Home»Régional»القلوب الرحيمة

القلوب الرحيمة

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم

سيدي مدير جريدتنا الإلكترونية ،أنا تلميذة أدرس بالسنة الثانية إعدادي قمت بكتابة هذه المحاولة القصصية بتشجيع من والدي ووالدتي.لذلك إن كنتم ترونها صالحة للنشر فانشروها.ولكم الشكر الجزيل.بثينة الجلطي

القلوب الرحيمة

الاسم الكامل:بثينة الجلطي القسم:2/2 الرقم:27

مضى ثلاثة أسابيع على هذه الحالة،الوقت يمر رتيبا والحال على ماهو عليه لم يتغير شيء، هدوء قاتل يعم أرجاء البيت ، والحزن يجد مأوى دافئا له في كل زاوية صغيرة. الجميع صامت وكأن روح الحياة وأملها رحلا ليذهبا في رحلة مجهولة المعالم والنهايات.ولا أحد يعرف هل سيعودان أم لا؟

مرور الوقت لم ينسي هذه الأسرة المكلومة فقدان معينها الوحيد. ورغم كل هذا الابتلاء وكل ما تعانيه هذه الأسرة من ضنك العيش إلا أن الله رزق الأم البنون والبنات ، كانت والدتهم تراهم يكبرون أمام عينيها وتزداد مشاكلهم واحتياجاتهم .الأحوال تزداد سوءا .فالأهل والجيران نسوها أو تناسوها وتركوها وحدها تصارع المجهول. والدريهمات القليلة التي تحصل عليها من ربات البيوت لاتكاد تسد الرمق.

فهاهو الابن الأكبر يتم طرده من المدرسة بسبب تهاونه، فلم يجد إلا الأزقة ملجأ مرة يبيع السجائر بالتقسيط ،ومرات تصادر الشرطة علبه القليلة فتلقي به في السجن عدة أيام قد تطول أو تقصر. فتعلم بذلك كل الموبقات وأصبح عبأ جديدا على الأسرة التي ترتاح منه سجينا أكثر مما ترتاح منه طليقا. أما البنت الصغرى فكانت لها رغبة جامحة في متابعة دراستها لكن قلة الإمكانيات المادية وقفت عائقا أما تحقيق طموحها في التمدرس. في حين ظلت البنت المتوسطة بين جدران البيت تساعد أمها التي ضاق بها الحال واشتد عليها المرض.

هذه هي الحياة ،فبرغم قساوتها تظل مستمرة،ويظل الإنسان يعيش رغم كل الظروف الصعبة التي يمر بها.وخصوصا هذه الأسرة وهذه الأم التي لاحول لها ولا قوة.فما عليها إلا الصبر والتسليم بقدر الله .فهذه الدنيا دار بلاء وامتحان.

_ أمي …أمي…

صاحت سارة وقد ملأت أرجاء البيت بصراخها المستمر.هبت الأم مسرعة من المطبخ وعلامات الحيرة بادية على وجهها.

_ خير يا ابنتي.ماذا دهاك؟

_ إن المدير منعني من دخول القسم لأنني لم أدفع واجبات التسجيل رغم أننا لازلنا في أول السنة والكثير من التلاميذ لم يلتحقوا بعد.

نزلت دمعة ساخنة من أجفان الأرملة، لو سقطت على حجر لفلقته،فكيف بالقلوب البشرية.وأحست بغصة تمنعها الكلام.وبعد لحظة صمت ثقيلة بادرت سارة بالسؤال:

_ كيف يمكنني أن أدرس هذه السنة؟ومن أين لنا بالمال الكافي لكل هذه المصاريف؟لقد أصبحت عبأ ثقيلا عليك يا أمي.ومن الأحسن لي ولك أن أودع قاعة الدرس لغير رجعة فالعلم لم يخلق للفقراء.وقد أخطأ من قال:"لولا أبناء الفقراء لضاع العلم." ….

قاطعتها الأم زاجرة:

_ كفي يا ابنتي بربك.لنا رب كريم ولن ينسانا أبدا…ولست بحاجة لأذكرك أنه لم يردني أبدا خائبة.لا تخافي انتبهي إلى دروسك أنت. وسآخذ أنا بالأسباب.فالعبد في التفكير والرب في التدبير.

دخلت سارة الغرفة الصغيرة التي فرشت أرضها بحصير.جلست إلى جانب صندوق كانت تجمع فيه بعض القصص و الكتب القديمة هي كل ميراثها من الأب الراحل.فانغمست في قراءتها ناسية كل العالم حولها.

في الصباح، توجهت الأرملة إلى المؤسسة التي تدرس بها ابنتها وشريط ذكرياتها يمر بين عينيها بطيئا والدموع تبلل جلبابها القديم.هاهي على باب الإعدادية وهي تأمل أن يستجيب المدير لطلبها.طلب منها المدير التعريف بنفسها وطلبها.فقالت بلهجة منكسرة:

_ أنا أم قصم الزمن ظهرها وغابت الشمس التي تضيء حياتها.

رد المدير:

_ أفصحي بربك، لم أفهم شيئا.

_ أنا أم سارة… من الثانية… التلميذة التي غيب الثرى والدها ولم تجد يدا رحيمة تمسح دمعتها ولا اليد الحانية التي تمتد لتنقذها من الضياع. فهي من التلميذات النجيبات ولكن ضيق ذات اليد ربما ستجعلها تهجر الدراسة إلى غير رجعة.

تابعت الأم سرد حكايتها الحزينة فأبكت كل من كان حولهما.وصادفت في المدير القلب الرحيم والأب الحنون الذي تأبى أخلاقه الرفيعة أن تكون السبب في تشريد تلميذة.واساها بقوله:

_ لاتيأسي من روح الله.وعودي بسرعة إلى منزلك لتزفي لسارة نبأ عودتها إلى المؤسسة.وسأعقد هذا المساء اجتماعا مع الإداريين والأساتذة لنتدارس حالتها وجميع الحالات المشابهة.فقد فتحتِ عيني على أمر مهم أغفلته.ألا وهو الجانب الاجتماعي للتلميذ وضرورة مد يد المساعدة لبعضنا البعض.هيا إلى اللقاء.

وفي المساء وقف المدير خطيبا في جمع من الإداريين والأساتذة.وحكى لهم حكاية الأم المقهورة وكان مما جاء في حديثه:

_ …فما ذكرت لكم هو ضرب من ضروب التكافل الاجتماعي، وهو الشعور بحق الغير،ومنفعة الغير،ومراعاة شعور الغير،وهي معاني نحن في أشد الحاجة إليها اليوم.فلنمد أيدينا لرفع القليل من البؤس الذي يعاني منه الكثير من أبنائنا بالقليل مما يفيض علينا.فنضع صندوقا للتضامن نعين به التلاميذ العاجزين عن أداء المصاريف الدراسية.كما أطلب من قيم الخزانة أن يبدأ بالأيتام منهم فيعيرهم الكتب مجانا.ويمكن أن نلجأ لبعض المحسنين لمساعدتنا في شراء الملابس والأحذية.بهذه الطريقة وحدها يمكن أن نخفف من انحرافات الشباب ونكسبهم أعضاء نافعين لأنفسهم، وعائلاتهم، ووطنهم. فمن لهؤلاء اليتامى وقد أوصانا بهم حبيبنا صلى الله عليه وسلم؟

اقتنع الجميع فقد كان بين جوانح كل واحد منهم فؤادا رقيقا.فبادر كل من جهته يقوم بالعمل الذي أوكل إليه.هذا يمر على الفصول لإحصاء اليتامى الفقراء وهذا يذهب لقرع أبواب المحسنين ،وهذا يسارع إلى جمع التبرعات من الأساتذة والإداريين…

أما الأم المسكينة فقد جلست بعد صلاتها تشكر الله، وتدعو للجميع بعيون خاشعة دامعة.وهي تردد كثّر الله من أمثالكم…كثّر الله من أمثالكم….

النهاية

وجدة في:19-02-2007

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

7 Comments

  1. محمد المقدم
    20/02/2007 at 23:26

    أشكرك جزيل الشكر على هذه المحاولة الفنية الرائعة في وقت قلت مثل هذه الأقلام ويبست وجفت وكثر الكلام عن الأنتلانيت والشات . انها مبادرة موفقة من تلميذة لا زالت في ريعان شبابها واتجاه قد يفتح لك طريقا معبدا للكتابة والابداع بدل قضاء الساعات فالساعات لمشاهدة التلفاز أو ما شابه ذلك.
    وقصتك هذه تنم على براءة في التفكير وحسن في التقدير واحترام قلما نسمعه لأطر التعليم والذين يفعلون الكثير من الأمور كالتي ذكرت ,والله لقد كنت صادقة وعبرت عن خوالج حقيقية ,وفقك الله وأكثر أمثالك

  2. شهرزاد الاندلسي
    20/02/2007 at 23:27

    تابعي عزيزتي بثينة فانت حقا رائعة ولك اسلوب جميل في السرد بارك الله فيك وبارك لوالديك على هذا التشجيع …واصلي عزيزتي …

  3. بثينة
    23/02/2007 at 20:06

    بسم الله الرحمن الرحيم ، أـشكر المعلقين المحترمين عن التعليقاتالمادحة التي رفعت من معنوياتي كطفلة لازلت في ريعان شبابي وهذا قد ينير دربي ويزرع في داخلي املا لا ينطفئ .

  4. imane boutalount
    24/02/2007 at 20:36

    bonjours a tout le monde ,je veux exprimer mes grandes remerciment pour le peite :boutaina pour son style qui est vraiment trés interesant et amusant et je te rassure afin de continuer dans ce chemin

  5. خديجة
    25/02/2007 at 23:22

    ما شاء الله عليك يا بنيتي.إننا ننتظر قصصا أخرى لك.تحياتي الخالصة وتشجيعاتي الدائمة.

  6. أم أميمة
    27/02/2007 at 21:54

    بثينة العزيزة.حفظها الله من كل مكروه.يكفيني أن أقول »ما شاء الله لا قوة إلا بالله  » .فعلا قصة جميلة شكلا و مضمونا مزيدا بنيتي من الجد و الإجتهاد و العطاء… وفقت عزيزتي.بارك الله لك ولوالديك.

  7. أميمة
    27/02/2007 at 21:54

    لقد أعجبتني كثيرا قصتك إنها قصة جد رائعة.أشجعك ان تكتبي قصة اخرى مضحكة.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *