هامة، إذ بلغ عدد المشاريع التي أعطيت انطلاقتها
16.000 مشروعا ( 58 % في الوسط القروي و 42 % في الوسط الحضري) مع نهاية دجنبر
612008 بغلاف مالي إجمالي يصل إلى 9,2 مليار درهم. ومن حيث التمويل، خصصت 55 % من
61 تقرير التنمية البشرية لسنة 2008 ، المرصد الوطني للتنمية البشرية « استعراض منتصف الفترة الخاص بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية »،
يونيو . 2009

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 104

 

قروض المبادرة الوطنية للتنمية البشرية للأحياء الحضرية، في حين رصدت 45 % منها للجماعات

 

القروية. أما بالنسبة لحجم المشاريع، فإن المبلغ المتوسط الخاص بكل مشروع بالنسبة للمناطق القروية
يقل مرتين عن نظيره بالنسبة للمناطق الحضرية ( 387.000 درهم مقابل 836.000 درهم).
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 105
الفصل الرابع: مكانة القطاع الخاص في التنمية الجهوية
يتسم القطاع الخاص في المغرب بتوزيعه الجغرافي الذي يعتمد بقوة على الاستقطاب، إذ تبين
المؤشرات الاقتصادية الخاصة بهذا القطاع تمركزَ الأنشطة الاقتصادية بشكل واضح في خمس جهات
من المغرب: الدار البيضاء الكبرى ودكالة-عبدة وطنجة-تطوان والرباط-سلا-زمور-زعير وفاس-
بولمان، مما خلف نوعا من التباينات الجهوية بشكل عام.
على المستوى الماكرواقتصادي، نتوفر على معلومات كافية نسبيا حول سمات القطاع الخاص الوطني
وأبرز أنشطته وكذا قدراته الإنتاجية والتنافسية. أما على الصعيد الميكرواقتصادي والجهوي، يستدعي
الوضع بذل جهود كبيرة من أجل الإحاطة بالدور الذي يلعبه القطاع الخاص في مسلسل التنمية
الجهوية، خاصة في شِقِّه الاقتصادي.
نتيجة لذلك، فإن تحليل مساهمة القطاع الخاص في التنمية الجهوية سيخصص حيزا كبيرا للقطاع
الصناعي، بالنظر إلى قلة الدراسات والإحصائيات الحديثة حول القطاع الخاص في المغرب إجمالا.
وإذا استثنينا عموما الإحصاء الاقتصادي الذي أجرته المندوبية السامية للتخطيط في سنة
2001/2000 ، والذي م ّ كن من جرد مجموع المقاولات المغربية التي تعمل في مختلف القطاعات
الاقتصادية 62 ، فإنه من الصعب تحديد الوضع الاقتصادي للقطاع الخاص ضمن السيرورة التنموية
الترابية. لهذا، فإن أكثر مصدر للمعلومات شمولي ً ة، بخصوص هذا الجانب، هو بحث وزارة التجارة
والصناعة حول المقاولات الصناعية المغربية.
لقد تمكن القطاع الخاص بفضل الدينامية التي شهدها خلال العقد الأخير من أن يصبح شريكا
استراتيجيا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجهات. إلا أن توسع هذا القطاع يبقى رهينا بتوفر
شروط مسبقة عادة ما سُلِّط عليها الضوء في تقارير المنظمات الدولية. وساعد إرساء نظام الشباك
الوحيد والمراكز الجهوية للاستثمار على تبسيط المساطر، كما مكن من اعتماد تنظيم لامركزي
للاستثمار، إلا أن بعض مكامن الضعف لا تزال حاضرة بقوة في مناخ الأعمال، وخاصة على الصعيد
الجهوي.
62 ركز الإحصاء الاقتصادي على تحديد مكان تواجد المقاولات وقطاع النشاط وحجم المقاولة حسب عدد المستخدمين، بينما لم يتم الأخذ بعين
الاعتبار الأداء الاقتصادي للمقاولة، لاسيما من حيث الاستثمار والقيمة المضافة.

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 106
في هذا الفصل، سنحاول الإحاطة بدور القطاع الخاص في مسلسل التنمية الجهوية، خاصة في شقه
الاقتصادي. وسنعمل في البداية على تقديم القطاع الخاص في بعده الجهوي، لنتطرق بعد ذلك إلى أداء
هذا القطاع. وفي الأخير، سنتناول المعيقات التي تحول دون تطور القطاع الخاص.
1

. مساهمة القطاع الخاص في التنمية الجهوية
شهد المغرب خلال العقد الأخير مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والمالية والمؤسساتية التي تهدف
إلى توفير الظروف الملائمة لتطوير النشاط الاقتصادي وتشجيع المقاولات. وقد مكنت هذه
الإصلاحات، بما لا يدع مجالا للشك، من تحسين مناخ الأعمال على الصعيد الوطني. كما شكل نظام
الشباك الوحيد، المعتمد في إطار إحداث المراكز الجهوية للاستثمار، قفزة نوعية نحو تسهيل المساطر
الإدارية التي تهدف إلى تشجيع القطاع الخاص.
ومن حيث النتائج، مكنت هذه التدابير من جعل القطاعات الإنتاجية، التي تهيمن عليها المقاولات
الخاصة، تساهم بثلثي الناتج الداخلي الإجمالي، وذلك بالرغم من الصعوبات المرتبطة بعوامل التنافسية،
كمجال التكوين والبنيات التحتية الأساسية والظروف الخاصة التي تؤثر على مناخ الأعمال.
علاوة على ذلك، أصبح القطاع الخاص، بفضل ديناميته، مساهما من الدرجة الأولى في استراتيجيات
تشجيع النمو الاقتصادي، بفعل استمرار تزايد نسبة الاستثمار 63 (كما يلاحظ منذ عدة سنوات) التي
تجاوزت 20 % من الناتج الداخلي الإجمالي في نهاية سنة 2006 . ويرجع الفضل في ذلك أيضا إلى
توسع الاستثمارات المباشرة الأجنبية التي جلبتها الميزات التي يوفرها المغرب مقارن ً ة بمنافسيه، إلى
جانب عمليات الخوصصة، مما جعل المغرب يفوق بكثير المتوسط الذي بلغته الدول النامية في مجال
الاستثمارات المباشرة الأجنبية. وتعزى هذه الدينامية بالأساس إلى نشاط قطاعات البناء والأشغال
العمومية، والخدمات والصناعات التحويلية، التي شهدت نموا كبيرا في السنوات الأخيرة.
ويتبين من خلال دراسة بنية الساكنة النشيطة البالغة أعمارها 15 سنة فما فوق أن التشغيل في القطاع
الخاص يشكل 90 % من إجمالي التشغيل (رسم بياني 1.1.4 ). وتصل هذه النسبة إلى 98 % في
الوسط القروي مقابل 81 % في الوسط الحضري. كما تشير إحصائيات التشغيل التي أعدتها المندوبية
السامية للتخطيط أن هذه البنية لم تسجل تغيرا يذكر بين سنتي 2000 و 2008 . وتبقى مساهمة القطاع
الخاص 64 خلال هذه الفترة مهيمن ً ة بالرغم من أنها لم تتزايد سوى بنقطة مئوية واحدة من حيث
. المساهمة في تشغيل الساكنة النشيطة، لتبلغ حوالي 90 % سنة 2008 مقابل 89 % سنة 2000
63 يمثل الاستثمار الخاص عموما الفارق بين مجموع التكوين الإجمالي للرأسمال الثابت واستثمار الإدارات والمؤسسات العمومية.
64 تشمل هذه الإحصائيات بعض المؤسسات العمومية ضمن القطاع الخاص، كالمكتب الشريف للفوسفاط.

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 107
وعلى الصعيد الجهوي، تبين المؤشرات الاقتصادية المتعلقة بالقطاع الخاص التمركز الواضح للأنشطة
الاقتصادية في خمس جهات من المغرب هي: الدار البيضاء الكبرى، ودكالة-عبدة وطنجة-تطوان
والرباط-سلا-زمور-زعير وجهة فاس-بولمان. وللإشارة، فإن هذا التمركز يتسم بكونه مكانيا
وقطاعيا في آن واحد. ومن خلال تصنيف المقاولات حسب القطاع الذي تشتغل فيه وحسب موقعها،
يتضح أن الأقاليم مراكز الجهات الخمس هي التي تستحوذ على أغلبية الأنشطة الاقتصادية لمختلف
القطاعات.
ويم ّ كن تحليل البحث الإحصائي الذي أجري لدى مقاولات قطاع الصناعات التحويلية بين سنتي 2000
و 2008 من الإحاطة بهذا الواقع بشكل أفضل (رسم بياني 2.1.4 ). فمن جهة، تستحوذ جهات الدار
البيضاء الكبرى ودكالة-عبدة وطنجة-تطوان والرباط-سلا-زمور-زعير وفاس-بولمان على النشاط
الصناعي الوطني بالنسبة لمجموع القطاعات، مما ينتج عنه ظهور اقتصادات التكتل التي من شأنها أن
تؤدي إلى تكريس الفوارق بين الجهات وإلى الرفع من حدة تدفق المهاجرين القادمين من الجهات
الأخرى، والذين تستقطبهم هذه المناطق. ومن جهة أخرى، ظل توزيع المقاولات العاملة في الصناعات
التحويلية، بين سنتي 2000 و 2008 ، نسبيا دون تغيير في معظم الجهات (رسم بياني 2.1.4 ). ولعل
هذا الوضع ينم عن ضعف وتيرة إنشاء المقاولات إلى جانب تزايد حالات التوقف المؤقت والإغلاق
النهائي.

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 108
وفي نفس السياق، وبالرغم من الجهود التي تبذلها الدولة، خاصة منها تلك التي ترمي إلى إعادة الهيكلة
والإدماج القطاعي، لا تزال مساهمة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية الجهوية محدودة. ذلك أن
العلاقة الإيجابية بين كثافة المقاولات الصناعية والرفاه الاجتماعي والاقتصادي، التي يتم قياسها بالناتج
الداخلي الإجمالي للفرد سنة 2007 ، لا تنطبق إلا على الجهات التي تتسم بهيمنة النشاط الصناعي
(رسم بياني 3.1.4 )، خاصة منها جهات الدار البيضاء الكبرى وطنجة-تطوان والرباط-سلا-زمور-
زعير. أما في باقي الجهات، فإن هذه العلاقة تظل- بكل تأكيد- أقل أهمية، مما يتطلب تكثيف الجهود
الرامية إلى الدفع بالقطاع الخاص في بعض الجهات.

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 109
ومن جهة أخرى، تعتبر دينامية خلق المقاولات أداة مناسبة لقياس أداء قطاع الإنتاج وحيوية المقاولات
وفعالية الإجراءات الهادفة إلى تشجيع القطاع الخاص ودعم قدراته. لذا، تعتبر النسب الخاصة
بالمقاولات الجديدة المحدثة والمقاولات المغلقة وعدد المقاولات المعّلقة أو تلك الموّقفة مؤقتا مؤشراتٍ
تساعد في الإحاطة بهذه الأبعاد.
وتنطوي هذه المقاربة على فكرة مفادها أن إنشاء مقاولات جديدة يعني المزيد من الأنشطة ذات
التأثيرات الإيجابية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي معا، كخلق فرص الشغل وإعادة توزيع
الموارد وتقليص حدة الفقر وتحسين مستوى عيش السكان. في المقابل، قد يشكل إغلاق المقاولات
مؤشرا مثيرا للقلق، إذ من المحتمل أن تكون له آثار اقتصادية واجتماعية سيئة على مختلف الفاعلين
في التراب الوطني وفي المجتمع، مما من شأنه أن يسيء إلى التنمية المحلية والوطنية على السواء.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن هذه العوامل تشكل، نسبيا، الدافع وراء التوجهات الحالية للدول
وللسياسات المحلية الرامية إلى تعزيز أشكال الشراكة المباشرة بين الدولة والمقاولات ومختلف
مستويات الإدارة المحلية من أجل تحقيق نمو اقتصادي مستدام.

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 110
وفي المغرب، عرفت وتيرة إنشاء المقاولات الصناعية انتعاشا واضحا خلال السنوات الأخيرة. ويعزى
هذا الانتعاش، إلى حد كبير، إلى تسهيل المساطر الإدارية وإنشاء المراكز الجهوية للاستثمار وتخفيض
Doing  » التكاليف المرتبطة بإحداث المقاولات (انظر تقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2008
ففي سنة 2002 ، سُجلت دينامية كبيرة في هذا الصدد إذ تم إنشاء حوالي 530 .(« Business 2008
مقاولة صناعية مقابل إغلاق 110 مقاولة بصفة نهائية في جهة الدار البيضاء الكبرى. أما في جهة
الغرب-الشراردة-بني حسن، فقد تم إنشاء ما لا يقل عن 18 مقاولة في حين أوقفت شركة واحدة
نشاطها. وبذلك، تم تحقيق رصيد صافي إيجابي في عدد المقاولات المحدثة، مما يشير إلى إنشاء
مقاولات إضافية جديدة في مختلف الجهات (رسم بياني 4.1.4 ). وتجدر الإشارة إلى أن هذا الرصيد،
بالرغم من كونه إيجابيا بالنسبة لمجموع جهات المغرب، إلا أنه يختلف بدرجة كبيرة من جهة لأخرى،
كما أنه يظل رهينا بدرجة التصنيع في الجهة ومدى تغيير النشاط 65 وكذا بالمؤهلات المتوفرة لإنشاء
المقاولات، والتي تتعلق بالمناطق الصناعية والبنيات التحتية الأساسية.
وعلى النقيض من ذلك، سجلت سنة 2008 تراجعا واضحا في عدد المؤسسات الصناعية مقارنة بالسنة
التي قبلها، إذ انخفض هذا العدد بنسبة 5% لينتقل من 8.230 إلى 7.841 مؤسسة صناعية. وقد
يكون هذا التراجع ناجما عن الصعوبات التي عرفتها الوضعية الاقتصادية على الصعيدين الوطني
والدولي. أما جهويا، فقد سجلت الدار البيضاء الكبرى إنشاء أكبر عدد من المؤسسات، بحوالي 33
مؤسسة، مقابل إغلاق 250 مؤسسة نهائيا في نفس الجهة. وفي جهات تادلة-أزيلال وطنجة-تطوان
وتازة-الحسيمة-تاونات، لم يُسجل إنشاء أية مؤسسة جديدة سنة 2008 ، بل الأدهى من ذلك أنها عرفت
إغلاق العشرات من المؤسسات. وعرفت جهة سوس-ماسة-درعة وجهات الجنوب أداءً إيجابيا مكنها
من احتلال المرتبة الأولى من حيث إنشاء المؤسسات سنة 2008 ، إذ بلغ الرصيد الصافي الإيجابي
لعدد المؤسسات المحدثة بها 156 في الأولى و 173 في الثانية.
65 نظرا لعوامل ترتبط بالمنافسة وصعوبة الولوج إلى الأسواق، يفضل أرباب المقاولات التوجه إلى قطاعات سهلة المنال، خاصة منها قطاعي
الخدمات والعقار.

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 111
إلى جانب ذلك، وأخذا في الاعتبار هيمنة المقاولات الصغرى والمتوسطة على النسيج الإنتاجي
المغربي، فإن هذا الأخير مهدد بحلول القطاع غير المهيكل محل الإطار الرسمي في خلق المقاولات.
% فقد أظهرت الإحصائيات الوطنية في هذا الصدد تزايدا كبيرا للبنيات غير المهيكلة بلغت نسبته 18
في الفترة الممتدة من 1999 إلى 2007 . وتطرح هذه الوضعية عدة تساؤلات حول أثر الإزاحة الذي
يحرم الدولة من ثروة مهمة قد تساهم في تعزيز نموها الاقتصادي والاجتماعي، كما يؤثر سلبا على
التوازن التنافسي للسوق. لهذا، فإن البنيات غير المهيكلة تصبح ملاذا مريحا للمقاولات المتواجدة في
وضعية صعبة أو التي قد أوقفت نشاطها، مما قد يؤدي إلى إضعاف المداخيل الجبائية المحلية وحرمان
البلد من مصدر مهم للثروة.
2. أداء المقاولات الصناعية حسب الجهات
في سنة 2008 ، بلغ عدد المؤسسات العاملة في مجال الصناعات التحويلية حوالي 8.000 مؤسسة
صناعية يفوق عدد العاملين بها 10 أشخاص. ويُش ّ غل هذا القطاع، الذي يتميز بهيمنة المقاولات
الصغرى والمتوسطة، ما يفوق 12 % من مجموع العاملين في المغرب، ويساهم بواقع 13 % في القيمة
المضافة الوطنية وبواقع 50 % في صادرات المملكة.

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 112
ومن خلال تحليل النسيج الإنتاجي للسنوات العشر الأخيرة، يمكن استخلاص مجموعة من الدروس
حول بنية النشاط الصناعي والفوارق بين الجهات وداخلها والإنجازات المحققة، إلى جانب مساهمة كل
جهة في خلق الثروات.
وللقيام بتحديد كمي للتفاوتات الجهوية على مستوى الأداء الصناعي، تم إعداد دراسة تراتبية تعتمد على
العديد من المؤشرات الماكرواقتصادية (انظر الرسوم البيانية في نهاية هذا القسم). ومن أبرز نتائج هذه
الدراسة:
• عدد المقاولات الصناعية: عرف عدد المقاولات الصناعية، كما سبق ذكره في القسم الأول،
تراجعا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة كإحدى نتائج إعادة هيكلة القطاع الصناعي الوطني
(تراجع بنسبة 5% سنة 2008 مقارنة بسنة 2007 ). وتساهم جهة الدار البيضاء الكبرى
بنسبة 34 % من مجموع هذه المؤسسات، فيما تستقر 10 % من هذه الأخيرة في جهة
% طنجة-تطوان و 8% في كل من جهة الرباط-سلا-زمور-زعير وجهة فاس-بولمان، و 7
(% في جهة سوس-ماسة-درعة. وتتقاسم باقي الجهات النسبة الباقية من المؤسسات ( 37
على المستوى الوطني. وبالرغم من هذا التراجع في عدد المؤسسات، إلا أن أداء القطاع
الصناعي كان مُرضيا على العموم.
• الإنتاج الصناعي: تساهم جهات الدار البيضاء الكبرى ودكالة-عبدة وطنجة-تطوان لوحدها
بنسبة 72 % من الإنتاج الصناعي الوطني، أي بنسب 50 % و 13 % و 9% على التوالي.
وفي سنة 2008 ، شهد الإنتاج الصناعي تحقيق إنجازات بارزة خاصة بفضل الأنشطة
.(% الكيماوية وشبه الكيماوية ( 25 %) والأنشطة المعدنية ( 15 %) والصناعات الغذائية ( 10
وخلال هذا العقد الأخير، وباستثناء جهتي تازة-الحسيمة-تاونات والغرب-الشراردة-بني
حسن، اللتين تراجعتا بواقع 3% و 2% على التوالي، فقد شهدت كافة الجهات نسب نمو
إيجابية سجلت أعلاها في جهة دكالة-عبدة.
• الصادرات: نظرا لكون بنية الصادرات الصناعية شبيهة نوعا ما ببنية الإنتاج، فإن رقم
مبيعات الصادرات يتمركز، هو الآخر، في نفس الجهات الثلاث: دكالة-عبدة والدار البيضاء
.( الكبرى وطنجة-تطوان بنسب 33 % و 29 % و 13 % على التوالي (رسم بياني 1.2.4
ففي سنة 2008 ، حققت جهة دكالة-عبدة، التي لا يتجاوز عدد الوحدات الصناعية بها 300
وحدة، إنجازات تفوق تلك المحققة في جهة الدار البيضاء الكبرى حيث تتواجد حوالي
2.500 مؤسسة صناعية. وتجدر الإشارة إلى أن الإنتاج الصناعي لجهة دكالة-عبدة –
الموجه للتصدير- قد عرف ازدهارا كبيرا بمعدل سنوي بلغ 16 % بين سنتي 2000
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 113
و 2008 (رسم بياني 4.2.4 ). كما أن مساهمة هذه الجهة في الإنتاج الصناعي الوطني
الموجه للتصدير قد بلغ 52 %. وتعزى هذه النتيجة بالأساس إلى الأنشطة المنجمية للمكتب
الشريف للفوسفاط في منطقة الجرف الأصفر.
• الاستثمار: سجل الاستثمار، الذي يشكل عاملا رئيسيا لازدهار النشاط الاقتصادي، ارتفاعا
ملموسا سنة 2008 . فباستثناء الأنشطة المرتبطة بالنسيج والجلد، شهدت كافة القطاعات
عمليات شراء الأصول الثابتة والأدوات وآليات الإنتاج. وفي سنة 2008 ، استحوذت ثلاث
جهات على غالبية الاستثمارات الصناعية، وهي الدار البيضاء الكبرى ( 53 %) وطنجة-
تطوان ( 11 %) وجهة دكالة-عبدة ( 10 %). وبلغ المتوسط السنوي لنمو الاستثمار في هذه
الجهات ما قدره 12,5 % و 11,6 % و 16,1 % على التوالي في الفترة الممتدة من 2000
.( إلى 2008 (رسم بياني 4.2.4
• القيمة المضافة: سجل الناتج الداخلي الإجمالي للقطاع الصناعي نموا إيجابيا بلغت نسبته
%3 سنة 2008 ، وذلك بفضل المقاولات التي تشتغل في قطاعات الصناعات الكيماوية وشبه
الكيماوية والمعدنية. ومن بين الجهات الرائدة في هذا المجال هناك جهة الدار البيضاء
الكبرى ودكالة-عبدة وطنجة-تطوان التي تساهم بنسبة إجمالية قدرها 72 % من الناتج
الداخلي الإجمالي الصناعي. وعرفت جهة دكالة-عبدة، إلى جانب جهات الجنوب، أعلى
مستويات للنمو خلال العقد الأخير، إذ بلغ معدلها السنوي 11 % و 10 % على التوالي.
% • التشغيل الصناعي: يضم القطاع الصناعي أكثر من خمسمائة ألف مستخدم، ويرتكز 67
من هذا العدد في جهات الدار البيضاء الكبرى وطنجة-تطوان والرباط-سلا-زمور-زعير.
وقد أسفر تراجع عدد المؤسسات الصناعية عن تقليص مناصب الشغل بنسبة 4% سنة
2008 . ويعتبر قطاع النسيج والجلد وقطاع الصناعات الغذائية وقطاع الصناعات الكهربائية
والإلكترونية من أكثر القطاعات معاناًة من هذا الأداء السلبي، إذ تراجع عدد العاملين بها
بنسب 8% و 4% و 3% على التوالي مقارنة مع سنة 2007 . وباستثناء جهات الجنوب
وجهات الشاوية-ورديغة وطنجة-تطوان وسوس-ماسة-درعة حيث سُجِّلت تطورات إيجابية
في مجال التشغيل، فقد كان للنشاط الصناعي في باقي الجهات آثار سلبية على خلق فرص
. الشغل في هذا القطاع بين سنتي 2000 و 2008
• نفقات المستخدمين: توزِّع المؤسسات الصناعية لأربع جهات (الدار البيضاء الكبرى
وطنجة-تطوان ودكالة-عبدة والرباط-سلا-زمور-زعير) ما يقارب 80 % من مجموع
الأجور الممنوحة للمستخدمين. وفي سنة 2008 ، ارتفع هذا المجمّع من حيث القيمة الإسمية

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 114
بواقع 5% بالرغم من انخفاض عدد العاملين، متجاوزا بذلك نسبة نمو الناتج الداخلي
الإجمالي الصناعي. وخلال العقد الأخير، وباستثناء جهات الغرب-الشراردة-بني حسن
وتادلة-أزيلال حيث انخفضت الأجور بنسبة تفوق بقليل 2%، فإن كافة الجهات الأخرى قد
.( سجلت ارتفاعات مهمة من حيث القيمة الإسمية (رسم بياني 5.2.4
وإجمالا، يتضح أن أربع جهات (الدار البيضاء الكبرى وطنجة-تطوان ودكالة-عبدة والرباط-سلا-
زمور-زعير) هي المهيمنة، ليس فقط من حيث المجمّعات الاقتصادية الوطنية، بل أيضا على مستوى
الأنشطة القطاعية: الصناعات الغذائية والكيماوية وشبه الكيماوية والكهربائية والإلكترونية والحديدية
وكذا صناعات النسيج والجلد. وبالفعل، تتميز الجهات الرائدة على الصعيد الاقتصادي بتنوع فروع
أنشطتها الصناعية، مما يشكل بحد ذاته ثروة كامنة قد تعزز من قدرتها على استقطاب الاستثمارات.
أما باقي الجهات، خاصة منها التي تساهم بشكل ضعيف في تكوين مختلف المؤشرات الاقتصادية، فإن
أنشطتها الاقتصادية تظل منحصرة على العموم في قطاعين على الأكثر. وإجمالا، فإن هذه الجهات،
التي تتقدمها كل من جهات الجنوب وسوس-ماسة-درعة والغرب-الشراردة-بني حسن، تلائمها بشكل
أكثر الأنشطة التابعة للقطاع الأولي (الفلاحة والصيد).
علاوة على ذلك، يلاحظ أن الجهات المهيمنة من حيث أنشطة الصناعات التحويلية هي نفسها التي
تستحوذ على الحصص الكبرى من الناتج الداخلي الإجمالي. وهذا ما يؤكده الرسم البياني 6.2.4 الذي
يقارن مساهمة كل جهة، سواء في الناتج الداخلي الإجمالي أو في الناتج الداخلي الصناعي. وحسب ما
يبينه هذا الرسم البياني، فإن جهات الدار البيضاء الكبرى وطنجة-تطوان والرباط-سلا-زمور-زعير،
أي ما يفوق ثلث الساكنة الإجمالية، تستحوذ-في المتوسط- على 50 % من الدخل الوطني، مقابل
حوالي 75 % من القيمة المضافة الصناعية للفترة الممتدة من 2004 إلى 2007 . أما باقي الجهات
الثلاث عشر، والتي تبلغ ساكنتها 20 مليون نسمة، فتتقاسم النصف الباقي من الناتج الداخلي الإجمالي
الوطني، فيما لا تمثل سوى 25 % من مداخيل قطاع الصناعات التحويلية.
وقد ظلت هيمنة هذه البنية الصناعية مستقرة منذ عدة سنوات، مما يشير إلى وجود خلل فعلي يحول
دون نمو الجهة. صحيح أن تحويل كافة الجهات إلى منطقة صناعية 66 أمر غير واقعي، إلا أن عددا
لا يستهان به منها يتوفر على مؤهلات محلية لم تستفد إلى الآن من مجهودات جدية لإعادة الهيكلة
والدعم والتأهيل الضروريين.
بين 13 قطبا صناعيا في جهات مختلفة من المملكة. « Emergence » 66 تميز الإستراتيجية الصناعية الجديدة
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 115
الذي يحدد الإستراتيجية الصناعية ، »Emergence » من جهة أخرى، ساهم برنامج الإقلاع الصناعي
الجديدة للمغرب، في إعطاء الانطلاقة لستة قطاعات واعدة يُتوقع أن تلعب دور القاطرات الاقتصادية
للمغرب، ويتعلق الأمر بالقطاعات التالية:
على صعيد أقاليم الدار البيضاء والرباط وطنجة ومراكش :offshoring- • ترحيل الخدمات
وفاس؛
• صناعة الطيران: على صعيد جهة الدار البيضاء؛
• الصناعات الغذائية: في جهة مكناس-فاس، والغرب، والجهة الشرقية وتادلة؛
• منتجات البحر: سيتم إنشاء القطب الرئيسي في مدينة أكادير؛
• صناعات السيارات: على صعيد مدينة طنجة.
ويستهدف هذا البرنامج بالأساس القطاعات التي يتوفر فيها المغرب على امتيازاتٍ تنافسية. إلا أن مبدأ
تقسيم الأنشطة الصناعية حسب المناطق الترابية كان يستحق تعميقا أكبر، ذلك أن الجهات/الأقاليم
المعروفة تاريخيا بنشاطها الصناعي هي نفسها المصّنفة كأقطاب تنافسية.
وفي سياق آخر، تشير دراسة المعطيات الصناعية الإقليمية إلى وجود فوارق كبرى داخل الجهات
الصناعية المهيمنة. هكذا، ففي جهات الدار البيضاء الكبرى والرباط-سلا-زمور-زعير وطنجة-
تطوان، تبقى الأقاليم مركز الجهات هي المستحوذة على الحصة الكبرى من النشاط الصناعي داخل
.( الجهات (رسم بياني 8.2.4
انطلاقا من هذا المعطى، هل يمكننا القول إذن أن الفوارق المسجلة على المستوى الجهوي قد تنتقل إلى
المستوى الإقليمي؟ الجواب على هذا التساؤل سيكون- إلى حد ما- بالإيجاب، خاصة على صعيد الدار
البيضاء الكبرى حيث تساهم مدينة الدار البيضاء بواقع % 76 من القيمة المضافة الصناعية وبنسبة
%86 من فرص التشغيل الصناعي داخل الجهة. وتعرف عمالة طنجة، في جهة طنجة-تطوان، وضعا
% مشابها نسبيا لمدينة الدار البيضاء، إذ تساهم بنسبة 64 % في القيمة المضافة الصناعية وبواقع 80
من نسبة التشغيل الصناعي في الجهة.

3

. معيقات الاستثمار الخاص

 

 

إن تعزيز النمو عن طريق تشجيع فرص الاستثمار، على الصعيدين الوطني والدولي، رهينٌ إلى حد
كبير بالمناخ الذي يمارس فيه النشاط الاقتصادي. لذلك، وعلى غرار دول عديدة، انخرط المغرب في
جملة من الإصلاحات البنيوية سعيا منه إلى تحسين مناخ الاستثمار وتوفير الظروف الملائمة لتحقيق
التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المدى المتوسط والطويل.
لكن، وبالرغم من الجهود المبذولة، لا تزال العديد من العوامل تشكل عائقا أمام الاستثمار على
المستويين الوطني والجهوي، منها عراقيل مؤسساتية وتنظيمية ومالية وتربوية، إلخ. وقد تمت الإشارة
إلى هذه المعيقات في تقريري سنة 2004 و 2007 الذين تم إعدادهما من طرف وزارة التجارة
.67 (ICA) والصناعة بتعاون مع البنك الدولي، انطلاقا من دراسة تقييم مناخ الاستثمار
Investment Climate Assessment 67
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 121
فاستنادا إلى البحث الإحصائي لسنة 2007 ، ما يفوق 30 % من المقاولات 68 تعتبرُ العوامل التالية
معيقات رئيسية في مناخ الاستثمار: معدل الضريبة (حوالي 56 % من المقاولات)، الحصول على
العقار ( 40 %)، تكاليف الكهرباء ( 37 %)، المنافسة غير الشريفة من طرف القطاع غير المنظم
%35 )، الاستفادة من التمويل ( 32 %)، إضافة إلى تكوين وتأهيل المستخدمين ( 31 %). كما أن لهذه )
الإكراهات وقع مباشر على نشاط المقاولات ومحيطها التنافسي، إذ تؤثر، من جهة، على تكاليف
عوامل الإنتاج (التمويل والعقار والكهرباء)، ومن جهة أخرى، على عوامل تنافسية المقاولة (يد عاملة
غير مؤهلة، التزوير، والعمل غير المهيكل).
وتتعلق بعض العوامل المؤثرة الأخرى ذات الطابع المؤسساتي بالنظام القضائي، خاصة المحاكم
التجارية ( 30 % من المقاولات) والرشوة ( 27 %) والعلاقات مع الإدارة الضريبية ( 17 %). ويهم
العائقان الأولان، المرتبطان بالنظام القضائي، مساطرَ تنفيذ العقود وتعّقد عمليات حل النزاعات إلى
جانب مدى فعالية محاربة الرشوة وحماية الممتلكات العمومية بمقتضيات قانونية، إضافة إلى جوانب
أخرى.
ويمكن التحليل المقارن، على أساس البحثين الإحصائيين المعدين في إطار تقييم مناخ الاستثمار لسنتي
2004 و 2007 ، من تقييم تطور هذه الإكراهات وبالتالي ملاحظة تلك التي شهدت تحسنا ملحوظا وتلك
.( التي لا تزال تتفاقم (رسم بياني 1.3.4
ومن أبرز العوامل المؤثرة في الاستثمار، والتي تعرف تحسنا ملحوظا، تلك المتعلقة بالأحكام المنظمة
للاستفادة من التمويل (فارق 40 نقطة)، والعلاقات مع الإدارة الضريبية (فارق 30 نقطة) ومساطر
إنشاء المقاولات (بفارق أكثر من 10 نقاط) ومعدل الضريبة (بفارق أكثر من 10 نقاط). وفي المقابل،
لا تزال بعض الإكراهات في مناخ الأعمال آخذة في التزايد، ويتعلق الأمر بتكلفة الكهرباء وتكوين
وتأهيل المستخدمين والرشوة والنقل والمحاكم التجارية والحصول على العقار.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه النتائج غير متجانسة وترتبط، إلى حد كبير، بموقع المقاولة وحجمها وقِدَمها
وقطاع نشاطها. فعلى سبيل المثال، لا تزال المقاولات الصغرى تعاني بشكل أكبر من صعوبة
الاستفادة من التمويل ومن المنافسة غير الشريفة وغير القانونية. أما المقاولات المتوسطة والكبرى،
فترى أن أبرز المعيقات التي تواجهها ترتبط بعوامل بنيوية كنظام التربية والتكوين وقانون الشغل
والحصول على العقار، إلخ.
68

 

تنتمي المقاولات التي شملتها الدراسة إلى القطاعات التالية: الصناعة، والبناء والأشغال العمومية، والخدمات.

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 122
وعلى العموم، تظل المعيقات التي تواجهها المقاولات المغربية متشابهة عبر مجموع التراب الوطني.
وتختلف الجهات في ما بينها فقط من حيث حدة هذه المعيقات وترتيبها حسب أهميتها. فمثلا، وفي
إطار البحث الإحصائي الخاص بتقييم مناخ الاستثمار 2004 ، اعتبرت ما يقارب 57 % من المقاولات
الصناعية المستقرة في جهة طنجة-تطوان الحصولَ على العقار عائقا كبيرا يحول دون قيامها
بأنشطتها، تليها مقاولات جهة فاس-بولمان بنسبة تفوق 56 % ثم الدار البيضاء الكبرى بأكثر من
.%25
وتؤكد نتائج البحث الإحصائي لتقييم مناخ الاستثمار لسنة 2007 انتشارَ هذه الإشكالية المتكررة،
وتشير إلى أهمية العقار مقارنة بباقي الإكراهات التي تؤرق أرباب المقاولات في المغرب. وتبين هذه
النتائج أن جهة طنجة-تطوان تحتل المرتبة الأولى بواقع 63 % من المقاولات، تليها جهة فاس-بولمان
%48 ) والرباط-سلا-زمور-زعير ( 46 %) والدار البيضاء الكبرى ( 34 %). ويتضح جليا من هذه )
الخلاصة أن الجهات التي تساهم بشكل أكبر في الإنتاج الوطني ( 60 % من الناتج الداخلي الإجمالي)
.( هي نفسها التي تعاني أكثر من مشكل العقار(رسم بياني 2.3.4
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 123
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن مسألة العقار تشكل إحدى أكثر الإشكاليات تعقيدا ارتباطا بمناخ
الأعمال والتي تتطلب تدخل الجماعات المحلية. وُتعزى الصعوبات التي تمثلها هذه الإشكالية إلى تعقد
قانون العقار في المغرب وتعدد المتدخلين وغياب وحدةٍ لتدبير وتصميم المناطق الصناعية.
وبحكم انتشار هذه الإشكالية، فإن المغرب يصنف من بين البلدان التي تعاني فيها المقاولات بشدة من
قطاع العقار. وللإشارة، فإن العديد من البلدان الصاعدة التي تنافس المغرب بشكل مباشر في عدد من
(% المجالات قد أعطت الانطلاقة لبرامج تأهيل وتهيئة المناطق الصناعية، نذكر منها تركيا ( 4
.( والبرازيل ( 17 %) التي حققت تجارب ناجحة في هذا الصدد (رسم بياني 3.3.4
وفي المغرب، وعلاوة على الأسباب المذكورة أعلاه، ينضاف عامل أساسي يتعلق بضعف العرض
مقارنة بحاجيات المقاولات. وبالفعل، فقد أوضح البحث الإحصائي لتقييم الاستثمار لسنة 692007 أن
%61 من المقاولات المغربية قد عبرت عن حاجتها الملحة إلى توسيع مساحاتها الحالية نظرا لعدم
كفايتها، فيما 30 % فقط من المقاولات تمكنت من إيجاد عروض عقارية مناسبة لاحتياجاتها. إضافة
إلى ذلك، يشكل غلاء البقع الأرضية حاجزا كبيرا آخر أمام نصف أرباب المقاولات. ومن جهة
أخرى، وبالرغم من اعتبار السعر المتوسط تعجيزيا، إلا أنه ينطوي على بعض الفوارق الكبرى بين
الجهات، ذلك أن الجهات التي تواجه أكبر عدد من الصعوبات هي التي تسجل ارتفاعا في الطلب
ومضاربة عقارية كبيرة (مما يؤدي إلى تزايد ارتفاع أسعار الأراضي). لهذا، فإن جهة الدار البيضاء
الكبرى تعتبر مثالا حيا يعكس كافة المشاكل المرتبطة بهذا العائق الرئيسي في مناخ الأعمال بالمغرب.
69

 

سلطت البحوث الإحصائية المتعلقة بتقييم مناخ الاستثمار بالمغرب لسنة 2007 الضوء على قضية العقار، على إثر توصية من المقاولات
المغربية.

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 124
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 125
الجزء الثاني
التوجهات الاستراتيجية
وآليات مواكبة ورش الجهوية المتقدمة
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 126
الفصل الأول: التأهيل الجهوي: رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية
يتعين على الجهوية المتقدمة أن ترفع تحديا كبيرا يتمثل في إرساء آليات تنظيمية تمكن، إلى جانب
استراتيجيات التنمية المحلية، من الحد من التفاوتات الترابية. وتهم هذه التفاوتات التي تختلف أشكالها
: عددا كبيرا من الجهات وتتطلب التدخل الآني للسلطات العمومية وفقا للتوجيهات الملكية السامية 70
« لا ينبغي اختزال الجهوية في مجرد توزيع جديد للسلطات، بين المركز والجهات. فالتنمية الجهوية لن
تكون متكافئة وذات طابع وطني، إلا إذا قامت على تلازم استثمار كل جهة لمؤهلاتها، على الوجه
الأمثل، مع إيجاد آليات ناجعة للتضامن، المجسد للتكامل والتلاحم بين المناطق، في مغرب موحد. »
ولن تتمكن الجهوية المتقدمة، بصفتها ورشا مهيكلا واسع النطاق، من تحقيق الأثر السياسي الحقيقي
المتوخى منها ما لم يستشعر السكان، في غضون فترة زمنية معقولة، تغيرا ملموسا في ظروف
معيشتهم. لهذا، ترى اللجنة الاستشارية للجهوية أنه من الضروري إرساء مشروع للتأهيل الاجتماعي
يشمل كافة جهات المملكة ويش ّ كل محورا رئيسيا لاستراتيجية الإصلاح. وبالفعل، فإن ورش الجهوية
المتقدمة الذي دعا إليه صاحب الجلالة ليس مجرد استجابة حديثة لإعادة تقوية الرابط الديمقراطي بين
مختلف المكونات الترابية الوطنية ولتحفيز النمو المستدام للمناطق، بل يعد كذلك رافعة حقيقية لتعزيز
هذه الأواصر الإنسانية والتلاحم الاجتماعي الذي يدعمه التطور السريع للمجتمع. وأمام هذه الحاجة
المتزايدة، فإن اللجنة الاستشارية للجهوية مقتنعة تمام الاقتناع بأن الجماعات المحلية، مدعومة بالدولة،
يمكن أن تشكل أداة فعالة لاستثمار الجهود على النحو الصحيح وإيجاد حلول ملائمة للحاجيات والحد
من الاختلالات على المستوى المحلي. ومن خلال هذه العملية، فإن مشروع الجهوية يؤكد التوجه
الطموح الذي انخرطت فيه المملكة منذ سنة 2005 ، والذي يهدف إلى جعل التنمية البشرية مقاربة
جديدة للهندسة الاجتماعية وقضية وطنية كبرى لتصحيح الأداء العمومي وتقويمه وتحسينه.
تلك هي إذن أبرز الاعتبارات التي دفعت باللجنة الاستشارية للجهوية إلى القيام، وفق رؤية عملية،
بعمل مفصل يشمل تقييم التكلفة المالية لعملية التأهيل.
ولهذا، فإن مشروع التأهيل الاجتماعي، الذي يتعين أن ينجز خلال فترتي انتداب، سيعطي الأولوي َ ة
للقضايا التنموية المتعلقة بأهم الفوارق الاجتماعية والاقتصادية الموجودة بين الجهات والتي تهم
القطاعات المرتبطة أساسا بالتنمية البشرية والرفاه الاجتماعي، ويتعلق الأمر بقطاعات الصحة والتعليم

 

. 70 مقتطف من الخطاب الملكي السامي بتاريخ 3 يناير 2010

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 127
والشبكة الطرقية والماء الصالح للشرب والكهرباء والسكن الاجتماعي. وتمثل هذه القطاعات بحق
المجالات التي تحظى بأقصى درجات الاهتمام من لدن الجماعات المحلية على كافة مستوياتها. إلا أن
الطابع الشمولي لهذه القطاعات ومتطلباتها من حيث التدبير الاستراتيجي يستدعي على الخصوص
التدخل على مستوى الجهة كفضاء للاندماج والتنسيق. وتجدر الإشارة في هذا الصدد أنه لم يتسنّ
الأخذ في الاعتبار مجالات مثل الأمية والمرافق الاجتماعية والثقافية نظرًا، من جهة، لعدم كفاية
المعطيات المتوفرة، ومن جهة أخرى إلى الأهمية الخاصة لهذه الميادين التي تتطلب أولا إعداد
استراتيجيات وطنية خاصة بها من طرف المصالح المعنية.
وقد تم تحديد المنهجية المقترحة للتأهيل الاجتماعي في ضوء هذه الأسس والحصيلة التقييمية للتنمية
الاقتصادية والاجتماعية الواردة في الجزء الأول من هذا التقرير.
وأمام التعدد الهائل لمقاربات التأهيل، فإن النهج المقترح اعتماده في هذا المجال ينبع أساسا من تحديد
الأهداف ذات الأولوية (أي قطاعات؟ أي نوع من التفاوتات؟ أية آليات، الخ)، والافتراضات الأساسية
والعوامل المرجعية المعتمدة، ولكن أيضا من مدى ملاءمة المؤشرات التي تستعمل لتحديد حجم
المخصصات المالية اللازمة. وتحيل هذه الملاءمة، في الواقع، على إمكانية القياس الآني للفوارق بين
الإنجازات والأهداف المحددة، وذلك بغية تقييم أفضل لتأثير السياسات الجهوية لمختلف المجالات
الترابية.
1

 

. خريطة مكامن العجز المستهدفة

 

كما تمت الإشارة إلى ذلك في الجزء الأول من التقرير، اتسم « الأداء » الاقتصادي والاجتماعي للجهات
بتزايد التفاوتات خلال العشرية الأخيرة، وهو المعطى الذي تؤكده عدة مؤشرات. ويتعلق الأمر على
الخصوص بالنشاط الاقتصادي والتشغيل وظروف معيشة السكان والصحة والتعليم.
ولهذه الغاية، يتعين أن يرتكز التأهيل على معايير واضحة لقياس التفاوتات ومظاهر العجز في
المجالات الاجتماعية والاقتصادية. وينبغي أيضا أن يشمل الجوانب الأساسية ذات الارتباط المباشر
بالتنمية البشرية كما حددتها أهداف الألفية للتنمية، والتي انخرط المغرب في تحقيقها انخراطا حقيقيا.
إن مفهوم التنمية البشرية، والذي يمثل مؤشر التنمية البشرية أحد أدوات قياسه، يحيل على المجالات
ذات الأولوية مثل التعليم والصحة والظروف المعيشية للسكان من أجل الاستجابة للمتطلبات اللازمة
للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 128
ومن هذا المنظور، فقد اقتصر التأهيل الاجتماعي على هذه المجالات الرئيسية المتعلقة بالتنمية
البشرية. ويتعلق الأمر بشكل أخص بقطاعات الصحة، والتعليم، والشبكة الطرقية، والتزود بالكهرباء
والماء الصالح للشرب، والسكن الاجتماعي. وتشكل كل هذه الخدمات الاجتماعية الأساسية القاعدة التي
تقوم عليها الحقوق الأساسية المرتبطة بشكل وثيق بمؤشر التنمية البشرية والنمو الاقتصادي والرفاه
الاجتماعي للسكان.
وتشير النتائج بالفعل إلى أن الاستثمار في هذه القطاعات يساهم في تقليص التفاوتات الاجتماعية
ويمكن، على الأرجح، من تحسين التنمية البشرية، كما يوضح ذلك الرسمان البيانيان أدناه.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 129
وقبل تقديم المنهجية المتبعة والفرضيات الأساسية التي تمكن من التحديد الكمي للتأهيل الجهوي، يجدر
بداية رسم خريطة للتفاوتات ومظاهر العجز الاجتماعي والاقتصادي في القطاعات التي تم تحديدها.
الاستفادة من الخدمات الصحية
من خلال دراسة الإصدارات السنوية لوزارة الصحة 71 والنتائج التي تم استخلاصها في الجزء الأول
من هذا التقرير، يتضح وجود فوارق كبيرة بين جهة وأخرى على مستوى كافة المؤشرات المتصلة
بالعرض والطلب في قطاع الصحة.
ويشير تقسيم عدد السكان حسب المراكز الصحية في الوسطين الحضري والقروي إلى فوارق هامة
بين الجهات. والأمر نفسه بالنسبة للمراكز الصحية الحضرية والمراكز الصحية الحضرية المتوفرة
على وحدة للتوليد التي يبلغ معدلها الوطني 32.000 و 142.000 نسمة لكل مركز على التوالي.
وتتجاوز نصف جهات المملكة المتوسط الوطني بالنسبة للمراكز الصحية الحضرية، بينما ربعها يفوق
المتوسط الوطني بالنسبة للمراكز الصحية الحضرية المتوفرة على وحدة للتوليد، وتتمثل بالأساس في
الجهات ذات الكثافة السكانية الحضرية المرتفعة. وتأتي في مقدمتها بطبيعة الحال جهة الدار البيضاء
الكبرى (التي تفوق نسبة 690.000 نسمة لكل مركز صحي حضري متوفر على وحدة للتوليد)،
متبوعة بجهات الرباط-سلا-زمور-زعير وطنجة-تطوان وسوس-ماسة-درعة.
71

 

« الصحة في أرقام« 

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 130
ويلاحظ نفس التفاوت في التوزيع على مستوى الوسط القروي، إذ أن المتوسط الوطني بالنسبة
للمستوصفات القروية، التي ُتخصص لتقديم الإسعافات الاستعجالية والخدمات الصحية غير المَرَضية،
يصل إلى 20.000 نسمة لكل مؤسسة. أما في ما يتعلق بالمراكز الصحية الجماعية والمراكز الصحية
الجماعية المتوفرة على وحدة للتوليد، فقد وصل هذا المعدل إلى 32.000 و 145.000 نسمة لكل
مؤسسة على التوالي. وتجدر الإشارة في هذه الصدد إلى أن الجهات التي تتسم بشساعة المجال القروي
هي التي تسجل أعلى نسبة عجز، كما هو الحال في جهات مراكش-تانسيفت-الحوز وسوس-ماسة-
درعة وتازة-الحسيمة-تاونات ودكالة-عبدة.
وفي ما يخص المستشفيات، فعلى الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة لتلبية الاحتياجات الصحية للسكان
في مجال العمليات الجراحية والخدمات المتعلقة بالأمراض المعقدة، مازالت هناك بعض مظاهر العجز
في عدد من الجهات، لاسيما من حيث المستشفيات المتخصصة، التي تشكل مصدر اكتظاظ بالنسبة
للجهات المجاورة. وكما يشير إلى ذلك الرسم البياني 3.1.1 أدناه، لا تزال 5 جهات بساكنة تفوق
5,1 مليون نسمة تفتقر إلى مستشفيات متخصصة. ويتعلق الأمر بجهات الغرب-الشراردة-بني حسن
وكلميم-السمارة وواد الذهب-الكويرة وتازة-الحسيمة-تاونات.
ويبلغ المتوسط الوطني 302.000 نسمة لكل مستشفى عام و 655.000 نسمة لكل مستشفى
للاختصاصات، وهي نسبة تقل بكثير عن المعايير الدولية التي وضعتها منظمة الصحة العالمية. وتظل
هذه الفجوة جد مرتفعة في جهة مراكش-تانسيفت-الحوز بسبع مستشفيات عامة لأكثر من 3,2 مليون
شخص، ودكالة-عبدة التي تتوفر على مستشفى واحد للاختصاصات لأكثر من مليوني نسمة.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 131
وإجمالا، يتضح من خلال دراسة التفاوتات في قطاع الصحة وجود مظاهر عجز حقيقية بالنظر إلى
عدد السكان لكل مؤسسة صحية. ويمكن أن تمتد هذه التفاوتات الترابية إلى باقي المؤشرات الخاصة
بالعرض الصحي، لاسيما في ما يخص الممرضين والأطباء بمختلف التخصصات وجراحي الأسنان.
الولوج إلى التعليم
في ضوء النتائج التي تم استخلاصها في الجزء الأول من التقرير، تشير وضعية تمدرس الأطفال إلى
وجود اختلافات هامة من جهة إلى أخرى، تعزى على الخصوص إلى التفاوتات الجهوية على مستوى
.(Capacités) أو ما يسمى بالقدرات (Accès) الولوج
إذ يتبين من خلال دراسة إحصائيات التعليم المدرسي حسب المستوى الدراسي والجهة وجود فوارق
تختلف حدتها من جهة لأخرى، لاسيما في سلكي الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي وبشكل أقل حدة
في السلك الابتدائي، بالنظر للمجهودات الكبيرة التي بذلت من أجل تعميم التمدرس.
ويبدو أن التفاوتات المتعلقة باكتظاظ المدارس من حيث عدد التلاميذ لكل مؤسسة 72 مرده كون هذه
المؤسسات تتوفر على طاقة استيعابية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في تنظيم التوازن بين العرض
72

 

يشكل اكتظاظ المدارس بشكل يفوق طاقتها الاستيعابية العادية مصدرا رئيسيا للإضرار بجودة العملية التعليمية والممارسة التربوية داخل
القسم.

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 132
والطلب على التعليم، وبالتالي تجنب تحميل المؤسسات أكثر من طاقتها العادية؛ حيث يتعين القيام ببناء
مدارس جديدة أو توسيع البنايات.
الاستفادة من الشبكة الطرقية
من خلال معطيات وزارة التجهيز والنقل، بلغ مجموع الطرق المعبدة سنة 2005 حوالي 30.400 كلم
من ضمن ما يقارب 57.000 كلم من الطرق بمختلف أنواعها، أي أن الطرق المعبدة تشكل حوالي
%53 من مجموع الطرق. وتوجد غالبية الطرق غير المعبدة في الوسط القروي، الذي يواجه إضافة
إلى الصعوبات المتعلقة بالمجال جملة من التأثيرات المرتبطة بضعف التنمية الطرقية الذي لم تتمكن
مختلف السياسات العمومية المتعاقبة من التغلب عليه بشكل كلي.
غير أن المغرب شهد خلال السنوات العشر الأخيرة إطلاق عدد كبير من المشاريع المهيكلة الرامية
إلى تطوير الشبكة الطرقية من خلال البرنامج الوطني للطرق القروية وتوسيع شبكة الطرق السيارة.
ومن شأن هذه البنيات التحتية الخاصة بالنقل أن تساهم بكل تأكيد في تحسين الظروف المعيشية للأسر
ودعم التمدرس في المناطق القروية وتعزيز القدرات اللوجستية في مجال نقل السلع والخدمات.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 133
ومع ذلك، لا تزال الفوارق قائمة بين الجهات، سواء من حيث جودة الشبكة الطرقية غير المعبدة أو
حجمها. وتتمثل الجهات التي تتجاوز المتوسط الوطني ( 40 %) من حيث نسبة الطرق غير المعبدة إلى
مجموع الطرق في وادي الذهب-الكويرة ( 76 %) ومكناس-تافيلالت ( 72 %) وسوس-ماسة-درعة
%64 ) وكلميم-السمارة ( 64 %) والجهة الشرقية ( 61 %). وتعزى هذه الوضعية إلى تداخل العديد من )
العوامل، منها على الخصوص صعوبة المحيط وشساعة المجال القروي واختلاف المساحة من جهة
لأخرى.

 

التزود بالماء الصالح للشرب والكهرباء

 

شهدت السنوات الأخيرة وضع العديد من السياسات الحكومية، تعرف بسياسات القرب، بهدف معالجة
أوجه التفاوت بين الوسطين الحضري والقروي. وقد أفضت هذه السياسات إلى إعداد مجموعة من
البرامج ترمي إلى تسريع استفادة ساكنة القرى من الخدمات الأساسية، من ضمنها برنامج تزويد
الساكنة القروية بالماء الصالح للشرب وبرنامج الكهربة القروية الشاملة، اللذان يهدفان إلى تعميم
الاستفادة من الماء الشروب والكهرباء في العالم القروي. وقد مكنا من تحقيق إنجازات مهمة وتحسن
ملموس في ظروف العيش بفضل الوتيرة المتزايدة لحجم الاستثمارات خلال السنوات الأخيرة.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 134
ففي سنة 1996 ، كان أزيد من ثلثي سكان الوسط القروي لا يتوفرون على الماء الصالح للشرب
والكهرباء. وفي سنة 2010 ، بلغت نسبة الاستفادة من هذه المصادر الحيوية 91 % و 96,5 % على
التوالي. ومن المتوقع تعميم هذه الخدمات بشكل شبه كلي مع نهاية العشرية الحالية، طبقا للأهداف
المرسومة لهذه البرامج.
وعلى المستوى الترابي، تم بذل العديد من الجهود لتلبية حاجيات سكان القرى مع مراعاة مبدأ
المساواة. ونتيجة لذلك، تمكنت عدة جهات من تعميم التزود بالماء والكهرباء، وخاصة جهات الجنوب
.% وجهة الدار البيضاء الكبرى وجهة فاس-بولمان بنسب تتراوح ما بين 96 % و 99
وعلاوة على ذلك، يلاحظ الفرق بشكل أوضح على مستوى الاستفادة من الماء الصالح للشرب
بالمقارنة مع الربط بالكهرباء. فباستثناء جهة الرباط-سلا-زمور-زعير التي لا تزال بعيدة عن تحقيق
التعميم (حيث تصل نسبة الاستفادة من هذه الخدمة إلى 84 %)، يتجاوز معدل كهربة جميع جهات
المغرب 96 % مما يشير إلى قرب تعميم هذه الخدمة. وبالمقابل، فإن الجهات التي تتطلب اتخاذ
إجراءات أقوى لضمان إمداد الساكنة القروية بهذا المصدر الحيوي هي: تادلة-أزيلال وسوس-ماسة-
درعة ومكناس-تافيلالت والجهة الشرقية وتازة-الحسيمة-تاونات ومراكش-تانسيفت-الحوز ودكالة-
عبدة وطنجة-تطوان. وتتميز كل هذه الجهات بطبيعة جغرافية وعرة (كالجبال، مثلا).
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 135
الاستفادة من السكن الاجتماعي ومحاربة السكن غير اللائق
سجل السكن غير اللائق والعشوائي انتشارا كبيرا في المغرب. ففي نهاية سنة 2002 ، كانت 30 % من
الأسر في الحواضر تقطن في سكن غير لائق 73 . وبلغ العجز في السكن اللائق نحو 540.000
مسكن خلال العام نفسه. عديدة هي العوامل التي تفسر انتشار هذه الظاهرة، لاسيما الخصوصيات
الاقتصادية للمدن الكبرى والنمو الديموغرافي (نزوح سكان القرى وتدفقات الهجرة، الخ) ووتيرة
التعمير وعدم توازن العرض العقاري مع الطلب إلى جانب صعوبة الظروف الاجتماعية والاقتصادية
للأسر التي تقطن في هذه المساكن.
ومن أجل التغلب على هذا النقص الاجتماعي الذي يضرّ بالتنمية البشرية والاجتماعية للمغرب، تم
الشروع ابتداء من 2003 في تنفيذ سياسة خاصة بمحاربة السكن غير اللائق ودعم السكن الاجتماعي
بهدف القضاء على دور الصفيح في أفق العام 2012 ومحاربة، على المدى المتوسط، السكن غير
اللائق المستشري عبر التراب الوطني.
73

يشمل دور الصفيح والسكن السري والنسيج المعماري القديم والأحياء التي لم تخضع للتهيئة.

 

اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 136
واليوم، وبالرغم من الإنجازات المحققة في هذا المجال، لا يزال هذا القطاع يواجه تحديات كبرى
تستدعي وضع استراتيجيات لتصحيح الاختلالات الحالية من أجل ضمان السكن اللائق للساكنة المعنية.
وعلى المستوى الجهوي، ثمة فوارق كبيرة بين المجالات الترابية في ما يخص توزيع السكن غير
اللائق. ففي ما يتعلق بدور الصفيح، تضم جهة الدار البيضاء الكبرى أكثر من 42 % من المجموع
% الوطني، متبوعة بجهتي الرباط-سلا-زمور-زعير والغرب-الشراردة-بني حسن بنسبة 23 % و 13
على التوالي. وتحتضن هذه الجهات الثلاث حوالي 80 % من قاطني دور الصفيح الذين يتعين إعادة
إيوائهم.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 137
إن الغرض من إعداد خريطة التفاوتات في الاستفادة من الخدمات الأساسية هو تقييم الجهد التأهيلي
المطلوب بهدف تقليص أوجه العجز. لكن قبل الشروع في عملية التحديد الكمي، من الضروري إلقاء
نظرة عامة حول المنهجية المتبعة.
2. المنهجية المعتمدة
من أهم ما يميز المنهجية المعتمدة لتنظيم التأهيل الجهوي كونها تأخذ بعين الاعتبار عدم التكافؤ
الملاحظ في الاستفادة من خدمات القطاعات ذات الصلة المباشرة بالتنمية البشرية.
إن تصميم مشروع للتأهيل الجهوي ليس بالمهمة السهلة، ذلك أن الجوانب المتعلقة بتنظيمه وتحديد
حجمه (تقييم الاستثمارات اللازمة من أجل تقليص الفوارق الاجتماعية والاقتصادية والقضاء على
مظاهر العجز المسجلة في البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية الأساسية) تطرح العديد من الصعوبات
المنهجية الحقيقية.
فقد تم اعتماد مقاربة أولى لتقييم الاستثمارات اللازمة والكفيلة برفع مؤشر التنمية البشرية بنقطة مئوية
واحدة في جهة معينة. إلا أن هذه المقاربة لم تحقق النتائج المرجوة بالشكل المطلوب نظرا لتعّقد هذه
العملية وقلة المعطيات الإحصائية التفصيلية والموزعة زمنيا (النسبة السنوية الجهوية للناتج الداخلي
الإجمالي إلى الفرد، والاستثمارات القطاعية حسب بنود الميزانية، ومؤشر التنمية البشرية السنوي،
إلخ).
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 138
وعليه، فقد تم إعداد مقاربة بديلة تعتمد على استهداف القطاعات المحورية وترتكز على معايير
مرجعية، وتهدف بالأساس إلى القضاء على أبرز مظاهر العجز المسجلة من حيث القدرات أو من
حيث الولوج والمرتبطة بشكل وثيق بمؤشر التنمية البشرية. وبذلك، فإن امتصاص هذا العجز ينبني
على برامج تضمن للساكنة، في كل مجال ترابي، فرصا متساوية للاستفادة من الخدمات والبنيات
التحتية الأساسية.
ومن أجل تقييم التكلفة اللازمة لتحقيق هذا المسعى، تم اعتماد سيناريوهين:
يهدف السيناريو الأول إلى تقريب المؤشرات الخاصة بالجهات التي تعرف تأخرا في القطاعات
المستهدفة من المتوسط الوطني. ويتم تحديد المعيار المرجعي في هذه المقاربة بالاعتماد أساسا على
المعدل الحسابي الخاص بالميادين التالية: 1) قطاع الصحة: المتوسط الوطني لعدد السكان لكل مؤسسة
صحية؛ 2) قطاع التعليم: المتوسط الوطني لعدد التلاميذ في سن التمدرس لكل مؤسسة تعليمية
(مدارس ابتدائية وإعداديات وثانويات)؛ 3) قطاع البنيات التحتية الطرقية: النسبة المتوسطة للطرق
غير المعبدة مقارنة بمجموع الطرق في كل جهة.
أما السيناريو الثاني، فيرتكز على تقييم سيُمَكِّن، قدر المستطاع، من التغلب على مظاهر العجز
المسجلة في القطاعات الثلاثة المشار إليها أعلاه. ففي قطاع الصحة، اعتمدنا كمقياس المعاييرَ الدولية
اللازم توفرها في كل مؤسسة صحية تقدم خدمات صحية ملائمة. وفي ميدان التعليم، تم اعتماد
المعايير الوطنية المتمثلة في عدد التلاميذ لكل قسم ونسبة الدوران. أما في ما يخص الشبكة الطرقية،
فقد تم تحديد لكل جهة بلوغ النسبة الجهوية العليا للطرق المعبدة من مجموع الطرق في كل واحدة
منها.
وفي ما يخص باقي القطاعات، تتجلى الأهداف المرجعية المتبناة في تعميم الاستفادة من الماء الصالح
للشرب والكهرباء والقضاء على دور الصفيح والسكن غير اللائق. وقد تم تحديد هذين الهدفين بنفس
الطريقة في كلا السيناريوهين.
وعلاوة على ذلك، تم إدراج الدعم اللازم لفائدة السكان بغية الاستجابة للحاجيات الخاصة للأسر
المعوزة التي لا تتوفر على الإمكانيات اللازمة للاستفادة من الخدمات الصحية والتمدرس. وتم حساب
هذا الدعم في مجال الصحة على أساس الفرق بين متوسط الإنفاق الجهوي ومتوسط الإنفاق الوطني
لكل فرد، في السيناريو الأول، وعلى أساس مجموع الساكنة الفقيرة، في السيناريو الثاني. أما في مجال
التمدرس، فقد تم تقييم الغلاف المالي للدعم على أساس فرضية إعادة تطبيق مشروع توزيع مليون
محفظة سنويا طيلة فترة مشروع التأهيل (فترتا انتداب).
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 139
3. الفرضيات الأساسية
لتحقيق الأهداف المذكورة أعلاه، من اللازم الاعتماد على عدد من الفرضيات الموضوعية التي تمكن
من تقدير الغلاف المالي الإجمالي. وفي ما يلي أبرز هذه الفرضيات:
• ارتكاز المقاربة على العرض، لا على الطلب: إذ أن الحساب الذي تم القيام به في إطار هذه
المنهجية ينتج عن تقييم للخدمات التي يتعين على الدولة تقديمها بغض النظر عمّا إذا كان
الطلب يتكافؤ عمليا مع العرض أم لا؛
• إدراج توقعات الساكنة الواردة في الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2004 بغرض
الأخذ بعين الاعتبار دينامية الحاجيات: وتهم هذه التوقعات مجموع السكان حسب الوسط
والفئة العمرية في أفق فترتي انتداب قصد تحديد الاحتياجات الإضافية المستقبلية للسكان من
سنة لأخرى؛
• الأخذ بعين الاعتبار الوسط الجغرافي (حضري، قروي) لكل جهة بالنسبة لجميع القطاعات
تقريبا: فباستثناء برنامج السكن غير اللائق الذي يمس أساسا الساكنة الحضرية، تم إدماج
الوسط الجغرافي في جميع القطاعات حتى يؤخذ في الاعتبار عدم التجانس داخل الجهات
الذي قد يشكل مصدرا محتملا لانحياز التجميع؛
• الأخذ في الاعتبار عند الحساب تعميم التمدرس كما يدعو إليه الميثاق الوطني للتربية
والتكوين وكما هو مخطط له في إطار برنامج « نجاح »: تعميم التمدرس واعتبار الأهداف
المرتبطة بإنهاء السلك 90 % في نهاية الطور الابتدائي و 80 % في نهاية الثانوي الإعدادي
و 60 % في نهاية السلك الثانوي التأهيلي؛
• الاستغلال الكامل للمؤسسات (التعليمية والصحية): بمعنى الاستغلال التام لقدرات هذه
المؤسسات. فعلى سبيل المثال، بالنسبة لإعدادية تبلغ طاقتها الاستيعابية حوالي 650 تلميذ،
ستكون مستغلة بالكامل عند بلوغها هذا السقف؛
• تقييم تكاليف التسيير الخاصة بالصحة والتعليم انطلاقا من متوسط كلفة كل سرير استشفائي
وكل تلميذ متمدرس بالنسبة لكل سلك تعليمي؛
• شمول القضاء على السكن غير اللائق كلا من دور الصفيح والسكن العشوائي والدور الآيلة
للسقوط؛
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 140
• حساب التكلفة اللازمة لتعميم الاستفادة من الماء الصالح للشرب والقضاء على السكن غير
اللائق بناء على معطيات المصالح الوزارية والمؤسسات العمومية المعنية؛
• تقييم الكلفة الكلية لبناء المؤسسات الصحية والتعليمية والشبكة الطرقية انطلاقا من تكلفة
الوحدة (بناء على المعطيات الواردة في المخططات الاستراتيجية أوفي البيانات الوصفية
للوزارات المعنية)؛
• اعتماد فترتي انتداب كأجل: كما تمت الإشارة إلى ذلك، تبدو هذه المدة معقولة بالنظر لحجم
التأهيل الذي سينفذ وتزايد الاختصاصات التي ستنقل للجهات.
إطار 1: المنطلقات الحسابية الخاصة بالسيناريو الأول
نقدم في ما يلي وصفا لبعض عناصر الحساب التي ينبغي توضيحها بالنسبة للسيناريو الأول.
1. المعايير المرجعية
• في قطاع التعليم: لنفترض على سبيل المثال أن مدرسة ابتدائية معينة تتوفر في المتوسط على 10
أقسام بمعدل دوران يساوي 2 ويضم كل قسم لديها في المتوسط 30 تلميذا. سنقوم إذن بحساب
المعيار المرجعي الوطني الذي هو متوسط التلاميذ المتمدرسين حسب كل مدرسة ابتدائية، أي
600 تلميذ. وتجرى نفس العملية الحسابية بالنسبة للسلك الثانوي الإعدادي والسلك الثانوي
التأهيلي على أساس متوسط عدد الأقسام، ومعدل الدوران ومتوسط عدد التلاميذ الذين يتعين
استيعابهم.
وعند تحديد المعيار الخاص بكل سلك تعليمي وكل وسط جغرافي، يتم حساب عدد المؤسسات
التربوية التي يتعين بناؤها عبر الأخذ في الاعتبار تطور السكان في سن التمدرس وكذا المعايير
المرجعية.
• في قطاع الصحة: يتمثل المعيار المرجعي المبين أعلاه في حساب المعدل الوطني لعدد السكان
لكل مؤسسة استشفائية (المستوصفات والمراكز الصحية والمستشفيات). ويتم بعد ذلك تحديد
الاحتياجات من حيث عدد المؤسسات الصحية المطلوبة على أساس الفارق الذين يتعين ملؤه بين
المعدل الوطني ومعدل الجهة في ما يخص المعيار المرجعي، أخذا في الاعتبار التوقعات
الديموغرافية حسب الجهة.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 141
2. المساعدات المتعلقة بالصحة والتمدرس
• على مستوى الصحة: نقوم أولا بحساب متوسط إنفاق الفرد على الصحة في الوسطين الحضري
والقروي، ثم نحسب الفارق بين هذا المعدل ومتوسط إنفاق الفرد على الصحة حسب الجهة. ويمثل
هذا الفارق الفجوة التي يتعين سدها لفائدة المعوزين على مستوى كل جهة بالنسبة لكلا الوسطين.
وتبنى هذه الحسابات على فرضية عدم حدوث تغير ملموس في الظروف المعيشية للأسر، على
الأقل خلال الفترة المعتمدة لإنجاز التأهيل الاجتماعي.
• على مستوى التمدرس: نعتمد الكلفة الكلية لبرنامج مليون محفظة (حوالي 440 مليون درهم في
السنة). ويمكن أن يتم التوزيع بين الجهات على أساس نسبي، إما بناء على المميزات الاجتماعية
والاقتصادية للتلاميذ أو نسبة الانقطاع عن الدراسة في الجهة.
3

. ميزانية التسيير

 

• على مستوى الصحة: نعتمد على متوسط كلفة التسيير بالنسبة لكل سرير استشفائي مضروبا في
متوسط عدد الأسِّرة لكل مؤسسة صحية وفي مجموع عدد المستشفيات اللازم إنشاؤها، ونحصل
بذلك على الكلفة الكلية للتسيير بالنسبة للصحة.
عدد المؤسسات الصحية x عدد الأسِّرة لكل مؤسسة صحية x الكلفة المتوسطة لكل سرير
• على مستوى التعليم: حاصل ضرب متوسط كلفة كل تلميذ في عدد التلاميذ لكل مؤسسة تعليمية
يتعين إنشاؤها (مدارس وإعداديات وثانويات)، ما يعطي الكلفة الكلية للتسيير بالنسبة للتمدرس.
عدد المؤسسات التعليمية x عدد التلاميذ لكل مؤسسة تعليمية x الكلفة المتوسطة لكل تلميذ
4. تقدير الغلاف المالي اللازم
يمثل الغلاف المالي الكلي المُقدَّر مجموع الميزانيات القطاعية المخصصة لكل جهة بالإضافة إلى
المساعدات المقدمة برسم الصحة والتمدرس. ويقدم الجدول الموالي ( 1.4.1 ) تقييما للغلاف المالي
الكلي بملايين الدراهم بالنسبة لكلا السيناريوهين. ويعد هذا الغلاف تقديرا إجماليا للحاجيات، مع كون
كل الأمور الأخرى متساوية، ويمثل تحديدا للحجم الإجمالي لا يأخذ في الاعتبار مجموعة من البرامج
القطاعية ذات الجدول الزمني المتباين والجاري تنفيذها من طرف المصالح الوزارية والمؤسسات
العمومية المعنية. ولحساب القيمة الصافية، ينبغي بالتالي أخذ هذه البرامج بعين الاعتبار كونها تتوافق
مع الأهداف المرسومة في مشروع التأهيل الجهوي.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 142
جدول 1.4.1 : سيناريوهات الأغلفة المالية القطاعية
القطاع السيناريو 1 السيناريو 2
51.689 الصحة 26.783
30.403 التعليم 21.177
41.368 الشبكة الطرقية 12.500
11.113 تعميم الاستفادة من الماء الصالح للشرب 11.113
9.515 تعميم الكهرباء 9.515
43.918 القضاء على السكن غير اللائق 38.398
26.517 الدعم المقدم للصحة والتمدرس 8.345
المجموع 127.8 مليار
درهم
214.5 مليار
درهم
وفي ما يخص التنفيذ، تقترح اللجنة الاستشارية للجهوية إحداث صندوق للتأهيل الاجتماعي ذي برمجة
متعددة السنوات، فيما ستقوم لجنة مختصة في وقت لاحق بدراسة معايير وكيفيات التوزيع الخاصة به
بشكل مدقق. كما يفرض طابع الأولوية الذي يميز على الخصوص التأهيل الاجتماعي وضع الموارد
الضرورية في منأىً عن التقلبات الظرفية التي يمكن أن تؤثر على المالية العمومية.
5. إيجابيات المقاربة ومحدوديتها
تتميز المقاربة المعتمدة بمجموعة من الإيجابيات، لاسيما كونها:
• تم ّ كن من تصحيح الاختلالات وتكييف القدرات الاستيعابية للجهات عن طريق الاستهداف
الواضح للقطاعات ذات الأولوية (التربية، والصحة، والبنيات التحتية، والخدمات الاجتماعية
الأساسية)؛
• تمنح بعدا ملموسا للتأهيل الجهوي عبر تقييم منسجم وواضح لمظاهر العجز الحالية؛
• تربط، بشكل وثيق، بين استهداف القطاعات ومؤشر التنمية البشرية؛
• تحدّد معايير مرجعية سهلة وقابلة للفهم؛
• تحدّد الأولويات بشكل واضح؛
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 143
• تم ّ كن من تصنيف الإجراءات حسب أهدافها وطريقة تنفيذها (التعاقد والتشارك)؛
• تم ّ كن من استدراك التأخر المسجل، وذلك بشكل تدريجي في إطار سيرورة منسجمة تمكن
من تحقيق التقارب الجهوي.
إلا أن هذه المقاربة – المبنية على العرض- يطبعها كذلك بعض عناصر المحدودية، منها على
الخصوص:
• عدم الأخذ بعين الاعتبار الفوارق المسجلة وسط الجهات في ما يتعلق بتقييم الحاجيات؛
• عدم إدراج الجوانب المتعلقة بصيانة التجهيزات وتجديدها واهتلاكها؛
• عدم الأخذ بعين الاعتبار الميزانيات المخصصة للبرامج القطاعية التي أعطيت انطلاقتها أو
الجاري تنفيذها؛
• تأسيس المساعدات المقدمة للساكنة على فرضية عدم تغير ظروف معيشة الأسر خلال
العشرية الحالية.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 144
الفصل الثاني: تأهيل الموارد والإطار المنظم للميزانية
تضع المبادرة الملكية للجهوية المتقدمة الأسس لرؤية جديدة لدور الجماعات المحلية، عموما،
والجهات، على الخصوص، في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ مما يتطلب تزويد الجهات
بالموارد والإمكانيات اللازمة لضمان مستوى معين من الجودة في الخدمات العمومية المقدمة، وتنمية
المؤهلات الاقتصادية الخاصة بكل جهة، ومواكبة كافة الفاعلين الآخرين الذين قد يساهموا في تحقيق
التنمية الجهوية.
1. ضرورة إصلاح المالية المحلية
1.1 حاجة الجهات إلى التمويل
على ضوء الحصيلة التشخيصية الواردة في الجزء الأول من هذا التقرير، يتضح أن الوضعية الحالية
للجهات، بالنظر إلى مواردها المحدودة جدا، لا تتماشى بتاتا مع الهدف الذي رسمه لها مشروع
الجهوية المتقدمة، مما يستدعي إعادة النظر مليّا في الميزانيات المخصصة لها.
وترتبط حاجيات الجهة، من ناحية، بالاختصاصات التي من المتوقع أن تنقلها الدولة إليها، ومن ناحية
أخرى، بممارستها الفعلية وبتطويرها لاختصاصاتها الذاتية التي تتعلق أساسا بالتشغيل والنهوض
بمحيطها الترابي، والتكوين المهني ودعم مقاولات القطاع الخاص، خاصة منها المقاولات الصغرى
والمتوسطة والمقاولات الصغيرة جدا (العقار، المناطق الصناعية، القواعد اللوجيستية، النقل، إلخ).
وبالفعل، ستكون الجهات، بصفتها فاعلا في التنمية واعتبارا لدورها في التجميع والتنسيق والتنشيط،
في الطليعة في إطار مهامها إزاء الجماعات المحلية الأخرى، كما سيتعين عليها أن تتولى دور
المُحاور في العلاقات بين الدولة والجماعات المنضوية تحت الجهات، وذلك من أجل تحديد أفضل
للحاجيات واستعمال أمثل للموارد.
ولهذا الغرض، توصي اللجنة الاستشارية للجهوية بما يلي:
• في ما يتعلق بالاختصاصات المنقولة: ينبغي على الدولة مواكبة الجهات من خلال توفير
الموارد المناسبة. كما يجب إدراج هذا المبدأ في القانون، على أن تقوم لجنة مختصة بتقييم
دقيق لهذه الاختصاصات ومستوى التكاليف وحجم الموارد؛
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 145
• وبخصوص الاختصاصات الذاتية للجهات: تعزيز الموارد الذاتية للجهات.
ومن أجل إدراج الحاجيات التي سيوّلدها تطبيق الجهوية المتقدمة، تتضح ضرورة إجراء إصلاح شامل
للمالية المحلية 74 يأخذ في الاعتبار العناصر التالية:
• تنمية الموارد لتمويل المهام الجديدة للجهات في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛
• تحديد القواعد الخاصة بالموارد المحولة والتضامن ؛
ولا يجب أن يقتصر إصلاح المالية المحلية على التحويلات التي تقوم بها الدولة بوصفها وسيلة لتعبئة
الموارد، بل يجب أن يشمل أيضا تحسين الموارد الذاتية التي من شأنها أن تعزز الاستقلالية المالية
للجهات.
ومع ذلك، توصي اللجنة بتجنب تشديد الضغط الجبائي الحالي والشروع، عوض ذلك، في إعادة توزيع
الموارد بين الدولة والجهات، حيث تبلغ نسبة الضغط الجبائي في المغرب حاليا 26 % (مع استثناء
الاقتطاعات الاجتماعية). وتنوي الدولة التخفيف من هذا الضغط عن طريق تقليص النسب الضريبية،
خاصة في ما يتعلق بالضريبة على الدخل والضريبة على الشركات (وربما أيضا الضريبة على القيمة
المضافة)، مع توسيع الوعاء الضريبي وإلغاء الإعفاءات الجبائية.
وفي هذا الصدد، أفرزت الحاجة إلى قيادة شاملة للنظام المالي العمومي منظورا جديدا للاستقلالية
المالية للجماعات المحلية، يرتكز على تطوير الضرائب التي ُتقتسم مع الدولة 75 . ذلك أن فرض
جبايات جديدة لصالح الجهات سيزيد الضغط الجبائي على الأشخاص الخاضعين للضرائب- في حين
أنه بلغ أقصاه بالنظر إلى مستوى التنمية بالمغرب-وسيؤدي إلى الزيادة في تعقيد تدبير الجبايات.
وانطلاقا من هذه العوامل، فإن أفضل وسيلة لتمويل الجهات هي أن تقتسم معها الدولة بعض الضرائب
المطبقة حاليا سعيا، في آخر المطاف، إلى تحسين المردودية عن طريق إصلاح القواعد التي تحدد
وعاء الضرائب المعنية.
74 عرفت الأحكام المنظمة لمالية الجماعات المحلية بعض التعديلات منذ سنة 1976 ، شكل آخرها، الذي يرجع إلى سنة 2009 ، قفزة نوعية.
إلا أن هذه التعديلات على العموم لم تهم إلا الجوانب التقنية.
75 خلاصات المائدة المستديرة الرابعة « أي إصلاح لمالية الجماعات المحلية؟ »، على هامش المؤتمر الدولي حول الحكامة الجديدة للمالية العمومية
في المغرب وفي فرنسا، الذي نظم من طرف وزارة الاقتصاد والمالية يومي 18 و 19 شتنبر 2010 بالرباط.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 146
وبخصوص نوع الضرائب المقتسمة بين الدولة والجهات، فإن التجارب الدولية تدفعنا إلى التفكير في
. رسوم التسجيل والضريبة المفروضة على الاستهلاك والضريبة على السيارات 76
ولهذا، وفي انتظار إصلاح المالية المحلية، تقترح اللجنة الاستشارية للجهوية -كمرحلة انتقالية- تزويد
الجهات بموارد مهمة تم ّ كنها من الشروع في تطبيق الجهوية المتقدمة في أقرب الآجال الممكنة.
ولتحقيق هذا الهدف، توصي اللجنة بتطبيق الإجراءات التالية:
• الرفع من حصة الجهات من الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات من 1% إلى
%5 كحد أدنى ( 3,3 مليار درهم)؛
• تقسيم واجبات التسجيل والضريبة الخصوصية السنوية على السيارات بالتساوي بين الدولة
والجهات ( 3,25 مليار درهم)؛
160) % • رفع حصة الجهات من الرسم المفروض على عقود التأمين من 13 % إلى 25
مليون درهم)؛
• ضمان استفادة الجهات، بشكل دائم، من جزء من مداخيل الضريبة على القيمة المضافة
ورصد هذا الجزء حصريا لبرامج استثمارية.
وستمكن هذه المقترحات من رفع الموارد السنوية الإجمالية للجهات من 1,5 مليار درهم حاليا إلى ما
لا يقل عن 8 ملايير درهم ( 2009 كسنة أساس)، أي خمسة أضعاف الموارد الحالية.
2.1 تحديث الإطار المنظم للميزانية
1.2.1 تعزيز أدوات البرمجة والتنفيذ
غالبا ما يستغرق تنفيذ مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية سنوات عديدة، بالنظر إلى طابع البنية
والرسملة. من الطبيعي، إذن، أن يتلاءم إطار الميزانية مع هذا الوضع ويوفر أدوات للبرمجة والتنفيذ
متعددة السنوات.
47 المتعلق بتنظيم الجهات إحداث ضريبة إضافية إلى الضريبة السنوية الخصوصية على السيارات. – 76 نصت المادة 66 من القانون 96
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 147
وفي هذا الصدد، ينبغي تفعيل المقتضيات القانونية المعمول بها 77 ، والتي تنص على أن يتم إعداد
الميزانية على أساس برمجة كافة المداخيل والنفقات على مدى ثلاث سنوات. ولهذا، يجب أن تتم
البرمجة المتعددة السنوات، من الآن فصاعدا، حسب مرجعية إطار النفقات على المدى المتوسط
تصيغها كل جهة على حدة، ليتم إدراجها ضمن إطار شامل للنفقات على المدى المتوسط يجمع كافة
الحاجيات المعبَّر عنها مع تنسيق إمكانيات التمويل.
وعلاوة على ذلك، وللرفع من مساهمتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ينبغي على الجهات-
شأنها شأن باقي مستويات الجماعات المحلية- العمل على تجاوز العقبات التي تحول دون تطوير
مؤهلاتها الاستثمارية، وذلك عن طريق اعتماد الإجراءات التالية:
• البرمجة المسبقة لنفقات التجهيز على أساس الفائض قبل حصر الحسابات في نهاية السنة
.(n- السابقة ( 1
• تخصيص موارد لنفقات التجهيز بشكل دائم ومستمر.
• اعتماد تبويب اقتصادي للميزانيات مع وضع معايير بسيطة تم ّ كن من تحديد مجالات التدخل
بشكل واضح وتسهيل تنفيذ المشاريع.
• إرساء آلية للتدبير الحديث اعتمادا على قواعد بيانات شاملة تم ّ كن من تتبع تنفيذ الميزانية
والبرمجة المتعددة السنوات.
وأخيرا، ولأغراض المتابعة والتقييم، ينبغي على كل جهة إعداد تقرير جهوي للأداء. وتجمّع هذه
التقارير ضمن تقرير سنوي حول أداء الجهات يرفع إلى البرلمان مع مشروع قانون المالية من أجل
تقصي وتتبع استخدام تحويلات الدولة على المستوى الترابي.
2.2.1 الملاءمة مع الإطار المنظم لميزانية الدولة
نص مشروع القانون التنظيمي لقانون المالية على مقتضيات مهمة ترتبط بتطبيق مشروع الجهوية
المتقدمة. وفي هذا الصدد، تتعلق المبادئ المعتمدة بما يلي:
• قراءة أفضل للمعلومات ذات الصلة بالتوزيع الترابي للاعتمادات المخصصة لكل برنامج:
إبراز الجهود المبذولة على صعيد الميزانية بالنسبة لكل جهة من الجهات؛
45 المتعلق بتنظيم مالية الجماعات المحلية – 77 المادتين 14 و 15 من القانون رقم 08
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 148
• تقديم الميزانية بشكل ملائم من أجل تسهيل التعاقد والشراكة مع الفاعلين المحليين وتعزيز
اللاتمركز الإداري خدمة للتنمية المحلية؛
• ترجمة الأهداف ومؤشرات الأداء على الصعيد الجهوي.
وسيتم تطبيق هذه المبادئ من خلال الأدوات التالية:
• التفويض التلقائي لصلاحيات منح الاعتمادات إلى المصالح اللاممركزة بمجرد إدراج البعد
الجهوي في الاعتمادات؛
• منح اختصاصات أكبر للمشرفين على التدبير في ما يتعلق بتغيير استعمال الاعتمادات
المتعلقة بنفس المشروع/العملية، وما بين المشاريع/العمليات التابعة لنفس البرنامج ولنفس
الجهة، وكذا ما بين الجهات المعنية بنفس البرنامج؛
• إضفاء الصبغة التعاقدية على العلاقات ما بين المصالح المركزية واللاممركزة عن طريق
تحديد سلسلة المسؤوليات وتوضيح الأهداف العملية والنتائج المنتظرة من التدخلات.
ويتوخى بذلك مشروع القانون التنظيمي لقانون المالية إعطاء زخم جديد لسياسة اللاتمركز التي تنهجها
الدولة. ومع ذلك، ترى اللجنة الاستشارية للجهوية أن على هذا المشروع أيضا أن يضع أدوات ملائمة
للحكامة المالية الترابية الجديدة، من خلال:
• إدراج مبادئ تقاسم الموارد الجبائية بين الدولة ومستوياتها الترابية وتحويل الموارد موازاة
مع نقل الاختصاصات؛
• إرساء مبدأ التضامن والموازنة المالية؛
• وضع قواعد لتقييم سياسات الدعم الذي تقدمه الدولة للجهات والجماعات المحلية التابعة لها
(التعاقد)؛
• إدماج المقتضيات المنظمة للمساطر المالية والتي تنظم العلاقات بين الدولة والجهات؛
• وضع برمجة استثمارية على مدى عدة سنوات وفقا للأهداف الاستراتيجية الجهوية.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 149
3.1 . تعديل المساطر
1.3.1 تبسيط مساطر التنفيذ
من أجل تشجيع وتعزيز إمكانيات الميزانيات المحلية ومعدلات استيعابها، يعتبر تبسيط مساطر تنفيذ
النفقات إجراءً ضروريا، وذلك بتقليص نقاط المراقبة ومساءلة الإدارة المحلية بشكل أكبر عن طريق
إعداد آليات للمراقبة الداخلية.
وكما أشير إلى ذلك في التشخيص الوارد في الجزء الأول من هذا التقرير، تتدخل في مساطر تنفيذ
نفقات الجماعات المحلية سلطتان: الآمر بالصرف والمحاسب العمومي. لذا، فإن إنجاز أي إنفاق
يتطلب تأشيرة (الالتزام وصحة الدين) مصالح خارجة عن الجماعة، أي القابض الجماعي.
ويمر تبسيط المساطر عبر الإصلاح المعمق لمراقبة نفقات الجهات وإعادة توجيهها من منطق الشرعية
القانونية نحو منطق مساءلة المكلفين بالتدبير، مما سيؤدي حتما إلى إلغاء المراقبة المسبقة وتعزيز
عمليات المراقبة البعدية ومراقبة الافتحاص وتقييم الأداء.
وإلى جانب ذلك، يستدعي تبسيط المساطر إعادة التنظيم الإداري لتحديد سلسلة المسؤوليات وتدعيم
القيادة عن طريق الأداء، إذ يتطلب تعزيز شفافية الأنشطة العمومية للجهات مساءل َ ة المكلفين بالتدبير
بشأن النتائج.
ومما لا شك فيه أن رفع ميزانيات الجهات لن يكون له أثر مهم إذا لم يواكبه تنفيذ فعال للنفقات من
أجل الحصول على نسب إنجاز معقولة، كما لوحظ على مستوى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
ولهذا، ترى اللجنة الاستشارية للجهوية أن التوجه الرئيسي الذي يفرض نفسه هو نقل المراقبة إلى
وتعزيز آلية افتحاص الأداء من أجل تقييم مدى (Internalisation du contrôle) المستوى الداخلي
تحقيق الأهداف المرسومة. وستمكن هذه المقاربة من ضمان سلاسة مسطرة تنفيذ النفقات ومن تقليص
التكاليف والآجال.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 150
فعلى سبيل المثال، أعطت المساطر المطبقة على المؤسسات العمومية نتائج مشجعة من حيث تقليص
آجال التنفيذ وبالتالي استيعاب الميزانيات، وذلك ما يظهر جليا من النسب المرتفعة لتنفيذ ميزانياتها،
حيث تصل إلى حوالي 90 % سنويا.
إلا أن هذا لا يعني أن مجال تبسيط المساطر يجب أن يقتصر على طريقة مراقبة النفقات فقط، بل
يجب أن يمس أيضا الآلية التي تنظم الصفقات العمومية، وأن يسعى بالأساس إلى تبسيط إجراءات منح
وتنفيذ هذه الصفقات والتدبير الرقمي للاقتناءات.
وهكذا، ولتسهيل مهام المصالح الآمرة بالصرف، يوصى بإعداد دلائل للمساطر لكل صنف من
النفقات، إضافة إلى نماذج دفاتر التحملات والوثائق الخاصة بالصفقات العمومية.
وعلاوة على ذلك، يؤدي تعقيد المساطر الإدارية أيضا إلى تمديد الفترة الفاصلة بين تاريخ تحصيل
مداخيل الميزاينة وتاريخ رصدها، مما يؤثر سلبا على تنفيذ العمليات المرتبطة بالنفقات. ولهذا، ترى
اللجنة الاستشارية للجهوية أن تبسيط المساطر يجب أن يشمل أيضا طرق إنجاز الموارد، خاصة منها
تلك المتأتية من تحويلات الدولة. وبإعداد نظام التسبيقات على المخصصات، ستتمكن الجهات من
الشروع في تنفيذ الميزانية منذ بداية السنة، وبالتالي زيادة في نسبة تحقيق تقديرات الميزانية.
وإجمالا، يجب أن يهدف إصلاح المساطر إلى ما يلي:
• تعزيز مساهمة الجهات في التنمية الاجتماعية والاقتصادية؛
• الرفع من مردودية النفقات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي؛
• تحسين مستوى الحكامة المالية المحلية.
2.3.1 تصفية الاعتمادات المرحلة
تساهم الاعتمادات المرحلة، كما أشير إلى ذلك، بشكل كبير في تراكم فائض ميزانيات الجماعات
المحلية بنسب جد مرتفعة. ولتصحيح هذا الخلل، توصي اللجنة الاستشارية للجهوية بإعداد آليات فعالة
لتفادي الترحيلات المتكررة التي تتسبب في تأخير مشاريع التنمية، وذلك استرشادا بالتجربة المفيدة
التي أجريت على مستوى الدولة سنة 2006 . ويتعلق الأمر بالقيام – دون قيد أو شرط- بإلغاء
الاعتمادات المرحلة التي لم يتم تنفيذها خلال عدد معين من السنوات المالية.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 151
وتتطلب عملية التصفية القيام بشكل مسبق بتشخيص دقيق للنفقات المُرَّحلة كي يتم تسريع تنفيذها أو،
عند الاقتضاء، التخلي عن المشاريع التي تخصها، بغية إعادة رصد الاعتمادات لمشاريع أخرى مع
الحفاظ على مصالح الدائنين.
وتعتبر هذه العملية مفيدة جدا حيث ستساعد ولو جزئيا على توضيح حقيقة ظاهرة فائض الميزانية، مع
الحرص على الرفع من الاستخدامات من أجل تنفيذ الأشغال المرتبطة بالبنيات التحتية ذات التأثير
القوي على التنمية الترابية.
3.3.1 توحيد الإجراءات والمشاريع
بالنظر إلى العدد الهام من الجماعات، المنتشرة عبر التراب الوطني والمزودة عادة بموارد مالية غير
كافية (كما هو الحال في الجماعات القروية)، سيم ّ كن توحيد الإجراءات والمشاريع على مستوى
الجهات من تجاوز الإكراهات المرتبطة بالحجم الأدنى وتحقيق وفورات هامة.
ولهذا، يمكن للجهات لعب دور المكلَّف بالتجميع خاصة عبر إحداث مصالح مركزية للشراء والقيام
بعمليات شراء مجمعة، مما من شأنه أن يساهم أيضا في اللجوء إلى مساطر مبسطة.
إن توحيد الإجراءات والمشاريع، الذي يشجع عليه المُشرِّع (مجموعات من الجماعات والتكتلات) قد
يطبَّق أيضا في مجال تدبير المرافق العمومية التي تشمل كذلك مناطق تقع خارج الحدود الترابية
لجماعة ما، كما هو الحال بالنسبة للنقل العمومي والطرق والتطهير السائل والصلب.
وبفضل هذا الإجراء، ستتمكن الجماعات المحلية من اقتصاد مبالغ هامة وتحسين ظروف استفادة
السكان من الخدمات العمومية المحلية إضافة إلى تسهيل إجراءات العمليات المحتملة الخاصة بإسناد
بعض المهام لمتعهد خارجي.
وعلى غرار العديد من البلدان في العالم، انخرط المغرب في تجارب توحيد الإجراءات والمشاريع عبر
الرجوع إلى وحدة المدينة وإنشاء خدمات عمومية مشتركة كالنقل العمومي أو المطارح العمومية
المراقبَة والخاصة بمعالجة النفايات المنزلية.
إلا أن هذه التجارب تحتاج إلى التشجيع والتعميم عن طريق إرساء إطار تنظيمي تحفيزي وتوعية
المنتخبين المحليين بإيجابيات توحيد الأنشطة لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 152
وبهذا الخصوص، يمكن للمنحات الخصوصية من الضريبة على القيمة المضافة أن تشكل أدوات
لتشجيع اللجوء إلى صيغ التعاون الجهوي التي ستم ّ كن سلطات الوصاية -بدعم من الجماعات الإقليمية
التي يعتبر تشجيع المشاريع المشتركة بين الجهات واحدا من اختصاصاتها- من ضمان تطوير توحيد
الإجراءات والمشاريع عن طريق إدراجه كأحد المعايير المحفزة التي تؤخذ بعين الاعتبار في رصد
هذه المنحات.
2. ضمان تدبير أفضل للجبايات المحلية
1.2 تنويع الجبايات المحلية وتعبئة الرسوم شبه الضريبية
من أجل التغلب على ضعف موارد الجهات، خاصة المتعلقة منها بالمادة الخاضعة للضريبة، ترى
اللجنة الاستشارية للجهوية أنه من الضروري إعادة تقييم وتنويع الوعاء الضريبي. وهذا يعني
استكشاف مصادر واعدة جديدة. فمثلا، من المفيد ملاحظة التطورات الأخيرة لتجارب الدول الأخرى
في هذا السياق بغرض جلب جزء من موارد الجهات من « الضرائب البيئية ». وترتكز هذه الضرائب
على مبدأ « الملوِّث يدفع »، حيث يُلزَم الشخص الملوِّث بأداء مجموع تكلفة تنظيف التلوث الذي تسبب فيه
أو جزء منها. فبالإضافة إلى دور هذه الضرائب في حماية البيئة، ستم ّ كن من توفير مداخيل مهمة
للجهات؛ كما ستساعد هذه الأخيرَة على ممارسة مهامها من حيث تدارك مظاهر العجز المسجل في
. مجال البيئة 78
وتجدر الإشارة إلى أنه، بالنظر إلى الحاجيات الضخمة المتعلقة بأنشطة حماية البيئة، سبق للوزارة
المكلفة بهذا القطاع أن اقترحت إحداث صندوق وطني لحماية البيئة تعتمد موارده بالأساس على
الرسوم والأتاوى ذات البعد البيئي المهم والمرتبطة بثلاثة مجالات هي: الهواء والماء والأرض؛ وذلك
عبر فرض الضرائب البيئية التالية:
• رسوم منخفضة على كل صفقة تجارية مرتبطة بالسيارات، على أن تتفاوت قيمة هذه
الضريبة حسب قِدم السيارة ونوع الوقود المستعمل؛
• رسم يستخلص بمناسبة الفحص التقني للسيارات؛
• رسم على تخريب مواقع استخراج مواد المقالع؛
78 ُقدرت تكلفة تدهور البيئة سنة 1996 بنسبة 8% من الناتج الداخلي الإجمالي، كما ورد في المذكرة الموجهة إلى الوزير الأول حول إنشاء
الصندوق الوطني لحماية البيئة، كتابة الدولة المكلفة بالبيئة، مارس . 2003
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 153
• رسم على الأكياس البلاستيكية والتغليف؛
• أتاوى تفرض على رمي النفايات في البحار؛
• غرامات لمعاقبة المخالفات المرتبطة بتلوث البيئة.
ويمر تنويع الجبايات المحلية أيضا عبر توسيع مجال تطبيق بعض الضرائب، على غرار الرسم
المفروض على أنشطة الموانئ، والذي ينبغي دراسة إمكانية تطبيقه على أنشطة المطارات والنقل عبر
الطريق السيار.
ومن جهة أخرى، يمكن تمويل ميزانية الجهات أيضا من مداخيل الأتاوى التي يجب أن تستجيب
لضرورة إرساء نظام للأداء مقابل الخدمات المقدمة، شرط أن تتناسب الأجور المؤداة مع تكاليف
الخدمات العمومية.
صحيح أنه، بالنظر إلى القدرة الشرائية للأسر، ليس من الضروري ربط هذه الأداءات تماما بتكاليف
المرافق العمومية، لكنها يجب أن تكون قريبة منها بهدف تحسين جودة الخدمات العمومية المقدمة
وتسهيل الاستفادة منها. ولهذا، ينبغي إجراء دراسة لتكاليف المرافق العمومية.
وفي هذا الصدد ومن أجل ضمان تمويل المرافق العمومية المحلية اعتمادا على مداخيل الأتاوى، يجب
استعمال الميزانيات الملحقة 79 بشكل منهجي لتتبع موارد وتكاليف هذه المرافق.
2.2 الرفع من مداخيل الجبايات المحلية وتحسينها
ترتكز الجبايات المحلية أساسا على القيمة الكرائية. ولتحسين مردود هذه الأخيرة، وجب إعادة تقييمها
بشكل منتظم من أجل تقريبها من سعر السوق بناء على المعطيات المتوفرة خاصة على مستوى
المحافظة العقارية والمديرية العامة للضرائب. وتجدر الإشارة إلى أن هذا التقييم يطبق بموجب
المقتضيات المنظمة للضريبة على الدخل في ما يتعلق بالأرباح العقارية.
79 تشمل الميزانيات الملحقة العمليات المالية للمصالح العمومية التي لا تتوفر على الشخصية المعنوية والتي تسعى أنشطتها بالأساس إلى توفير
السلع أو تقديم الخدمات بمقابل مالي. ويخصص الجزء الأول من هذه الميزانيات للموارد ونفقات التسيير والجزء الثاني لموارد ونفقات
التجهيز.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 154
ويمكن استكمال هذا الإجراء بمواءمة الجبايات العقارية مع نوعية السكن، وذلك باعتماد رسوم
منخفضة للسكن الاجتماعي ومتوسطة بالنسبة للسكن المتوسط وأخرى تتلاءم بشكل أكبر مع السكن
الراقي.
وعلاوة على ذلك، ينبغي تحسين عمليات الإحصاء بهدف الإحاطة بشكل أفضل بالمادة الخاضعة
للضريبة، وذلك بتعزيز دور وبنية اللجان المحلية المكونة لهذا الغرض بتعاون وثيق مع السلطات
المحلية وباقي المؤسسات التي تتدخل في تحديد الأشخاص الخاضعين للضريبة. ويجب تزويد هذه
اللجان أيضا بالموارد البشرية والمادية لضمان التسيير المنتظم والدائم للعمليات وكذا تتبعها.
وينبغي رفع نتائج عمليات الإحصاء إلى المستوى المركزي من أجل تقاسم هذه المعلومات بين كافة
الجماعات المحلية وأيضا مع مصالح الدولة، وذلك بالنظر إلى الحركية الترابية للأشخاص الخاضعين
للضرائب وتعدد مراكز الاهتمام الاقتصادي.
وإضافة إلى ذلك، يستدعي تحسين مردودية الجبايات المحلية انخراطا حقيقيا للمنتخبين المحليين
ومشاركتهم في تحديد السعر الضريبي، وفي تحديد وإحصاء المادة الخاضعة للضريبة وكذا في
التحصيل الذي أشارت الدراسة الواردة في الجزء الأول من التقرير إلى مدى أهميته.
وكخلاصة، تشير كافة هذه العناصر إلى أنه سيكون من المناسب جدا أن تقوم الجماعات المحلية بقفزة
نوعية من خلال اعتماد مجموعة من المقاربات التي تهدف إلى تعبئة الموارد باستعمال وسائل بسيطة
في التنفيذ مثل:
• بلورة استراتيجية تطوير الجبايات المحلية؛
• وضع برنامج تعبئة الموارد المحلية وتعديل الأحكام الجبائية وتقييم الوعاء الضريبي؛
• إعداد برنامج للتواصل والتحسيس.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 155
3.2 ملاءمة الجبايات المحلية مع الجبايات الوطنية
على غرار المقتضيات المطبقة على مستوى الدولة منذ سنة 802007 ، توصي اللجنة الاستشارية
للجهوية أن تقوم الجهات بإعداد تقرير حول النفقات الجبائية، يقدم تقييما لكافة الاستثناءات الضريبية
(الإعفاءات، وتقليص الرسوم، والإسقاط على القاعدة الضريبية، والنسب التفضيلية، إلخ) من أجل قياس
أثر هذه الاستثناءات على الميزانية بناء على الأهداف المرسومة.
وبفضل التقرير حول النفقات الجبائية- التي تشكل مداخيل ضائعة بالنسبة للخزينة بالنظر إلى كون
تأثيرها على الميزانية يشبه تأثير النفقات العمومية- استطاعت الدولة إعادة توجيه سياسة تشجيع
الأنشطة الاقتصادية وتوسيع الوعاء الضريبي وتحسين الموارد. وهكذا، وبفضل جهود الدولة الرامية
إلى توسيع الوعاء الضريبي، استطاعت هذه الأخيرة رفع حصة الموارد الجبائية ضمن الموارد العادية
.81% (مع استثناء مداخيل الخوصصة) إلى ما يفوق 90
ولهذا، بات من الضروري تقييم التكلفة الميزانية للنفقات الجبائية من أجل ضمان شفافية مالية على
مستوى الميزانية بهدف تحقيق ترشيد أكبر لعملية رصد الموارد.
وعلاوة على ذلك، تجدر الإشارة إلى أنه منذ إصلاح الجبايات المحلية، التي ينظمها حاليا القانون رقم
47-06 ، لا يمكن تغيير هذا القانون إلا من خلال إدخال تعديل عليه، وليس عن طريق قانون المالية
كما كان عليه الحال من قبل. وفي المقابل، يمكن تعديل القواعد المنظمة لجبايات الدولة سنويا على
مستوى قانون المالية، في حين أن تعديل الجبايات المحلية يستدعي إدخال تعديلات على مستوى
القانون الخاص بها، مما يؤثر سلبا على عملية الملاءمة بين الجبايات الوطنية والمحلية. وهذا يفسر
مثلا العدد الهام للإعفاءات المطبقة على مستوى الجبايات المحلية، والذي لا يتماشى مع سياسة الإلغاء
% التي اعتمدتها الدولة على مستوى الجبايات الوطنية. فعلى سبيل المثال، نذكر التخفيض البالغ 50
الذي تستفيد منه الأنشطة المستقرة بمدينة طنجة والنسب المنخفضة المطبقة على المقاولات المستقرة
في الأقاليم ذات المستوى التنموي المتدني، والتي تمت إعادة النظر في المزايا المتعلقة بها بالنسبة
للضريبة على الدخل والضريبة على الشركات على مستوى الجبايات الوطنية، في حين لم تتم ملاءمتها
على مستوى بعض الرسوم المحلية خاصة منها الرسم المهني.
80 منذ سنة 2007 ، يلحق التقرير حول النفقات الجبائية للدولة بكلّ قانون للمالية، وذلك من أجل إطلاع البرلمان على تكاليف التخفيضات
الجبائية المقدمة للمقاولات والأسر.
81 تقرير حول النفقات الجبائية لسنة 2006 ، وزارة المالية والخوصصة.
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 156
4.2 مواكبة الدولة للجماعات في مجال تدبير الجبايات المحلية
يتطلب التدبير الإداري للجبايات خبرة عالية نظرا لتعقد الجوانب المتعلقة بالتحكم في الوعاء الضريبي،
ومراقبة التصريحات، والإحصاء، والتحصيل، وتتبع النزاعات. ويفسر غيابُ هذه العوامل الاستغلالَ
السيئ للضرائب الذي يؤدي بدوره إلى حرمان الجماعات المحلية من مداخيل مهمة كما أشير إلى ذلك
في الجزء الأول من هذا التقرير. وفي هذا الصدد، يمكن الاختيار ما بين مسلكين:
• توفير الوسائل البشرية والمادية اللازمة للإدارة الضريبية المحلية من أجل تمكينها من تدبير
ضرائبها المحلية؛
• أو الاعتماد على مصالح الدولة من خلال وضع إطار تشاركي.
من مزايا الخيار الأول أنه يعزز الاستقلالية الإدارية للجماعات المحلية، إلا أن أثره على تدعيم
استقلاليتها المالية يبقى رهينا بالوسائل البشرية والمادية التي ستوضع رهن إشارة الإدارة الضريبية
المحلية، خاصة من حيث التكوين والوصول إلى المعلومات، لاسيما وأن لكل جماعة محلية ميزانية
خاصة بها مما يعني ضرورة توفر كل واحدة منها على إدارتها الضريبية الخاصة. وفضلا عن ارتفاع
تكلفة التدبير في إطار هذا الخيار، فإن تعدد المتدخلين سيخلق عدة صعوبات للخاضعين للضريبة الذين
. سيتعين عليهم التعامل مع عدة إدارات ضريبية في ما يخص نفس المِلك أو نفس النشاط الاقتصادي 82
ومن هنا تظهر أهمية الخيار الثاني الذي سيم ّ كن من التحكم في المادة الخاضعة للضريبة وفي كلفة
التدبير وكذا تبسيط المساطر بالنسبة للخاضعين للضريبة عبر إحداث « شباك ضريبي وحيد ». وبالفعل،
يمكن لمصالح الدولة التي تتوفر على آليات تدبير جيدة التكفل بتدبير الجبايات المحلية التي تلتقي في
جوانب عديدة مع الجبايات الوطنية، لأن الأمر يتعلق في نهاية المطاف بنفس المادة الخاضعة وبنفس
الأشخاص الخاضعين للضريبة.
ومن خلال وضع إطار تشاركي يحدد الأهداف الواجب تحقيقها والوسائل الكفيلة ببلوغها، يمكن للإدارة
الضريبية التابعة للدولة التكفل بتدبير الجبايات المحلية لفائدة الجماعات المحلية مقابل تعويض مناسب
تحدد قيمته باتفاق مشترك، أخذا بعين الاعتبار الإمكانيات المادية للجماعات المحلية والمجهودات التي
82 بالنسبة لنفس النشاط الاقتصادي، مثلا، ومن أجل دفع الضرائب الوطنية (الضريبة على الشركات، والضريبة على الدخل، والضريبة على
القيمة المضافة، إلخ)، سيتعين على الخاضع للضريبة التوجه إلى مصالح الدولة وكذا إلى الإدارة الضريبية التابعة للجماعة المحلية في ما
يخص الضرائب المحلية (الضريبة على الأراضي الحضرية غير المبنية، والضريبة على محال بيع المشروبات، إلخ).
اللجنة الاستشارية للجهوية/الكتاب الثالث:دراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية 157
سيتعين على مصالح الدولة بذلها. ولأجل هذا، يمكن إسناد تدبير الوعاء الضريبي للمديرية العامة
للضرائب وتكليف مصالح الخزينة العامة للمملكة التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية بعملية التحصيل.
وفي هذا الإطار، تنبغي الإشارة إلى أن مصالح الدولة (المديرية العامة للضرائب والخزينة العامة
للمملكة) تقوم بتدبير الجبايات المحلية لصالح الجماعات المحلية من خلال الرسم المهني ورسم السكن
والرسم على الخدمات الجماعية. وينطبق هذا أيضا على رواتب الموظفين المحليين؛ إذ أن الخزينة
العامة للمملكة- التي تتولى تدبير رواتب وأجور موظفي الدولة وبعض المؤسسات العمومية- تقوم
بذلك لفائدة بعض الجماعات المحلية 83 أيضا. وفي هذه البنية التنظيمية، سيصبح وكلاء المداخيل
الجماعيين مكلفين فقط بتحصيل الواجبات المدفوعة نقدا وبمساعدة مصالح الدولة في ما يخص الجوانب
الأخرى المرتبطة بتدبير الجبايات المحلية.
وبالإضافة إلى التدبير الإداري، يمكن لنفس المصالح التابعة للدولة تقديم الاستشارة الجبائية للجماعات
المحلية في ما يتعلق بأداء مهامها في مجال تحديد سعر ونسب الرسوم والتعريفات الجبائية، بحيث
تعطي للمنتخبين المحليين فكرة واضحة عن الوسائل المادية الواجب تعبئتها بغية تحقيق الأهداف
المرسومة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وعلاوة على أن التنظيم المقترَح سيم ّ كن من تحسين موارد الجماعات المحلية، فإنه سيوفر للدولة أيضا
إمكانية إحداث إطار تشاركي مربح لكل الأطراف، ما دامت الجماعات المحلية تستطيع- بحكم معرفتها
بمحيطها وقربها منه- المساعدة في تحديد القطاع غير المهيكل قصد إدماجه في الاقتصاد الوطني.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. ايت الحاد
    06/12/2013 at 02:50

    جميل جدا اتمنى ان يستمر عملك بنجاح وان تتوفقوا في المزيد من التحصيل الانه بكل صراحة يستفاد من الكثير و وفقكم الله

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.