Home»Régional»الفهم المعيب يجعل كلمة الفز عيبا

الفهم المعيب يجعل كلمة الفز عيبا

1
Shares
PinterestGoogle+

استوقفني مرة أخرى تعليق على مقالي حول ظاهرة الهدر الزمني بسبب ظاهرة فترات الاستراحة المبالغ فيها، وهو من نوع التعليقات التي تتنكب موضوع المقال وتتخذ من كلمة وردت فيه قضية للتعبير عن سخط ليس مرجعه اختلاف وجهة النظر مع صاحب المقال وإنما مرجعه أسباب أو أهواء وعواطف متشنجة لا علاقة لها بالمقال ، ولا يملك أصحابها الشجاعة للكشف عنها لأنهم سيعرضون أنفسهم للسخرية لبعد الشقة بين موضوع المقال ، وموضوع سبب إضمار التشنج ضد صاحب المقال . لقد كان حديثي عن ظاهرة هدر الوقت المدرسي في فترات الاستراحة ، وقولي ظاهرة يعني أنها فوق مسؤولية طرف واحد بعينه ، ولم أستهدف بالمسؤولية عنها طرفا بعينه إلا أن بعضهم وهذا فهمه الذي يلزمه وحده ظن أنه مستهدفا فثار وغضب وعلق بانفعال على شيء لا يعنيه في نظري إلا بالقدر الذي يعني كل من له علاقة بالمنظومة التربوية . واستعملت عبارة :  » اللي فيه الفز يقفز  » واستهجن أحدهم هذا التعبير العامي وقال عن هذه العبارة :  » أصلها عيب وهي زنقاوية  » وأتاح لي فرصة لمناقشة هذا الزعم الباطل الذي يدل على فهم معيب وقد سفهته من قبل ولا بأس من تسفيهه من جديد . فقول المعلق أصلها يعني أنه عاد إلى الأصل ، ولو عاد إلى الأصل وما أظنه فعل لوجد أن فعل فز ، يفز ـ بضم الفاء ـ فزا الظبي بمعنى فزع ، وفز فلان فلانا بمعنى طير فؤاده وأفزعه وأزعجه ، و أفز ، واستفز بمعنى أفزعه وجعله يضطرب ، وقد جاء في القرآن الكريم حكاية عن فرعون مع قوم موسى : (( فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعا )) وحكاية عن كفار قريش مع النبي صلى الله عليه وسلم : (( وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها )) والاستفزاز في الآيتين الإزعاج قصد الإخراج . والفز ولد البقرة الوحشية لسرعة اضطرابه ، والرجل الفز عند العامة الخفيف الذي فيه خفة . ولا يوجد في الكلمة عيب وإنما العيب في فهم صاحبنا ، وصدق الشاعر إذ يقول : ومن يك ذا فم مر مريض // يجد مرا به الماء الزلالا. وقوله :  » هي كلمة زنقاوية  » نسبة إلى الزنقة ـ بفتح الزاي والنون والقاف ، وهي السكة الضيقة أو الشارع الضيق ، ولا عيب في الزنقة وهي الزقاق أيضا إلا أن يكون القصد التعريض بسلوك من يسكنها ، وليس سكان الشوارع الطويلة العريضة بأحسن خلقا من سكان الزنقة حتى ينسب العيب لها . وتوجد اليوم في المدن الكبيرة في العالم شوارع كبرى تنسب لها أقبح الرذائل التي لا وجود لها في الزنقة حيث يوجد الشرفاء. وما أظن الذي أطلق نعت ووصف زنقاوي إلا مستكبرا محتقرا لسكان الزنقة لأنه كان يسكن شارعا كبيرا ، وراجت العبارة وشاعت في الاستعمال لتطلق على كل سلوك مشين ولكن فيها ظلم للزنقة البريئة من السلوك المشين لأن السلوك المشين يوجد في كل مكان ولا ينحصر في مكان بعينه . وقولهم في العامية :  » اللي فيه الفز يقفز  » وهو قول يجري مجرى المثل يضرب لمن يكون عنده استعداد للانزعاج ، بمجرد ذكر سبب الانزعاج يستجيب له بسرعة تماما كما أن الظبي أو البقر الوحشي بحكم طبيعته المتوحشة دائم الاستعداد للقفز نظرا لطبيعته المنزعجة، وعليه فالذي يكون له رد فعل على شيء قد لا يعنيه يقيم على نفسه الحجة بأنه على علاقة به فيضرب هذا المثل للتعبير عن حاله . وليس في الأمر عيب ولا وصف الزنقة كما ظن صاحبنا الذي يقف وراء تعليقه شيء آخر غير الاختلاف مع صاحب المقال في وجهة نظرقابلة للصواب والخطأ ، ورحم الله من قال :  » الاختلاف في الرأي لا عداوة فيه ، وإنما تصدر العداوة عن الأهواء والعواطف  » .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. observateur
    20/02/2010 at 20:28

    bon article merci

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *